صالونات حلاقة أميركية تتبع «برنامج متابعة طبية» لحماية المرضى إن كنت من الرجال المصابين بارتفاع ضغط الدم، عليك أن تحسن علاقتك مع «الحلاق»، ذلك أن الباحثين من «معهد سيدرز - سايناي للقلب» Cedars - Sinai Heart Institute في نيويورك بالولايات المتحدة، توصلوا في دراستهم الجديدة إلى أن ثمة دورا صحيا مفيدا للحلاق، يمكن من خلاله تحقيق المساهمة في خفض مقدار ضغط الدم لدى المصابين بمرض ارتفاعه، وبالتالي تحسين الحالة الصحية ومنع تدهورها لدى ملايين المصابين به. والأهم، كما قال الباحثون، إنقاذ حياة المئات منهم في كل عام. ووفق ما سيتم نشره في عدد فبراير (شباط) لعام 2011 المقبل من مجلة «أرشيفات الطب الباطني» Archives of Internal Medicine المعنية بالطب الباطني، فإن الدراسة الطبية هذه، هي الأولى التي فحصت بجدية علمية الجدوى العلاجية لـ«برامج المتابعة الصحية في صالونات الحلاقة» barbershop - based health programs. وهي البرامج الآخذة في الانتشار في الولايات المتحدة، على حد وصف الباحثين في مقدمة دراستهم الطبية. وتحديدا، منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما استضافت صالونات الحلاقة بالولايات المتحدة «برنامج متابعة طبية» لبعض من الأمراض الشائعة. ويبلغ تعداد تلك الصالونات التي تتوافر فيها تلك البرامج، اليوم، أكثر من 18 ألف صالون حلاقة، وخاصة تلك التي تستقبل في الغالب زبائن أميركيين من ذوي أصول أفريقية. وما ظهر من نتائج الدراسة هو بالفعل لافت للنظر العام والنظر الطبي، ذلك أن خدمات هذه النوعية من صالونات الحلاقة كانت أحد أسباب منع حصول أكثر من 800 حالة من نوبات جلطة القلب، وأكثر من 550 حالة من نوبات السكتة الدماغية، وأكثر من 900 حالة وفاة. وقام الدكتور رونالد فيكتور، طبيب الباطنية المتخصص بعلاج ارتفاع ضغط الدم والباحث الرئيس في الدراسة، بإجراء دراسة مقارنة علمية، ذات صبغة منضبطة في المتابعة والتحليل، وتشمل مجموعة تم انتقاؤها بشكل عشوائي من بين المصابين بارتفاع ضغط الدم، الذين دخلوا في برنامج متابعة مقدار ضغط الدم لدى زيارة صالون الحلاقة. ومعروف عن هذا البرنامج أنه يتضمن تعليم الحلاق كيفية إجراء قياس ضغط الدم، وتسجيل نتائج القراءات، ومن ثم اطلاع الطبيب المتابع بالنتائج المرتفعة منها. وهي أحد برامج المسح الإحصائي التي يلاحظ الوسط الطبي أنها ذات تأثيرات إيجابية ضمن جهود علاج ارتفاع ضغط الدم لمرتادي صالونات الحلاقة تلك. وفي الدراسة التي استمرت نحو أربع سنوات، تمت المقارنة بين قراءات ضغط الدم لدى مجموعتين. الأولى شملت المشاركين في برامج «الحلاقين»، والثانية من يتلقون فقط كتيبات تحتوي على نصائح طبية حول كيفية معالجة ارتفاع ضغط الدم ووسائل تحقيق ذلك. وتبين للباحثين أن خفض ضغط الدم قد حصل في مجموعة المشاركين في برنامج «الحلاقين»، بمستوى أفضل وأكبر من الذي حصل للذين اكتفوا بقراءة كتيبات الإرشادية الطبية. ومعلوم أن مرض ارتفاع ضغط الدم أحد أكثر أنواع الأمراض انتشارا في العالم، وأحد المسببات الرئيسية لأمراض شرايين القلب والدماغ والكلى وغيرها، بكل مضاعفاتها وتداعياتها الصحية التي تهدد سلامة الحياة، وتؤدي إلى فشل أعضاء الجسم والإعاقات البدنية والذهنية. كما أن من المعلوم أن أقل من نصف المصابين بارتفاع ضغط الدم، يتحقق لهم النجاح العلاجي للوصول بقراءات قياس ضغط الدم إلى المعدلات المرجوة طبيا. وعلق الدكتور فيكتور بالقول: «ما تقوله لنا نتائج هذه الدراسة هو أن النجاح في العمل العام المكثف لخفض ضغط الدم، يمكن أن يرتفع ويقوى عندما يتم تحسين قدرات الحلاقين وجعلهم مكملين للعاملين في الوسط الطبي في الجهود الطبية الهادفة إلى السيطرة على انفلات انتشار حالات عدم انضباط ضغط الدم لدى المصابين به، والذي يعتبر المرض القاتل الصامت». وأضاف قائلا: «الحلاقون تاريخيا كانوا في السابق (حلاق – جراح). وهم يشكلون قوة عاملة فريدة من بين مؤيدي ومناصري تقديم الجهود الجماعية الصحية في المجتمعات، لأن علاقتهم مع زبائنهم تتميز بتقديم الخدمة بشيء من الوفاء والإخلاص». واستطرد قائلا: «لو تم توسيع انتشار هذا البرنامج في صالونات الحلاقة ليشمل عددا أكبر من الرجال، فسوف يكون مساعدة كبيرة لجهود العمل على منع الإصابات بنوبات الجلطة القلبية ونوبات السكتة الدماغية وحالات الفشل الكلوي وغيرها من المضاعفات الخطيرة لمرض ارتفاع ضغط الدم». الدراسة ونتائجها لا تحتاج إلى تعليق، والرسالة للعاملين في الوسط الطبي هي إمكانية استفادتهم من أشخاص لا علاقة لهم بالعمل الطبي ابتداء وتخصصا، في جهود معالجة المرضى. وهو الأمر الذي يذكر الأطباء بالمثل الشعبي «يوضع سره في أضعف خلقه»، هذا مع كل التقدير للحلاقين وجهودهم في تقديم خدمة مهمة ودقيقة لا يستغني عنها أي رجل، ودورهم المهم أيضا في منع انتقال الأمراض المعدية حال الالتزام بقواعد النظافة وخصوصية الاستخدام للآلات الجارحة خلال عملهم.