لا شك في أن سماحة الشيخ من كبار أهل الذكر الذين أمرنا بسؤالهم إذا كنا نجهل شيئا من مسائل ديننا . ولا تكاد ترى . الشيخ في بيته أو شارعه أو عمله أو سيارته أو درسه إلا والسائلون حوله زرافات ووحدانا . فكيف يتعامل الشيخ مع السائلين في درسه ؟ رحابة الصدر : وها هو أحد الطلاب يروي لنا قصة الشيخ مع أحد الأعراب : جاءه مرة أعرابي يسأله في طلاق امرأته فأفتاه الشيخ ببينونتها منه وأنها لا تحل له بعد حتى تنكح زوجا غيره فما زال الأعرابي يراجعه والشيخ يعيد عليه حتى قال له الأعرابي بلهجته العامية " تكفى يا شيخ علشاني " فما زاد الشيخ عندها إلا أن قال لمن حوله : أعطوني العصا . . هي لعبة " . ولم يكن الشيخ غاضبا وإنما أراد إفهام الأعرابي أن هذا الأمر لا تهاون فيه . ويضيف الأخ عبد الله العتيبي متحدثا عن ذات الموضوع : لا شك أن من صفات شيخنا رحابة الصدر للسائلين ، والترفق بالمتعلمين مع علو شأنه وارتفاع قدره - زاده الله - وهذه صفات علماء الآخرة . . فلم يحملهم ما هم فيه من رفعة المكانة من الترفع عن الخلق . . بل ما زادهم إلا تواضعا . تكرار السؤال وخلق الشيخ : وأذكر لشيخنا من الأمثلة أنه سئل عن حكم سجود التلاوة فقال ؟ سنة مؤكدة وسأله آخر عن السؤال نفسه فقال : سنة مؤكدة ، بل سأله ثالث - ولعله لم يسمع الإجابة كالذي قبله فأعاد الشيخ الإجابة بطيب نفس ، ولم يبكت السائلين . 50 سؤالا في درس واحد : وقد قام الأخ ضيدان بن عبدالرحمن اليامي مرة بإحصاء عدد الأسئلة التي طرحت على الشيخ في أحد الدروس بعد صلاة المغرب فوصلت إلى خمسين سؤالا حتى مل صاحبنا من العد والإحصاء والأسئلة ما زالت تتوالى على شيخنا ابن باز وهو يجيب عليها دون ملل ، ويختم الشيخ عمر أحمد بافضل المشاركات في هذا المحور بإيراد هذا الموقف الذي حصل له مع سماحة الشيخ : فلقد شغلني مرة أمر وأقلقني وعند خروج - الشيخ من المسجد بعد الدرس وكعادة طلبة العلم والسائلين ينكبون عليه حتى يركب السيارة . بل حتى وهو في السيارة ، وعند تأهب السيارة للانطلاق اقتربت منه قلت له ، لدي استفسار هل أذهب معك إلى البيت وهل أجد فرصة . فقال نعم الآن وأوقف السيارة وأدخلني جنبه وأعطاني جواب استفساري فورا والسيارة واقفة ثم خرجت مسرورا مقدرا له الأريحية . ورحابة الصدر - فهذا الكلام ما كنت أنتظره - كنت أنتظر أن يقول راجعنا غدا في المكتب أو الحق بنا - أما الجواب الفوري هكذا بهذه السرعة وقد هم بالانصراف فيقف ليستمع ويجيب فلا يقدر عليه في نظري إلا الشيخ ابن باز أو من كان على مثل خلق ابن باز جزاه الله خيرا . وإنك لتجد له سماحة ورحابة صدر حتى مع أصحاب الأسئلة الغريبة العجيبة الناشزة والمتكررة في أكثر أيام الدرس وهذا أراه مما يتميز به شيخنا حفظه الله ، وهو مما نلفت النظر إليه ، نظر المدرسين والمعلمين فلا يسخر ولا يستهزئ ولا يضحك ساخرا من سائله سؤالا مضحكا منبئا عن جهل عظيم وربما دل السؤال على بلادة في الفكر والعقل .