تاريخ علم النفس الرياضي : تعود الكتابات الأولى التى اهتمت بعلم النفس الرياضي إلى سنة 1801م ، حيث وجدت كتابات ألمانية تعنى وتهتم بدراسة نفسية لاعبي كرة القدم. وفيما يلي نتناول الملامح التاريخية التي تهدف لدراسة علم النفس كمجال حيوى للرياضة والرياضيين والباحثين: في سنة 1898م، تجربة تربلت Tripleit على لاعبى الدراجات، والتى أجريت بغرض دراسة الأداء الفردى والجماعى، وتأثير جمهور المشاهدين على الأداء. وفي سنة 1901م، ظهر كتاب جيسيراند، الذى تطّرق إلى بعض الأمور النفسية المختلفة، والمتعلقة بكرة القدم أيضًا. وفي سنة 1913م، ظهر كتاب دى كوبرتن، في باريس بعنوان: كتابات في علم النفس الرياضى. وفي سنة 1923م، كانت أول محاولة رسمية لتدريس مقرر علم النفس والرياضة، والتى قام بها جرفث Griffith لطلاب جامعة إلينوى. وفي سنة 1925م، أنشأ جرفث، أول معمل للبحوث الرياضية بجامعة إلينوى. وفي سنة 1926م، أعد جرفث، أول كتاب في سيكولوجية التدريب. وفي سنة 1928م، أعد جرفث، أول كتاب في سيكولوجية الرياضة. وفي سنة 1942م، وما بعدها ظهرت الأعمال العلمية الجادة في علم النفس الرياضى على يد كل من شوله Schalle في ألمانيا، روديك Rudik وبونى Puni في روسيا. وفي سنة 1960م، بدأ الاهتمام بمجال دراسة السلوك الحركى، مثل: - دراسات فرانكلين Franklin، بجامعة كاليفورنيا. - دراسات جون لوثر J. Lawther، بجامعة بنسلفانيا. - دراسات آرثر سلاتر Arther Slater، وهاميل Hammel، بجامعة إنديانا. وفي سنة 1965م، تم تشكيل الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضى ISSP، وإقامة أولى مؤتمراتها العلمية في روما، وأخذت هذه المؤتمرات الصفة الدورية كل أربعة سنوات متزامنة مع الدورات الأوليمبية. وفي سنة 1966م، ظهرت مؤلفات أوجليفى Ogilive، وتتكو Tutko، والتى كانت بداية انطلاق البحث والتجريب في علم النفس الرياضى، وبداية بناء المقاييس المتخصصة في الرياضة. وفي سنة 1968م، تم تأسيس جمعية شمال أمريكا لعلم النفس الرياضى والنشاط NASPAPA. وفي سنة 1969م، تم تأسيس الجمعية الكندية للتعلم النفسحركى وعلم النفس الرياضى CSPLSP. وفي سنة 1970م، أشار كل من كرول Kroll، ولويس Lewis، إلى أنه نتيجة لإسهامات جرفث، فقد لقب بـ : أبو علم النفس الرياضى بأمريكا. وفي سنة 1981م، أشار هنرى Henry، إلى وجود بعض المحاولات من علماء التربية البدنية والرياضة للنظر إلى علم النفس الرياضى كأحد العلوم الفرعية داخل مجال الرياضة والتدريب الرياضى؛ حيث إن النظام الأكاديمى للتربية البدنية يشتمل على دراسة جوانب معينة، مثل: علم النفس - علم وظائف الأعضاء - التشريح - الاجتماع، وليست فقط تطبيقًا لهذه العلوم على مواقف النشاط البدنى. وفي سنة 1985م، تم تأسيس جمعية الارتقاء بعلم النفس الرياضى التطبيقى AAASP. ويشير سميث Smith، إلى أن علم النفس الرياضى يعد وليد علم النفس العام، والدليل على ذلك اعتماد الجمعية الأمريكية لعلم النفس APA سنة 1986م لعلم النفس الرياضى، وامتد الاعتراف إلى أنحاء أوروبا والعالم بأسره. وفي سنة 1986م، أشار جيل Gill، إلى أنه بالرغم من أن علم الرياضة والتدريب يعد مجالاً متعدد النظم العملية ويستمد المعرفة من أصول العلوم، فإن المجالات الفرعية، التى يتضمنها علم الرياضة - ومنها علم النفس الرياضى - تستند أيضًا إلى النظريات والمفاهيم والمقاييس فى مجالات التربية البدنية والرياضة. تتصدر جمهورية مصر العربية مقدمة البلاد العربية التى اهتمت بمادة علم النفس الرياضى؛ حيث تم تدريس المادة في سنة 1951م في معهد التربية الرياضية بالهرم على يد محمد حامد الأفندى، والذى درس في إنجلترا.
وفي الستينيات من القرن العشرين، ظهر تأثير جيل الرواد، أمثال: سعد جلال - محمد حسن علاوى، في عدد من الكتب، مثل: · علم النفس التربوى الرياضى … في سنة 1967م. · علم النفس في التدريب الرياضى … في سنة 1969م.
وفي سنة 1975م، ظهر كتاب محمد حامد الأفندى: علم النفس الرياضى والأسس النفسية للتربية الرياضية. وتعد سنة 1967م، البداية الحقيقية لعلم النفس الرياضى فى مصر، والمنطقة العربية، والتى أرسى قواعدها وأسسها
محمد حسن علاوى بعد عودته من ألمانيا، وقام بتدريس أول مقرر في مرحلة البكالوريوس .
ماهية علم النفس الرياضي :
عند النظر إلى علم النفس الرياضى كفرع من علم الرياضة والتدريب، فمن المحتمل بصورة كبيرة أن تتضمن بؤرة الدراسة محاولة وصف السلوك وتفسيره والتنبؤ به في المواقف الرياضية. ويعد مفهوم علم نفس الحركة، وجهة نظر شاملة لدراسة السلوك في الرياضة؛ حيث يعرف مارتنز علم الحركة على أنه: دراسة الحركة الإنسانية، وخاصةً النشاط البدنى في كافة الأشكال والمجالات.
وانطلاقًا من هذا المفهوم الشامل، فعلم نفس الحركة - علم النفس الرياضى والتعلم والضبط الحركى -، يتضمن دراسة الجوانب النفسية للحركة البشرية، وتشمل الجوانب الأخرى: · فسيولوجيا علم الحركة - فسيولوجيا التدريب. · الميكانيكا الحيوية في علم الحركة - الميكانيكا الحيوية في الرياضة. · علم الحركة الاجتماعى - علم الحركة الثقافى - علم الاجتماع الرياضى. · الحركة والنمو - النمو الحركى. ومن الصعوبة بمكان وضع تعريف دقيق لعلم النفس الرياضى؛ حيث تتعدد المنظورات وتتباين الأدوار بما يفرض اتجاهات متعددة في التعريف، فتصنفه فئة على أنه أحد فروع علم النفس العام، ويصنفه آخرون، بأنه أحد فروع الرياضة، وعلم التدريب الرياضى، بينما فئة ثالثة، تفرق بين علم النفس الرياضى الذى يولى اهتمامًا باللاعبين وخصائصهم وعلم نفس النشاط البدنى الذى يتضمن كافة المجالات المرتبطة بالحركة. وفيما يلى نتناول بعض تعريفات علم النفس الرياضى، وهى: يعرفه سنجر Singer: بأنه علم نفس تطبيقى يدرس ويطبق مبادئه على الألعاب ومواقف اللاعبين. ويرى الدرمان Alderman، بأنه: أثر الرياضة نفسها على السلوك البشرى. ويرى كوكس Cox، بأنه: فرع من الدراسة تطبق فيه مبادئ علم النفس على المواقف الرياضية. ويشير جيل، إلى علم النفس الرياضى، على أنه: فرع من علم النفس وعلم التدريب يهدف إلى تقديم إجابة لتساؤلات عن السلوك البشرى في الرياضة. ويعرف كراتى Craty علم النفس الرياضى، بأنه: فئة فرعية من علم النفس تركز اهتماماتها على اللاعبين والألعاب. ويعرف عمرو بدران Amro Badran، علم النفس الرياضى، بأنه: هو ذلك العلم الذى يدرس سلوك وخبرة الإنسان تحت تأثير ممارسة التربية البدنية والرياضة، ومحاولة تقويمها للإفادة منها في مهاراته الحياتية. ومما سبق نرى أن علم النفس الرياضى، هو: أحد فروع علم النفس، والذى يهتم بدراسة العوامل النفسية والاجتماعية والتربوية المؤثرة في السلوك الرياضى نحو تحقيق مستوى عالٍ من الأداء والإنجاز الرياضى الأفضل. ولدراسة علم النفس في مجال التربية البدنية والرياضة أثر كبير في تفهم سلوك وخبرة الفرد تحت تأثير النشاط الرياضى، وقياس هذا السلوك وهذه الخبرة بقدر الإمكان، ومحاولة الإفادة من المعلومات والمعارف المكتسبة في الممارسة العملية لهذه الأنشطة. والاستفادة أيضًا من خبرة العلماء السابقين وآرائهم، قد تعتبر مساهمة فعالة في مواصلة التوسع في دراسات علم النفس الرياضى.
أهداف علم النفس الرياضي :
يهدف علم النفس الرياضى إلى تحقيق جملة من الأهداف، هى: - فهم السلوك الرياضى وتفسيره، ومعرفة أسباب حدوث السلوك الرياضى، والعوامل التى تؤثر فيه. - التنبؤ بما سيكون عليه السلوك الرياضى، وذلك استنادً إلى معرفة العلاقات الموجودة بين الظواهر الرياضية ذات العلاقة بهذا المجال. - ضبط السلوك الرياضى والتحكم فيه بتعديله وتوجيهه وتحسينه إلى ما هو مرغوب فيه، وغالبًا ما تكون الآراء حول كيفية ضبط وتوجيه الحياة، مثل: معرفة أفضل الطرق لتنشئة الأطفال رياضيًا - اكتساب الأصدقاء - التأثير على الآخرين - ضبط الغضب. وتنصب الغاية من دراسة السلوك الرياضى في جملة أهداف، منها: - الصحة النفسية: يهتم علم النفس الرياضى بالصحة النفسية بجانب الصحة البدنية في وقت واحد، فالرياضى القلق والمتردد لا يمكن أن يحقق أى إنجاز رياضى مهما تدرب أو تلقى من المفاهيم والنظريات التدريبية. وعليه يظهر هنا جليًا دور هذا العلم في تحديد هذه الأمراض النفسية، والتخلص منها قدر الإمكان عبر الاستخدام الأمثل لنظريات الصحة النفسية. - تطوير السمات الشخصية: تعد الرياضة بشكل عام فرصة ثمينة لتطوير وتعديل بعض السمات الشخصية عند الرياضى، مثل: · الثقة بالنفس. · التعاون. · احترام القوانين. - رفع المستوى الرياضى: يسهم علم النفس الرياضى في زيادة مستوى الدافعية نحو تحقيق إنجاز أفضل وذلك من خلال مراعاة حاجات الرياضيين ورغباتهم والتذكير بالمكاسب المهمة والشهرة التى يمكن أن يحصلوا عليها عند تحقيق الإنجازات العالية. - ثبات المستوى الرياضى: كثيرًا ما يختلف مستوى اللاعب في التدريب عن مستواه في المباراة!. وهنا يظهر دور الإعداد النفسى للرياضى من قبل الأخصائى النفسى التربوى الرياضى في البرنامج التدريبى للتخلص من الرهبة التى تصيب اللاعب أمام الجمهور، وخصوصًا في المباريات المصيرية. - تكوين الميول والرغبات: إن الدراسة التى يقدمها علم النفس الرياضى للميول والرغبات لمختلف الفئات العمرية للجنسين تساهم بشكل جدى في تنمية الاتجاهات وتطويرها نحو ممارسة الأنشطة الرياضية التى تخدم الإنسان والمجتمع على حدٍ سواء.
ومن خلال ما سبق، يتبين أن المهتمين بالسلوك الرياضى مازالوا يدرسون موضوعات مهمة في علم النفس الرياضى، مثل: الشخصية - الدافعية - الضغوط النفسية - الاحتراق النفسى - الاحتراف - العنف الرياضى - العدوان الرياضى - حركة الجماعة - أفكار ومشاعر الرياضيين … والعديد من الأبعاد الأخرى الناتجة عن الاشتراك في الرياضة والنشاط البدنى.
مباحث علم النفس الرياضي :
يبحث علم النفس الرياضى، في دراسة سلوك الرياضى من خلال: · دراسة الدوافع التى تحرك السلوك الرياضى، سواءً كانت دوافع نظرية أو وراثية أو أساسية أو مكتسبة - ثانوية. · دراسة الاستعدادات والقدرات الخاصة بالرياضى في النواحى: الجسمية - العقلية - النفسية - الاجتماعية. · التعامل القائم بين الرياضى وبين بيئته الرياضية، وما يصدر عن ذلك من نتاج عقلى وتصرف واتجاهات ومشاعر وميول وسلوك أخلاقى ودينى واجتماعى. · ما يستشعره الرياضى من انتماءات وعواطف وانفعالات، مثل: الغضب - الغيرة - الخوف - الحب - الكراهية، وما يترتب على ذلك من الصحة النفسية أو عدم توافرها. · ما يصدر عن الرياضى من نشاط عقلى يسيطر عليه الذكاء، والعمليات والأنشطة العقلية، مثل: التفكير - الفهم - الإدراك - التذكير - التخيل - التصور -التعليم، وتباين القدرات والمهارات العقلية عنده، إذ أن البشر يختلفون في قدراتهم كالقدرة اللغوية والحسابية … وغيرها، مثلما يختلفون في نسب الذكاء. · دراسة اتجاهات الأفراد نحو الرياضة بمقوماتها البشرية والمادية، وما تؤثره الاتجاهات في الإدراك والتفكير وسوية السلوك أو انحرافه، والعوامل المسببة لذلك، والأمراض المصاحبة أو التوافق في الحياة الاجتماعية.
ويعرف أحمد أمين فوزى، السلوك الرياضى، بأنه: رد فعل طبيعى لمجموعة من الدوافع أثناء التدريب والمنافسات وليس سلوكًا تلقائيًا، وهذا السلوك دائمًا غرضى إذ يتجه نحو أهداف رياضية معينة تظهر في إشباع حاجة أو أكثر من الحاجات النفسية للشخص الرياضى. ولقد تعددت المظاهر السلبية للسلوك الرياضى وازدادت حدتها مؤخرًا بشكل يتنافى مع أهداف التربية البدنية والرياضة على جميع المستويات المحلية والعربية والعالمية، تلك المظاهر لا تقتصر على حدود الملعب وداخل أسواره فقط، ولكنها تأخذ أشكالاً شتى من أشكال التهور والتخريب والعدوانية على الممتلكات العامة أيضًا، ويظهر ذلك واضحًا فيما تبثه وكالات الأنباء والشبكة العالمية للمعلومات Internet من مظاهر شتى لذلك السلوك السلبى في جميع الألعاب الفردية والجماعية. ونظرًا لعدم الاستقرار والتباين المستمر للمواقف الرياضية، والتى يتعرض لها اللاعبين في حياتهم التنافسية فإن هذه الظروف والمواقف الجديدة كثيرًا ما تستدعى القيام بأعمال حركية تلقائية كرد فعل سريع للموقف تكون أحيانًا منافية للسلوك الرياضى الذى يجب أن يكون عليه اللاعب. وقد تمثلت هذه السلبيات في إيقاف أحد لاعبى أندية القمة المصرية في كرة القدم لمدة عام أو انذاره وتغريمه مبلغ من المال، وذلك لارتكابه: ÷ تصرفات خارجة عن الروح الرياضية. ÷ إشارات مشينه أثارت جمهور المشاهدين. ÷ تجاوزات تمثلت في الاعتراض على قرارات الحكام. ÷ الاعتداء على أحد أعضاء الفريق المنافس بالضرب. وقد تكون العقوبة جماعية متمثلة في تعويضات من بعض الأندية لإصلاح ما قامت به الجماهير من إتلاف للممتلكات. ولا تقتصر المظاهر السلبية للسلوك الرياضى وإثارة الشغب من جمهور المشاهدين والمتعصبين لفرق رياضية معينة أدت في بعض الأحيان إلى وقوع حوادث بشعة راح ضحيتها المئات من المشجعين، وخاصةً عندما تتدخل الجماهير كنوع من أنواع رد الفعل تجاه الأحداث التى تقع بالملعب؛ مما يزيد الموقف سوءًا. وفي سنة 1975م، أشار يوسف مراد، إلى أن اندلاع المظاهرات في المباريات الرياضية إنما تبدو في بادئ الأمر كتعبير عن فيض الحماس التى تنتهى أحيانًا بالقذف أو التخريب. وفي سنة 1983م، أضاف محمد حسن علاوى، أن الانفعال قد يزداد أحيانًا فتلجأ الجماهير إلى وسائل أكثر سلبية للتعبير عن تلك الانفعالات،مثل: الغضب - الخوف - الاعتراض - الذهول - الاعتداء. ونتيجة انتشار المظاهر السلبية للسلوك الرياضى للاعبين على جميع المستويات المحلية والعربية والعالمية، وتكرار هذه الصور التى كانت ومازالت تمارس بمختلف صورها وأشكالها، والتجاوزات وردود الأفعال غير المتوقعة من اللاعب تجاه من يتعامل معهم من زملاء ومنافسين وحكام وجهاز فنى وإدارى وجمهور المشاهدين. وفي نفس الوقت نظرًا لتباين القرارات الرادعة بشأن هذا السلوك السلبى في الرياضة في المجتمع الواحد من وقت لآخر، ومن مجتمع إلى مجتمع، فقد دعت هذه الظاهرة بعض الباحثين، ومن بينهم المؤلف - عمرو بدران -التعرف على طبيعة السلوك الرياضى الذى يجب أن يلتزم به اللاعب، وذلك ببناء مقياس يكون بمثابة دستور أخلاقى يوضح سلوك اللاعب وردود أفعاله تجاه كل من يتعامل معهم أثناء المنافسة من الزملاء والمنافسين والجهاز الفنى والإدارى والحكام والجمهور، ووضع مستويات معيارية للسلوك الرياضى يكون بمثابة محك يمكن من خلاله معرفة درجة السلوك الرياضى للاعبين. ويوجد مثل قديم، يقول: حتى تجد الإجابة الصحيحة عليك بالسؤال الصحيح to Find the Right Answer you Must Ask the Right Question
ومع ذلك، فإن عملية الاهتداء إلى السؤال الصحيح تكون في الغالب أكثر صعوبة مما تبدو عليه. وفى محاولات النفسيين الرياضيين اكتشاف العوامل المؤثرة فى السلوك الرياضى والمحددة له غالبًا يحمل النفسيون الرياضيون في عقولهم أسئلة، منها: - كيف نفكر وما دور اللغة فى التفكير؟. - ما العوامل التى تؤدى إلى نمو الشخصية الرياضية؟. - كيف يؤثر الرياضيون الواحد في الآخر في المواقف الرياضية المختلفة؟. - ما العلاقة بين الكيفية التى يؤدى بها الجهاز العصبى وظائفه وما نفكر فيه ونفعله؟. - كيف يستطيع الأخصائى النفسى الرياضى معاونة الرياضيين على التوافق مع بيئاتهم؟. - كيف نتعلم المهارات الحركية؟، وكيف نستقبل ونستبقى ونستخدم المعلومات المرتبطة بالأنشطة الرياضية؟. - ما الذى يحثنا ويدفعنا إلى ممارسة الأنشطة الرياضية؟، وكيف تؤثر الانفعالات؟، وإلى أى مدى فى سلوكنا الرياضى؟. - ما العوامل المسئولة عن فشل التوافق الإنسانى؟، ولم أصبح بعض الرياضيين عصابيين، بينما لم يكن الآخرين كذلك؟. وحتى تمدنا استفسارات كهذه بالأساس المناسب والضرورى لدراسات البحث العلمى الدقيق، يقتضى الأمر النظر فيما تحتويه من متغيرات كثيرة جدًا.
دور المتخصصين فى علم النفس الرياضي :
في سنة 1983م، وبعد محاولات كثيرة وحلقات بحث ومناظرات شهدتها المحافل الرياضية والمعنية بموضوعات علم النفس فى العالم، حددت اللجنة الأوليمبية الدولية مواصفات الفئات التى يحق لها مزاولة أدوار تخصصية في علم النفس الرياضى ومجالاته التطبيقية في ثلاث فئات رئيسة، هى: · الأخصائى النفسى التربوى في الرياضة. · الأخصائى النفسى في مجال البحث الرياضى. · الأخصائى النفسى في مجالى الإرشاد والتشخيص في الرياضة. ويشير ديبورا Deborah، إلى أنه يوجد منظورين فقط لدور علماء نفس الرياضة، هما: · الدور الأول: كباحث أكاديمى. · الدور الثانى: كممارس ومقدم للخدمة.
وتتمثل مهام أخصائى علم النفس الرياضى، في: - استخدام الطرق الفنية في القياس النفسى. - إعداد وإنشاء برامج تحسين الأداء الرياضى. - تقديم خدمات التدخل في حالات الأزمات الرياضية. - تقديم خدمات استشارية للهيئات الرياضية والمشروعات القومية. - وضع البرامج للمدير الفنى والمدرب … وغيرهم ممن يتعاملون مباشرة مع اللاعبين. ومازال المهتمون بعلم النفس الرياضى يقومون بكلا الدورين: الباحث الأكاديمى - الممارس ومقدم الخدمة. وفي سنة 1989م، أشار روبرت Robert، إلى أن جهود الكثير من علماء نفس الرياضة في تقديم الخدمات الإرشادية التخصصية لن تتوقف من قبل الأكاديميين حتى يتوفر لدينا طاقم من التطبيقيين لديهم المعرفة والمهارات الفنية التى يمكن الاعتماد عليها. ويؤكد روبرت، على التناقض الكبير في المجال بخصوص الطبيعة الأساسية لعلم النفس الرياضى، والأدوار التى يستطيع العلماء والمتخصصون والممارسون أن يقوموا بها. ويرجع هذا التناقض إلى عدم المعرفة بفلسفة المفاهيم والإطار العام، والذى يمثل نموذجًا مقبولاً لعلماء علم النفس الرياضى لاتخاذه أساسًا في بحوثهم وجهودهم التطبيقية. ويرى لاندرز Landers، أن الخدمات التخصصية والإرشادية في علم النفس الرياضى مازالت قائمة، وأن أولئك الذين يقدمون تلك الخدمات لا يجب عليهم أن يتوقفوا، وعلينا تقبل ذلك حتى يتحقق الدليل العلمى لتطبيقاتهم وأساليبهم الفنية. ويشير ليون Leune، أنه في سبيل التفريق بين توجه الأكاديمين وتوجه الممارسين من علماء علم النفس الرياضى، فإن عددًا متزايدًا من المجلات العلمية المتخصصة والتنظيمات المهنية التى تطورت مع البحث العلمى والملامح التطبيقية لعلم النفس الرياضى. وقد أشار العديد من الباحين في علم النفس الرياضى، إلى أن مجالاته التخصصية - لمن يرغب العمل في مجالات علم النفس الرياضى - تكاد تنحصر فيما يلى: o البحث العلمى. o التدريس. o الاستشارة. وحتى سنة 1989م، تكونت سبع منظمات علمية، وخمس مجلات تخصصية.
أخصائي علم النفس التربوى الرياضي :
ماهية الأخصائى النفسى التربوى الرياضى: يمكن تعريف الأخصائى النفسى التربوى الرياضى، بأنه: ذلك الشخص الذى لديه خلفية علمية بعلوم التربية البدنية والرياضة، وتلقى دراسات محددة في تخصص علم النفس وعلم النفس التربوى الرياضى. وينظر إلى الأخصائى النفسى التربوى الرياضى على أنه المدرب العقلىMental Coach، المسئول عن المهارات النفسية المختلفة للرياضيين. سمات الأخصائى النفسى التربوى الرياضى: وفيما يلى بعض السمات التى يجب أن يتصف بها الأخصائى النفسى التربوى الرياضى، وهى: · يجب أن يكون ذو مظهرًا حسنًا ومرتبًا ونظيفًا. · ينبغى أن يكون ناضجًا عقليًا متزنًا في أموره كلها. · أن يكون حسن التصرف والمرونة وسرعة البديهة. · يجب أن يكون بشوش الوجه حليمًا وحسن الخلق. · أن يكون مطلع على جميع العلوم والمعارف المختلفة. · يجب أن يعرف كيفية التعامل مع المجتمع الذى يعيش فيه. · أن يتحلى بسعة الصدر والقدرة على ضبط النفس في جميع المواقف. · يجب أن يظهر دوره في المنشأة الرياضية التى يعمل بها بالشكل المطلوب. · يجب أن يتحلى بالأخلاق الحميدة في تعامله مع الآخرين، وأن يكون قدوة حسنة لهم. · يجب أن يحترم ويقدر العمل الذى يقوم به، وهو خدمة الآخرين ومساعدتهم على حل مشكلاتهم. · يجب أن يتعاون مع الجميع، فمثلاً في النادى: الرئيس - المدرب - اللاعب -، فالكل فريق واحد ويعمل لمصلحة واحدة. مبادىء الأخصائى النفسى التربوى الرياضى: وفيما يلى أهم المبادئ التى يجب أن يتحلى بها الإخصائى النفسى التربوى الرياضى، وهى: مبدأ السرية: وهو صيانة وحفظ أسرار الرياضيين وتجنب إذاعتها وانتشارها بين الناس، ويعد هذا المبدأ من أهم المبادئ التى تنمى الشعور بالثقة والاطمئنان في نفس الرياضى.
مبدأ التقبل: وهو اتجاه عاطفى للإخصائى النفسى التربوى الرياضى نحو الرياضى يتسم بالحب والتسامح. ويكون التقبل للرياضيين دون التفرقة بينهم، كما يكون للجماعة التى يعمل معها بإظهار الاحترام لها ورغبته في العمل معها ومساعدتها ويتقبل المجتمع كما هو عليه بظروفه ومشكلاته وطوائفه دون إظهار سخطه وعدم رضاه عنه. ومن صور التقبل: الاحترام - التسامح - تقدير المشاعر - تجنب النقد - الرغبة في المساعدة.
مبدأ حق تقرير المصير: وهو ترك الحرية للرياضيين والجماعات لتوجيه ذاتها نحو الأهداف العامة والخاصة التى تراها في صالحها. لذلك، فإن الأخصائى النفسى التربوى الرياضى لا يفض حلاً للمشكلة التى يعانى منها الرياضى، وإنما يقوم بتوضيح كافة الجوانب للمشكلة ومناقشة كافة المقترحات والآراء المقدمة لحل تلك المشكلة.
مبدأ المشاركة: وهو ضرورة مشاركة الرياضيين في دراسة مشكلاتهم والمشاركة في وضع الحلول المناسبة لها.
مبدأ العلاقة المهنية: وهى حالة من الارتباط العاطفى والعقلى الهادف تتفاعل فيها مشاعر الرياضيين والأخصائى خلال عملية المساعدة وتتسم هذه العلاقة بالموضوعية وعدم التحيز، وبأنها علاقة مؤقتة تنتهى بانتهاء المشكلة.
مهارات الأخصائى النفسى التربوى الرياضى: يمكن تصنيف مهارات الأخصائى النفسى التربوى الرياضى، إلى: مهارات تكيفية: متعلقة بتقوية قدرات الأخصائى على التكيف مع البيئة للمؤسسة، وتصنف إلى: · مهارات عامة: تكتسب من خلال حياته العامة وتنشئته قبل انضمامه للمهنة. · مهارات خاصة: ترتبط بالمؤسسة وأهدافها وطبيعتها وتنظيمها … الخ. مهارات وظيفية: تتعلق بكيفية أداء الأخصائى النفسى التربوى الرياضى لوظيفته، ودوره في مواجهة المواقف الجديدة عليه، وتمنحه القدرة على تفهم المتاح من المعلومات والتعامل مع وحدة العمل والقيام بخطوات العملية، وتصنف إلى: · مهارات عامة: يكتسبها عن طريق الدراسة والتدريب. · مهارات خاصة: حسب الموقف ومجال العمل ونوع ونموذج الممارسة المهنية.
عمل الأخصائى النفسى التربوى الرياضى: ويتضمن عمل الأخصائى النفسى التربوى الرياضى في المدرسة مجموعة من الأهداف، والتى من خلالها يحقق الهدف العام، وهو: تنمية شخصيه التلميذ في الجوانب: الجسمية - العقلية - النفسية - الاجتماعية. ولتحقيق هذا الهدف لابد من وضع العديد من الأهداف الإجرائية، مثل: · تنمية مهارات حل المشكلات. · تنمية مهارات الإقناع والقدرة على التفاوض. · تفعيل دور الأخصائى النفسى التربوى الرياضى داخل المدرسة. · تكوين مفهوم إيجابى تجاه الذات، وتعديل الاتجاهات السلبية نحو التربية البدنية والرياضة. · تنمية مهارات القيادة من خلال ممارسة الألعاب الجماعية، مثل: كرة القدم - كرة السلة - الكرة الطائرة - كرة اليد. · تنمية مهارات التواصل الاجتماعى من خلال النشاط الرياضى وحصص التربية الرياضية، والتى تتضمن إيجابية العلاقات الاجتماعية والصداقات والعمل المشترك، والاحتكاك بالبيئة الخارجية من خلال النشاط الخارجى. وانطلاقًا من الهدف العام، وباستخدام الأهداف الإجرائية يسعى الأخصائى النفسى التربوى الرياضى، لتحقيق المهام التالية في المدرسة: · الاستشارات النفسية والإرشاد النفسى في التربية البدنية والرياضة. · تقديم برامج رياضية إرشادية ووقائية لكل التلاميذ في كل المراحل التعليمية. · نشاط الأخصائى النفسى التربوى الرياضى مع جماعته ودورهم داخل المدرسة. · تقديم برامج التوجيه التربوى الرياضى والرعاية، منها: برامج تعديل سلوك - اختيار نوع الرياضة - رعاية ذوى الاحتياجات الخاصة - الموهوبين رياضيًا … الخ. · إجراء البحوث النفسية في التربية البدنية والرياضة، للوقوف على أسباب إحدى الظواهر السلبية، ومحاولة وضع البرنامج اللازم للحد منها. وفي إطار تنمية مهارات الأخصائى النفسى التربوى الرياضى في المدرسة، لم يعد دور التوجيه مجرد اكتسابه المهارات الفنية للعمل؛ بل أصبح يعطى اهتمامًا أكبر بتنمية الجوانب المختلفة بشخصيته لاكسابه مهارات يستطيع بها مواكبة حجم التأثيرات الخارجية والتطورات المتلاحقة، والاكتشافات العلمية وثورة المعلومات والاتصالات وما تحمله من انفجار معرفى. وبذلك تبرز الحاجة الماسة إلى العمل على توفير الدورات التدريبية اللازمة التى من خلالها يستطيع أن يواكب كل هذا التطور. ومن أهم الأدوات والوسائل اللازمة للأخصائى النفسى التربوى الرياضى في المدرسة، ما يلى: · الملاحظة. · المقابلات. · الندوات. · مناظرات. · المحاضرات. · الاختبارات. · فقرات إذاعية. · مطبوعات إرشادية، وذلك حسب ما يتطلب من الأخصائى، لتحقيق أهداف البرامج. ويمكن للأخصائى النفسى التربوى الرياضى في المدرسة، أن يعزز مختلف الأنشطة الرياضية من خلال الإذاعة المدرسية، كما يلى: - تقديم نصائح للتلميذ في كيفية ممارسته للنشاط الرياضى في منزله والنادى. - استثارة دافعية التلاميذ لممارسة النشاط الرياضى من خلال تكوين اتجاهات إيجابية نحو الممارسة الرياضية، وذلك يتطلب الاهتمام بتقديم فقرات بالإذاعة المدرسية مرتبطة بـ:- - إجراء حوار مع شخصية اجتماعية مرموقة ممن تمارس الرياضة لاستثارة دافعية التلاميذ لممارسة الرياضة. - توضيح مفهوم أهمية ممارسة الرياضة للإنسان المعاصر لمحو الأمية الرياضية، وهذا يتطلب متحدث يمتلك معرفة تامة بالخصائص النفسية للتلاميذ. - تقديم الفقرات الإذاعية التى تهتم بمسابقات الترويح الرياضى وتعليم الرياضات التى تتميز بطابع الاستمرارية في الممارسة، مثل: الجرى - ألعاب المضرب. - الاهتمام بفقرات إعلامية عن قيم وفوائد الممارسة الرياضية للإنسان. - تدعيم الممارسات الرياضية من خلال: - إقامة الصحافة والإذاعة المدرسية لمسابقات رياضية مع إجراء حوار مع من يمارس الرياضة. - إثارة الموضوعات التى تساهم في تدعيم حركة الرياضة للجميع والعمل على طرح الحلول الإيجابية للمشكلات التى تواجهها تلك الحركة. - تنمية المعرفة الرياضية من خلال تخصيص فقرات إذاعية تهتم بإجراء مسابقات بين التلاميذ في المعرفة الرياضية؛ الأمر الذى يتطلب قراءة واعية من التلاميذ، وهذا التنافس بينهم يجعلهم يبحثون عن المعلومة. - توضيح الفوائد النفسية المرتبطة بممارسة النشاط الرياضى. ويوجد مغزى ومعنى وراء اللعب، وخاصةً بين الأطفال المضطربين نفسيًا أو أولئك الذين يشعرون بالحرمان أو الإهمال أو المعاملة السيئة أو القسوة أو نتيجة أزمات واضطربات منزلية، كما في حالات الطلاق أو شرب الخمر أو غيبة طويلة في الخدمة العسكرية أو اضطرار الأم إلى الخروج للعمل، فالأطفال الذين يأتون من منازل مضطربة يجدون في النشاط اللعبى أكبر معين لهم للتعبير عن مشكلاتهم الخاصة والتنفيس عنها. ولقد وُجد أن طريقة اللعب العلاجى Play Therapy، تعد من الطرق الفعالة للعلاج النفسى وخاصةً مع الأطفال، واستخدم فرويد، اللعب لأول مرة مصادفة في العلاج النفسى، إلا أن آرائه عن اللعب في أنواع العلاج المختلفة والمستمدة من نظرية التحليل النفسى كان لها أثارًا مباشرة، وطبقت على الأطفال ذوى الاضطراب النفسى، ومعظم هذه الأنواع من العلاج استخدم فيها اللعب التلقائى واللعب الخيالى. وقد استخدمت ميلانى كلين Melanie Klein، اللعب التلقائى في علاج الأطفال المضطربين نفسيًا، وافترضت أن ما يقوم به الطفل خلال اللعب الحر يرمز إلى الرغبات والمخاوف غير الشعورية. وقد استخدم كل من سيموندس، وآمن، ورينسيونSymonds, Amen & Renison، اللعب الخيالى لعلاج حالات القلق والتوتر عند الأطفال. كما استخدمت هيرمين هلموث Hermine Hellmuth، ظاهرة اللعب مع الأطفال المضطربى العقل بغرض ملاحظتهم وفهمهم. وقد أكدت البحوث والدراسات التى أجريت حول هذه الظاهرة، على أن اللعب هو مدخل وظيفى لعالم الطفولة، ويؤثر في تشكيل شخصية الإنسان في سنوات طفولته، وهى تلك الفترة التى يتفق علماء النفس حول أهميتها كركيزة أساسية للبناء النفسى للإنسان في مراحل نموه المتتالية، فإذا استطعنا غرس حب اللعب الشريف في نفوس الأطفال، الذى يحقق إيمانهم بالقيم الخلقية ويعودهم على السلوك وفق هذه القيم، فإننا نكون قد حققنا شيئًا عميق الأثر في النهوض بمجتمعنا.
" مأخوذ من كتاب علم النفس الرياضي للمؤلف ، مكتبة جزيرة الورد ، المنصورة ، جمهورية مصر العربية ، 2004 "