لا نعتقد ان هناك اناسا اكثر وقاحة وكذبا من الحكومة الاسرائيلية الحالية، ومن المؤسف ان ممارساتها في التضليل، وقلب الحقائق تجد آذانا صاغية في معظم الاوساط الغربية، والامريكية على وجه الخصوص. نقول هذا الكلام بمناسبة تقدم الحكومة الاسرائيلية بشكوى لدى الامم المتحدة بما اسمته تزايد اطلاق الصواريخ والقذائف المنطلقة من قطاع غزة المحتل باتجاه المستعمرات الاسرائيلية الواقعة في شماله. السفير الاسرائيلي في المنظمة الدولية الذي تقدم بهذه الشكوى الى مجلس الامن الدولي والامين العام للامم المتحدة بان كي مون، قال 'ان حوادث الايام الاخيرة تندرج في اطار تصعيد الهجمات الارهابية انطلاقا من قطاع غزة، وان اسرائيل تحمل حركة 'حماس' المسؤولية الكاملة عن هذه الحوادث. حركة حماس استطاعت ان تحافظ على النظام طوال الاعوام الثلاثة الماضية، ومنعت اطلاق اي صواريخ باتجاه اهداف اسرائيلية، وتعرضت الى الكثير من الاتهامات بسبب هذا الاجراء من قبل الجماعات السلفية، بل ومن الدكتور ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم 'القاعدة'. اسرائيل هي التي اخترقت هذه الهدنة، عندما اقدمت على اغتيال احد القادة البارزين لـ'جيش الاسلام' تحت ذريعة ان هذا الجيش يتبنى ايديولوجية 'القاعدة' وكان يخطط لمهاجمة سياح اسرائيليين في منتجعات طابا وشرم الشيخ في شمال شبه جزيرة سيناء. وفي الاسبوع الماضي ارتكبت القوات الاسرائيلية مجزرة بشعة عندما اغتالت خمسة من الفلسطينيين شرق مدينة دير البلح تحت ذريعة انهم كانوا يخططون لشن هجوم على دورية اسرائيلية. الطائرات الاسرائيلية من مختلف الانواع والاحجام تشن غارات شبه يومية على قطاع غزة، وتقصف مواقع وتقتل وتصيب من فيها، مستغلة عدم قدرة ابناء القطاع على الدفاع عن انفسهم نتيجة عدم امتلاكهم اي مدافع او صواريخ مضادة للطائرات. الارهاب الحقيقي مصدره اسرائيل التي تحتل الارض، وتفرض الحصار القاتل على اكثر من مليوني انسان من البحر والبر والجو، بحيث تحول قطاع غزة الى ابشع معسكر اعتقال جماعي منذ القضاء على النازية في الحرب العالمية الثانية. لا نعرف كيف سيتعاطى مجلس الامن الدولي مع هذه الشكوى الاسرائيلية الوقحة، ولكن ما نعرفه ان السيد بان كي مون الامين العام للامم المتحدة يعرف حقيقة الاوضاع في قطاع غزة اكثر من غيره، ومن المأمول ان لا ينخدع بدموع التماسيح الاسرائيلية هذه. فالامين العام للامم المتحدة زار قطاع غزة بعد العدوان الاسرائيلي الاخير، وكان الالم واضحا على وجهه بعد ان شاهد الدمار الناتج عنه، حتى انه حرص على عقد مؤتمره الصحافي، ومخاطبة العالم بأسره من فوق رماد مقر المنظمة الدولية المدمر في مدينة غزة. اسرائيل مدانة بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية وما زالت تمنع اعادة اعمار ستين الف منزل دمرتها قذائفها اثناء عدوانها الاخير، ولذلك هي آخر من يحق له الشكوى الى الامم المتحدة، او الحديث عن الارهاب، فهي الارهاب بعينه.