لا تترك الصفحة بيضاء خالية
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
شبابيك
| المصدر :
www.shabayek.com
كوري دكتورو
كندي الجنسية، يهودي الأصل، من كبار مشجعي حرية تبادل المعلومات والمحتويات في العالم، ولعله كان أول مؤلف قصص خيالية يطرح كتبه للتنزيل المجاني مع توفرها للبيع في الوقت ذاته في يناير من عام 2003، لكن شهرته الأكبر تأتي من مقالاته المنشورة في مواقع كثيرة أشهرها
بوينج بوينج
.
طرحت محررة جريدة الجارديان البريطانية
على كوري بعض الأسئلة، وجدت أولها جديرا بأن أنقله لكم، وكعادتي الترجمة بتصرف كبير جدا.
السؤال: طرحت كتابك الأخير للتنزيل المجاني، فلماذا؟
كوري:
أنا أوفر كل كتبي للتنزيل المجاني، فكما قال ناشري (تيم رايلي) ذات مرة:
مشكلة الفنانين ليست القرصنة، بل جهل الناس بهم وقبوعهم في ظلمة النسيان
، وأنا أوافقه الرأي، ولقد علق الكثيرون على توفيري المجاني لكتبي بأن القراءة المجانية لا تغني من جوع ولا تسدد الفواتير، فكيف سأتربح من الشهرة التي حصلت عليها نتيجة معرفة الناس بي بعد توفيري لكتبي بالمجان؟ ووجهة نظرهم هذه صحيحة، فعملية تحويل الشهرة إلى مال عملية شاقة، لكن على الجهة الأخرى، حين تكون مؤلفا مجهولا مغمورا فعملية تحويل شهرتك المنعدمة إلى مال ستكون مستحيلة. لكي تتكسب من مؤلفاتك، يجب أن يعرفك الناس قبلها، وهذا الأمر ينطبق على مجالات عديدة.
من وجهة النظر العملية، فنحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، حيث يمكن لأي شخص نسخ ما يريده، فإذا كنت في مجال عمل ما، وتظن أنك قادر على التحكم فيما يمكن للناس نسخه أو لا إلا بإذنك وموافقتك، فأنت تعمل في مجال خطير مهدد بالفشل والخسارة، لأنه شئت أم أبيت فالناس سينسخون ما لديك بدون موافقتك. السؤال هو ماذا ستفعل حيال ذلك، هل ستسميهم لصوصا أم ستفكر في شيء ما تفعله ليجلب لك الربح من هذا الأمر؟ الناس الذين ينتجون محتويات رقمية لديهم من المعرفة البديهية ما مكنهم من العيش بسلام مع حقيقة أنه لا يمكن منع الناس من النسخ والنقل.
الآن، لماذا أنا مهتم برد مثل هذا؟ لأن الكثيرون أرسلوا لي يسألون، لدي هذه الفكرة، فما الاحتياطيات التي يجب أن اتخذها لأحمي فكرتي وحقوقي، وحين يبحثون في هذا الأمر، ويجدوه مكلفا طويلا غامضا غير مضمون الحماية، أجدهم يركنون إلى حرمان العالم من أفكارهم.
نعم، يجب أن تحمي حقوقك إلى حد ما، لكن ليس عن طريق حرمان العالم من إبداعك.
جمعتني جلسة مع صديق صغير السن، أخبرني أنه كان يفكر في تصميم موقع ما، وحين علم أن هذه الفكرة مطبقة بالفعل عبر انترنت ومنذ زمن، أصابته الحسرة والقنوط. سألته، ولماذا تأخذها على هذا المحمل، لماذا لا تقول لنفسك إن لديك عقل مفكر ومبشر، جاء بفكرة سديدة، ويمكنه حتما أن يجيء بأفكار أخرى أفضل منها، وعليه يجب ألا تتوقف عن التفكير والإبداع.
سألني قارئ لمدونتي هل يؤلف كتابه الأول رغم أن أسلوبه ليس على المستوى العالي الذي يريده، فرددت عليه بسؤال بليغ:
حين جاءت لحظة ميلاد عباس العقاد (مؤلف العبقريات)، هل بكى واءُ واءُ بالضم على أساس أنها مبتدأ مرفوع؟ أم كان يفتحها بالفتحة أم يكسرها / يخفضها بالكسرة؟
سؤالي هذا كان معناه أننا نولد صفحة بيضاء، ثم مع التجربة وإعادة المحاولات نملأ هذه الصفحة، وبدون التجربة والمحاولة وإعادة المحاولة، سنبقى صفحات بيضاء.
ربما كان من الأفضل أن يسرق أحدهم فكرتك ويفيد الناس بها، على أن تحرم الناس منها وتدفنها معك…