قصة بالسامك – ج2
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
شبابيك
| المصدر :
www.shabayek.com
عودة مع قصة بيلدي مؤسس شركة
بالسامك
، إذ تركنا بيلدي في المقالة السابقة وقد استقال من وظيفته النهارية المضمونة لدى الشركة المرموقة (أدوبي – أمريكا)، حيث عاد إلى موطنه إيطاليا وشرع في تصميم موقع لبيع تطبيقه الذي صممه والذي كان بمثابة بيئة عمل تساعد من لديه فكرة ما على وضعها في صورة خطوات وبطاقات. رغم أن وظيفة بيلدي كانت رائعة على حد قوله، لكن فريق المهندسين في أدوبي كان معزولا عن الدنيا وما يحدث فيها، وأما بيلدي فأراد تجربة كيف الحال خارج أسوار الأمان الوظيفي، وأراد تذوق لذة التجربة – تجربة الجديد.
أراد بيلدي معرفة
ما هي حدود إمكانياته، وأن يعرف ما الذي يمكن لفرد واحد تحقيقه من حاسوب نقال متصل بانترنت.
كذلك كان بيلدي يريد تصميم تطبيقات وبرامج تحل مشاكل فعلية من الواقع، وتجعل مستخدميها أكثر إنتاجية، كما أراد أن يقدم مستوى راقيا من خدمة العملاء وخدمة ما بعد البيع، وأراد كذلك أن يبذل جل ما يمكنه وكل ما في استطاعته، وأن يستمتع بالرحلة كذلك: عملية بيع واحدة تلو الأخرى.
يصف بيلدي بالسامك بأنه
كان في البداية حلما، ثم تحول فكرة صغيرة، ثم هواية، ثم عمل ليلي، ثم حقيقة، توجتها الإصدارة الأولى من تطبيقه،
وهو يثني على كتاب
جاي كواساكي
فن البداية
والذي تعلم منه الكثير وينصح به لمن يريد أن يفعل مثله، (يعرض بيلدي في مدونته
صورة لجبل الكتب التي قرأها
وساعدته في مطلع مشروعه)، ولمحبي البرمجة سيهمهم معرفة أن التطبيق الأول – موكــابز – يعمل على تقنية فليكس Flex مع AIR من أدوبي ليعمل التطبيق في وضعية الاتصال بانترنت أو بدونها، وأما وسيلة التسويق الأولى فكانت عبر خدمة
تويتر
(وبقية الشبكات الاجتماعية) في المقام الأول وعبر المدونات، كما أن العديد من أصحاب المواقع اهتموا بعقد لقاءات مع بيلدي والحديث عن منتجه وروعته، ما كان له أطيب الأثر في زيادة مبيعاته. الجدير بالذكر أن
بيلدي لم يستعمل إعلانات جوجل في التسويق لمنتجه
، بل اعتمد على
التسويق بالمديح
وكلمات الثناء.
فاتني في المقال السابق ذكر أن سبب انتقال بيلدي إلى الولايات المتحدة هو
برنامج تبادل الطلاب
الذي كان معمولا به في جامعته، حيث سافر بيلدي ليدرس لمدة عام في
جامعة كاليفورنيا في سان ديجو
، وهناك حيث عمل بعد تخرجه في شركة
ماكروميديا
، والتي استحوذت عليها أدوبي فيما بعد. هذه الوظيفة جعلته يتعرف على أناس كان لهم أفضل الأثر عليه في حياته، فهم ساعدوه وعلموه وجعلوه ينضج فكريا وتجاريا، ما ساعده في بقية مشواره.
على عكس أغلبنا إن لم يكن كلنا، شارك بيلدي قراء مدونته بأراقم مبيعاته بكل صدق وشفافية، الأمر الذي جلب له التفاعل والاهتمام والشهرة والمؤازرة، وفي مطلع شهر أبريل 2009 كان معدل البيع الأسبوعي أكثر من 20 ألف دولار، بحصيلة مبيعات إجمالية فاقت في السنة الأولى فقط 800
ألف دولار
. في البداية كان تطبيق بيلدي مصمما ليعمل عبر انترنت فقط، لكن مع شكوى العملاء من حاجتهم للعمل بدون انترنت، صمم بيلدي النسخة الإضافية من تطبيقه والتي تعمل بدون الاتصال بانترنت، والتي باتت تحقق له
77
% من إجمالي عوائده.
في الشهور الثمانية الأولى، كان فريق العمل مكونا من بيلدي وزوجته فقط، حتى بلغ عدد العملاء 3 آلاف عميل،
ساعتها عين بيلدي أول موظف يعمل معه، ومن بعده فاليريا التي تعمل من بيتها في أمريكا، وحتى الساعة يبقى فريق العمل واقفا عند
4
موظفين فقط. نصف عملاء بيلدي يأتون من
أمريكا
، بينما 30% من
انجلترا
و
كندا
و
أستراليا
، (لاحظ أسماء هذه الدول، ولاحظ تقدمها، ولاحظ مدى سهولة النجاح فيها)، والبقية من 72 دولة.
الطريف جدا في القصة أن بيلدي صمم موقعه بحيث يشغل
صوت رنين الخزينة
إعلانا عن إتمام عملية بيع عبر الموقع، وهو صوت يعمل بمثابة المحفز الرائع لبذل المزيد من الجهد والاجتهاد في العمل، وأنا أراها وسيلة رائعة وجميلة، تبث الحماسة في قلوب العاملين.
في جزء صغير من موقعه، يعلمنا بيلدي درسا جميلا في ضرورة التبرع بما لدينا، وهو يشيد بالشعور الجميل عند العطاء، وكيف أنه يتبرع بتطبيقه بدون مقابل لجميع الأطراف التي لا تهدف للربح والتي تساعد لجعل عالمنا أفضل، حتى قارب ما تبرع به من تطبيقاته
700
ألف دولار… وهو دور على المسلمين أن يقوموا به بشكل أفضل من غيرهم، لكن لا بأس من التذكير والتعلم. الجميل في سياق كلام بيلدي الكم الجميل من رسائل الشكر التي طارت إليه بسبب تبرعاته هذه.
انتهت القصة،
رغم أن فيها تفاصيل أخرى لم آت عليها، لكن ما يهمني هنا هو الخروج بأفكار جديدة (مثل صوت رنين الخزينة) والأهم، أردت بهذه القصة
تسليط الضوء على دور الفريق في مساعدة بيلدي
. بدون أن أكون قاسيا في حكمي، لكن ربما كانت المعالجة العربية لمن فعل مثل بيلدي هي النقد العنيف والهدم والتدمير، ولربما اشترى أحدهم الإصدارة التجريبية الأولى، فانبرى بعدها يكتب ويفضح ضعف مستوى هذه الإصدارة في جميع المنتديات والمواقع، موضحا كيف أنه هو الخبير الذي يكشف زيف الناس، وأن هذا المصمم الناشئ لهو الكذاب الأشر.
ما أريد قوله هو أننا
يجب أن ننظر إلى بعيد
، أن نتخيل لو ساعدت مصمم المواقع العربي الناشئ هذا، وتحملت ضعف مستواه، كيف سيكون حاله بعد عام من الآن؟ لو اشتريت التطبيق العربي، وتحملت غباوته وضعف إمكانياته، كيف سيكون حال مطوره بعد خمس أعوام؟
كذلك، أود دعوة إخواننا من المبرمجين، بأن يسيروا على درب بيلدي، وأن يصمموا تطبيقات تحل مشاكل الناس، وأنصحهم بأن تتحلى تطبيقاتهم بدعم لكلا اللغتين: الانجليزية والعربية، بغرض تحقيق النجاح المالي والذي يضمن استمرار المشروع، ونعم، سيكون العائد من الجزء العربي ضعيفا جدا، لكن
اللغة العربية هي بمثابة الشمعة التي تحارب لتبقى مشتعلة، ولو انطفأت هذه الشمعة ضللنا جميعا وانتهى أمرنا، وما نحن سوى جماعات تقف متكاتفة لتمنع الريح من أن تمر فتطفأ هذه الشمعة، ولو تخلى منا واحد عن سد موقعه لدخلت منه الريح ولضاع مجهود الكل.
وعليه، وللبقاء في صلب الموضوع، ألا وهو ضرورة تكاتف الجميع لمساعدة الجميع، أدعوكم لمتابعة تدوينتي المقبلة، بمشيئة الله.