وتتأخر الأفكار حتى تنجح -ج2
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
شبابيك
| المصدر :
www.shabayek.com
نستكمل من حيث وقفنا في
المقالة السابقة
، فعلى مر
عشر
سنوات تالية (منذ 1833)، لم يتمكن
سايروس
من بيع حاصدة واحدة، ولم يذكر التاريخ أن سايروس وأباه فكرا في عرض آلتهم هذا للإيجار، أو تكوين فرق للإيجار لحصد محصول القمح، ولزيادة الطين بلة، كانت أسعار بيع القمح آخذة في الانخفاض، ورغم أن عام
1836
شهد فيه محصول القمح انخفاضا كبيرا في الإنتاج بسبب عوامل جوية، لكن وجب الانتظار حتى حلول عام
1842
والذي شهد بيع
سبع
حاصدات، ذلك أن سايروس – الذي أخذ يطور آلته الحاصدة ويجعلها حلا متكاملا تقطع وتجمع وتحزم وترمي عيدان القمح – بدأ يحاول بيع حاصداته
خارج نطاق مدينته
وفي أكثر من موقع، عبر تأسيس وكالات له، وعبر بيع حقوق التصنيع والبيع لغيره، وبدأ يقدم ضمانات بأن المُزارع الذي يشتري حاصدته سيستعيد ما دفعه فيها خلال عام واحد من الشراء بسبب الوفر الذي ستدره عليه.
مع بدء تغير طريقة التفكير بشكل عام، وبدء تقبل القاسم الأكبر من الناس لضرورة استعمال الآلات بشكل أو بآخر في حياتهم، وأنهم إن استعملوا الآلات لتمكنوا من زيادة أرباحهم، معها بدأت كذلك المنافسة تدق الباب، وبدأ آخرون يقدمون حاصدات أفضل من سايروس، الذي وجد أن بيع حقوق التصنيع لحاصداته، كاملة وقطع غيار، للغير ساعده على التغلب على القدرة التصنيعية المحدودة للمصنع الذي اشتراه مستعملا.
هذه المنافسة هي التي ساعدت حاصدات سايروس على الازدهار، ففي عام
1845
ألغت بريطانيا قوانين حماية مزارعيها من المنافسة الدولية، ما جعل الطلب العالمي على القمح الأمريكي يزيد بشدة، وبدأ سايروس يبيع
1500
حاصدة سنويا في عام
1849
. مع الزيادة في الطلب على آلاته، بدأ سايروس يلاحظ انخفاضا في جودة منتجات من اشتروا حقوق تصنيع حاصداته، ولذا استغل الحريق الذي أتى على مصنعه القديم بالكامل، وبدأ يرحل نحو أماكن الطلب المرتفع على آلاته، ليكون قريبا من عملائه، في أول خطوة تشهد تطبيق
نظرية موقع المصنع
، أو
التصنيع بالقرب من أسواق الاستهلاك الكبيرة
، كان هذا في وقت يختار رجال الأعمال إنشاء مصانعهم بالقرب من بيوتهم ومن مصادر الطاقة والعمالة الرخيصة.
بعدها بدأ اقتصاد الولايات الأمريكية يتعافى من الكساد الذي ألم بها، وأثبتت خطوة الانتقال شمالا نحو ولايات مزارع القمح جدواها والرؤية السديدة والبعيدة التي توفرت لسايروس، هذا التوجه جعله
قريبا من الأراضي المناسبة
لزراعة القمح،
وقريبا من الولايات التي اتجهت لزارعة القمح على نطاق كبير
. كذلك ساعدت نهضة صناعة القطارات البخارية – وقتها – في تسهيل شحن آلاته عبر الولايات الأمريكية وبسرعة مقبولة في ذاك الوقت.
هذا الارتحال شمالا جعله كذلك قادرا على
شحن آلاته خارج أمريكا
لقربه من الساحل ومن الموانئ، وتحديدا إلى إنجلترا، حيث سافر سايروس بنفسه ليبهر الفلاحين الانجليز بالأداء المتفوق لحاصداته – مقارنة بالآلات التي كان يستعملها المزارعون الانجليز، لكن مرة أخرى، لم يتقبل أولئك المزارعين الانجليز فكرة شراء آلة مثل هذه، حتى أن بعض المؤرخين لهذه الحقبة يرون أن سايروس كان أقدر على فهم المزارعين الأمريكيين من بني جلدته، في حين استعصى عليه فهم نظرائهم الأوربيين.