وتتأخر الأفكار حتى تنجح
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
شبابيك
| المصدر :
www.shabayek.com
لعله من أصعب المواقف التي تمر على الواحد منا هي حين يملك فكرة جديدة، تساعد فعلا على تقليل النفقات والإنتاج الوفير ومن ثم تأتي بالربح الكثير، لكن رغم ذلك يرفض الناس الاقتراب من الفكرة أو شراء المنتج الذي يجعل كل هذا يتحقق. لكن الأصعب منها حين تسيطر هذه الفكرة على عقل الفرد منا، لكنه لا يجد الأدوات والتقنيات التي تساعده على تحويلها من مجرد فكرة إلى منتج فعلي ناجح.
كان هذا حال الأمريكي
روبرت ماكورميك
والمولود في عام
1780
، الذي عمل كمزارع ثم انتقل للعمل في ورشة حدادة يصنع للمزارعين معداتهم ويصلحا لهم، لكنه كان كذلك ذا عقل مخترع، أردا أن يوفر للمزارعين الأمريكيين وقتهم وتعبهم ويزيد إنتاجية حقولهم ومن ثم إنتاجهم من حقول القمح، ففي هذا الوقت من الزمان، كان الوقت المناسب لحصاد وجمع محصول القمح يستمر عدة أيام قليلة، وكانت قدرة الحاصد الواحد من بني البشر
فدانا واحدا من القمح لكل يوم عمل في الحصاد اليدوي
، يليها فترة خمول طويلة يقضيها المزارع في مراقبة محصول القمح التالي وهو يكبر حتى يبلغ وقت الحصاد. (تكلفة الاستعانة بعمالة مؤقتة أو شراء عبيد للحصاد كانت أكبر من منافعها، كما أن هذه العمالة كانت نادرة في هذا الوقت).
وفق هذه المعادلة،
لم يكن من المجدي زيادة المساحة المزروعة بالقمح
، ما لم يكن لدى المزارع الأيدي العاملة القادرة على حصاد كل المحصول قبل أن يفسد ويذبل على أرضه، وشغلت هذه تفكير روبرت، الذي أخذ ينمي مهاراته ويقرأ ما توفر تحت يده من منشورات تحدثت عن عالم الزراعة، وتبادل المعلومات والخبرات مع أقرانه من المزارعين. كان روبرت مخترعا يصنع ما يريده من آلات مستخدما ما توفر تحت يده من موارد، حتى أنه سجل براءات اختراعات لعدة آلات زراعية، ركزت كلها على محاولة تسهيل عملية زراعة القمح.
رزق الله
روبرت
ابنا شاركه حبه للآلات وللاختراعات، اسماه
سايروس
، ورث عنه اهتمامه بالوصول إلى حل آلي يساعد على حصد مساحات أكبر من محصول القمح. تعود محاولات حل هذه المعضلة الزراعية إلى أيام الرومان، ورغم أن أفكارا كثيرة تجسدت في صورة حاصدات شبه آلية خرجت من أذهان مخترعين كثرة في انجلترا وأمريكا، لكن إقناع المزارعين المتشككين كان عملية شديدة الصعوبة، يزيد من وعورتها ارتفاع أثمان هذه الحاصدات بشكل يفوق قدرات المزارعين العاديين، كما أن عددا كبيرا من هذه الآلات الحاصدة كان يعطي نتائج متواضعة في أفضل الظروف.
في صيف
1831
، حين بلغ سايروس الابن عامه الواحد والعشرين، كان يعمل على تحسين اختراع حاصدة آلية معدنية اخترعها أبوه في عام
1816
ثم انصرف عنها إلى أشياء أخرى، على أن روبرت لاحظ أن هذه الأخيرة تحمل مؤشرات إيجابية تفيد على قدرتها على النجاح، رغم ما فيها من عيوب ونواقص. بالتعاون معا، تمكن الأب والابن من صنع حاصدة يجرها الحصان (أو الثور) تمكنت من حصاد
ثمانية
فدادين في يوم واحد. في هذا الوقت، كانت الحاصدة تقتلع سيقان القمح وتجمعها معا ثم تضعها على الأرض.
في سبتمبر
1833
بدأ سايروس في الدعاية لآلته الحاصدة الجديدة بعدما أدخل عليها تعديلات عدة، مقابل
50
دولار، لكن لم يشتريها أحد. كان المزارعون يشاهدون العروض التجريبية لآلة الحصاد، ثم يحجمون عن الشراء، خوفا من تجربة شيء جديد عليهم تماما، لكن خوفهم من ترك عاداتهم القديمة والموروثة كان أشد. كان البعض يشكو من جفول الجياد خوفا من هذه الآلات، والبعض الآخر شكا من تعطل هذه الحاصدات وعدم قدرتهم على إصلاحها بعدها. كان هذا الخوف مبررا، فمن يشتري آلة يخزنها طوال العام ثم يستعملها لمدة أسبوعين استعمالا كثيفا، كان يفكر في إجابة السؤال: ما العمل إذا حدث وتعطلت هذه، من سيصلحها للمزارع بشكل سريع، خاصة وأن المحصول لن ينتظر أحدا.