في نقد كتاب رحلة المسافر
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
شبابيك
| المصدر :
www.shabayek.com
لعلك لاحظت عزيزي القارئ أن الملخص العربي الذي وضعته لكتاب
هدية المسافر
غير متوازن، غابت عنه بعض الأركان الأساسية في أسس توصيل الفكرة للقارئ بشكل مريح – لكن كامل، سلس – لكن منطقي ومقبول. مرد ذلك رغبتي الدائمة في كل ملخص أكتبه
ألا أكشف عن كل درر ومناقب الكتاب
، وأن أترك أشياء مطمورة تنتظر المنقب عن الذهب ليكتشفها بنفسه، فأنا هنا أردت أن أعرض أهم ما وجدته في الكتاب، وأردت به رفع الهمة، وشد العزم، وأن نتعلم جميعا فن المسامحة، مسامحة أنفسنا التي بين جنباتنا أولا، ثم بعدها نسامح من حولنا.
هذه المسامحة ستضع عبئا رهيبا عن كواهلنا، إذ أن معاودة تذكر عثراتنا وأخطائنا وزلاتنا ومعاصينا، كلها تجعلنا نعيد معايشة هذا الحدث مرة أخرى، بكل آلامه وأحزانه ومنغصاته، وعلام سنحصل جراء هذا التعذيب النفسي الذاتي؟ لا شيء. لكن انظر إلى الجهة الأخرى، حين تسامح نفسك، وتترك من حولك بلا رغبة في انتقام بسبب جرم أجرموه، ستجد نفسك وقد انزاح عنك هم ثقيل، وبدأت نفسك من داخلك تفكر في جديد وسعيد، لأنها توقفت عن محاولة سحب حملها الثقيل ورائها، فأصبحت أنفسنا بعدها قادرة على الجري للأمام بقوة كبيرة.
ثم إن توقفنا عن لوم غيرنا ولوم أنفسنا سيجعل هذه النفس حرة طليقة بشكل أكبر، وستجعل البال خال، مما يزيد من انشراح الصدر وتيسير الأمر وانطلاق عنان الأفكار الجديدة المثمرة بمشيئة الله… لو عرضت لك كل وصية ومحاسنها وفوائدها لما وجدت نهاية لكلامي هذا، لكني واثق بأن القارئ الباحث عن الذهب سيجد بغيته في هذه الوصايا، وأدعو الله لأن يعمل بها كل من قرأها، خاصة وأن لله الحمد لا أجد تعارضا بينها وبين تعاليم ديننا الحنيف.
النصوص التي أغفلتها
في قصة الوصية الثانية، ذهب خيال الكاتب إلى وضع بطل قصته في محكمة سيدنا سليمان، حين حكم بين المرأتين اللتين زعمتا أن الطفل طفلهما، فأمر سيدنا سليمان بمنشار يقسم الطفل نصفين، وتذهب كل واحدة منهما بنصف، وحين رأى تشفي غليل واحدة، وحسرة قلب أخرى رفضت هذا الحل، لم يجد سيدنا سليمان صعوبة في معرفة الأم الحقيقية والأم الكاذبة السارقة.
لكن لماذا لم أذكر هذا الأمر؟ لأننا معشر العرب قوم نترك الذهب ونتصارع على الخبث، فلو كنت ذكرت أن سيدنا سليمان – وفق خيال المؤلف – هو من أعطى البطل الوصية الثانية، لدخلنا في اجتهادات ومشادات التنظير الديني لزعم مثل هذا، ولذا أسقطت هذه الجزئية من سياق الكلام، وحاولت ألا يترك هذا الإسقاط ندوبا في مجرى القصة.
بالطبع، سيسأل سائل، وهل توافق على ما قاله المؤلف؟ وأقول، ومن أكون أنا لأوافق أو لا، وما ثقل رأي، إن ما يهمني هنا هو الوصية لأنها ذات معاني عظيمة، لا تتعارض مع ديننا الإسلامي الجميل، ولذا أخذت الطيب وتركت الخبيث، دون تفكير في نظرات مؤامرة أو دس للسم في العسل، فالكاتب حين كتب لا أظنه فكر كثيرا في العرب.
أما الوصية السابعة، فزعم خيال المؤلف أن سيدنا جبريل (الروح الأمين) هو من ألقاها عليه، ووضع المؤلف تخيلا لبيئة عمل سيدنا جبريل، وتخيل حوارا يدور بينه وبين بطل قصته، وهو ما يتعارض مع عقيدة كل مسلم، فسيدنا جبريل هو الروح الأمين، يحمل رسالات الله إلى أنبيائه ورسله ومن شاء الله، ولا يتحدث مع عامة البشر – على حد علمي القاصر القليل – ولذا عرضت الوصية دون ذكر لمن ألقاها.
قبل أن تستل سيفك وتبدأ في كتابة خطبة عصماء، فالكتاب كله قصة خيالية، من وحي خيال المؤلف، الذي كتبها لغير المسلمين، ولا نظرية مؤامرة ولا خطة يهودية نصرانية لتسميم المسلمين، حنانيك فليس كل من دب على الأرض عدوا لنا، ولا هو صديق كذلك، لكن السرائر لا يقدر عليها سوى الله، ونحن ليس لنا سوى الظاهر وتفكيرنا القاصر.
إن ما أتمناه، بعد أن أديت الأمانة العلمية في النقل والشرح، ألا تتغير فكرة قارئ عن هذه الوصايا، فهي تبقى ذات فوائد عظيمة، ومنافع كثيرة، وتترك راحة نفسية شديدة، وتزيد أهميتها مع ارتفاع نسب الانتحار في عالمنا العربي المسلم، وعلى من يختلف مع المؤلف أن يدع كتابه، لكن الحكمة تقتضي أن نأخذ الطيب ونترك الخبيث، مثلما نفعل حين نأكل ثمرة الفاكهة، إذ نرمي القشر والبذر، بدون أن نرفع السيف على الثمرة ونقول إما كلها أو ندعها…
أخيرا،
هذا ملخص الكتاب، وضعته على موقع سكريبد
، (حيث يمكن تنزيله من الرابط)، وأما إذا كان لدى أحدكم فسحة على خادمه، يريد مشاركتها معي، لأضع ملفاتي عنده للتنزيل من شبكة انترنت، مقابل ضغط كبير، فله الشكر إن ترك لي رسالة بذلك.