عندما تـُطرد / تـُصرف من وظيفتك
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
شبابيك
| المصدر :
www.shabayek.com
لا يسلم المستقبل المهني لأي موظف من موقف يجد نفسه مطرودا من وظيفته، وإذا كان محظوظا كان هذا الطرد بسبب مقبول، لكن في بعض الأحيان يكون الموظف ضحية مزاج نفسي سيء من صاحب العمل،
فما العمل في مثل هذه المواقف؟
دعونا نأخذ العظة من أمريكيين، رونالد (رون) و والي.
كان الثنائي
رون ويرز
(
Ronald Weyers
) و
والي هيليارد
(Wally Hilliard) يعملان لدى شركة لينكولن الأهلية للتأمين، حتى طردتهما معا ذات يوم (لم نعرف السبب)، فما كان من الثنائي المطرود إلا وأسسا شركة تأمين صحي للموظفين في قبو منزل رون في عام 1970، وبدأ يجتذبان زملائهما السابقين بسبب ظروف العمل المنافسة وطريقة المعاملة الإنسانية لموظفيهما، حتى نمت الشركة ونجحت بقوة، لدرجة أن الثنائي باعا الشركة في عام 1982 مقابل 10 مليون دولار مع بقائهما في مقاعد الإدارة. كان البيع إلى صندوق استثماري.
نهاية لا بأس بها لشركة بدأت في قبو منزل.
بعد خمس سنوات من بيع شركتهما مقابل
10
مليون دولار، عرض مشتر
215
مليون دولار لشراء ذات الشركة، وهو ما حدث بالفعل، وعزا الثنائي هذا الفارق الرهيب في السعر إلى قلة خبرتهما في بيع الشركات الواعدة.
من كان المشتري؟
جاءت إجابة هذا السؤال سريعة، إذ تلقى الثنائي دعوة للسفر بالطائرة إلى المركز الرئيس للمشتري، وبعد رحلة طويلة، وجد الثنائي أن المشتري هو شركتهما القديمة التي طردتهما من قبل، وأما سبب اللقاء فكان
طردهما
معا، مرة أخرى، وإخبارهما أن عليهما العودة على حسابهما وبمعرفتهما، فتذكرة الطائرة التي جاءا بها كانت ذات اتجاه واحد: ذهاب فقط! فوق ذلك، كان الإعلان الرسمي من الشركة الجديدة أن المدراء القدامى قدما استقالتهما وأن الإدارة قبلتها.
هل توعد الثنائي بالانتقام؟
هل فكرا في حذف جميع الملفات الحساسة قبل رحيلهما؟ هل اتصلا بالعملاء وأخبروهم بأن الشركة محترفة نصب وسرقة؟ هل دمرا مستندات ذات قدر عظيم من الأهمية؟ هل تفوها بفاحش القول وبذيء الكلمات؟ لا، بل وجد الثنائي أن هذا الصرف / الطرد الثاني كان من
أفضل ما حدث لهما
، إذ قررا العودة من جديد لتأسيس شركة جديدة، فهذا أفضل كثيرا من التقاعد. كان سن رون وقتها
48
سنة، وكان رفيقه والي يبلغ
46
سنة.
عاد الثنائي من جديد في عام 1988 وأسسا شركة جديدة مرة ثانية وأسمياها: (
American Medical Security
)، وعرف زملاؤهم القدامى بطريقة طردهم المهينة، فلحق الكثير بهما، وحدث الشيء ذاته مع العملاء الذين فضلوا العمل مع الثنائي في شركتهما الجديدة، حتى أنه خلال شهور من طردهما كان
170
من أصل 200 موظف قد انتقل للعمل من القديمة إلى الشركة الناشئة، لكن هذه المرة،
وقف الثنائي على خط المواجهة
، يستمعان للعملاء وطلباتهم، وينفذونها، ويستمعان لطلبات الموظفين ويعطوهما الصلاحيات الكبيرة والمشاركات الأكبر في الربح.
فتح هذا الطرد أعين الثنائي على حقائق كانت بعيدة عنهما، فالحديث مع مدير شركة كبيرة يختلف عن الحديث مع مدير شركة ناشئة صغيرة، وكذلك سيختلف رد فعل كلا المديرين!! هذا الطرد جعل الثنائي يستمعان بإنصات لما لدى العملاء ليقولوه، ومن ثم عملا على تحقيق رغبات هؤلاء العملاء لإرضائهم، وهو ما لم يكن ليحدث لولا هذه السلسلة من الأحداث،
لقد كان الطرد من الوظيفة نعمة متخفية، ساعدهما على الحصول على معلومات لم يكونا ليحصلا عليها بطريقة أخرى
.
يعترف الثنائي بأفضال كل منهما على الآخر، فأحدهما عمل بمثابة العقل الحالم المفكر، والآخر بمثابة الواقعي المدبر الذي يكبح جماح الآخر، ويعترفا كذلك بأنهما لم يكونا لينجحا لولا فريق عمل متفاني ومتفاهم، ولذا عملا على توفير كل سبل الراحة لهؤلاء الموظفين، من دار حضانة لأبناء العاملين ومنتجع صحي داخل مقر الشركة ومركز تدريب داخلي وعقد دورات في فنون الاستماع إلى العملاء وفنون تنظيم إدارة الوقت، وغير ذلك من المزايا.
في عام 1994 بلغ عدد العاملين 2000 موظف، وحصلت الشركة على المرتبة 21 في ترتيب أسرع شركة أمريكية نموا، في عام 1995 كان العدد 2700 موظف، يحققون عوائد قدرها 990 مليون دولار، لكن هذا التوسع الكبير جاء بمشاكله معه، إذا بدأت مصاريف الشركة تزيد عن العوائد، وبدأت أسعار الرعاية الصحية في أمريكا تتصاعد بسرعة كبيرة، حتى باع الثنائي حصتهما في شركتهما الثانية مقابل
170
مليون دولار في ديسمبر
1995
، والاستمرار في العمل في الشركة على أساس المشاريع وليس بدوام كامل.
في عام 1996 انتقل رون ليصبح نائب رئيس مجلس الإدارة لشركة
Secura
للتأمين حيث لا زال يعمل هناك، وأما والي فأخذ يستثمر في شراء شركات الطيران الخاصة، حتى أنه يشاع أن من قاموا بتفجيرات 11 سبتمبر تلقوا تدريبهم على الطيران في إحدى شركاته.
الشاهد من القصة:
قد تنظر إلى إنهاء خدماتك على أنه نهاية الدنيا، لكن ربما أثبتت الأيام عكس ذلك.
عندما تخسر وظيفة ما، لماذا تبحث عن وظيفة أخرى، لماذا لا تبدأ شركتك أنت؟
عندما تعمل فقط من أجل الراتب، ستمر الساعات بطيئة.
عندما تعمل لتتعلم كل شيء من أجل تأسيس شركتك الخاصة، لن تكفي الأيام.
البدء من الصفر له حسنات ومزايا وإيجابيات أنت غافل عنها تماما.
اقترب من العملاء قدر الإمكان، واستمع إلى كل ما يقولوه.
توفير بيئة عمل مريحة تجلب وتحافظ على المهرة من الموظفين لهي من ضروريات النجاح.