توضيح: المقصود من كلمتي “بدون استحياء” ليس الاستعانة بمن تكشف أضعاف ما تحجب، بل الاستعانة بأفكار تسويقية غير مسبوقة، أفكار سيرفضها التقليديون من الناس ومن المسوقين، أفكار تظنها مجنونة!
أنا الولد موزع جريدة أخبار ديترويت، وحتما شاهدتموني من قبل، اركب دراجتي وأمر أمام منزلكم كل يوم في ذات الوقت، سواء كان الجو صحوا أو غزير المطر. إن بإمكاني تسليم الجريدة لكم مثلما أسلمها لجيرانكم. إن الجريدة مليئة بالمقالات المثيرة للاهتمام، وأنا أعتقد أنكم ستستمعون بقراءتها، فإذا أردتم تجربة الأمر، علقوا البطاقة المرفقة مع رسالتي هذه على مقبض باب منزلكم، وسأقوم بتوصيل جريدة يوميا ولمدة أسبوع على نفقتي الخاصة، وإذا نالت الجريدة إعجابكم، فسأستمر في توصيلها لكم. أنا أقبض الثمن بشكل شهري.
أقف هنا، فارضا نفسي على قرائي، مستعيدا للذاكرة نقاشاتي العقيمة قديما مع زملاء العمل، حين كنت أقترح على بعض رجال المبيعات شراء بعض الأشياء الصغيرة لصالح العمل والعاملين والعملاء، وكنت أفاجئ بردود هادرة: هل تريدني أن أنفق على الشركة؟ هل هي شركتي أو شركة أبي؟ إن الراتب بالكاد يكفيني، إنك يا رءوف صغير السن بدون مسؤوليات أو أولاد، ولذا تستهتر عند إنفاق المال. دائما ما اقترحت شراء بعض الهدايا التذكارية وعمل بعض المفاجآت للعملاء، وحتى حين نجحت في إقناع أهل الحل والربط، كانت الهدايا تأتي رخيصة مبتذلة مستهجنة، وكان بعض العاملين يستولون عليها ويأخذونها لأنفسهم، وينظرون إلى الفكرة على أنها سفيهة مجنونة. إن هؤلاء الحكماء كان يبررون صعوبة الحصول على عملاء جدد للشركة التي يعملون لها بأن السوق حالته سيئة، وتارة أن المنافسة كثيرة جدا، أو أن العملاء السابقين يكرهونهم، وينكرون جميلهم… بالطبع، حال كوني وقتها خريج بدون تقدير، كان يعني أني لا أفهم شيئا، وأن الأفضل لي البقاء صامتا، وأنه حتى ولو صدق شيئا مما قلته، فهي الصدفة لا أكثر… هذا الأمر دفعني أكثر للتعمق في دراسة التسويق بشكل فردي، وأن أغطس في أعماق كتب تتفق مع ما ذهبت إليه من تفكير…