بعيداً عن الجدل حول مصداقية معلومات ويكيبيديا الإلكترونية وما تتعرض له من تعديل يصل إلى حد التضليل، احتفل كتاب ومحبو الموسوعة الأكبر على الإنترنت بوصول عدد المقالات المنشورة من خلال موقعها إلى عشرة ملايين مقالة مكتوبة بجميع اللغات المتاحة من خلالها التي يتجاوز عددها 250 لغة مختلفة. وذكرت مؤسسة ويكيميديا التي تدير موقع "ويكيبيديا" أن المقالة التي حققت الرقم القياسي الجديد بوصول عدد المقالات المنشورة إلى عشرة ملايين موضوع نشرت الساعة 00:07 بتوقيت جرينتش صباح الخميس الماضي.
ويدور هذا المقال حول سيرة ذاتية قصيرة لنيكولاس هيليارد الصائغ والرسام الإنجليزي في القرن السادس عشر، ونشرها مشترك بلغاري يحمل اسم باتاكي مارتا. يأتي ذلك فى الوقت الذي نجحت فيه النسخة العربية فى التفوق على نظيرتها باللغتين الكورية واللومباردية بعد أن وصل عدد مقالاتها إلى رقم 50000، ويطمح كتابها أيضاً أن تتجاوز البلغارية التي وصلت هي الأخرى إلى نفس الرقم الذي وصلت إليه العربية.أما في العشرة الأوائل تأتي الموسوعة الإنجليزية بمليوني مقالة وبعدها الألمانية إلى السويدية في آخر القائمة الـسويدية بــ 266 ألف مقالة.
وبالرغم من اتساع دائرة ويكيبيديا وزيادة عدد مقالاتها إلا أن ما يضعف موقف هذه الموسوعة هو الاتهام الدائم لها بالتحريف والتشويه فى المعلومات التي تتضمنها وهو ما ذكره جهاز مسح للشبكة الدولية حيث أظهر أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA تملك اليد العليا في "تنقيح" وتعديل بعض مواد هذه الموسوعة. وأشار هذا الجهاز الذى يزعم أنه قادر على الكشف عن هوية الجهات التي تشارك في إعداد وتنقيح صفحات موسوعة الإنترنت ويكيبيديا إلى أن موظفين أجروا تعديلات على المادة المتعلقة بالرئيس الإيراني في الموسوعة الإلكترونية، وذلك انطلاقا من حواسيب وكالة المخابرات الأمريكية. ويقوم جهاز التدقيق هذا الذي طوره خبراء أمريكان بمسح حوالي خمسة ملايين وثلاثمائة ألف عملية تنقيح أو إضافة، ويتقصى مصدرها ليصل إلى عنوانها الإلكتروني على شبكة الإنترنت.
وأغلب التنقيحات والتعديلات التي يرصدها الجهاز هي عبارة عن تصحيحات إملائية أو لمعلومات وردت في الموسوعة، لكن بعض الإضافات هدفت إلى إزالة بعض المواد التي اعتبرت مواد مضرة أو تشويه الموقع.وسرد الجهاز بعض المواقف التى تؤيد ما توصل إليه ومنها أن موظفاً "بالسي آي إيه" أضاف تعبيرا للتعجب إلى فقرة تتحدث عن مشاريع الرئيس الإيراني وخطط ولايته في المادة المتعلقة بمحمود أحمدي نجاد. وكشف أيضاً عن إضافات أخرى غير ضارة، تمثلت في سخرية لاذعة من مدير "السي آي إيه" السابق بورتر جوس، أو من معدة برامج المشاهير المعروفة في الولايات المتحدة أوبرا وينفري.
ومن جانبها ، لم تنف ولم تؤكد الـ "سي أى ايه" ما تم ذكره سابقاً حيث رد ناطق باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حول ما إذا كانت حواسيب الوكالة استخدمت فى هذه التعديلات أم لا، فقال فى تصريحات أوردها موقع "بي بي سي" على الإنترنت "لا أستطيع التأكيد...أود أن أذكر فقط بشيء لا ينبغي أن يغيب عن ذهن أحد: مهمة "السي آي إيه" المصيرية هي حماية الولايات المتحدة".يذكر أن شركة مايكروسوفت لجأت إلى صرف منح مالية لعدد من الخبراء ليتصفحوا الموقع، وليدخلوا تعديلات على كل ما يتعلق باسم الشركة، كذلك الإسترالي الذي اتفق مع مايكروسوفت على ان يقوم بتحوير مقالات تخص إحدى تقنياتها، أو كالمحاولات العديدة التي تقوم بها جهات حكومية وأمنية كتلك التي قامت بها وكالة المخابرات الامريكية "سي أي إيه".
ولعل أطرف محاولات التدليس تلك التي قام بها فرنسي أثناء المناظرات التي صاحبت الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة، حيث قام بالدخول لويكيبيديا وأبدل معلومة علمية تتعلق بمفاعلات نووية، لكي تتوافق ما قاله مرشحه المفضل نيكولاي ساركوزي، ولأن الموضوع كان مثار تتبع، فقد تم اكتشاف عملية التزوير ووقع الكشف عن صاحبها وتم إصلاح الخطأ.وبناء على ماسبق اهتز عرش ويكيبيديا حينما أعلنت جوجل عن عزمها إنشاء موسوعة جديدة على الإنترنت باسم "نولز Knols" حيث تقوم الشركة حالياً بتجربة خدمة جديدة تهدف إلى أن تصبح أكبر مستودع للمعارف عن طريق كتاب خبراء في مختلف الموضوعات ويتوقع أن يكون المنافس الأول لويكيبيديا.
والخدمة الجديدة عبارة عن موقع سيكون عبر الصفحات، وسيسمح بإنشاء صفحات لمواضيع في أي مجال، وتختلف الخدمة الجديدة عن ويكيبيديا في أن المقالات لا يمكن إعادة تحريرها إلا من خلال كاتبها الأصلي، وأيضاً ستكون هناك تعليقات وتقييم للصفحات من خلال الزوار. وستنافس نولز، وهي اختصار لكلمة "Knowledge" أو المعرفة، موسوعة ويكيبيديا فى عدة جوانب حيث سيكون لكل مقال كاتب واحد، على عكس ويكيبيديا التي يشترك في تحرير مقالاتها أكثر من كاتب، كما سيكون المقال موقعاً و إن كان بوسع متصفحي الانترنت إضافة تعليقات، أو مراجع أو صور.
من جانبها، ذكرت جوجل أن ما دفعها لذلك هو وجود ملايين الأفراد ممن لديهم معلومات مفيدة ويرغبون في إطلاع الآخرين عليها، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي وراء المشروع هو لفت انتباه الكتاب الذين لديهم خبرة في الكتابة عن مواضيع معينة.وعلى الجانب الآخر، قلل جيمي ويلز مؤسس ويكيبيدبا من محاولة جوجل قائلاً إنها تفعل أشياء رائعة ولكن لا ينجح الكثير منها، كما أن استعداد ويكيبيديا نفسها لإطلاق محرك بحث جديد يزيد من حدة المنافسة بينهما. وتعد ويكيبيديا مشروع متعدد اللغات في أكثر من 250 لغة لإعداد موسوعة دقيقة ومتكاملة ومتنوعة ومفتوحة ومحايدة ومجانية للجميع، يستطيع الجميع المساهمة في تحريرها، وبدأت النسخة العربية منها في ايلول 2001.