الحجاب وحكم تغيطة الوجه والكفين
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
أرجو من فضيلتكم توضيح الأحاديث والآيات التي تنص على تغطية الوجه والكفين مع شرحها وبيـان الأدلـة بالتفصيل، فقد سمعت من علماء كثيرين بأن جمهور العلماء على كشف الوجه والكفين، واستدلوا بحديث أسماء عندما دخلت على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال لها: (يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار إلى الوجه والكفين) ، وثانياً بتفسير ابن عباس-رضي الله عنه-لقول الله-تعالى-: إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:3]، بأنه قال: ما ظهر منها يقصد به الكحل والخاتم، فقالوا: إن هذا دليل على كشف الوجه والكفين؟
هذه المسألة تنازع فيها أهل العلم-رحمة الله عليهم-والصواب أن الوجه والكفين من العورة والوجه أشد؛ لأنه زينة المرأة ومعظم ما يرغب فيها أو ينفر منها, وهو داخل في قوله-تعالى-: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ... الآية ، والأدلة في هذا كثيرة منها قوله-تعالى-: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وهذا عام والله لم يستثني منه شيئاً لا يداً ولا وجهاً ولا غير ذلك فدل على العموم ثم, علله سبحانه بما هو في مصلحة الجميع ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ, فدل على أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع وأبعد عن الفواحش, فالكشف يجر إلى الفاحشة, والحجاب يبعد عنها, ومنها قوله- جل وعلا-: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ... الآية ، والزينة ما يبدوا من المرأة من وجه وشعر وغير ذلك والواجب ستر ذلك, فإنها زينة خلقية يجب سترها حتى لا تفتن غيرها, وأما قوله-سبحانه وتعالى-: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ففسره العلماء بأنه الملابس ما ظهر منها يعني الملابس الظاهرة العادية هذه لا وجه للإلزام بإخفائها وسترها فإنه لا بد من ظهورها, وإنما المقصود بالزينة الوجه وما يرغب في نكاح المرأة من شعر, ويد, وقدم ونحو ذلك, وفي الباب أيضاً حديث عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين قالت: (لما سمعت صوت صفوان المعطل وذلك في عزوة الإفك لما سمعت صوته خمرت وجهي قالت: وكان قد رآني قبل الحجاب فعرفني فلما سمعت صوته خمرت وجهي) فدل ذلك على أنه بعد الحجاب أمروا بتغطية الوجوه وسترها, وأما أثر أسماء بنت أبي بكر فهو حديث ضعيف رواه أبو داود بإسناد ضعيف؛ لأنه من طريق سعيد بن بشير عن قتادة, عن خالد بن دريك, عن عائشة, وسعيد بن بشير هذا ضعيف عند أهل العلم لا يحتج به, وقتادة بن دعامة مدلس وقد عنعن عن خالد والمدلس لا تقبل روايته إذا لم يصرح بالسماع, وخالد بن دريك لم يسمع من عائشة فصار هذا الحديث فيه ثلاث علل كلها توجب ضعفه كل واحدة توجب ضعفه فكيف باجتماع بالثلاث, ولفظه أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها-عليه الصلاة والسلام-وقال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه) هذا الحديث صريح لكنه غير صحيح, ولو صح لكان محمولاً على ما كان قبل الحجاب؛ لأن المرأة قبل الحجاب كانت تبرز يديها ووجهها فلما شرع الله الحجاب أمرت بالستر, فلو صح هذا الخبر لكان محمولاً على حال المرأة قبل الحجاب ثم أمر الله بالحجاب لحفظهن وحميتهن من أسباب الفتن والله المستعان. بارك الله فيكم