في طريق الحزن.. واجهتُ فتاةً مسلمة تحمل الطفل الذي يحمل أعلى الأوسمة لم يكن يبكي.. ولا لامست الشكوى فمه غير أني - وأنا أنظر- أبصرت على الثوب دمه حينما سلمتُ ردت.. وهي عني محجمه واستدارت وأنا أسمع بعض الغمغمة وسؤالاً كاد يجتاح مدى سمعي.. ِلمه؟؟.. والصدى يرتد من كل الزوايا المظلمة صارخاً في وجه إحساسي.. ِلمه؟؟ عجباً من أنت يا هذي وماذا تقصدين ولماذا تحجمين؟! ولماذا هذه العقدة تبدو في الجبين؟ حينها أبصرت برقاً وغزا سمعي رنين.. وكأني بنداء جاء ممزوجاً بأصوات الأنين.. هذه القدس.. أما تبصر آثار السنين.. أو ما تبصر في مقلتها خارطة الحزن الدفين؟ أو ما تبصر جور الغاصبين؟ هذه القدس التي يطفح من أهداب عينيها الضجر.. لم تزل تسأل عن مليار مسلم أو ما يمكن أن تبصر فيهم وجه مقدم؟! هذه القدس التي أسعدها الطفل الأغر.. حينما واجه رشاش الأعادي بالحجر.. حينما أقسم أن يقتحم اليوم الخطر.. يا جراح الطفل أشعلتِ جراحي.. وقتلت البسمة الخضراء في ثغري.. وأحييت نواحي يا جراح الطفل هيضت جناحي أنت حركت على قارعة الحزن.. رياحي يا جراح الطفل عذراً.. حين أجلتُ كفاحي وتغافلتُ عن الليل.. فلم أنثر له نور صباحي.. يا جراح الطفل يا وصمة عار في جبيني يا بياناً صارخاً يعلنه دمعُ حزينِ يا جنون الألم القاسي الذي أذكى جنوني يا يد الأم التي تلتف حول الطفل مقتولاً وتبكي ألجمتها شدة الهول فما تستطيع تحكي.. وجهها لوحة آلام وتعبيرات ضنك.. أنت يا أم البطل لملمي حزنك هذا وافتحي باب الأمل نحن لا نملك تأخير الأجل ليت لي طَولاً لكي أمسح هذا الحزن عنك.. يا صغيراً مات في عمر الزهور يا صغيراً ضم في جنبيه.. وجدانَ كبيرِ.. يا صغيراً واجه الرشاش.. مرتاح الضميرِ.. يا صغيراً مد عينيه لجنات وحورِ يا صغيراً سجلت أشلاؤه أسمى حضورِ أنت رمز للمعالي يا صغيري.. ما الذي أكتب.. قد جف مدادي ؟ لا ترى عيني سوى نار وأكوام رمادِ وبقايا من شظايا ورؤوس وأيادي.. وبقايا لعبة الطفل الذي مات.. بلا ماء وزادِ.. صورة تنبئ عن حقد الأعادي هذه الأشلاء في الأقصى تنادي من تنادي؟ ليت شعري من تنادي.. هذه الصخرة روح تتألم قلبها من شدة الهول تحطم لم تزل تلمح ما يجري.. من البغي المنظم ثغرها ما زال مقتول السؤال أين أنتم يا أباة الضيم.. يا أهل النضال أين أنتم يا رجال أنسيتم أن باب المجد مفتوح.. لمن شدّوا إلى الأقصى الرحال يا أخا الكعبة والبيت المطهر يا حبيباً حبه في خافق الأمة أزهر حبه أوضح من ناصية الشمس.. وأظهر يا مدى ذاكرة التاريخ والماضي المعطر أيها الأقصى الذي تنعشه "الله أكبر".. مقلة الإسراء ترنو ويد المعراج تمتد وتدنو وفم الأمجاد يدعوكم بأصوات الأوائل: اكسروا هذي السلاسل اكسروها أيها الأبطال عن يد تناضل اكسروها.. قيدوا الأيدي التي ترمي.. على القدس القنابل اكسروها.. واجعلوها في أيادي.. من يهزون المعاول يعلنون الحرب في وجه اليتامى والأرامل ويهدون على الأطفال جدران المنازل قيدوا فيها يهودياً.. بلا وعي يقاتل اكسروها وأعيدوا ذكريات المجد في "ذات السلاسل" حطموا تمثال وهم.. ظل يبنيه اليهود واعلموا أن سلام القوم وهم.. ماله في هذه الدنيا وجود أيهود وسلام؟ وسلام ويهود؟ هذه الأكذوبة الكبرى وفي التاريخ آلاف الشهود اكسروا هذي السلاسل لا تقولوا: مات رامي.. وأخو رامي زياد وبكت من قسوة الأحداث.. لبنى وسعاد.. وتداعت أمم الكفر.. على أهل الرشاد لا تقولوا: إن قوات اليهود استوطنتْ ومن الأقصى دنتْ لا تقولوا: إن باراك إلى شارون عاد.. كل هذا أيها الأبطال.. عنوان الكساد.. عندكم أنتم من الإيمان.. ما تحتاجه كل البلاد فافتحوا بوابة النصر وقولوا: إن باب النصر لا يفتح إلا بالجهاد