[ في الأصل بحث مقدم إلى "منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول"
الكويت 11-13 أكتوبر 2003 ]
تركز هذه الدراسة على الضوابط الشرعية والمعايير الاستثمارية والأسس المحاسبية لقضايا الوقف المعاصرة التي تتعلق باستثمار أموال الوقف ومجالاته وصيغه ونماذجه التطبيقية.
مقدمة:
يعتبر الوقف من سمات المجتمع الإسلامي ومن أبرز نظمه في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولقد اهتم به الفقهاء ووضعوا له الأحكام التي تضبط معاملاته بهدف المحافظة على أمواله وتنميتها واستمرارية تقديم منافعها إلى المستفيدين وفقاً لمقاصد الواقف الواردة في حجة الوقف.
ولقد استحدثت صيغ جديدة لاستثمار أموال الوقف لم تكن موجودة في صدر الدولة الإسلامية من: المشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، والاستصناع الموازي، والمساهمات في رؤوس أموال الشركات كالأسهم والصكوك وسندات المقارضة، وكذلك الاستثمار لدى المؤسسة المالية الإسلامية مثل: المصارف الإسلامية ومؤسسات الاستثمار الإسلامي، وصناديق الاستثمار الإسلامي وما في حكم ذلك، ولقد عرضت هذه الصيغ على مجامع الفقه الإسلامي فأجازتها ووضعت لها الضوابط الشرعية التي تحكم التعامل معها والتي تحتاج إلى صياغتها في شكل دليل شرعي لتكون مرشداً في التطبيق العملي.
كما أثيرت بعض المسائل والمشكلات الفقهية والاستثمارية والمحاسبية المتعلقة بالمحافظة على أموال الوقف وتنمية عوائدها مثل: الصيانة والتعمير والاستبدال والإبدال، وتكون المخصصات والاحتياطيات لمواجهة التغيرات المستقبلية، وتحتاج مثل هذه المسائل وغيرها إلى بيان الضوابط الشرعية والمعايير الاستثمارية والأسس المحاسبية لمعالجتها.
ولقد تناول المسائل والمشكلات السابقة فريق من فقهاء وعلماء الاقتصاد الإسلامي [ـ د. عبد الستار أبو غدة و د. حسين حسين شحاتة: "الأحكام الفقهية والأسس المحاسبية للوقف"، إصدار الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت، الطبعة الأولى، 1998م. ـ د. أحمد محمد السعد ومحمد علي العمري: "الاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي"، الأمانة العامة للأوقاف، سلسلة الدراسات الفائزة في مسابقة الكويت الدولية لأبحاث الوقف (1999م)، 1421هـ/2000م. ـ د. العياشي الصادق فداد و د. محمود أحمد مهدي: "الاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي"، من مطبوعات المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب البنك الإسلامي للتنمية]، بالدراسة والتحليل والتأصيل من المنظور الشرعي، ولكن لم تنل حقها الواجب من المنظور الاستثماري والمحاسبي وذلك في صورة نماذج تطبيقية معاصرة تساعد في المجال العلمي، وهذا ما سوف تركز عليه هذه الدراسة التي خططت بحيث تقع في ثلاثة مباحث نظمت على النحو التالي:
المبحث الأول: ويتعلق بعرض الإطار العام للضوابط الشرعية لاستثمار أموال الوقف في ضوء الأحكام والفتاوى والقرارات والتوصيات الصادرة عن المجامع الفقهية؛ لتكون بمثابة الدليل الشرعي أمام متخذي القرارات الاستثمارية والمحاسبين والمدققين.
المبحث الثاني: ويختص ببيان أسس ومعايير استثمار أموال الوقف ومجالاته المناسبة وكذلك صيغه الملائمة مع اقتراح نماذج لخطة تشكيله استثمارات أموال الوقف وسبل الرقابة عليها، ومعايير تقويم الأداء الاستثماري.
المبحث الثالث: ويختص ببيان الأسس والمعالجات المحاسبية لعمليات استثمار أموال الوقف مع التركيز على عمليات الاستبدال والصيانة والترميم، والريع، وتكوين المخصصات والاحتياطيات اللازمة للمحافظة على أموال الوقف وتنمية كفاءتها الاقتصادية.
ولقد أوردنا في نهاية الدراسة أهم النتائج والتوصيات.
1 – 1 - تمهيد:
تعتبر المحافظة على أموال الوقف وتنميته ضرورة شرعية وذلك بهدف استمرارية تقديم المنافع للمستفيدين منه، ويعتبر القائمون على أمر إدارة هذه الأموال (سواء أكانوا نظاراً أو هيئة أو مركزاً أو نحو ذلك) مسئولين أمام الواقف وأمام المستفيدين وأمام المجتمع بصفة عامة عن أي تقصير أو إهمال أو تعدي في استثمارها، بالإضافة إلى المساءلة أمام الله عزَّ وجلَّ في الآخرة وذلك باعتبار تلك الأموال من ذات المنافع العامة التي حرمت الشريعة الإسلامية الاعتداء عليها.
ويحكم استثمار أموال الوقف في الإسلام مجموعة من الضوابط الشرعية المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية والتي تعتبر المرجعية الشرعية للقرارات الاستثمارية. كما تعتبر من المعايير (المقاييس) التي في ضوئها يتم تقويم الأداء الاستثماري من الناحية الشرعية، ومن بين هذه القرارات ما يلي:
· قرارات اختيار مجال وصيغ الاستثمار بصفة عامة.
· قرارات استبدال أموال الوقف.
· قرار استثمار عوائد (غلة/إيراد) أموال الوقف.
· قرار المفاضلة بين الصيانة أو الاستبدال.
ونحو ذلك من القرارات ذات الطبيعة الاستثمارية.
ويختص هذا المبحث من هذه الدراسة باستنباط الضوابط الشرعية التي تحكم هذه القرارات ووضعها في شكل إطار متكامل تكون دليلاً في التطبيق العملي يمكن أن يطلق عليه اسم: "الدليل الشرعي لاستثمار أموال الوقف" ولقد اعتمدنا على الدراسات الصادرة عن مجامع الفقه المعنية [ملاحق الدراسة المقدمة من د. أحمد محمد السعد ومحمد علي العمري، مرجع سابق، صفحة 155 وما بعدها، وأيضاً القسم الأول من كتاب: "الأحكام الفقهية والأسس المحاسبية للوقف"، د. عبد الستار أبو غدة و د. حسين حسين شحاتة، مرجع سباق، صفحة 40 وما بعدها].
1 – 2 - الطبيعة المميزة لأموال الوقف:
للوقف طبيعة خاصة تختلف عن طبيعة الوحدات الاقتصادية الهادفة للربح، ومن ثم فإن لاقتناء أمواله واستثمارها أو استبدالها أو تصفية مشروعاتها سمات خاصة تتطلب أسساً ونظماً ووسائل معينة للتخطيط والرقابة وتقويم الأداء واتخاذ القرارات الاستثمارية. ومن أهم هذه السمات ما يلي:
1 - تنوع أموال الوقف:
ولقد قسمها الفقهاء إلى ثلاث مجموعات هي [د. عبد الستار أبو غدة و د. حسين حسين شحاتة، مرجع سابق، صفحة 27]:
الأموال الثابتة: مثل: الأراضي والمباني والحدائق والبساتين والعيون والمصانع والمدارس والمستشفيات والقبور وما في حكم ذلك، وهي التي تحبس عينها وتوجه غلتها أو ثمرتها أو إيراداتها أو منفعتها إلى وجوه الخير أو إلى المستحقين، وتحتاج هذه الأموال بصفة دائمة إلى صيانة وتعمير واستبدال في بعض الأحيان حتى تستمر في تقديم المنافع والخدمات والعوائد بكفاءة.
الأموال المنقولة: مثل السيارات والحيوانات والأثاث والثياب وما في حكم ذلك، وهي التي يُحبس عينها وتوجه غلتها أو إيراداتها أو منفعتها إلى وجوه الخير أو إلى المستحقين، وتحتاج بعض هذه الأموال أيضاً إلى صيانة وتعمير وتطوير واستبدال للمحافظة عليها وزيادة عوائدها.
الأموال النقدية وما في حكمها: مثل النقدية لدى المؤسسات المالية الإسلامية وغيرها والتي تستثمر للانتفاع من عوائدها في وجوه الخير، ولقد أثير تساؤل معاصر: هل وقف الأموال النقدية وما في حكمها؟ والتي تستثمر مثل: فتح وديعة استثمارية في أحد البنوك أو المصارف الإسلامية وتوجيه غلتها إلى وجوه الخير، أو وقف مجموعة من أسهم الشركات التي تعمل في مجال الحلال الطيب وتوجيه أرباحها إلى وجوه الخير أو للإنفاق على عمل خير.
لقد ناقش الفقهاء المعاصرون هذه المسألة [د. شوقي أحمد دنيا: "الوقف النقدي: مدخل لتفعيل دور الوقف في حياتنا المعاصرة"، بحث منشور في مجلة: أوقاف الأمانة العامة للوقف بدولة الكويت، العدد الثالث، السنة الثانية، رمضان 1423هـ/ نوفمبر 2002م، صفحة 57 وما بعدها]، وخلصوا إلى أن المالكية أجازوا ذلك، وصدرت فتوى بجواز وقف النقود والأسهم والصكوك.
2 - وقف أصل المال وتسييل العائد أو الغلة:
تتمثل الغاية من الأموال الوقفية في تقديم مجموعة من المنافع والخدمات للجهات الموقوف عليها (المستفيدين)، وهذا يوجب المحافظة على الأصول المغلة (الدارّة) للمنافع والعوائد بطريقة رشيدة، أي اتخاذ القرارات اللازمة للمحافظة على جعل الأصل في حالة صالحة على در الغلة وتقديم المنافع وما في حكم ذلك، وهذا يوجب استمرارية الصيانة والإحلال والاستبدال في ضوء المتغيرات المختلفة المحيطة بتلك الأصول.
3 - عدم جواز نقل الملكية إلا في حالات الاستبدال إذا اقتضت الضرورة الشرعية ذلك:
فالقاعدة الأساسية أن يظل المال الموقوف مملوكاً للجهة الموقوف لها، وله شخصية اعتبارية ولا يجوز لناظر أو إدارة الوقف نقل الملكية إلى الغير إلا في حالة استبداله وذلك بهدف تطوير وتنمية المنافع والعوائد، وهذا يوجب دراسة البدائل المختلف وحساب العائد لكل بديل واختيار الأفضل.
4 - تقليل المخاطر الاستثمارية:
لا يجب تعريض أموال الوقف لدرجة عالية من المخاطر حتى لا تضيع تلك الأموال وبذلك يفقد المستفيدون من الوقف منافعها أو عوائدها، فعلى سبيل المثال لا تجوز المضاربة بها في سوق الأوراق المالية، أو استثمارها في مشروعات صناعية عالية المخاطر، أو إعطاؤها لمن لا خبرة ولا حنكة له لاستثمارها، وتأسيساً على ذلك يفضل اختيار المجالات الاستثمارية التي تغل عائداً مستقراً نسبياً وليس متذبذباً، حيث من بين المستفيدين من يرتب حالته المعيشية على العائد الثابت الذي يرد له من غلة الأموال الموقوفة.
5 - تعرض بعض هذه الأموال للهلاك ونقصان القوة الاقتصادية لها إما بسبب الاستخدام أو التشغيل أو التقادم
وهذا يتطلب صيانته وتطوير كفاءتها الإنتاجية وكذلك استبدال بعض أجزائها أو كلها حسب دراسات الجدوى كما سبقت الإشارة إليه من قبل ويطبق على الثابت منها مبدأ الإهلاك.
6 - إعفاء عوائد استثمارات الوقف من الضرائب:
وهذا يعطي لها ميزة استثمارية بالمقارنة باستثمارات الشركات والأفراد.
وهذه الخصائص وغيرها يجب أن يؤخذ في الحسبان عند اختيار مجالات وصيغ الاستثمار على النحو الذي سوف نوضحه تفصيلاً في المبحث التالي.
1 – 3 - الضوابط الشرعية العامة لاستثمار أموال الوقف:
يحكم استثمار الأموال الوقفية مجموعة من الضوابط العامة المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية، والتي تتلخص في الآتي [د. حسين حسين شحاتة: "المنهج الإسلامي لدراسة جدوى المشروعات الاستثمارية"، دراسة مقدمة إلى بنك فيصل الإسلامي المصري، إدارة البحوث والتدريب، 1992م، مع التصرف بما يناسب طبيعة أموال الوقف]:
1 – أساس المشروعية: ويقصد أن تكون عمليات استثمار أموال الوقف مطابقة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية والتي تعتبر المرجعية الأولى في هذا النشاط، حيث يتم تجنب استثمار الأموال الوقفية في المجالات المحرمة شرعاً ومنها: الإيداع في البنوك بفوائد، أو شراء أسهم شركات تعمل في مجال الحرام، أو الاستثمار في بلاد تحارب الإسلام والمسلمين أو تتعاون مع من يحاربهم.
2 – أساس الطيبات: ويقصد به أن توجه أموال الوقف نحو المشروعات الاستثمارية التي تعمل في مجال الطيبات وتجنب مجالات الاستثمار في الخبائث لأن الوقف عبادة ويجب أن تكون طيبة لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ولا تقبل صدقة من غلول.
3 – أساس الأولويات الإسلامية: ويقصد به ترتيب المشروعات الاستثمارية المراد تمويلها من أموال الوقف وفقاً لسلم الأولويات الإسلامية الضروريات فالحاجيات فالتحسينات وذلك حسب احتياجات المجتمع الإسلامي والمنافع التي سوف تعود على الموقوف عليهم. وفي كل الأحوال يجب توظيف الأموال الوقفية في مجال الترقيات.
4 – أساس التنمية الإقليمية: ويقصد به أن توجه الأموال للمشروعات الإقليمية البيئية المحيطة بالمؤسسة الوقفية ثم الأقرب فالأقرب ولا يجوز توجيهها إلى الدول الأجنبية والوطن الإسلامي في حاجة إليها.
5 – أساس تحقيق النفع الأكبر للجهات الموقوف عليهم ولا سيما الطبقات الفقيرة منهم: ويقصد به أن يوجه جزء من الاستثمارات نحو المشروعات التي تحقق نفعاً للطبقة الفقيرة، وإيجاد فرص عمل لأبنائها بما يحقق التنمية الاجتماعية، لأن ذلك من مقاصد الوقف الخيرية والاجتماعية.
6 – أساس تحقيق العائد الاقتصادي المرضي لينفق منه على الجهات الموقوف عليها: ويقصد بذلك اتخاذ الوسائل الممكنة لتحقيق عائد مجز مناسب يمكن الإنفاق منه على الجهات الموقوف عليها أو تعمير وصيانة الأصول الوقفية، فالتوازن بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ضرورة شرعية في المؤسسات الوقفية.
7 – أساس المحافظة على الأموال وتنميتها: يقصد به عدم تعريض الأموال الوقفية لدرجة عالية من المخاطر والحصول على الضمانات اللازمة المشروعة للتقليل من تلك المخاطر، وإجراء التوازن بين العوائد والأماكن، كما يجب تجنب اكتناز الأموال لأن ذلك مخالف لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
8 – أساس التوازن: ويقصد بذلك تحقيق التوازن من حيث الآجال والصيغ والأنشطة والمجالات لتقليل المخاطر وزيادة العوائد، فلا يجوز التركيز على منطقة أو مدينة وحرمان أخرى، أو التركيز على الاستثمارات القصيرة الأجل وإهمال المتوسطة والطويلة، أو التركيز على صيغة تمويلية دون الصيغ الأخرى، ويحقق التوازن والتنوع للمؤسسات الوقفية تقليل المخاطر وهو أمر مطلوب في هذا المجال.
9 – تجنب الاستثمار في دول معادية ومحاربة للإسلام والمسلمين: ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:9] وهذا الحكم ينطبق على الصهاينة وأمريكا..، ولقد حض الرسول المؤمنين بالتعامل مع بعضهم البعض، فقد قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" (رواه البخاري ومسلم)، وقوله: "لا تصاحب إلا مسلماً ولا يأكل طعامك إلا تقي" (رواه أبو داود والترمذي).
وتأسيساً على ذلك يجب على القائمين على استثمار أموال الوقف عدم استثمارها في الدول المعادية وأن تكون أولوية الاستثمار في الدول الإسلامية.
10 – توثيق العقود: ويقصد بذلك أن يعلم كل طرف من أطراف العملية الاستثمارية مقدار ما سوف يحصل عليه من عائد أو كسب، ومقدار ما سوف يتحمل من خسارة إذا حدثت، وأن يكتب ذلك في عقود موثقة حتى لا يحدث جهالة أو غرراً أو يؤدي إلى شك وريبة ونزاع... ولقد تناول القرآن الكريم هذه المسألة في آية الكتابة، فيقول عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282].
وتأسيساً على ذلك يجب على إدارة استثمار أموال الوقف إبرام عقود الاستثمار ومراجعتها من الناحية الشرعية والقانونية والاستثمارية بمعاونة أهل الاختصاص وفي ذلك محافظة على المال من الاعتداء عليه.
11 – المتابعة والمراقبة وتقويم الأداء: ويقصد بذلك أن يقوم المسؤول عن استثمار المال سواء كان ناظراً أو مديراً أو مؤسسة أو هيئة أو أي صفة أخرى بمتابعة عمليات الاستثمار للاطمئنان من أنها تسير وفقاً للخطط والسياسات والبرامج المحددة مسبقاً، وبيان أهم الانحرافات، وبيان أسبابها وعلاجها أولاً بأول، وهذا يدخل في نطاق المحافظة على الاستثمارات وتنميتها بالحق.
وتمثل البنود السابقة الإطار العام الشرعي لاتخاذ القرارات الاستثمارية العامة، ولكن هناك بعض القرارات الاستثمارية الخاصة لها ضوابطها الخاصة بها وهذا ما سوف نتناوله في الصفحات التالية.
1 – 4 - الضوابط الشرعية لصيانة أموال الوقف وترميمها:
قد يكون من بين أموال الوقف المستثمرة أعياناً ثابتة مثل العقارات والآلات والمعدات ونحو ذلك، وهذا يتطلب الصيانة الدورية وكذلك الترميم والإصلاح واستبدال بعض الأجزاء أو ما في حكم ذلك، بهدف استمرارية المنافع والحصول على العوائد المختلفة.
ومن أهم الضوابط الشرعية لصيانة أموال الوقف المستثمرة ما يلي:
[د. عبد الستار أبو غدة، ود. حسين حسين شحاتة، مرجع سابق، صفحة 99 وما بعدها]
1 - أن تكون الصيانة ضرورية والتي بدونها يكون الخراب أو التلف أو الهلاك للشيء المستثمر ويعطل من در الغلة أو توليد العوائد المرجى الحصول عليها لتقديم المنافع والخدمات للمستفيدين.
2 – أن لا تكون نفقة الصيانة أو الترميم مشروطة على المنتفع بالأعيان حسب الوارد في حجة الواقف أو في العقود كما هو الحال في العقارات المؤجرة للغير، وإن لم تكن مشروطة فتكون نفقة العائد من عوائد الشيء المؤجر.
3 – أن يكون هناك جدوى من عملية الصيانة والترميم، بمعنى أن تعد الدراسات الفنية والاقتصادية والمالية لبيان أيهما أفضل: القيام بالصيانة والترميم أم الاستبدال بشيء جديد، ويدخل في هذا اختصاص أهل الرأي من المختصين.
4 – أولوية الإنفاق على الصيانة لاستمرارية الغلة والمنفعة وفقاً لفقه الأولويات الإسلامية وذلك من العوائد، ويعتبر استمرارية المحافظة على وجود الأصل المستثمر الموقوف وتنمية عوائده مقدم على توزيع العوائد على المستحقين، وفي هذا الخصوص يقول أحد الفقهاء: "وغلة الوقف أقرب أمواله فتجب فيها الصيانة والعمارة... ولا حق لمستحق فيما تحتاج من العمارة من الغلة ولا حق إلا فيما يفضل عنه" [الشيخ فرج محمد السنهوري: "قانون الوقف"، الجزء الثالث، القاهرة، مطبعة مصر 1949م، صفحة 924].
5 – جواز حجز مبلغ من الغلة أو العوائد كاحتياطي لمقابلة نفقات الصيانة والعمارة الضرورية المتوقعة في المستقبل، وفي هذا المعنى يقول السرخسي في المبسوط فيما يتصل بالوقف من رسوم الصكوك، ومن ذلك أنه يشترط فيه أن يقوم الوالي برفع من غلته كل عام ما يحتاج إليه لأداء العشر والخراج، وما يحتاج إليه لبذر الأرض ومئونتها وأرزاق الولاة لها وكلائها ممن يحصدها ويدرسها، وغير ذلك من نوائبها، لأن مقصود الوقف استدامة الوقف وأن تكون المنفعة واصلة إلى الجهات المذكورة في كل وقت، ولا يحصل ذلك إلا برفع هذه المؤن من رأس الغلة [السرخسي: "المبوسط" الجزء الثاني عشر، صفحة 33].
6 - استكمالاً للضابط السابق، يجب استثمار المخصصات والاحتياطيات المجنبة من العوائد أو الغلة لأعمال الصيانة والترميم في المستقبل، وتضاف عوائدها إليها لحين الحاجة، وفي هذا الصدد يقول الدكتور عبد الستار أبو غدة: "ولا ينبغي أن يبقى المال المودع معطلاً، فيجوز استغلاله إلى أن يحين وقت الحاجة إليه وصرفه فيما خصص له، وقد أطلق على الاستغلال فشمل كل أنواعه ما عدا أوجه الاستغلال التي لا تجوز شرعاً وهذا القيد بديهي، على كل حال فمن المقرر أن الثمرة تتبع أصلها، والقدر المحتجز من الريع لما خصص للعمارة لم يبق للمستحقين فيه حق، وليس مالاً لهم مادام محتجزاً، فلا يكون لهم أي حق في ثمره وتضم إليه ويكون الكل مخصصاً للعمارة، كما أن من الواجب البحث عن أفضل طرق الاستغلال وبخاصة الطرق التي لا يكون من شأنها تفويت استعماله فيما خصص له أو تأخيره [د. عبد الستار أبو غدة، و د. حسين حسين شحاتة، مرجع سابق، صفحة 102].
1 – 5 - الضوابط الشرعية لاستثمار ريع أموال الوقف:
من المقاصد الأساسية للوقف هو تقديم المنافع للمستفيدين منه الناجمة من غلة الأعيان أو من عوائد الأموال المستثمرة، وتطبيقاً لأساس التأبيد واستمرارية المنافع، قد ترى إدارة أموال الوقف إعادة استثمار جزء من العوائد النقدية بدلاً من توزيعها بهدف تنمية الأموال بضوابط معينة من أهمها ما يلي:
1 - الالتزام بحجة الواقف ما لم يحدث تغييراً يخرجها عن جدواها، فعلى سبيل المثال إذا اشترط الواقف أن ينفق عائد الوديعة الاستثمارية على طلاب علم معينين، فيجب توجيه العائد إليهم، أما إذا تبين أنهم ليسوا في حاجة إلى هذا العائد حيث أتموا التعلم، ففي هذه الحالة يجوز إعادة استثمار العوائد أو إنفاقها على طلاب علم آخرين.
2 - تحقيق التوازن بين مصالح الأجيال الحاضرة والأجيال المقبلة من المستفيدين، ولا سيما في ظل التضخم وانخفاض القيمة الاقتصادية لأموال الوقف، ففي مثل هذه الحالة يتم توزيع جزء من العوائد وإعادة استثمار الجزء الآخر.
3 - الاحتياط لاستبدال الأصول المستثمرة بغيرها في ظل ارتفاع الأسعار، ففي مثل هذه الحالة يجوز تجنب جزء من العوائد في صورة احتياطيات لاستبدال الأصول وذلك قياساً على ما ورد بشأن مخصص الصيانة والترميم.
4 - سهولة تسييل الاستثمار عند الحاجة إليها لتوجه إلى المستحقين إليها أو عند الحاجة إليها في استخدامات ضرورية أخرى.
1 – 6 - الضوابط الشرعية لاستبدال وإبدال أموال الوقف:
يقصد بالاستبدال: بيع عين من أعيان الوقف وشراء عين أخرى لتحل محلها، ويعني هذا استبدال عين بعين عن طريق عمليات البيع والشراء، ولقد اختلف الفقهاء بشأن الاستبدال بين مضيق وموسع على النحو التالي:
بالنسبة لأموال الوقف المنقولة: فيرى جمهور الفقهاء جواز ذلك ما دامت فيه مصلحة للمستفيدين من حيث المحافظة على المال وتنمية عوائده [د. العياشي الصادق فداد و د. محمود أحمد مهدي، مرجع سابق، صفحة 27].
أما بالنسبة لأموال الوقف الثابتة مثل الأراضي والمباني وما في حكمها، فقد منعه بعض الفقهاء مثل المالكية وبعض الشافعية، والرأي الأرجح في ذلك هو جواز استبداله أو إبداله إذا تعطلت منافعه أو أصبحت بدون جدوى اقتصادية، وفي هذه المسألة تفاصيل كثيرة يرجع فيها إلى كتب الفقه [- من الكتب المتخصصة في فقه الوقف على سبيل المثال: - الخصاف: "كتاب أحكام الأوقاف"، 261هـ/875م. – الطرابلسي: "الإسعاف في أحكام الأوقاف"، بدون ناشر... – الشيخ محمد فرج السنهوري: "قانون الوقف. – الإمام محمد أبو زهرة: "محاضرات في الوقف"، القاهرة، دار الفكر العربي، 1971م. – الشيخ مصطفى الزرقا: "أحكام الوقف"، الجامعة السورية، 1366هـ/1947م. – عمر حلمي أفندي: "إتحاف الأخلاق في أحكام الأوقاف"، من مطبوعات مجموعة دلة البركة. – زهدي يكن: "الوقف في الشريعة والقانون"، دار النهضة العربية، 1388هـ].
والرأي الذي نراه مناسباً هو جواز ذلك في ضوء دراسات الجدوى وتقويم المشروعات الاستثمارية لأن الغاية الأساسية من إدارة أموال الوقف هي المحافظة عليها وتنميتها لما فيه من تحقيق لمقاصد الواقفين ومنافع الموقوف عليهم.
ويقصد بالإبدال: مقايضة عين موقوفة بعين أخرى، ويطلق عليه في كتب الفقه المقايضة، سواء كانت المقايضة من نفس جنس العين أو بأخرى وذلك للمحافظة على المال وتنميته، ويرى بعض الفقهاء أنه يمكن إطلاق أحدها على الآخر ويأخذ نفس أحكام الاستبدال السابق الإشارة إليها.
والرأي الذي نميل إليه من منظور إدارة استثمار أموال الوقف هو جواز إبداله إذا أسفرت دراسات الجدوى وتقويم المشروعات الاستثمارية عن إيجابية ذلك.
ومن أهم الضوابط الشرعية لاستبدال وإبدال أموال الوقف ما يلي [- د. عبد الستار أبو غدة ود. حسين حسين شحاتة، مرجع سابق صفحة 115، بتصرف]:
1 – أن لا يخرج الموقوف عن الانتفاع به.
2 – أن لا يكون هناك ريع للوقف يعمر به.
3 – أن لا يكون البيع بغبن فاحش.
4 – أن يكون المستبدل شخصاً نزيهاً ومن ذوي الفقه والخبرة لئلا يؤدي الاستبدال إلى ضياع أموال أوقاف المسلمين.
5 – أن يستبدل العقار بعقار لاستمرار المنفعة إلا إذا كانت هناك مصلحة أخرى مرجحة.
6 – أن لا يباع لمن لا تقبل شهادته.
ويجب على الشخص الذي يتخذ قرارات الاستبدال أو الإبدال أن يعد الدراسات اللازمة لبيان الجدوى من ذلك، وهذا أصبح أمراً ميسراً في الوقت المعاصر.
لقد تناولنا في هذا المبحث الضوابط الشرعية التي تحكم استثمار أموال الوقف والمستنبطة من أحكام فقه الوقف والتي تعتبر المرجعية الشرعية لاتخاذ القرارات الاستثمارية لأموال الوقف، وهذا ينقلنا إلى بيان المعايير والصيغ والمجالات الاستثمارية لأموال الوقف على النحو الوارد في المبحث التالي.
2 – إطار مقترح لمعايير وصيغ استثمار أموال الوقف
(الدليل الاستثماري لأموال الوقف)
2 – 1 – تمهيد:
هناك صيغ استثمار إسلامية عديدة، لكل منها طبيعة خاصة، وتختلف فيما بينها من حيث درجة المخاطر وسلوك العوائد، وطرق توزيع الأرباح والخسائر، ودور رب المال ودور رب العمل والمجالات والآجال ونحو ذلك ويتطلب الأمر اختيار الصيغ التي تناسب أموال الوقف وذلك وفقاً لمجموعة المعايير الاستثمارية وهذا ما سوف نتناوله في هذا المبحث بدون التعمق في الجوانب الفقهية حيث أنها وردت في دراسات أخرى متخصصة وتجنباً للتكرار بدون إضافة [يرجع إلى كتب فقه الوقف منها ما ذكر على سبيل المثال من قبل].
2 – 2 – معايير استثمار الوقف:
يحكم استثمار أموال الوقف مجموعة من المعايير من أهمها ما يلي [د. حسين شحاتة: "منهج وأساليب إدارة أعمال المؤسسات الوقفية: التخطيط والرقابة وتقويم الأداء واتخاذ القرارات"، دراسة مقدمة إلى دورة إدارة الأوقاف وتطبيقاتها المعاصرة، الجمهورية الإسلامية الموريتانية نواكشوط، الفترة من 24-28/12/ 2002م، تنظيم البنك الإسلامي للتنمية مع وزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي بموريتانيا]:
1 – معيار ثبات الملكية: ويقصد به أن تظل أموال الوقف مملوكة لمؤسسة أو لهيئة الوقف وفقاً لمبدأ الشخصية المعنوية باستثناء حالة استبدال أعيان الوقف بغيرها ففي هذه الحالة تستبدل ملكية مال بمال آخر، وتأسيساً على ذلك لا يناسبها صيغ الاستثمار من خلال البيوع مثل المرابحة.
2 - معيار الأمان النسبي: ويقصد بذلك عدم تعرض أموال الوقف لدرجة عالية من المخاطر خشية هلاكها، ويتطلب في هذا الخصوص الموازنة بين الأمان ومعدل الربحية، وهذا المعيار منبثق من ضابط المحافظة على المال السابق بيانه في المبحث السابق، وتأسيساً على ذلك لا يناسبها مجالات وصيغ الاستثمار التي تتسم بدرجة عالية من المخاطر مثل التعامل في سوق الأوراق المالية بالمضاربات.
3 - معيار تحقيق عائد مستقر: ويقصد بذلك اختيار مجالات وصيغ الاستثمار التي تحقق عوائد مرضية وتتسم بالاستقرار وغير محفوفة بالتقلبات والتذبذبات الشديدة، لأن ذلك يسبب خللاً في أعطيات المستحقين الدورية.
4 - معيار المرونة في تغير مجال وصيغة الاستثمار (سرعة الاستجابة للمتغيرات): ويقصد بذلك إمكانية تغيير مجالات وصيغ الاستثمار من مجال إلى مجال ومن صيغة إلى أخرى بدون خسارة جسيمة، فعلى سبيل المثال إذا كسد مجال معين وأصبح ليس هناك جدوى للاستثمار فيمكن حينئذ توجيه الاستثمار إلى مجال آخر، وأيضاً إذا تغير سلم الأولويات الإسلامية وظهرت هناك ضرورة معتبرة شرعاً لتوجيه الاستثمار إلى مجال آخر فيمكن إنجاز ذلك بدون خسارة.
5 - معيار التوازن بين العائد الاجتماعي والعائد الاقتصادي: ويقصد بذلك توجيه الاستثمارات نحو المجالات الخيرية والاجتماعية والتي تعتبر المقصد الأساسي من الوقف، وكذلك إلى المجالات الاقتصادية ذات العائد الاقتصادي المرضي والذي يسهم بدوره في تقديم المنافع والخدمات ذات الطابع المالي مثل الأعطيات الرواتب لذوي الحاجات من مستحقي الوقف.
6 - معيار التوازن بين مصالح أجيال المستفيدين من منافع وغلات وعوائد الوقف: فعلى سبيل المثال توجه بعض الاستثمارات إلى المجالات التي تمتد منافعها إلى الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل، ودليل هذا المعيار من التراث ما صنعه عمر بن الخطاب مع أرض العراق، وهذا يجيز إعادة استثمار جزء من العوائد لتمتد منافعها إلى الأجيال القادمة، وأيضاً الاهتمام بصيانة وتعمير أعيان الوقف.
7 - معيار الاحتفاظ برصيد من السيولة بدون استثمار، وذلك لمواجهة المدفوعات والنفقات العاجلة ويحدد في ضوء الخبرة الماضية والتوقعات في المستقبل، وهذا بدوره يتطلب تطبيق نظام الموازنات التقديرية ومنها الموازنة النقدية التقديرية.
8 - معيار ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة إذا اقتضت الضرورة ذلك، فعلى سبيل المثال قد تختار بعض مجالات الاستثمار ذات العائد المتوسط أو المنخفض لأن لها مردوداً عاماً اجتماعياً، أو إعادة النظر في أحد شروط الواقف غير الجوهرية بما يتناسب مع مصلحة الواقفين أو مصلحة المجتمع أو مصلحة الأمة الإسلامية.
2 – 3 - مجالات مناسبة لاستثمار أموال الوقف:
هناك مجالات شتى لاستثمار أموال الوقف يُختارُ من بينها حسب طبيعة المال الموجه للاستثمار وحسب الظروف والأحوال السائدة وقت اتخاذ القرار الاستثماري وفي ضوء الضوابط الشرعية والمعايير الاستثمارية السابق بيانها تفصيلاً.
ويمكن تقسيم هذه المجالات إلى المجموعات الآتية:
أولاً – الاستثماري العقاري: ويدخل في نطاق ذلك على سبيل المثال ما يلي:
· شراء العقارات وتأجيرها ليستفيد الناس من منافعها وعوائدها.
· تعمير وصيانة وتجديد العقارات القديمة التي أشرفت على الهلاك حسب ما أسفرت عنه الدراسات الفنية والاقتصادية والاجتماعية بجدوى ذلك.
· استبدال العقارات القديمة بأخرى جديدة متى أثبتت الدراسات الفنية والاقتصادية والاجتماعية جدوى ذلك.
· إنشاء مباني على أراضي الوقف بنظام الاستصناع أو المشاركة أو المشاركة المنتهية بالتمليك أو الحكر أو أي صيغة من صيغ الاستثمار.
ثانياً - الاستثمار في إنشاء المشروعات الإنتاجية: المهنية والحرفية الصغيرة والتي تعمل في مجال الضروريات والحاجيات وبما يحقق أكبر نفع ممكن للموقوف عليهم والتي تسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ويدخل في نطاق ذلك على سبيل المثال ما يلي:
· المشروعات الحرفية الصغيرة.
· المشروعات المهنية الصغيرة.
· مشروعات تنمية موارد الأسرة الفقيرة.
ثالثاً - الاستثمار في المشروعات الخدمية: التعليمية والطبية والاجتماعية، ويدخل في نطاق ذلك على سبيل المثال منها ما يلي:
· مكاتب تحفيظ القرآن والمعاهد الدينية والمدارس الإسلامية.
· المستوصفات والمراكز الصحية الشعبية وما في حكم ذلك.
· دور الضيافة للفقراء والمساكين وابن السبيل.
· دور اليتامى والمسنين والمرضى.
رابعاً - الاستثمار في الأوراق المالية: بهدف الحصول على العوائد الحلال المستقرة نسبياً بشروط وضوابط ومعايير معينة سبق بيانها، ومن أهمها ما يلي:
· الأسهم العادية لشركات مستقرة تعمل في مجالا الحلال الطيب ذات مخاطر قليلة.
· الصكوك الإسلامية الصادرة عن المؤسسات المالية الإسلامية.
· سندات المشاركة في الربح والخسارة ذات طبيعة آمنة ومستقرة.
· صكوك صناديق الاستثمار الإسلامية.
· سندات صناديق الوقف في البلاد الشقيقة.
· سندات المقارضة التي تصدرها المؤسسات المالية الإسلامية.
خامساً - الاستثمار في المؤسسات المالية الإسلامية: من خلال الحسابات الاستثمارية لأجل، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
· دفاتر التوفير الاستثماري تحت الطلب.
· الودائع الاستثمارية لأجل.
· الشهادات الاستثمارية ذات الأجل المحدد المطلقة.
· الشهادات الاستثمارية ذات الأجل المحدد المقيدة.
· ما في حكم ذلك من المستجدات الجائزة شرعاً.
سادساً - الاستثمار في الأنشطة الزراعية: منها على سبيل المثال ما يلي:
· تأجير الأراضي الزراعية الموقوفة.
· المشاركة في استغلال بعض الأراضي الزراعية الموقوفة.
· المسافاة في استغلال بعض الأراضي الزراعية الموقوفة.
· المغارسة في استغلال بعض الأراضي الزراعية الموقوفة.
مجالات يحذر استثمار أموال الوقف فيها:
وتأسيساً على الطبيعة الخاصة لأموال الوقف ومعايير استثمارها على النحو السابق بيانهما يحذر استثمار أموال الوقف على سبيل المثال في المجالات الآتية:
· إيداع أموال الوقف في البنوك التقليدية بنظام الفائدة باعتبارها من الربا المحرم شرعاً.
· التجارة في العقارات لما يكتنف هذا المجال من مخاطر عالية تتمثل في تقلبات الأسعار هبوطاً وصعوداً وصعوبة التسييل النقدي عند الحاجة الضرورية للنقد.
· التعامل في سوق الأوراق المالية بهدف التجارة أو المضاربة على هبوط وانخفاض الأسعار حيث يكتنف ذلك مخاطر عالية وشبهات الميسر المحرم شرعاً.
· التعامل في سوق النقد بهدف الاستفادة من ارتفاع الأسعار، وهذا يسمى أحياناً بالتجارة في العملات، وعلة عدم جواز ذلك وجود مخاطر عالية ولا يتفق هذا مع المقاصد الأساسية للمؤسسات الوقفية.
· استثمار أموال الوقف في بلاد تحارب الإسلام والمسلمين لأن في ذلك دعماً لاقتصاديات العدو، وضرورة المقاطعة الاقتصادية باعتبار ذلك من وسائل الجهاد الاقتصادي.
2 – 4 - صيغ مقترحة لاستثمار أموال الوقف:
يحكم اختيار صيغ استثمار أموال الوقف كل من الطبيعة الخاصة للوقف والضوابط والمعايير السابق الإشارة إليهما في بند (2-2)، وتأسيساً على ذلك يناسب الوقف الصيغ الاستثمارية الآتية [يخرج عن نطاق الدراسة تناول الجوانب الفقهية لصيغ الاستثمار الإسلامي حيث تم تناولها في دراسات أخرى حديثة ولكن سوف يتم التركيز على ما يناسب طبيعة المؤسسات الوقفية]:
أولاً: صيغ المشاركة الإسلامية، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
· المشاركة الثابتة المستمرة.
· المشاركة المتناقصة المنتهية بالمتليك.
ثانياً: صيغ الإجارة والحكر، ومنها على سبيل المثال ما يلي: [د. محمد عبد الحليم عمر: "قضايا ومشكلات المحاسبة على الوقف"، ورقة عمل مقدمة إلى الحلقة النقاشية حول: "القضايا المستجدة في الوقف وإشكالاته النظرية والعملية"، تنظيم البنك الإسلامي للتنمية والأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت ومركز صالح عبد الله كامل بجامعة الأزهر، في الفترة من 20-21 شعبان 1423هـ/ الموافق 26-27 أكتوبر 2002م]
· الإجارة التشغيلية لأجل.
· الإجارة المنتهية بالتمليك.
· الإجارتان.
· الحكر.
· الإرصاد.
ثالثاً: صيغ تلاؤم النشاط الزراعي، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
· المزارعة.
· المساقاة.
· المغارسة.
رابعاً: صيغ المساهمات في رؤوس الأموال بهدف تحقيق عائد، ومنها على سبيل المثال:
· المساهمة في رؤوس أموال بعض الشركات مثل شراء الأسهم.
· المساهمة في رؤوس أموال صناديق الاستثمار الإسلامية.
· المساهمة في رؤوس أموال المصارف الإسلامية.
· المساهمة في رؤوس أموال شركات التأمين الإسلامية.
· المساهمة في رؤوس أموال شركات الاستثمار الإسلامية.
· المساهمات في رؤوس أموال الجمعيات التعاونية الإنتاجية.
· المساهمات في رؤوس أموال الجمعيات التعاونية الخدمية.
خامساً: صيغ الحسابات الاستثمارية لدى المؤسسة المالية الإسلامية، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
· الودائع الجارية الاستثمارية تحت الطلب.
· التوفير الاستثماري.
· استثمار لأجل مطلق (مضاربة مطلقة).
· استثمار لأجل مقيد (مضاربة مقيدة).
· صكوك استثمارية إسلامية.
سادساً: صيغ الاستصناع والاستصناع الموازي لأصول ثابتة لتقديم الخدمات والمنافع، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
· استصناع عقارات لأجل الإجارة.
· استصناع آلات ومعدات لأجل الإجارة.
· استصناع أصول ثابتة بدلاً من المستهلكة.
ويتوافر في الصيغ المقترحة السابقة الخصائص الآتية:
1- المشروعية حيث أقرتها مجامع الفقه الإسلامي.
2- الاستجابة لتغيير مجالها حسب المتغيرات الجوهرية في مجال الاستثمار.
3- توثيق الملكية للمحافظة على أموال الوقف.
4- التنوع حيث تغطى معظم المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
5- الاستقرارية النسبية في العوائد.
وهناك صيغ استثمار لا تلائم طبيعة الأموال الوقفية منها على سبيل المثال ما يلي:
صيغة المرابحة العادية والمرابحة لأجل للآمر بالشراء: حيث تكتنفها العديد من المخاطر من أهمها ما يلي: [لمزيد من التفصيل يرجع إلى: - فرحات الصافي علي: "أسس القياس والإفصاح المحاسبي عن مخصصات مخاطر الاستثمارات في المؤسسات المالية الإسلامية". رسالة ماجستير كلية التجارة جامعة الأزهر، 1422هـ/2001م، صفحة 64 وما بعدها، بتصرف]
1- مخاطر تلف البضاعة المشتراة مرابحة أو هلاكها أو ضياعه.
2- مخاطر نكول العميل المشتري للبضاعة عن شرائها وصعوبة بيعها.
3- مخاطر عدم استلام العميل للبضاعة المشتراة بسبب عيوب خفية أو عدم المطابقة للمواصفات أو تغير الأسعار أو تغير التكنولوجيا.
4- مخاطر الوعد غير الملزم بالشراء من قبل المشتري مما يوقع مؤسسة الوقف في مشاكل تسويقها.
5- مخاطر عدم سداد العمل للأقساط المستحقة عليه وضعف الضمانات والكفالات المقدمة منه.
6- مخاطر الأخطاء الشرعية التي يحتمل أن تقع عند تنفيذ الإجراءات التنفيذية للمرابحة.
7- مخاطر الشبهات الشرعية حولها.
صيغة بيوع السلم: حيث تكتنفها مخاطر عالية منها على سبيل المثال ما يلي: [د. حسين حسين شحاتة: "منهج وأساليب إدارة أموال المؤسسات الوقفية"، مرجع سابق، صفحة 12]
1- عدم التزام العميل بتسليم المسلم فيه (البضاعة موضع السلم) في الوقت والمكان المحدد بالعقد.
2- نكول العميل عن تنفيذ بعض شروط العقد أو تأويل تفسيرها.
3- التقلبات والتغيرات المفاجئة في الأسعار.
4- تعرض الشيء المسلم فيه للهلاك أو الضياع أو نحو ذلك بعد استلامه من العميل.
5- صعوبة بيع الشيء المسلم فيه.
6- مخاطر أخرى.
صيغة المضاربة مع أرباب الأعمال المشاركين بجهدهم وتقدم هيئة (مؤسسة) الوقف المال: حيث يكتنف هذه الصيغة مخاطر عالية منها على سبيل المثال ما يلي:
1- إهمال أو تعدي أو تقصير رب العمل ما يؤدي إلى هلاك الأموال.
2- المخاطر التسويقية التي قد تحدث وتقود إلى خسائر أو هلاك رأس مال المضاربة.
3- مخاطر تأخر رب العمل عن سداد حقوق هيئة (مؤسسة) الوقف المتمثلة في راس المال مضافاً إليه نصيبه من الأرباح أو مطروحاً منه نصيبه من الخسائر.
4- تلاعب رب المال في الحسابات وإظهار أن المضاربة قد خسرت.
5- مخاطر ضعف الضمانات المقدمة من رب العمل بسبب تغير في الظروف والأحوال.
6- احتمال وجود كساد في الأسواق مما يلحق بالمضاربة خسائر.
7- عدم وجود العنصر البشري الفني في مؤسسة الوقف القادر على متابعة الاستثمارات في المضاربة مع الغير.
صيغة التجارة: بمعنى استخدام أموال الوقف في عمليات التجارة في السلع والخدمات مثل شراء البضائع ثم إعادة بيعها... حيث يكتنفها مخاطر كبيرة من أهمها ما يلي:
1- عدم وجود العنصر البشري الخبير في التجارة.
2- ارتفاع مخاطر التسويق والمبيعات.
3- احتمال حدوث خسائر كبيرة تؤدي إلى هلاك الأموال
2 – 5 - إطار مقترح لخطة تشكيلة استثمارات أموال الوقف:
لتطبيق المعايير والمجالات والصيغ المختارة لاستثمار أموال الوقف تطبيقاً عملياً وسليماً، يجب أن توضع خطة في ضوء مجموعة من السياسات الاستثمارية الاستراتيجية لتكون المستهدف والمرشد وأداة التقويم، وتتضمن هذه الخطة تشكيلة الاستثمارات المختارة من بين المجالات والصيغ المقترحة بحيث يتحقق التعدد والتنوع وتقليل المخاطر وتنمية العوائد وزيادة المنافع والمحافظة على الأموال من الهلاك.
وفي الصفحات التالية نماذج مصفوفات لخطط تشكيلة استثمارات أموال الوقف يمكن الاسترشاد بها في التطبيق العملي، وفيما يلي إيضاحات على كل منهما على التوالي:
إيضاحات على نموذج رقم (1): مصفوفة خطة تشكيلة استثمارات أموال الوقف محللة حسب الصيغ والمجالات:
ـ صيغ المشاركة. ـ صيغ المساهمات.
ـ صيغ الإجارة. ـ صيغ الحسابات الاستثمارية.
ـ صيغ الزراعة. ـ صيغ استثمارية أخرى مستحدثة.
ـ صيغ الاستصناع.
2 - ظهرت بالأعمدة التالية مجالات الاستثمار المختارة بما يناسب طبيعة الوقف وهي:
ـ المجال العقاري (أراضي ومباني).
ـ المجال الخدمي. ـ مجال الاستثمار في الأوراق المالية.
ـ المجال الزراعي. ـ مجال الاستثمار لدى المؤسسات المالية الإسلامية.
ـ المجال الإنتاج. ـ مجالات أخرى.
3 - تمثل خانة الإجمالي الأفقية والرأسية إجمالي المجالات والصيغ.
إيضاحات على نموذج رقم (2): مصفوفة خطة تشكيلة استثمارات أموال الوقف محللة حسب الصيغ والآجال الزمنية. وهي لا تختلف عن السابقة، إلا أن الخانات الأفقية قد حللت حسب الآجال الزمنية وهي: تحت الطلب، وقصيرة الأجل، ومتوسطة الأجل، وطويلة الأجل، ومؤبد، وغير محدد الأجل عند الاستثمار.
نموذج (1)
مصفوفة خطة تشكيلية استثمارات أموال الوقف محللة حسب الصيغ والمجالات عن الفترة من ............ إلى .............
مجالات الاستثمار
صيغ الاستثمار
إجمالي
أخرى
مؤسسات مالية
أوراق مالية
خدمي
إنتاجي
زراعي
عقاري
* صيغ المشاركة
ـ ثابتة
ـ متناقصة
ـ تشغيلية
ـ منتهية بالتمليك
ـ الاستصناع العادي
ـ الاستصناع الموازي
* صيغ الزراعة
ـ مزارعة
ـ مساقاة
ـ مغارسة
*صيغ المساهمات
ـ أسهم
ـ صكوك
ـ صناديق استثمار
ـ مصارف إسلامية
* صيغ الحسابات الاستثمارية
ـ تحت الطلب
(جاري)
ـ توفير
تابع/ نموذج (1)
مصفوفة خطة تشكيلة استثمارات أموال الوقف محللة حسب الصيغ والمجالات عن الفترة من ............ إلى ..............
ـ استثمار لأجل مطلق
ـ استثمار لأجل مقيد
* صيغ استثمارية
أخرى مستحدثة
الإجمالي
نموذج (2)
مصفوفة خطة تشكيلية استثمارات أموال الوقف محللة حسب الصيغ والآجال الزمنية عن الفترة من ............ إلى .............
غير معروف
تأبيد
طويل الأجل
متوسط الأجل
قصيرة الأجل
تحت الطلب
أخرى مستحدثة.
2 – 6 – أسس وأساليب الرقابة على استثمار أموال الوقف:
* مفهوم وأهداف الرقابة على استثمار أموال الوقف:
تحتاج المؤسسات الوقفية إلى نظم رقابية شاملة تتضمن الأسس والأساليب والإجراءات الرقابية على كل أوجه أنشطتها المختلفة ومنها استثمار الأموال بهدف المحافظة عليها وتنميتها وتعظيم عوائدها ومنافعها بما يعود على الموقوف عليهم بأكبر إشباع ممكن وذلك في ضوء أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وطبقاً لشروط الواقفين.
ومن أهم أهداف الرقابة على استثمار أموال الوقف ما يلي:
1- المحافظة على الأموال وتنميتها عن طريق صيغ الاستثمار الإسلامي وفي المجالات الحلال الطيبة.
2- الاطمئنان من الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في استثمار الأموال.
3- الاطمئنان من الالتزام بالأسس والسياسات واللوائح والنظم التي وضعتها مؤسسة الوقف، وبيان التجاوزات والانحرافات وتحليل أسبابها، وتقديم التوصيات للعلاج.
4- تقديم توصيات ونصائح إلى المؤسسة الوقفية لتساعدها في مجال تطوير مجالات الاستثمار إلى الأحسن وذلك من خلال تقارير المتابعة والرقابة وتقويم الأداء الاستثماري.
5- طمأنة الواقفين ومن يعنيه الأمر بأن عمليات استثمار أموال الوقف تتم بطريقة سليمة.
6- طمأنة الجهات الموقوف عليها بأن حقوقهم مصونة وبدون مساس.
7- تقديم معلومات إلى من يعنيهم أمر تحقيق الخير للناس جميعاً وهذا يحفز الآخرين على وقف أموالهم.
* أسس الرقابة على استثمار أموال الوقف [المرجع السابق، ص13]:
تقوم الرقابة على استثمار أموال الوقف على مجموعة من الأسس المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية ومن التراث الإسلامي ومن التطبيقات المعاصرة الرشيدة الناجحة في المؤسسات الوقفية، ومن أهم هذه الأسس ما يلي:
1- التزام القائمين على أمر الاستثمار بالقيم الإيمانية وبالأخلاق الحسنة وبالسلوكيات المستقيمة باعتبار أن عملهم عبادة وأمانة وأن الله سبحانه وتعالى سوف يحاسبهم يوم القيامة عن أعمالهم.
2- يجب أن تكون الرقابة توجيهية وإرشادية وليست لتصيد الأخطاء والتشهير بالانحرافات والتجاوزات، وأساس ذلك خصال التعاون والتناصح بالحق وروح الأخوة والحب، وهذا يحقق مقاصد عملية الرقابة.
3- فورية الرقابة بأن تكون قبل التنفيذ أو متزامنة مع التنفيذ حتى يمكن معرفة الانحرافات والتجاوزات في الاستثمارات قبل أن تقع وكذلك فور وقوعها والتوصية بسرعة علاجها.
4- شمولية الرقابة لكافة أوجه الاستثمارات وعلى جميع المسؤولين على عملية الاستثمار فلا يوجد إنسان معصوم من الخطأ إلا رسول الله، ولا أحد فوق الرقابة.
5- استمرارية الرقابة على الاستثمار وذلك لضمان تطبيق أساس الفورية في علاج الأخطاء والانحرافات.
6- موضوعية الرقابة ويقصد بذلك أن تكون التقارير والملاحظات على النشاط الاستثماري مؤيدة بالأدلة الموضوعية وتجنب العواطف والأهواء الشخصية وهذا ما يسمى بالموضوعية.
7- الواقعية والقابلية للتطبيق، ولاسيما في مجال التوصيات والنصائح لتطوير النشاط الاستثماري إلى الأحسن.
8- المعاصرة في استخدام أساليب الرقابة العصرية القائمة على تكنولوجيا صناعة المعلومات وآلية شبكات الاتصالات.
* أنواع الرقابة على الأموال الوقفية:
تتعدد أنواع الرقابة على استثمار أموال الوقف ومن أهمها ما يلي [هيئة المحاسبة والمراجعات للمؤسسات المالية الإسلامية: "المعايير الشرعية"، 1421هـ/2000م]:
1 - الرقابة الشرعية: ويقصد بها الاطمئنان من الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في مجال استثمار أموال الوقف وكذلك تطبيقات الفتاوى الصادرة عن مجامع الفقه الإسلامي وتوصيات ندوات ومؤتمرات الأمانة العامة للأوقاف.
2 - الرقابة المالية: وتتمثل في إجراء التدقيق والفحص لعمليات استثمار أموال الوقف، بهدف الاطمئنان إلى سلامة الأموال وتنميتها وعدم المساس بحقوق الجهات الموقوف عليهم من المستفيدين... وتقديم البيانات والمعلومات الأمينة والصادقة والموضوعية الهادفة والموقوتة إلى من يهمه أمر المؤسسات الوقفية ليعتمد عليها في اتخاذ القرارات الاستثمارية، ومن أهم نظم الرقابة المالية: المراجعة الداخلية والرقابة الداخلية والرقابة الخارجية على الحسابات، والرقابة بواسطة بعض أجهزة الدولة.
3 - الرقابة الإدارية: وتتمثل في فحص وتقويم الخطط والسياسات والنظم واللوائح والإجراءات والأساليب التي تطبقها المؤسسات الوقفية في مجال استثمار أموال الوقف للاطمئنان على كفاءتها في إدارة محفظة استثمارات الوقف وللتأكد من أن الأداء الفعلي يتم وفقاً لها وبيان التجاوزات وأسبابها وعرض البدائل المقترحة لعلاجها.
4 - نظام الرقابة الشعبية: ويقوم هذا النوع من الرقابة على مبدأ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث من حق من يعنيه أمر المؤسسات الوقفية من المسلمين أن يراقبها للاطمئنان من سلامة أعمالها ومعاملاتها ولقد طبق هذا النظام في صدر الدولة الإسلامية وكان يطلق عليه نظام الحسبة.
5 - نظام التربية الإيمانية: واستشعار مراقبة الله عزَّ وجلَّ وهذا النظام هو الأساس المتين القوي الثابت في كل أعمال الرقابة ويطلق عليه في كتب الفقه "التربية الروحية" وفي كتب الرقابة في الإسلام اسم: الرقابة الذاتية، ومقتضاه أن يعمل العامل في المؤسسة الوقفية كأنه يرى الله سبحانه وتعالى، فإن لم يكن يراه فإنه سبحانه وتعالى يراه.
ومهما تعددت أنواع الرقابة على استثمار أموال الوقف فإن قوامها جميعاً هو وجود الإنسان المؤمن الذي يخشى الله عزَّ وجلَّ، ويكيف عمله على أنه عبادة لله وطاعة، وأن الله سوف يسأله يوم القيامة عما استرعاه فيه.
* أساليب الرقابة على استثمار أموال الوقف:
يقصد بأساليب الرقابة بأنها الأدوات والوسائل والأساليب التي يعتمد عليها المراجع والمراقب (المدقق) سواء كان شرعياً أو مالياً أو إدارياً في تنفيذ عمليات الرقابة طبقاً للمقاصد والأهداف وفي ضوء الأسس السابق بيانها.
وهذه الأساليب تجريدية أي ما تفتقت عنه عقول وتجارب البشر في كل زمان ومكان، وهي متجددة دوماً وتتأثر بالمستحدثات، ومن أكثرها شيوعاً في الواقع العملي ما يلي:
1- أسلوب التدقيق والفحص للمستندات والوثائق والدفاتر ونحوها المتعلقة بكافة أنشطة استثمار أموال الوقف في ضوء أسس ومعايير المراجعة المتعارف عليها في المؤسسات الوقفية وكذلك الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية [د. حسين حسين شحاتة: "أصول المراجعة والرقابة في الإسلام"، مكتبة التقوى – القاهرة – مدينة نصر، 2000م، الفصل الرابع، بند الرقابة الشرعية في الفكر والتطبيق الإسلامي، 142 وما بعدها].
2- أسلوب نظام المعلومات المتكاملة والتي يعتمد عليها في إعداد التقارير الرقابية على نشاط استثمار أموال الوقف.
3- أسلوب الموازنة الاستثمارية التقديرية حيث تتضمن المخطط المستهدف مقارناً بالأداء الفعلي والانحرافات وتحليلها واستنباط مؤشرات تساعد في اتخاذ القرارات المصوبة للانحرافات والقرارات الاستثمارية المستقبلية.
4- أساليب التحليل المالي المحاسبي باستخدام المؤشرات والنسب والمعايير المناسبة لاستثمار أموال الوقف.
5- أساليب الحاسبات الإلكترونية ونظم المعلومات التي تستخدم في تخزين وتشغيل وعرض المعلومات عن الأداء الاستثماري لأموال الوقف.
6- أساليب شبكات الاتصالات: المحلية والإقليمية والعالمية ودورها في نقل المعلومات والأخبار لمتابعة مجالات الاستثمار المختلف والتغيرات في أسواق الاستثمار ونحو ذلك.
7- أسلوب التفتيش الدوري على المشروعات الاستثمارية الوقفية للاطمئنان من أن أموال الوقف مُصانة وأنه ليس هناك إهمال أو تعديل أو تقصير.
2 – 7 - معايير تقويم الأداء الاستثماري لأموال الوقف:
من المقاصد الأساسية لإدارة استثمار أموال الوقف المحافظة على تلك الأموال وتنميتها طبقاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ووفقاً للمعايير والسياسات الاستثمارية الاستراتيجية وذلك لتقديم أقصى منافع ممكنة للموقوف عليهم وللمجتمع ولأمة الإسلامية، ويتطلب الاطمئنان من تحقيق تلك المقاصد المراقبة وتقويم الأداء الاستثماري على فترات دورية قصيرة باستخدام الأساليب والأدوات والسبل المناسبة والمعاصرة.
ومن أهم أساليب تقويم الأداء الاستثماري المتعارف عليها في مثل محيط الاستثمار وجود مجموعة (منظومة) من المعايير، من أهمها والمناسب لنشاط الوقف ما يلي:
1 - معيار المحافظة على أموال الوقف:
ويقاس ذلك المعيار بحساب معدل النمو في حجم الاستثمارات الوقفية خلال فترات زمنية معينة ومعرفة الاتجاه والسلوك مقارناً ذلك بالمستهدف الوارد بالخطط وبيان الاختلافات واتخاذ القرارات اللازمة لدعم الإيجابيات وعلاج السلبيات وإعادة النظر في السياسات للتطوير إلى الأحسن.
2 - معيار الربحية على المال المستثمر:
ويقاس ذلك المعيار بإيجاد نسبة متوسط العوائد المحققة من استثمار أموال الوقف إلى متوسط الأموال المستثمرة خلال فترة زمنية معينة، ومقارنة ذلك بالمستهدف وبمعدل الربحية في الفرصة البديلة، ويتم ذلك على مستوى كل عملية استثمارية وعلى مستوى كل قطاع وعلى مستوى كل منطقة جغرافية وعلى مستوى استثمارات الوقف كله.
3 - معيار معدل مخاطر استثمار الأموال:
ويقاس ذلك المعيار عن طريق حساب درجة التنوع في الاستثمارات سواء على مستوى الآجال أو على مستوى المجالات، كما يقاس بمقارنة المخاطر الفعلية بمستوى المخاطر المقبولة وبيان الانحراف المعياري للمخاطر لكل استثمار عن المتوسطات، وفي كل الأحوال يجب تحقيق التوازن بين درجة الأمان المطلوبة وكذلك معدل الربحية المستهدفة بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر وذلك في ضوء المقاصد الأساسية للوقف.
4 - معيار التوازن بين مصالح الأجيال المستفيدة من الوقف:
ويقاس ذلك المعيار عن طريق تبويب الاستثمارات إلى قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، وحساب نسبة كل منها إلى إجمالي الاستثمارات، ومقارنة النتائج الفعلية بالمعدلات المحددة مقدماً، وبيان الانحرافات، وتحليل أسبابها واتخاذ القرارات المصوبة للتطوير إلى الأحسن.
5 - معيار التوازن بين مجالات الاستثمارات لتحقيق التنوع وتقليل المخاطر:
ويقاس ذلك المعيار عن طريق تبويب الاستثمارات من منظور المجالات المختلفة: الصناعية والزراعية والعلمية والاجتماعية والبيئية والمالية ونحو ذلك، وحساب نسبة كل منها منسوباً إلى الإجمالي ومقارنة النتائج الفعلية بالنسب المحددة مقدماً، وبيان الانحرافات، وتحليل أسبابها الفعلية واتخاذ القرارات اللازمة لدعم الإيجابيات وعلاج السلبيات والتطوير إلى الأحسن.
6 - معيار المساهمة في التنمية الاجتماعية:
ويقاس ذلك المعيار بحساب نسبة الاستثمارات الموجهة إلى المشروعات الاجتماعية إلى إجمالي الاستثمارات، ومقارنة ذلك بالنسبة المستهدفة في ضوء السياسات الاستراتيجية، ويجب تحقيق التوازن بين العائد الاقتصادي والعائد الاجتماعي، وإذا كانت هناك انحرافات معينة فيجب أن تحلل وتتخذ القرارات اللازمة للتصويب والتطوير إلى الأحسن.
7 - معيار المساهمة في التنمية البيئية:
ويقاس ذلك المعيار على منوال المعيار السابق مع التركيز على بيان دور الوقف في المحافظة على البيئة ومنع التلوث والمساهمة في علاجه إن وجد باعتبار ذلك من مقاصد الشريعة الإسلامية.
8 - معيار الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية:
ويمكن التعرف على ذلك المعيار من خلال التيقن من وجود رقابة شرعية قبل اتخاذ القرار الاستثماري، وكذلك أثناء اتخاذ الإجراءات التنفيذية، وهذا يتطلب وجود هيئة رقابة شرعية ومراقب شرعي على مستوى هيئة (مصلحة) الأوقاف يقوم بأعمال الرقابة الشرعية الفعالة.
والمعايير السابقة عبارة عن نماذج على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر والموضوع يحتاج إلى مزيد من الدراسة ووضع نماذج تطبيقية يسترشد بها في الواقع العملي.
3 - أسس محاسبة استثمار أموال الوقف
( الدليل المحاسبي لاستثمار أموال الوقف )
3 – 1 - تمهيد:
تخضع المؤسسات الوقفية بصفة عامة لأسس محاسبة المنظمات غير الهادفة للربح التي تلتزم بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وبالنسبة لأنشطتها الاستثمارية فإنه يمكن تطبيق أسس المحاسبة على الاستثمار الإسلامي وكذلك أسس المحاسبة التقليدية ما دامت لا تتعارض مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
وتعتبر هذه الأسس بمثابة الإطار الفكري الذي يحكم المعالجات المحاسبية لمعاملات استثمار أموال الوقف من اقتناء واستبدال وإبدال، وصيانة وترميم، وتوزيع للعوائد، وتكوين للمخصصات... ونحو ذلك من القضايا المحاسبية التي تظهر في التطبيق العملي، وهذا ما سوف نتناوله في هذا المبحث، حيث نعرض بصفة عامة لأسس محاسبة الوقف وأسس المحاسبة على استثمارات الوقف بصفة خاصة، يلي ذلك بيان أسس المعالجات المحاسبية لبعض عمليات استثمار أموال الوقف، ويختص الجزء الأخير بعرض الإطار العام لأسس إعداد حسابات وقوائم وتقارير نشاط استثمار الوقف.
3 – 2 - أسس محاسبة الوقف:
لقد تناولنا موضوع الأسس المحاسبية الملائمة للوقف في دراسة مفصلة سابقة نشرتها الأمانة العامة للأوقاف بالكويت، وخلصنا فيها إلى الأسس الآتية: [د. عبد الستار أبو غدة و د. حسين حسين شحاتة، مرجع سابق، القسم الثاني]
1 - استقلال الذمة المالية للوقف: حيث يعتبر الوقف وحدة محاسبية مستقلة، فقد انتقلت ملكية أموال الوقف من الواقف إلى الجهة الخيرية أو الجهة الحكومية المنوطة بالإشراف على الوقف حسب الرأي الفقهي المختار وتأسيساً على ذلك تكون معاملات الوقف مستقلة عن معاملات الواقف والناظر أو الجهة المتولية أمور الوقف.
2 - استمرارية الوقف: تتم المحاسبة على معاملات الوقف على أنه مستمر في تقديم الخدمات والمنافع إلى الموقوف عليهم مادامت أعيانه قائمة وتقدم المنافع، وأنه ليس في حالة تصفية وهذا في ظل الوقف التأبيدي، أما في حالة الوقف المؤقت فإنه يعتبر مستمراً في أدائه حتى نهاية أجله المحدود، ثم تؤول الملكية بعد ذلك إلى الواقف أو إلى غيره حسب الوارد في حجة الواقف.
3 - الفترة المالية للوقف: تقسم حياة الوقف إلى فترات زمنية قصيرة، وفي نهاية كل فترة تقاس الإيرادات والنفقات ويوضح الفائض أو العجز، وهذا أمر ضروري ولا سيما وأن هناك بعض المنافع والغلات والعوائد والنفقات مرتبطة بالفترات الزمنية، وعلى مستوى المؤسسة الوقفية فإن القوانين الحكومية تلزمها بإعداد قوائم مالية في نهاية كل فترة مالية مدققة بمعرفة مراقب الحسابات الخارجي.
4 - الإثبات التاريخي لمعاملات الوقف: يعتبر التدوين والتوثيق من الموجبات التي لا يمكن إهمالها لأنها تحفظ الأموال وتحدد الحقوق وتمنع الشك، لذلك يجب إثبات معاملات الوقف أولاً بأول في الدفاتر والسجلات ونحوها من المستندات والوثائق والعقود ونحو ذلك حسب قيمتها وقت الاقتناء أو عند التحصيل أو عند الصرف.
5 - القياس النقدي والعيني لمعاملات الوقف: تقاس معاملات الوقف عند إثباتها بالدفاتر والسجلات وعند إعداد القوائم المالية على أساس القياس النقدي، وفي حالة وجود أعيان فتثبت في سجلات وبطاقات إحصائية بالكميات أي عيناً، ثم تُقوَّم على أساس الأسعار السائدة وقت الاقتناء حتى يمكن العرض والإفصاح في القوائم المالية بالقيم النقدية.
6 - تقويم الأموال على أساس التكلفة التاريخية: تُقَوَّم أموال الوقف عند الاقتناء على أساس التكلفة التاريخية تطبيقاً لمبدأ الموضوعية، أما في نهاية الفترة المالية فيجب أن تُقَوَّم على أساس التكلفة الجارية، وحيث إن ذلك صعب تطبيقه عملياً لأسباب كثيرة، فلقد رأت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية تطبيق أساس التكلفة التاريخية بسبب الافتقار إلى ضوابط موضوعية للقياس على أساس التكلفة الجارية.
7 - تحقيق إيرادات الوقف بالتحصيل الفعلي للغلة أو العائد: لأن هذا هو المتيقن حتى يمكن توزيعه على مستحقيه بالرغم من أن هذا يخالف أساس الاستحقاق المطبق في الفكر المحاسبي التقليدي، وليس هناك من مخالفة شرعية إذا طبق أساس الاستحقاق إن أمكن.
8 - تطبيق أساس الاستحقاق: لبيان ما يخص كل فترة مالية من إيرادات ونفقات.
9 - المقابلة بين الإيرادات والنفقات: يطبق هذا الأساس على مستوى الوقفية الواحدة إذ يجب خصم مصروفات ونفقات الوقف من عوائده أو من غلته ويمثل الفرق الفائض القابل للتوزيع على المستفيدين، كما يمكن تطبيقه كذلك على مستوى الهيئة أو المؤسسة الوقفية لمعرفة الفائض أو العجز لاتخاذ القرارات بشأنهما.
10 - العرض والإفصاح: ويقصد بهما أن تقوم الجهة المتولية شؤون الوقف بإعداد القوائم والتقارير المالية كل فترة زمنية مناسبة، حيث تعرض فيها نتائج أنشطة الوقف حتى يتسنى لمن يهمه الأمر الحصول على البيانات والمعلومات النافعة والمفيدة التي تمكنهم من متابعة الأعمال واتخاذ القرارات.
وتعتبر الأسس المحاسبية السابقة بمثابة المرجعية الأساسية للمحاسب وناظر الوقف والمدقق الداخلي أو الخارجي في عملها على المحاسبة والمراجعة على استثمارات الوقف على النحو الذي سوف نبينه في البند التالي تفصيلاً.
3 – 3 - أسس المحاسبة على استثمار أموال الوقف:
تهدف المحاسبة على استثمار أموال الوقف إلى بيان قيمة الاستثمارات والعوائد المتحققة أو الخسارة إن وجدت وكذلك تحديد حقوق أطراف العمليات الاستثمارية خلال الفترة المالية لأهمية ذلك في التخطيط والرقابة واتخاذ القرارات الاستثمارية الحاضرة والمستقبلية [هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية: "معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط للمؤسسات المالية الإسلامية" 1423هـ/2002م، من صفحة 70 إلى 549].
ويلتزم المحاسب في عمله بأسس محاسبة الوقف العامة السابق بيانها في البند السابق بالإضافة إلى الأسس المحاسبية الخاصة بنشاط الاستثمار ذاته والتي من أهمها ما يلي:
1 - استقلال هدف نشاط الاستثمار عن الأهداف الاجتماعية وما في حكمها، على أن تستخدم عوائده في تحقيق الأغراض الاجتماعية والخيرية ونحوها حسب الوارد في حجة الواقف، وبلغة المحاسبة ينظر إلى نشاط الاستثمار على أنه مركز ربحية حيث تقابل عوائده بنفقاته وبمصروفاته لبيان الفائض (الربح) أو العجز (الخسارة) وهذا يساعد في تقويم الأداء الاستثماري أولاً بأول واتخاذ القرارات الاستثمارية اللازمة للتطوير إلى الأحسن.
2 - تحديد عوائد ونفقات كل صيغة استثمارية أو عقد استثماري أو مجال استثماري على حدة حتى يمكن تقويم الأداء الاستثماري كما يساعد في قرارات الاستبدال والإبدال والصيانة والترميم ونحو ذلك من القرارات الاستراتيجية.
3 - تقويم الاستثمارات عند تنفيذها حسب ما أنفق عليها فعلاً على أساس التكلفة الفعلية، وتُقَوَّم في نهاية الفترة المالية على أساس التكلفة الجارية وتكوين مخصص بالنقص في قيمتها إن وجد والذي يساعد في تمويل عمليات الاستبدال.
4 - تكوين مخصصات لمواجهة الإهلاك والصيانة والتعمير والاستبدال في المستقبل بما يحقق المحافظة على أعيان الوقف المغلة للإيراد والمنافع، وتحسب تلك المخصصات وفقاً لطرق المحاسبة المتعارف عليها لأن ذلك من المسائل التجريدية الفنية.
5 - بالإضافة إلى ما سبق من أسس، يطبق على نشاط الاستثمار أسس ومعايير المحاسبة الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وكذلك أسس المحاسبة التجارية التقليدية متى كانت متفقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية باعتبار أن الهدف من العمليات الاستثمارية التجارية هو تحقيق العائد المرضي.
6 - يطبق كذلك على نشاط استثمار أموال الوقف أسس المحاسبة على الاستثمار التجارية التقليدية والتي تنفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية [يمكن الاستعانة بمعايير محاسبة المنظمات غير الهادفة للربح الصادرة عن المجامع المحاسبية مثل: FASB, A.A.A., AICPA]، وفي هذا الخصوص يرى الدكتور عبد الستار أو غدة: "أنه من الممكن النظر إلى المؤسسة الوقفية كمؤسسة غير هادفة للربح، وبالتالي إخضاعها للقواعد المحاسبية الخاصة بهذه المؤسسات، على أن يطبق على استثمار الأموال الموقوفة باتباع قواعد المحاسبة التجارية وبما لا يتعارض مع المبادئ الشرعية" [د. عبد الستار أبو غدة و د. حسين حسين شحاتة، مرجع سابق، صفحة 149].
وتمثل الأسس السابقة الدستور المحاسبي الاستثماري الذي في ضوئه تتم عمليات الإثبات والقياس والعرض والإفصاح والتغذية العكسية بالمعلومات المحاسبية لعمليات استثمار الوقف وذلك على النحو الذي سوف نفصله في الصفحات التالية.
3 – 4 - أسس المعالجات المحاسبة لعمليات الاستثمار
بعد التحقق من السلامة الشرعية والقانونية، وبعد الموافقة على عملية الاستثمار في ضوء نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية المعدة بمعرفة أهل الاختصاص بالمؤسسة الوقفية، يبدأ تنفيذ العملية الاستثمارية حسب الوارد في الخطط والبرامج وطبقاً للسياسات الاستثمارية الاستراتيجية، ثم يترجم ذلك إلى قيود محاسبية تثبت بالدفاتر والسجلات.
وتختلف المعالجات المحاسبية حسب صيغة الاستثمار المختارة وبصفة عامة يتم ما يلي:
1 - عند تنفيذ عملية الاستثمار، يفتح في السجلات والدفاتر حساب لهذه العملية الاستثمارية يجعل مديناً بقيمتها فعلاً على أساس تكلفة الاقتناء، وإذا تمت أي إضافات خلال الفترة المالية تضاف إلى هذه القيمة، وإذا حدثت استبعادات تطرح من القيمة، ويمثل الرصيد القيمة الدفترية للعملية الاستثمارية.
2 - في نهاية السنة المالية يُقَوَّم الاستثمار حسب القيمة الجارية ويطبق أساس التكلفة التاريخية أو القيمة الجارية أيهما أقل، ويُكَوَّن مخصص بمقدار الفرق بينهما إن وجد ويمكن أن يطلق عليه مخصص مخاطر الاستثمار والذي يطرح من العوائد (الإيرادات).
3 - تطبق المعالجات المحاسبية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاستثمارية بالنسبة لصيغ الاستثمار الإسلامية المختارة للوقف مثل: المشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، والاستصناع والاستصناع الموازي، والمزارعة والمساقاة والمغارسة... [معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط للمؤسسات المالية الإسلامية، مرجع سابق].
3 – 5 - أسس المعالجات المحاسبية لإهلاك أعيان الوقف المستثمرة:
في حالة وجود أعيان وقف مستثمرة ثابتة ويطبق عليها مبدأ الإهلاك الذي يحسب وفقاً للطرق المحاسبية الفنية المتعارف عليها، ويكون به مخصص إهلاك الأصول الثابتة المستثمرة المغلة للعوائد أو الإيراد والذي يخصم سنوياً من تلك العوائد في قائمة الدخل، وهذا الأساس وجوبي حتى يمكن المحافظة على أموال الوقف واستبدالها عندما تهلك وذلك وفقاً للرأي الفقهي الذي يجيز استبدال الأعيان الثابتة.
3 – 6 - أسس المعالجات المحاسبية لمصروفات صيانة وترميم أموال الوقف المستثمرة:
تخصم مصروفات الصيانة والترميم الفعلية من غلة أو عوائد أصول الوقف المستثمرة، بحيث ما يوزع على المستفيدين هو الصافي وهذا حسب الرأي الفقهي المختار، وإذا لم تكف تلك العوائد فيغطى الفرق من مخصص مصروفات الصيانة، والغاية من تلك المعالجة هي المحافظة على استمرارية أصول الوقف المستثمرة التي تحقق العوائد.
3 – 7 - أسس المعالجات المحاسبية لاستثمار جزء من عوائد أموال الوقف:
إذا رأى مدير إدارة استثمار أموال الوقف في بعض الفترات المالية ضرورة تجنيب جزء من العوائد في صورة مخصص لمقابلة نفقات الصيانة والترميم التي قد تطلب في المستقبل فليس هناك في ذلك مخالفة شرعية حسب بعض الآراء الفقهية، ويعلو الجزء المجنب سنوياً إلى رصيد المخصص.
وعندما تحتاج مؤسسة الوقف إلى نفقات صيانة أو ترميم فإنها تأخذ من هذا المخصص إذا لم توجد عوائد كافية، ويحسب هذا المخصص وفقاً لأسس فنية ومحاسبية حسب طبيعة الأصل الموقوف المستثمر.
3 – 8 - أسس المعالجات المحاسبية لاستبدال أموال الوقف:
تأسيساً على الرأي الفقهي الذي يجيز أموال (أصول) الوقف الثابتة والمنقولة فإنه تتم المعالجات المحاسبية الآتية:
أ - المعالجة المحاسبية لبيع الأصل القديم حسب طريقة البيع.
ب – المعالجة المحاسبية للخسارة الرأسمالية الناجمة من عملية البيع والتي تظهر في حساب نفقات الاستثمار.
جـ - المعالجة المحاسبية للأرباح الرأسمالية الناجمة من عملية البيع والتي تجنب في حساب ليعاد استثمارها مرة ثانية.
د - المعالجة المحاسبية لشراء الأصل الجديد حسب طريقة الشراء.
وتطبيق أسس المحاسبة التجارية التقليدية على المعالجات السابقة لأن ذلك من العمليات الفنية المتعارف عليها.
3 – 9 - أسس المعالجات المحاسبية لعوائد (إيرادات) أموال الوقف:
تختلف عوائد (إيرادات) أموال الوقف المستثمرة حسب طبيعة الأصل المستثمر، ومن أمثلتها ما يلي:
1 - إيجار العقارات مثل: الأراضي والمباني وما في حكم ذلك.
2 - عوائد نظام الحكر.
3 - عوائد نظام الإرصاد.
4 - أرباح الأوراق المالية مثل السهم والصكوك وسندات المقارضة.
5 - عوائد الأموال المستثمرة لدى المؤسسات المالية الإسلامية.
6 - غلة المشروعات الزراعية المستغلة بالمزارعة أو بالمساقاة أو بالمغارسة.
7 - أرباح المشروعات التي تنفذ وفقاً لنظم المشاركة.
8 - أرباح المشروعات التي تنفذ بنظام الاستصناع.
وتثبت هذه العوائد (الإيرادات) في الدفاتر والسجلات حسب نظم المحاسبة المطبقة، ويفتح لها حساب تحليلي لكل نوع على حدة باعتبارها من الإيرادات والتي تجنب منها مصروفات الاستثمار والصيانة والترميم والمخصصات ثم يوزع الصافي على المستفيدين حسب الأحكام والمبادئ والضوابط الشرعية السابق بيانها في المبحث الأول من هذه الدراسة.
ولقد أجاز فريق من الفقهاء إعادة استثمار جزء من تلك الإيرادات في المجالات المختلفة إذا كانت هناك مصلحة معتبرة شرعاً في ضوء الضوابط الشرعية السابق بيانها، ونحن نرى عدم التوسع في ذلك حتى لا يؤدي إلى خلل أو مساس بمقاصد الوقف الأساسية.
3 – 10 - أسس إعداد حسابات أموال الوقف:
يحتاج نشاط استثمار أموال الوقف إلى تنظيم محاسبي منبثق من النظام المحاسبي للوقف، يهدف إلى إثبات معاملاته المختلفة في الدفاتر والسجلات، وقياس نتيجة النشاط من عجز أو فائض، ثم عرض ذلك والإفصاح عنه في صورة مجموعة من الحسابات والقوائم والتقارير المحاسبية لتزويد المعنيين بالأمر من داخل المؤسسة الوقفية أو خارجها بالبيانات والمعلومات التي تساعدهم في اتخاذ القرارات المختلفة ومنها قرارات الاستثمار المستقبلية، ويتم تنفيذ العمليات المحاسبية السابقة وفقاً للضوابط الشرعية والأسس والمعايير المحاسبية السابق بيانها تفصيلاً من قبل، ويجب أن يكون العرض والإفصاح صادقاً وأميناً وموضوعياً ويتسم بالشفافية التامة والوضوح واليسر والدقة وفي الوقت المناسب. وتستقى البيانات والمعلومات المحاسبية من مجموعة من الحسابات الأساسية من أهمها ما يلي:
1 - حساب العملية الاستثمارية:
يوضح هذا الحساب حركة كل عملية استثمارية من أصل مبلغ الاستثمار وقت الاقتناء والإضافات إليه والاستبعادات منه، ويمثل رصيد هذا الحساب صافي القيمة الدفترية التاريخية للعملية الاستثمارية في أي نقطة زمنية.
2 - حساب إجمالي استثمار أموال الوقف:
يوضح هذا الحساب إجمالي حساب العمليات الاستثمارية المذكورة بعاليه، حيث يجعل مديناً بإجمالي الاستثمارات وقت الاقتناء وبإجمالي الإضافات إليه خلال الفترة، ودائناً بإجمالي الاستبعادات منه خلال الفترة، ويمثل رصيده صافي القيمة الدفترية التاريخية للعملية الاستثمارية في أي نقطة زمنية والذي يظهر في قائمة المركز المالي للوقف في نهاية الفترة المالية.
3 - حساب مصروفات صيانة وترميم أعيان الوقف المستثمرة:
تقسم مصروفات صيانة وترميم أعيان الوقف المستثمرة إلى نوعين هما:
أ - إيرادية: وهذه تدخل ضمن نفقات استثمار أموال الوقف الجارية.
ب – رأسمالية: وهي التي ترسم وتضاف إلى قيمة الأصل باعتبارها استثماراً جديداً.
ويجب أن يفصح حساب مصروفات الصيانة والترميم عن كلا النوعين حيث لكل منهما معالجة محاسبية خاصة.
4 - حساب نفقات استثمار أموال الوقف الجارية:
يختص هذا الحساب ببيان نفقات استثمار أموال الوقف المباشرة محللة حسب بنودها المختلفة ومن أهمها:
أ - مصروفات دراسات الجدوى للمشروعات الاستثمارية للوقف.
ب – أجور ومكافآت العاملين بإدارة استثمار أموال الوقف.
جـ - المصروفات العامة لإدارة استثمار أموال الوقف.
د - الخسائر الرأسمالية الناجمة من استبدال أموال الوقف.
هـ - مصروفات الصيانة والترميم الجارية الإيرادية لأموال الوقف.
و - أي مصروفات أخرى تتعلق باستثمار أموال الوقف.
ويمثل هذا الحساب إجمالي نفقات استثمار أموال الوقف الجارية خلال فترة زمنية معينة، والذي يظهر في قائمة إيرادات ونفقات استثمار أموال الوقف.
5 - حساب إيرادات استثمارات أموال الوقف:
يختص هذا الحساب ببيان إيرادات استثمارات أموال الوقف الجارية خلال الفترة، ويمكن تقسيمها إلى المجموعات الآتية:
أ – إيرادات عينية: مثل: الفاكهة والمحاصيل، والثمار، والإنعام وما في حكم ذلك، وتحول إلى قيم نقدية.
ب - إيرادات نقدية: مثل: إيجار العقارات، وعوائد الأوراق المالية، عوائد الحسابات الاستثمارية لدى البنوك، وإيراد أرباح المشروعات المختلفة وما في حكم ذلك.
جـ - الأرباح الرأسمالية الناجمة من استبدال أموال الوقف والتي لم يُعد استثمارها لسبب من الأسباب.
ويمثل رصيد هذا الحساب إيرادات استثمارات الوقف خلال الفترة الزمنية والذي يظهر بدوره في قائمة إيرادات ونفقات الوقف العام.
3 – 11 - القوائم والتقارير المالية عن نشاط استثمار أموال الوقف:
يُعَدُّ على فترات زمنية مجموعة من القوائم والتقارير المالية التي تتضمن بيانات ومعلومات محاسبية تساعد في المتابعة والرقابة وتقويم الأداء الاستثماري، وتساعد كذلك في اتخاذ القرارات الاستثمارية المختلفة من اقتناء أو استبدال أو صيانة أو ترميم أو نحو ذلك.
ويقترح في هذا المقام القوائم الآتية:
1 - قائمة التغير في استثمارات أموال الوقف:
تهدف هذه القائمة إلى بيان التغيرات في استثمارات أموال الوقف خلال الفترة الزمنية، وبصفة خاصة الإضافات والاستبعادات.
وفيما يلي نموذج مبسط مقترح لهذه القائمة يمكن الاسترشاد به في التطبيق العملي.
قائمة التغير في استثمارات أموال الوقف
عن الفترة من .......... إلى ...........
الرصيد آخر الفترة
الاستبعادات خلال الفترة
الإضافات خلال الفترة
الرصيد أول الفترة
×××
×
××
الإجارة.
الحكر.
الإرصاد.
المشاركات.
الاستصناع.
المزارعة.
المساقاة.
المغارسة.
الأوراق المالية.
الحسابات الاستثمارية.
أخرى.
2 - قائمة نفقات نشاط استثمار أموال الوقف:
تهدف هذه القائمة إلى بيان نفقات نشاط استثمار أموال الوقف والتي أنفقت من أجل أداء العمليات الاستثمارية وجلب المنافع وتحقيق العوائد (الإيرادات) خلال فترة زمنية معينة.
قائمة نفقات نشاط استثمار أموال الوقف
عن الفترة من ………. إلى …………
إيضاحات
المبلغ
الرمز الكودي
البيان
كلي
جزئي
* مصروفات الدراسات الاستثمارية.
ـ
* الأجور والمكافآت.
* الصيانة والترميم.
* مصروفات عمومية.
* مخصصات.
* خسائر رأسمالية.
* أخرى.
3 - قائمة عوائد (إيرادات) استثمار أموال الوقف:
تهدف هذه القائمة إلى بيان إيرادات استثمارات الوقف محللة حسب بنودها المختلفة والتي تحققت خلال فترة زمنية معينة قد تكون ربع سنة أو نصف سنة أو سنة حسب الأحوال وطبقاً لاحتياجات إدارة مؤسسة الوقف.
قائمة إيرادات استثمار أموال الوقف
* إيرادات عينية مقومة نقداً.
- محاصيل.
- ثمار.
- أنعام.
- أخرى.
* إيرادات نقدية.
- إيجار أراضي.
- إيجار مبنى.
- إرصاد.
- حكر.
- عوائد أوراق مالية.
- عوائد حسابات استثمارية.
* أرباح رأسمالية لم يُعد استثمارها.
4 - قائمة إيرادات ونفقات نشاط استثمار أموال الوقف:
تهدف هذه القائمة إلى بيان صافي نتيجة استثمار أموال الوقف من فائض أو عجز خلال فترة معينة قد تكون ربع سنة أو نصف سنة أو سنة حسب الأحوال وطبقاً لاحتياجات إدارة مؤسسة الوقف.
قائمة إيرادات ونفقات نشاط استثمار أموال الوقف
عن الفترة من ........... إلى .............
××××
(×××)
(××)
_ _ _ _
* إيرادات استثمار أموال الوقف.
* إجمالي الإيرادات
*يطرح: نفقات نشاط استثمار
أموال الوقف
* إجمالي النفقات
* صافي الإيراد.
* يطرح: احتياطيات
×××××
صافي الإيراد القابل للتوزيع على المستفيدين
* التقارير المالية عن نشاط استثمار أموال الوقف:
تُعَدُّ على فترات دورية مجموعة من التقارير المالية عن نشاط استثمار أموال الوقف خلال فترة زمنية معينة وبجانب هذا قد يطلب بعض التقارير الخاصة غير الدورية لتساعد في اتخاذ قرار معين.
وتهدف هذه التقارير إلى تحقيق مجموعة من المقاصد من أهمها ما يلي:
* عرض إنجازات نشاط استثمار الوقف خلال الفترة الزمنية الماضية محللة حسب المجالات والصيغ والآجال ومقارناً ذلك بالمخطط الوارد بالميزانية التقديرية الاستثمارية، وبيان الفروق وتحليلها، وبيان أسبابها، وتقديم التوصيات المقترحة لتنمية الإيجابيات وعلاج السلبيات.
* تحليل عوائد (إيرادات) استثمارات أموال الوقف خلال الفترة الزمنية حسب مصادرها ومقارنتها بالمخطط المستهدف مقدماً، وبيان أسبابها، ثم تقدم التوصيات لتنمية تلك العوائد في المستقبل.
* عرض المسائل أو القضايا الاستثمارية لأموال الوقف ولا سيما فيما يتعلق بالاستبدال والصيانة والترميم والمشروعات الجديدة، وإعداد الدراسات اللازمة لتقديمها إلى إدارة استثمار أموال الوقف لاتخاذ القرارات بشأنها.
* تساعد هذه التقارير وغيرها في إعادة النظر في السياسات الاستثمارية الاستراتيجية في ضوء المتغيرات المعاصرة ولا سيما فيما يتعلق بصيغ ومجالات استثمار أموال الوقف.
* تساعد التقارير في تحفيز أهل البر والخير على إيقاف أموالهم للمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في ضوء المنشور عن إنجازات هيئة (مؤسسة) الوقف.
ويجب أن تتسم هذه التقارير بمجموعة من الخصائص المتعارض عليها منها: الأمانة والمصداقية والشمولية والاتساق والوضوح والدقة والتوثيق حتى تكون نافعة لمستخدميها باعتبارها شهادة ورأياً فنياً وحكماً من نوع خاص.
ومن أهم هذه التقارير ما يلي:
1 - تقرير عن عمليات الاستثمار الجديدة مخللة حسب الصيغ والمجالات.
2 - تقرير عن عوائد (إيرادات) الاستثمارات محللة حسب العمليات.
3 - تقرير عن نفقات الصيانة والترميم محللة حسب العمليات.
4 - تقرير عن عمليات الاستبدال محللة حسب العمليات.
5 - تقرير عن نشاط استثمار أموال الوقف الفعلي مقارناً بالمستهدف.
6 - تقرير عن الخطة الاستثمارية المستقبلية.
7 - أي تقارير أخرى عن نشاط الاستثمار.
النتائج العامة للدراسة
لقد تناولنا في هذه الدراسة الضوابط الشرعية والمعايير والصيغ الاستثمارية والأسس المحاسبية لموضوع استثمار أموال الوقف بهدف استنباط الإطار العام للدليل الشرعي والدليل الاستثماري والدليل المحاسبي لمعاملات استثمار أموال الوقف ليساعد في تحقيق المحافظة عليها وتنميتها وتعظيم عوائدها بما يحقق للمستفيدين وللمجتمع وللأمة الإسلامية أكبر نفع ممكن.
ولقد خلصنا إلى مجموعة من النتائج من أهمها ما يلي:
أولاً: لقد تضمنت كتب الفقه من التراث ودراسات فقه المعاملات والاستثمار الإسلامي المعاصرة مجموعة من الضوابط الشرعية والتي تمثل الدليل الشرعي لاستثمار أموال الوقف، وقدمت حلولاً قيمة لبعض المشكلات الاستثمارية المعاصرة في مجال الوقف مثل: الصيانة والترميم والإعمار والاستبدال والإهلاك والمخصصات والاحتياطيات وتوزيع الريع ونحو ذلك.
ثانياً: يحكم عمليات استثمار أموال الوقف مجموعة من الأسس والمعايير الفنية التي تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية من أهمها: المحافظة على الملكية، وتحقيق الأمان النسبي، وتحقيق عائد مرض يتسم بالاستقرار، وتحقيق المرونة في تغيير صيغ ومجالات الاستثمار، وتحقيق التوازن بين العائد الاجتماعي والعائد الاقتصادي والتوازن بين مصالح الأجيال.
ثالثاً: هناك صيغ ومجالات استثمار إسلامية معاصرة تناسب طبيعة الوقف منها على سبيل المثال: المشاركة الثابتة والمنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، والاستصناع والاستصناع الموازي، والمساهمات في رؤوس أموال بعض الشركات والمؤسسات بصيغ الأسهم والصكوك ونحوها، وكذلك الاستثمار لدى المؤسسات المالية الإسلامية مثل المصارف الإسلامية، وشركات الاستثمار الإسلامي، والصناديق الاستثمارية الإسلامية، كما أن هناك صيغاً ومجالات استثمار يجب تجنبها لأنها تتضمن درجة عالية من المخاطر مثل: المرابحة والتجارة والمضاربات في سوق الأوراق المالية والتجارة في النقد.
رابعاً: لقد اقترحت مصفوفة لخطة تشكيلة خطة استثمار أموال الوقف، ونظم للمتابعة والرقابة عليها، ومعايير لتقويم الأداء الاستثماري باستخدام الأساليب العلمية المتقدمة المعاصرة بهدف المساعدة في اتخاذ القرار الاستثماري.
خامساً: يحكم المعالجات المحاسبية لعمليات استثمار أموال الوقف التقليدية والمعاصرة مجموعة من الأسس والمعايير المحاسبية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومن المحاسبة التقليدية التي تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
سادساً: من مقاصد النظام المحاسبي للوقف تزويد المعنيين بالاستثمار بالبيانات والمعلومات المحاسبية التي تساعد في اتخاذ القرارات الاستثمارية وهناك حاجة لبرامج كمبيوتر لزيادة تفعيل وتطوير تشغيله.
التوصيات
في ضوء ما أسفرت عنه هذه الدراسة من نتائج، يمكن تقديم مجموعة من التوصيات التي قد تسهم في تطوير استثمار أموال الوقف في ضوء التطبيقات المعاصرة.
أولاً: الاهتمام بإصدار الدليل الشرعي لاستثمار أموال الوقف في ضوء صيغ ومجالات الاستثمار الإسلامية المعاصرة والتوفيق بين الآراء الفقهية المختلفة بما يساعد المؤسسات الوقفية الجديدة في البلاد الإسلامية على تطوير استثماراتها.
ثانياً: وضع نماذج استثمارية لأموال الوقف حسب الصيغ والمجالات المختارة مرفقاً بها نماذج العقود المناسبة المعدة في ضوء الدليل الشرعي لتساعد في تطوير التطبيق العملي.
ثالثاً: وضع نماذج لدراسات جدوى المشروعات الاستثمارية المختارة في ضوء الضوابط الشرعية والمعايير الاستثمارية يسترشد بها في التطبيق العملي.
رابعاً: تصميم نماذج كمبيوتر محاسبية متقدمة تناسب طبيعة معاملات الوقف لتساعد في استخدام أساليب التقنية الحديثة في مجال تشغيل البيانات وعرض المعلومات المحاسبية اللازمة لاتخاذ القرارات.
خامساً: تنظيم دورات تدريبية للمعنيين بأمر استثمار أموال الوقف لتنمية مهاراتهم واستكمال جوانب المعرفة والخبرة لديهم.
أوقاف / مجلة نصف سنوية محكمة تعنى بشؤون الوقف والعمل الخيري
الدكتور / حسين حسين شحاتة – أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر