الاجابة على هذا السؤال تجعل المدير في الغالب في مصاف الاكفّاء القادرين أو تحكم عليه بالضد.. طبعاً.. عرفنا أن بعض الضغوطات منطقية وصحيحة والحكمة تستدعي من أي مدير منا أن يتعامل معها بإيجابية هذا في حالة القدرة وأما في حالة فقدان القدرة فيمكن أن نتكفل بحلها عبر المشاركة في القرار كما قلنا فانا لا نعدم في هذه الحالة أن نجد من يتكفلها عنّا من القادرين بالفعل أو بالقوة أو نكون قد وفرنا فرصة جيدة للطرف الضاغط ليتفهم عجزنا عن الأمر بما يمنع من سوء الظن وحدوث تصورات خاطئة تنعكس عليه وعلينا سلبياً. ولكن الكلام في الضغوطات المتزايدة غير المقدورة أو المقدورة ولكن لا تدخل في أولوياتنا ماذا نصنع؟ هذا ما قلنا أن بعض المدراء يزيد أزماته بنفسه وذلك.. عندما يسمح لنفسه بتقبل الضغوطات من دون وضوح في رد الفعل.. إنّ بعض المدراء يجدون صعوبة شديدة في رفض الضغوطات أو الطلبات خوفاً من التقييم السلبي لهم من قبل الآخرين.. أو خوفاً على سموّهم الأخلاقي والنفسي من الرد أو حرصاً على مشاعر الطرف الآخر.. وهي أمور مهمة وجديرة بالمراعاة والتقدير إلاّ أنّ هذا لا يمكن الاعتماد عليه كقاعدة كليّة تنطبق في كل الموارد. بل هناك العديد من الضغوطات التي يواجهها المدراء ممّا تحتاج إلى إجابة واضحة ودقيقة وفي نفس الوقت تكون مدروسة طبعاً. فأنّ الاجابة الواضحة في الكثير من الأحيان تجعلنا في منجى من الضغوطات المتكررة أو التوقعات المتزايدة وترسم للجميع حدود التعامل الممكن والمقبول وغير الممكن أو غير المقبول.. وبذلك نكون قد خففنا من شدة الكثير من الأزمات النفسية والتوترات التي تحدث بين أعضاء المؤسسة أنفسهم وبينهم وبين المدراء. وبتعبير آخر.. نكون بهذا الأسلوب قد وفرنا لمؤسستنا قدراً اكبر من فرص النجاح وأنقذناها من أخطار جسيمة في الفشل. ونحن لا ننكر أنّ لهذا الأسلوب بعض المضاعفات السلبية إلاّ أنّنا إذا أجرينا معادلة للربح والخسارة قد نجد أنّ ما نربحه فيه أكثر ممّا نفقده منه وبالتالي لابد من ارتكاب الأهون ضرراً.. في حال انعدام الأفضل. وحتى يدرك المدير الأفضل عليه أن يطرح على نفسه الأسئلة التالية ليتوصل إلى قرار ناجح.. ماذا أفعل عندما يحاول الآخرون ـ شعورياً أو لا شعورياً ـ الضغط عليّ والتحكم برأيي؟ ما هي الأجوبة التي تزيد الاحترام والثقة بيني وبين الطرف الآخر؟ أي الخيارات يحقق لي وله الدرجة الأكبر من التراضي والاقتناع؟ أي الخيارات يحفظه كعضو في المؤسسة أو كصديق لها ويحفظ حقوقي ووظيفتي كمدير ينبغي أن اجمع بين القدرات المتاحة وبين الأولويات؟ والظاهر أن الأجوبة عن هذه الأسئلة سوف تجعل الطريق أمامنا واضحاً في انتخاب الأفضل. ونعود ثانية إلى طرق موضوع الإجابة الواضحة فنقول: إذا كان الجواب ـ لا ـ في قبال الضغوطات الموجهة إلينا.. فينبغي أن نعلنها بشجاعة ووضوح وحكمة لأنّنا بذلك نكون قد رسمنا حدودنا التي لنا المجال أن نتحرك فيها.. فليعذرنا الآخرون عن غيرها إذن.. فوائد.. لا.. وهذا الجواب يوفر لنا الكثير من المعطيات والفوائد وبشكل مختصر نقول: أنّه: أولاً: يجعل الطرف الآخر على بيّنة من أمره في التعامل معنا لأنّنا نكون قد وضعناه أمام واقعنا وأطلعناه على حدودنا وما هو بمقدورنا وما هو خارج عن مقدورنا وربّما نقول أطلعناه على ما هو في مصلحتنا وما ليس من مصلحتنا وعلى ماذا يمكن أن نوافق وعلى ماذا لا!! وفي غير هذه الصورة فأنّنا في الغالب نكون قد أجبرنا الآخرين على تجاوز مصالحنا والعبور علينا من زوايا مختلفة من أجل جرنا إلى ما يريدون.. والسبب أحيانا هو نحن.. لأننا غير واضحين معهم وهو يكفي لأن يعطيهم اعتقاداً بأنّهم قادرون على أن ينالون منّا ما هو في مصلحتهم متصورين أنّ هذا لا يتعارض مع مصالحنا أو أنّنا نصفح في أمثالها طالما أنّنا لا نصرح ولا نعترف بـ لاـ أو ـ نعم ـ. ثانياً: حينما لا نكون واضحين فأنّنا قد نحرم من فرص كبيرة للنجاح.. لأنّ غموضنا يجر أطرافنا للمزيد من الضغط ومن الطبيعي أنّنا سنحاول التخلص منه بشكل وبآخر وهو يكفي لإثارة المزيد من المشاعر السلبية فيما بيننا.. لأنه من جهة لربّما سيرسم لنا صورة مشوّهة لدى الآخرين تصورنا بأنّنا كاذبون نكذب عليهم في التعامل أو أنّنا نخدعهم نقول شيئاً ونعمل ما ينافيه أو يصورنا أنّنا لا نقدّر الآخرين ولا نحترم آراءهم أو أنّنا متفردين بالرأي لا نحب استماع الرأي الآخر وهو من شأنه أن يزيد من إنزعاجهم تجاهنا.. كما أنّنا سنشعر بالانزعاج الكثير من طرفنا الآخر أيضا لما نعانيه من وطأة ضغوطه وفي الأخير فأمّا نتهرب منه أو نشعر بعدم التحمّس في التعاطي معه وهي سلوكية تتضح بسرعة على قسماتنا وجوارحنا وفي الفروض الأسوء ربّما نتوصل إلى أنّ صاحبنا لجوج الطبع وسيّء النيّة يحاول أن يحصل على مصالحه وربّما أطماعه بأي طريق كان بل ـ وفي الفرض الأسوء ـ يريد أن يجعلنا جسراً لرغباته.. وهذه مشاعر تكفي وحدها لتمزيق الصفوف وزعزعة الثقة وعرقلة فرص التفاهم والتعاون والتنسيق. أمّا الجواب الواضح.. المدروس من أول يوم وأن كان يتضمن بعض المساوئ إلاّ أنّها بالمحصلة الأخيرة أقل بكثير من الغموض أليس كذلك؟! ثالثاً: ربّما يجسد عندنا ـ عدم الوضوح ـ تطبيق المثل القائل (القشّة التي قصمت ظهر البعير) في أخلاقنا وتصرفاتنا فعندما يصعب علينا أن نقول ـ لا بصراحة وحكمة والمجاملة بالتي هي احسن فأنّنا في الغالب سنقع ضحية تكاثر الضغوطات والوقوع ضحيّة طلبات الآخرين لا لمرة واحدة بل لمرّات ومرّات لأنه يجعلنا على المحك دائماً فأن استجبنا لبعض دون بعض ـ لحكم ومصالح نحن نعرفها إلاّ أنّه في الغالب لا يعرفها الآخرون ـ يضعنا في الميزان مميزين ومفرقين في التعامل. وأن استجبنا للجميع فهو يضعنا في عسر وحرج شديدين.. وبمرور الزمان وتكرر التجارب ربّما سينمو عندنا الشعور بالأذى والإحباط من الآخرين ـ سواء نريد أو لا نريد ـ وهذان عاملان يعدّان من أهم مثيرات الشعور بالغضب والمحفزات لعدوانية الإنسان. ومن الثابت في علم النفس.. أنّ الغضب شأنه شأن سائر الانفعالات الإنسانية مهما حاول الإنسان أن يكتمه فأنّه في آخر المطاف سيجد منفذاً للتعبير عن نفسه. ولذا نجد أنّ بعض الأفراد عندما لا يسمحون بظهوره حيال الفرد أو الموقف الذي أغضبهم فأنّهم يفجرونه حيال شخص آخر بريء أو موقف آخر لا يستحق كل هذا الغضب (كما قد يحدث هذا لنا جميعاً في البيت أو المؤسسة أو أي مكان آخر). وكم من زوج فجّر غضبه المكبوت في الشارع اتجاه زوجته وأطفاله وبالتالي كلّفه الكثير.. ومن الواضح إنّ الغضب المكبوت عندما يجد طريقه للظهور فأنّه سيكون مضاعفاً وقاسياً وأكثر نشازاً من الموقف الذي ظهر في وجهه.. وفي بعض الأحيان يسبب الغضب المكبوت حالات عدائية في نفس الإنسان تجعله عدوانياً تجاه الجميع وحاقداً على الجميع ومعلوم أنّ هذا المرض إذا استمر يستفحل في نفسه وبالتالي فانّه يتفجّر بشكل انتقام وحدوث المشاكل الأكبر والأكثر ضرراً كل هذا وغيره كان يمكن لنا تجنبه إذا عبرنا عن واقع الأمر من اللحظة الأولى ـ لا ـ