بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما هي أفضل طريقة للمذاكرة وأنفعها؟ وهل من الأفضل للمذاكرة أن تكون ليل نهار أم نهار ليل، علما بأن المذاكرة في النهار تكون قليلة التركيز، وبالليل يكون الجو هادئا ومن السهل التركيز؟ وجزاكم الله كل الخير.
الحـــــــــــــل
الأخ السائل، قبل أن نتحدث عن أفضل طريقة للمذاكرة علينا أن نحدد أولاً: ما هو الهدف من هذه المذاكرة؟ هل هو الفهم والاستيعاب والخلق والابتكار والإبداع (هذا هو الهدف المثالي) أم هو الحصول على الدرجات (هذا هو للأسف الهدف المهم)؟ خاصة في مرحلة الثانوية العامة؛ لأننا في مجتمعاتنا النامية نعول على أمر الحصول على الدرجات الكثير؛ مما يجعل لهذا الهدف أهمية كبرى. طريقة الامتحانات في أغلب الأحيان تقيس قوة الحفظ، ولا تركز على الفهم؛ لذا عليك أن تضع هذا الهدف نصب عينيك، وهو أن تحصل على أكبر قدر ممكن من الدرجات، خاصة إن كنت في مرحلة الثانوية العامة، وهناك بعض الوصايا التي نوردها لك: أولاً: إن الركن الأساسي في قوة المذاكرة هو قوة التركيز والابتعاد عن التشتت، وكلما كان التركيز قويًّا كان الاستيعاب أفضل من ناحية الفهم والحفظ. وأضرب لك مثلا بما نشاهد من بعض الأفلام والمسلسلات.. ألا ترانا قادرين على سردها لمجرد أننا رأيناها مرة واحدة. أعتقد أن السبب هو أن تركيزنا كان قويًّا ولا يشغله شاغل عند مشاهده هذه الأفلام. ثانيًا: بما أن المحور الذي تدور عليه كفاءة الاستذكار هو قوة التركيز، فعلينا أن نتعرف على أهم الوسائل التي تزيد قوته، ومن أمثلتها: 1- تهيئة الجو المناسب الذي تقل فيه المشتتات. 2- محاولة إضفاء عنصر التسويق والإمتاع على مناهجنا الدراسية؛ حتى يشعر الإنسان بالمتعة عند الاستذكار، كالاستعانة ببعض البرامج الكمبيوترية أو الألعاب أو المواد الفيلمية أو التطبيقات العملية لهذه المواد. وأعترف أن هذا في مجتمعاتنا النامية أمر صعب لقصور المناهج الدراسية وامتلائها بالحشو والمعلومات غير المفيدة التي ليست لها تطبيقات تُذكر في الحياة العامة أو العملية؛ مما يجعل الطلاب لا يتذكرونها بعد الانتهاء من دراستها. 3- هناك بعض الأساليب التي تساعد على قوة التركيز، وتختلف حسب طبيعة كل شخص؛ فهناك على سبيل المثال من يذاكر بصوت مرتفع ويرى ذلك أقوى للتركيز، وعلى العكس هناك من يرى الاستذكار بصوت مرتفع مشتتا له ويفضل القراءة الصامتة، وهناك من يفضل الاستذكار بالورقة والقلم وهذه الطريقة ناجحة على مرحلة ما قبل الجامعة، أما في الجامعة فقليلا ما تفيد، وذلك لتمدد المناهج وعدم وجود الوقت الكافي للمذاكرة بهذه الطريقة، ولكن تبقى المذاكرة بهذه الطريقة مهمة على الأقل بذكر العناصر الأساسية والمهمة في الموضوع دون كتابة التفاصيل. 4- من المعلوم أن المذاكرة النهارية أفضل بوجه عام، ولكننا قلنا: إن المحور الذي ندور عليه في عملية الاستذكار هو قوة التركيز؛ فإن كان الليل يحقق ذلك لما فيه من صفاء وسكون وقلة منشطات فلا بأس شريطة أن ننام قدرًا معقولا من الوقت. 5- الاطلاع على الامتحانات السابقة يحدد الطريقة التي تأتي بها الامتحانات، ومن ثم يحدد الطريقة المثلى للمذاكرة، وهناك لكل مادة طريقة مثلها لمذاكرتها؛ فإن كانت الامتحانات على هيئة اختيارات يكون التركيز عندها على القراءة المتكررة وعلى المعلومات بين السطور وحل الاختيارات بصورة مكثفة، وإن كانت الأسئلة على هيئة أسئلة مقال فيكون التركيز على كتابة وتسميع الأسئلة والموضوعات الهامة.. وهكذا. 6- المذاكرة الجماعية مفيدة جدًّا، خاصة في مرحلة الشباب، شريطة أن تكون مع الشباب الجاد المتفوق، على ألا يزيد العدد عن اثنين أو ثلاثة. 7- بقيت الوصية الذهبية في عملية المذاكرة، والتي تغيب عن الكثيرين منا، خاصة في مجتمعاتنا النامية، والتي تجعل عملية التعليم بين طرفين: طرف مرسل وهو المدرس، وطرف مستقبل وهم الطلاب، وهذا خطأ كبير، والصورة المثلى لعملية التعلم أن المدرس ما هو إلا منظم وموجه لهذه العملية، والتلميذ له دور إيجابي بجانب الاستماع؛ فالصورة المثلى لعملية التعلم- وحتى تكون نابضة وممتعة- هي أن تكون عملية استقبال وإرسال يأخذ فيها الطالب ويعطي؛ كأن يتعود الإنسان بشرح بعض المواد الدراسية لمن يصغرونه، وما أمتع وأفيد العودة للاطلاع على هذه المناهج وشرحها للصغار. إن من يطبق هذه الوصية ويداوم عليها يشعر حقا بلذة العلم ومتعته، ويشعر برغبة أكيدة في اكتساب الجديد من المعلومات، وعوضًا عن ذلك، يلجأ بعض الطلاب إلى شرح بعض الأجزاء الدراسية لزملائهم، وهذه من أفضل الطرق للحفظ والإتقان، ألا ترى المدرس يحفظ الدرس عن ظهر قلب لمجرد أنه قام بشرحه للتلاميذ مرة أو مرتين.