الحرب النفسية ودور الخوف من المجهول في الهزيمة أمام العدو
الفصل الأول: اليهودي الغول
أول صورة يمكن إن تصل إلى خيالنا عند أول ذكر لكلمة "يهودي" هو ذلك الوحش الغامض الذي لا يملك أي ملامح ولا نستطيع أن نصفه بأكثر من كلمة "غول" !؟.
-"الغول"... سيأتي ليبتلعك ويأخذك معه ليطعمك إلى صغاره!؟.
بمثل تلك العبارات كانوا أهلنا يرعبوننا حتى نطيعهم ونلتزم بتعليماتهم لكي لا نتكلم مع غريب أو نفتح الباب -أثناء غيابهم- لأي طارق !؟.
ولهذا التصقت صورة "اليهودي" بشكل وحش خارق بشع لا ملامح له كالغول تماما قادر أن يصل ألينا ويقضي علينا لمجرد أن نتيح له الفرصة !؟.
إنها ثقافة الرعب تلك التي كانت تساهم بها أمهاتنا وأهالينا جنب إلى جنب مع الإعلام العربي حتى أصبح كابوسا يلازمنا في غفلتنا أو استيقاظنا دون أي عون أو دعم يزيل عن كواهلنا الغضة البريئة هذا الخوف من المجهول... فهو بلا ملامح ...بلا هيئة... بلا صورة واضحة... ولا وسيلة لدينا للتعرف إليه حتى نستطيع أن نحاربه ونرسم خطة للقضاء عليه.
وأنا أتصور بأنها كانت اكبر الأخطاء التي كان يتبعها الموجهين والمسئولين والإعلاميين في ممارسة تربيتهم وتوجيههم ولا زالوا -بطرق أخرى- حتى انقلبت كذبتهم ولعبتهم عليهم فأصبحوا هم أولى ضحايا هذا الخوف من المجهول "الغول" القادم من لا مكان !؟.
واذكر أول مرة رأيت فيها يهوديا هو عند عرض محاكمة الجاسوس "كوهين" على التلفزيون السوري وكنت يومها في السادسة من العمر...وأصبت بالذهول والاضطراب والصدمة !؟.
-انه رجل مثلنا !؟. (تساءلت) له عيون وفم وانف ورأس مثلنا تماما ويتكلم مثلنا ولكن بلغة أخرى هي لغة الغيلان اليهود !؟.
منذ الآن استطيع أن أضع الخطط المناسبة لمحاربته والوقوف بوجه ومحاربته.
وأظن بان احد أسباب هزائم العرب كلها بمواجهة اليهود هو هذا الرعب الذي زرع -عن نية حسنة أو سوء تقدير- في نفوس العرب منذ صغرهم دون أي حساب للعواقب الوخيمة التي يمكن أن ندفع ثمنها.
ودفعنا الثمن غاليا بضياع الوطن وضياع المقدسات وضياع الحرية تحت ستار استردادها (أي الأوطان) فغرقنا بالتخلف والجهل والفقر والظلم ستين عاما ولا نزال.
الفصل الثاني: الانتفاضة من الخوف
أول اختراق لهذا الخوف والانتفاضة عليه بدأت مع أول حجرة تلقى على العدو الصهيوني في أول ثورة قامت ضده منذ أكثر من عشرين عاما وذلك بعد أن اكتسب الجيل الجديد من الشعب العربي الفلسطيني المناعة من هذا الخوف عبر معاشرته له وتعامله اليومي معه.
بحيث أصبحت مطاردته لهذا العدو وتسديد الضربات إليه ورجمه بالحجارة هي بمثابة لعبة تشبه لعبة القط والفأر يمارسها بشكل طبيعي في ذهابه وإيابه من المدرسة.
وتفاعل الشارع العربي بكل صدق وحماس مع هذه الانتفاضة (الطعم الجديد ضد الخوف) الذي وجد فيها تنفيسا جديدا له وتحررا من الخوف التقليدي والمستمر من هذا الغول المجهول القادم من لا مكان !؟.
فكانت تعكس بشكل أو بآخر أمانيه بعودة روح المقاومة بعد الهزائم الجديدة التي قضت على انتصارهم الأول -في حرب تشرين- من خلال الاتفاقات الهزيلة التي تبعتها دون تفسير واحد ومنطقي لما حدث !؟.
وكان السؤال الأساسي والمهم الذي أجتاحهم: إذا كانت النتيجة لكل ما قمنا به هو اتفاقيات هزيلة فلماذا حاربنا أربعين عاما ؟.
وتحت اسم الحرب تلك قامت الدكتاتوريات والأنظمة المستبدة بحيث صودرت الحريات. وطاردت الأحرار. وقضت على التنمية. ومحت من الوجود أكثر من جيلين كاملين من أبنائها !؟. وهم من خيرة مثقفيها وعلمائها ومفكريها. والذين حوربوا بوحشية بعد أن تم تأهيلهم وصرف الأموال عليهم ليكونوا بنائين المستقبل الموعود ؟؟؟.
ليتحولوا بعد مطاردتهم إلى مشردين منبوذين في بلاد الغربة والمهجر !؟.
ولتحل بدلا منهم جيل آخر يتمتع بالمواصفات المطلوبة في الطاعة العمياء لكل خطوة وكل معركة (معارك السلام والتطبيع موضة العصر) ؟.
وليس أدل على تجاوز حاجز هذا الخوف ما تابعته منذ أيام من حديث الشاعر الفلسطيني الكبير "محمود درويش" الذي أجرته معه "قناة الجزيرة" بحيث ترجم من خلال دعمه للمواطنين العرب في بلدانهم ورفع معنوياتهم بقوله (نحن بخير لا تقلقوا علينا وإذا احتجتم لأي مساعدة فنحن جاهزون لتقديمها لكم... من هنا من فلسطين المحتلة ومن عرب فلسطين !.)
انه خطاب التواصل مع أهل له في الخارج يعانون -ربما- اضطهادا اكبر بكثير مما يتعرض له هو تحت الاحتلال !.
وهذا إن دل على شيء فانه يدل على عمق الحاجة لهذه الموجات الارتدادية الكهربائية بين ضفتي العروبة في الداخل والخارج للحفاظ على الصحوة ومغالبة نعاس التقاعس والتردد !.
وأنا لي وجهة نظر خاصة بعض الشيء عن الغير وكنت قد أوضحتها من خلال كتاباتي وتختصر:
بأنني وان انتهت حروب الجميع (حتى الفلسطينية) مع الدولة الصهيونية فحربي معها لن تنتهي !. لان حربي معها لا تتعلق بأرض وحدود بل بهوية ووجود وهناك حق وحساب لي عليها ومعها لما سببته من دمار والقضاء على أحلام ومستقبل الملايين من أجيالنا بحجتها !؟.
ولن أرضى بأقل من رحيلها ورحيل أعوانها عن ارض فلسطين بالكامل وعودة ترابها إلى الوطن الأم سوريا.
الفصل الثالث: اليهودية والصهيونية
تمهيد:
من المعروف بان لكل مجموعة بشرية خصائصها ومكوناتها البيولوجية الفريدة والمميزة والتي تعطيها صفتها الخاصة بها بمعزل عن انتمائها لوطن أو إقليم.
وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بشجرتها الوراثية (الجينات) والتي تكونت عبر مئات أو آلاف السنين (ربما ملايين السنين حسب بداية تواجدها) وهي تتحدث وتتطور عبر الأجيال مضيفة إليها وفي كل يوم معرفة جديدة وصفة جديدة ومناعة جديدة.
فنجد بأنه وعلى مستوى قرية صغيرة لا يتعدى سكانها ألف نسمة (وهو ما ينطبق على القبيلة) صفات ومميزات تختلف عن قرية أخرى لا تبعد عنها بضع مئات من الأمتار !. وذلك يعود إلى حفاظ تلك القرية على خصائصها البيولوجية -منذ نشأتها- بالتزاوج بين أفرادها وتوارث العادات والتقاليد -دون وعي للأسباب- فتأخذ بذلك صفة معينة تلتصق بها عبر الأجيال ورغم عنها.
لأنها تدل على هويتها الخاصة التي تعرف بها -كل ما رغبنا التحدث عنها- شاءت أم أبت.(وهو ما سهل انفصال أقاليم كاملة عن وطنها الجغرافي الأم، حتى وان كانت تنتمي عرقيا إليها -في أي مكان من العالم- بدعوة اختلافها عن محيطها وحقها بالاستقلال بالأرض التي تشغلها).
واليهود كمجموعة بشرية منذ أن وجدوا كعائلة صغيرة انفصلت عن محيطها لتشكل قبيلة وتبدأ بإضافة تعاليم وعادات وتقاليد جديدة إليها (إلى شجرتها الوراثية) منها ما يتعلق بالأنبياء والرسل الذين جاؤوا منها أو أرسلوا إليها !. ومنها ما أؤخذ من المحيط القريب الذي انفصلوا عنه ليكونوا -عبر تنقلهم واحتكاكهم بين الأقاليم والحضارات المختلفة المجاورة- ما يشبه العقيدة (الدين) بأشياء يؤمنون بها ويتوارثوها عبر الأجيال لتعطهم صفة خاصة تلتصق بهم وتميزهم عن غيرهم وتعرف بهم، حتى أصبحت جزءا منهم لا يستطيعون الفكاك منها أو تغيرها وإلا اعتبر ذلك خيانة عظمى لانتمائهم.
فكان هناك يهود آشور وكنعان ومصر. (بما يشبه العائلات الهندية التي انتشرت في بلاد فارس والمشرق العربي والأنضول وصولا إلى أوروبا وسميوا "بالغجر" فهم مسلمون هنا ومسيحيون هناك ويهود بمكان آخر ظاهرا !؟. وفي الباطن فهم يمارسون عاداتهم وتقاليدهم بعيدا عن أي من أخلاق هذه الديانات).
وكما تبدأ الصفة الخاصة بأي مجموعة بشرية ابتدءا من الأسرة إلى القبيلة ثم الطائفة فالعرق وانتهاء بالوطن (الإقليم الجغرافي) الذي يجمعهم.
اخذ اليهود صفتهم التي عرفوا بها، فهم شواذ عن محيطهم -بطبعهم وخلقهم- وعلى صدام معه باستمرار (الإخلاص المطلق للعرق حسب مفهومهم، الغدر بالغير، الخسة واللؤم، عدم وفائهم للجار والبلد المضيفة التي تؤويهم والعمل على خرابها للسيطرة عليها بشتى الوسائل حتى تلك الدنيئة منها، عدم إخلاصهم لأي من الأنبياء والرسل الذين أرسلوا لهم، وأخيرا أهم صفة عرفوا بها وتدل عليهم هي ممارستهم للربا والدعارة والتجسس والقتل.)
يهود البارحة ويهود اليوم
يهود البارحة
اليهود كعرق بشري
اثبت كل الدلائل التاريخية بان اليهود لا يشكلون عرقا بشريا واحدا. وبأن اليهود الذين ذكرهم القرآن لا يمتون بأي صلة لأولئك الذين اخذوا اسمهم فيما بعد. وذلك لان معظم اليهود الذين عرفوا على مدى العصور التي ذكروا فيها كانوا بين اخذ ورد بين الحضارات التي تواجدوا بينها. فكانوا يخالطونها ويتزاوجون منها ويندمجون حينا بها وينفصلون عنها حينا أخرى. وذلك حسب المصلحة والمنفعة الممكن تحصيلها.
وبأن الموحدون منهم والذين نعموا بالرسل والأنبياء -كإبراهيم وموسى عليهم السلام- ورغم خيانتهم لهم وارتدادهم عنهم لم يكونوا سوى قلة لم يدم وفائهم لديانتهم طويلا.
وبأن سيرتهم المتتابعة مع الديانات التي كانت تنقل لهم عبر سلسلة من الرسل. (منهم من كان يتوارثها أب عن جد) لم تكن ناجحة لخلوها من المنفعة الشخصية التي كان يقوم عليها تفكيرهم ونمط حياتهم.
وان أسطورة شعب الله المختار هي حكاية ملفقة عن تسمية الله تعالى للأخيار منهم (المؤمنون الموحدون المدافعون عن دينه) أي بشروط وليست هبة مجانية وصفة مقطوعة لهم لان هذا يتناقض مع عدالة الله ومساواته بين مخلوقاته. وقد كان موضوع محبة قوم عن قوم وتفضيل فريق على فريق مسألة متداولة في الكتب السماوية ومرتبطة في الترهيب والترغيب. ومكافئة الطائع ومعاقبة المرتد الخائن. ولا أظن بان الله سبحانه وتعالى يمكن أن يتصف بالعنصرية ليفضل قوم عن قوم جزافا وحسب نسبه لعرق بشري معين !؟.
اليهودية كدين
المعروف عن الأنبياء والرسل بأنهم يرسلون في مهمة إلهية لبني البشر وليس لمجموعة بشرية معينة أو لعرق معين حتى وان كان النبي المرسل يتبع ملة أو عرق أو طائفة.
وان إيمان القبيلة أو الشعب -الذي ينتمي له هذا النبي- به هو أول خطوة نحو تبليغ الرسالة للأقوام والشعوب الأخرى بدافع الهداية ونشر المحبة والتسامح. وبأنه يكفي أن يؤمن ملك أو شيخ قبيلة حتى تتبعه المملكة أو القبيلة كلها !. (كمملكة آشور وكنعان ومصر وسبأ) وهذا طبعا ما لم يحصل بين أفراد الشعب اليهودي ورسلهم بل كانت المؤامرات تحاك ضد أنبيائهم وحتى بين الأخوة من أبناء النبي الواحد للإيقاع فيما بينهم لوراثة النبوة !؟.
وبان التوراة التي اعتمدت على (صحف إبراهيم وموسى) والتي نادت بالتوحيد وبان لا اله إلا الله وبالسلام والمحبة بين البشر( لا تسرق، لا تقتل، لا تزني، لا تكذب،...الخ) اعتمدت من قبل شعوب أخرى غير اليهود وعمل بقوانينها ويعتقد بان قانون "حمورابي" الشهير والمكتوب باللغة "المسمارية" هو بعض من أثارها. وان دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الدين شيء والعرق شيء أخر لا يرتبط به على الإطلاق.
خاصة وان بقايا اليهود الذين انتشروا في منطقة الهلال الخصيب والجزيرة العربية ومصر (خاصة المؤمنون منهم وفي غالبيتهم يهود في الديانة وليس بالعرق أي لا ينتمون إلى بني إسرائيل) اعتنقوا الديانات الجديدة كالمسيحية (منهم رسل بشروا بالمسحية ونقلوها إلى أصقاع الأرض ودافعوا عنها) ومن بعدها الإسلام (منهم صحابة وعلماء وفلاسفة ومشرعين)لأن تعليمات دياناتهم تبشر بهم وتأمر بطاعتهم والإيمان بهم. (بعضهم أقام ملة أو حزب أو طائفة دينية جديدة تعتمد الإسلام شكلا وتمارس طقوسها ومعتقداتها سرا) فيما انتشرت البقية الباقية ضمن مناطق وأحياء خاصة بهم مستفيدة من تسامح المسلمين مع الأقليات في الدولة الإسلامية الناشئة.
إذا لا اليهود ولا ديانتهم (اليهودية) مرتبط أي منهما بالأخر.
اليهود والحضارة
لم يعرف التاريخ حضارة يهودية وما المدن والمعابد التي أقامها الأنبياء العظام منهم كالنبي إبراهيم أو داوود وسليمان إلا استمرار لحضارات كانت قائمة قبلهم. ولزمن قصير جدا نسبيا إذا ما قورن بعمر الحضارات الأخرى. ولم يعرف التاريخ تداوله للغة العبرية أو تراث عبري أو ثقافة عبرية (وهم أساس قيام دولة وحضارة) بل إن كل الشواهد على تلك الحضارات تدل على هويتها المحلية الكنعانية أو السريالية أو العربية اليمنية. وهذا ينفي وجود علاقة بين اليهود والحضارة لأنهم في غالبيتهم كانوا منشقين ومعارضين لأنبيائهم. فالحياة المدنية والتنعم بالحضارة والثقافة كانت تتعارض مع قيمهم البدوية وطريقة حياتهم القائمة على السرقة والقتل والبغاء.
وأخيرا
وأخيرا أنا لا أظن بأنه كان هناك ما يسمى بشعب يهودي ؟. ولا امة يهودية ولا وطن أو حضارة يهودية بل كان هناك بعض القبائل السامية (كالغجر تماما) تميزت بصفات خاصة بها أخذتها من أفعالها وتصرفاتها وسلوك أفرادها الاجتماعي عبر تبنيها لخليط من قيم وديانات وعادات وتقاليد الشعوب المحيطة بها.
منها عبادتهم للكواكب والأصنام. وقد سمي بعضها ونسبت إلى أنبيائهم ورسلهم فكان بينهم "بني إسرائيل" الذين تم ذكرهم في القرآن.
وقد خرج منهم وأرسل إليهم أنبياء كثر أشهرهم وأكثرهم تأثيرا هم إبراهيم الخليل (الكلداني صاحب رسالة التوحيد وهو جد العرب) وموسى (صاحب التوراة) وسليمان الحكيم (الذي ورث الملك والنبوة عن أبيه داود عليهم السلام وهو آخر ملوك ورسل بني إسرائيل) ولم يعرف عن هؤلاء الأنبياء أو الرسل استخدامهم للغة العبرية في كتابة الدواوين أو المراسيم أو نشاطات ومراسلات مملكتهم، بل كانوا يستخدمون لغات الممالك والحضارات القوية في الجوار "كالكلدانية" و"الكنعانية" و"الفرعونية" لان "العبرية" لم تكن سوى إحدى اللهجات السامية المحكية والغير مكتوبة الكثيرة والمتعددة الموجودة آنذاك.
وقد حورب هؤلاء الأنبياء والرسل حتى من اقرب مقربيهم كآبائهم وإخوتهم وأبناء عمومتهم وقبيلتهم وتعرض منهم للحرق وبعضهم للاضطهاد والتنكيل والهزأ. وآخرون للسخرية والقتل. فكانوا يهجرون قومهم لتبليغ رسالتهم وديانتهم إلى شعوب وقبائل أخرى غير يهودية. وتعرضت رسالتهم السماوية وكتبهم للتزوير والتحريف بما يتفق وأفكار معارضيهم وطبيعتهم العدوانية التآمرية التي عرفوا بها.
ولا أظن يوجد عاقل واحد يستطيع أن يتبنى فكرة تواصل واستمرارية هذا النسل عبر العصور ونسبه إلى يهود اليوم !.
فنظرة بسيطة إلى عدد اليهود اليوم (لا يتجاوز ثمانية ملايين نسمة والإحصائيات الإسرائيلية تزيد عليها الضعف لأهدافها الاستعمارية أي خمسة عشر مليونا) لا تتناسب مع تطور أو تمدد أو تكاثر أي فئة أو قبيلة بشرية خلال أكثر من خمسة آلاف عام !!!؟؟؟.
فإذا كان تعدادهم لا يتجاوز الألف نسمة في زمن إبراهيم الخليل عليه السلام فالتطور الطبيعي لهذه القبيلة عبر خمسة آلاف سنة يجب أن يصل تعدادها لأكثر من مئة مليون نسمة على اقل تقدير !!!؟؟؟.
فإذا كانت سلالة الملك لويس الرابع عشر والخامس عشر في فرنسا منذ اقل من مائتين عام يبلغ -حسب الدراسات الفرنسية- أكثر من مليون فرنسي من أصل ستين مليونا، أي فرنسي من أصل كل ستة فرنسيين يعود أصله إلى العائلة الملكية الفرنسية !؟.
فكيف باليهود اليوم بهذه القلة وهم يعيدون نسبهم إلى يهود الأمس !؟. أظن هذا يتنافى مع أي منطق.
أما الديانة اليهودية وكما هي معروفة اليوم فهي لا ترتبط بالرسالات السماوية التي قامت على أساسها إلا بالاسم، أما الجوهر فهو محرف ومزور تماما وكتب حديثا (عمره لا يزيد عن مئة عام) وباللغة العبرية (لغة ابتدعت وجمعت حديثا من بقايا اليهود والمسيحيين الشرقيين الذين يتداولونها في صلواتهم (لازال إلى الآن هناك مسيحيون في سوريا والعراق وبعض البلاد العربية الأخرى يرددون صلواتهم بالعبرية فلا غرابة في ذلك) ولأهداف سنتكلم عنها لاحقا. وذلك لان الديانة الجديدة ليهود اليوم هي –بكل بساطة- الصهيونية وكتابهم المقدس الجديد (توراتهم الجديدة) هي برتوكولات زعماء اليهود.
يحيى الصوفي جنيف في 01/05/2006
يهود اليوم
1-مقدمة
2-اليهودية والعلمانية
3-اليهودية والمسيحية
4- اليهودية والإسلام
5-اليهودية والماسونية
6-الدين اليهودي اليوم
7-خاتمة
1-مقدمة:
كنت أتناول قهوتي في مقهى القطار السريع (T. G . V) -أثناء إحدى رحلاتي من باريس إلى جنيف (منذ سنين كثيرة مضت) كان فيها هذا القطار هو الشغل الشاغل للناس والإعلام يتحدثون عن سرعته وخدمته والراحة التي يؤمنها لزبائنه.- عندما حلت على طاولتي سيدة في الأربعين من عمرها شقراء أنيقة المظهر والزينة وتفوح منها روائح عطر تختلط بتلك التي تعبق بها مواد التجميل الأخرى !...ولم تمضي لحظات حتى انضمت إليها فتاة من أصول افريقية فتبادلا التحية والنظرات وكأنهن يعرفن بعضهن البعض منذ زمن !؟... ولم يستمر الصمت حيث مزقه تساؤل الأولى:
-تذهبين إلى جنيف ؟.
-(بفرح) اجل .
-هذه زيارتك الأولى ؟!
-لا ولكن أنا اعشق هذه المدينة ولي أصدقاء وأقرباء فيها.
يبدو من لهجتك بأنك جديدة على اللغة الفرنسية !... هل يزعجك إذا ما سألتك من أين أنت ؟.
-(وقد فتحت عيناها بذهول ورغبة في الكلام خاصة بعد أن لاحظت السلسلة الذهبية المتدلية من على رقبتها وهي تحمل نجمة داوود) أنا إسرائيلية من يهود " فالاشاه " كما يسموننا.
-(بشيء من الغبطة) أنت إسرائيلية مثلي إذاً !!!.
-وهل أنت إسرائيلية ؟.
-نعم أنا فرنسية من أصول يهودية ولكنني أقيم في سويسرا منذ زمن بعيد... منذ لجوء عائلتي إليها أثناء الحرب العالمية الثانية... فهي أكثر أمانا لنا...(ثم تابعت) أنت تقيمين هنا أم في إسرائيل !؟.
-إسرائيل جميلة وحلوة ولكنني أفضل العيش في جنيف إنها اهدأ ولا يمكن لأي كان من أن يتهمك باغتصاب مكان أو بيت أو ارض ليست لك !... واحتمال أن تصيبك شظية من قنبلة تقضي عليك وعلى أحلامك اقل بكثير من هناك !.
-عندك حق لقد أصاب مشروعنا في إيجاد وطن امن لنا الكثير من المصاعب !؟...انه نفس شعوري !؟...
-المهم إنني وعائلتي حصلنا على ما نحتاج إليه من اعتراف بالوجود من الدول الأخرى ويكفي جواز سفري الإسرائيلي!... فهو جواز عبور نحو الحرية والغنى بدلا من الفقر والاضطهاد الذي كنا نعيشه !؟... أتعتقدين بان الروس وهم ليسوا يهودا أحق منا في ذلك !؟.
-ولكنك أنت يهودية في الولادة والأصل وان كنت مهملة أو منسية ولا بد أنك تجيدين العبرية !؟.
-(وهي تقلب بشفتيها وتبتسم) تتكلمينها أنت !؟... أنا تعلمتها في إسرائيل ولكن أفضل الفرنسية عنها فهي برجوازية وتناسب الفتيات مثلي أكثر(وهي تضحك) ألا توافقينني على ذلك !؟.
-عندك حق هذا ما افعله أنا حتى في البيت مع أهلي وعائلتي نتكلم الفرنسية أما العبرية فنتركها لإقامة الصلوات في المناسبات !!!؟؟؟.
واستمر الحديث بين الاثنتين لأكثر من ساعتين هي المدة المتبقية لوصول القطار السريع إلى جنيف تبادلا فيها العناوين وأرقام الهواتف بعد أن سلسلت كل واحدة منهن أصولها وجذورها وتتبعها لانتمائها لإحدى العائلات اليهودية السبعة المعروفة !!!؟؟؟.
وقد كنت خلال تلك الفترة الزمنية الهي نفسي بالنظر عبر النافذة الصغيرة باتجاه الحقول والمزارع التي كانت تمر بسرعة البرق من أمامي -بالرغم من التعب الذي كان يصيبني من السرعة الخارقة التي يسير بها القطار والتي قد تصيبك في الدوار- حتى لا أثير شكوكهن بمتابعة حديثهن المثير للاستغراب والاستهجان والغضب !؟.
وكانت المرة الأولى -بالنسبة لي- والتي أتعرف بها على وجود سلالات وعائلات وجذور وأصول يهودية متعددة يؤمنون بها ومتفقون حولها !؟.
وكانت صدمتي بهذا التلاحم المادي والمصلحي -في تأسيس هويتهم الهشة على حساب شعب بريء وتشريده ومحاولة تصفيته بكل الوسائل التي يملكونها- قد بلغت ذروتها من الغضب ولم يمنع تدخلي سوى تركهما لطاولتي وهن يستعددن لمغادرة القطار بعد أن أعلن عن وصوله إلى نهاية رحلته.
=============
هوامش:
1-العِبْرِيَّة (עברית عِڤْرِيثْ) لغة سامية كنعانية سُجلت فيها التوراة، كانت لغة اليهود العادية بين عهد داود أو قبله حتى الإمبراطورية البابلية الثانية، ففي عهد الإمبراطورية البابلية أخذوا ينطقون بالآرامية. وأصبحت لغة إسرائيل في القرن العشرين. أسم اللغة على "عِبْر أبو يقطان"، ويقال أنه من أجداد اليهود. والعبرية الحديثة المستعمل في إسرائيل تختلف عن عبرية التوراة في أصواتها وفي مفردات كثيرة، ونحوها أسهل. تكتب بالأبجدية العبرية.
الأبجدية العبرية تستعمل في كتابة العبرية، واستعملها اليهود لكتابة لغات كثيرة حيث ما سكنوا، مثل لهجات العربية والييدية والآرمية وغيرها. وكان اليهود يكتبون بأبجدية فينيقية في القديم، لكن في عهد الإمبراطورية الفارسية أخذوا يكتبون بخط آرامي، إلا طائفة السامريين.
2-تعني كلمة "التوراة" بالعبرية التعليم أو التوجيه (الترئية بالمعنى الحرفي) وخصوصاً فيما يتعلق بالتعليمات والتوجيهات القانونية، وترمز التوراة للأسفار الخمسة الأُولى من الكتاب المقدّس اليهودي. وينقسم الكتاب المقدس اليهودي إلى ثلاثة أقسام، التوراة في قسمه الأول، "نڤيئيم" (أنبياء)، وهو القسم المتعلق بالأنبياء، و"كيتوڤيم" (أو الكتب بالعربية) وهو قسم الأدبيات اليهودية.
التوراة تشير إلى بني إسرائيل كأبناء سيدنا يعقوب, وتشرح ازدواجية التسمية بقصة مفادها أنه خاض عراكاً ضد رجل حتى مطلع الفجر عند جدول صغير في منطقة الأردن يدعى "يبوق"، ولما رأى الرجل أنه لا يقدر عليه، طلب منه أن يطلقه، فقال له لا أطلقك حتى تباركني، فباركه وقال له "لن يدعى أسمك يعقوب من بعد، بل إسرائيل، لأنك صارعت الله والناس وغلبت (سفر التكوين 23:20 وما بعدها).
التوراة تذكر يهوذا كأحد من أبناء سيدنا يعقوب, وكاسم أكبر قبيلة (سبط) عند بني إسرائيل. كذلك أطلق اسم يهوذا في التوراة على مملكة بني إسرائيل الجنوبية, حيث كان اسم المملكة الشمالية إسرائيل أو إفرايم.
3-اللغة الآرامية لغة سامية وشرق أوسطية، كانت لغة رسمية في بعض الدول القديمة ولغة مقدسة. أول استعمال لها كان في سنة 900 ق.م. في أجزاء كبيرة من أسفار "دانئيل وعزرا"، ومخطوطات البحر الميت. وهي اللغة الغالبة في التلمود. من المؤكد أن الآرامية هي لغة يسوع المسيح، وهي كانت لغة بلاد مابين النهرين وبها تأثرت اللغة الفارسية والعبرية واليونانية واللاتينية. اللغة مازالت تستخدم كلغة أولى في بعض القرى في الشرق الأوسط خاصة من الآشوريين معتنقي الديانة المسيحية وأشهر تلك القرى معلولا و يبرود وصيدنايا في سوريا. وأجزاء من تركيا والعراق، وإيران.
4-إسرائيل هي دولة تعتبر حسب قوانينها يهودية وديمقراطية. يعتبر معظم مواطني الدولة يهودا بديانتهم أو بقوميتهم، ولكن من بينهم أقلية عربية كبيرة من المسلمين وألمسيحيون وكذلك من الدروز ويطلق عليهم مسمى عرب إسرائيل في إسرائيل نفسها, أما في العالم العربي فيعرفون كـ"عرب الداخل" أو "فلسطينيو 48".
أسست دولة إسرائيل في 14 أيار/مايو 1948م حيث تم إعلانها من قبل المجلس اليهودي الصهيوني في فلسطين وفي ظل حرب عنيفة بين المسلمين واليهود أسفرت عن النكبة الفلسطينية وإبادة الكثير من المدن والقرى الفلسطينية حيث أصبح سكانها لاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي بعض البلدان العربية. وقد أعلنت دولة إسرائيل هدفاً لها استقبال اليهود الذين تم ترحيلهم من شرقي أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية وتوطينهم في الدولة اليهودية, وكذلك استقبال اليهود من جميع أنحاء العالم.
5-الاسم "إسرائيل" هو اسم شعب قديم, كما تبدو الدلائل الأثرية, من بينها نص مصري قديم (1230 ق م تقريباً) يشير إلى فتوح الفرعون "مرنفتخ" في منطقة الشرق الأوسط. أما التوراة, فتذكر بني إسرائيل كشعب العباد الذي تحرر وخرج من مصر, وانتهى رحلته في بلاد كنعان.
ولفظة إسرائيل مكونة حسب هذه القصة من كلمتين هما: "إسر بمعني غلب، و"إيل" أي الالة أو الله، ولكن الباحثين في اللغات الساماوية لا يعرفون كلمة "إسر" بهذا المعنى من مصادر أخرى. الاسم العبري للبلاد المعروفة بالعربية باسم فلسطين هو "إيرتس يسرائيل" أي "أرض إسرائيل".
وبالرغم من أن تيودور هرتسل زعيم الصهيونية السياسية، ورئيس المؤتمر الصهيوني العالمي الأول الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، لم يتردد في تسمية كتابه المتضمن لدعوته هذه "دولة اليهود" فإن هذه الدعوة الصهيونية آثرت عند الكتابة عن فلسطين أن تسميها "أرض إسرائيل"، حرصاً على تأكيد انتماء هذه الأرض إلى من يزعمون أنهم أسلافهم الأوائل، وهم أبناء يعقوب، أو "بنو إسرائيل".
وعندما أعلن المجلس الصهيوني في فلسطين قيام الدوله في 14 مايو 1948، أطلقت عليها أسم "إسرائيل" بدلا من الأسماء "صهيون", "يهودا" أو "إيرتس إسرائيل". وقد فضل استخدام هذا الاسم "دولة إسرائيل" لأسباب نذكر منها:
ا. لا يجوز التناسق بين اسم الدولة والاسم العبري لفلسطين لألا يشير الاسم إلى التزام لحدود معينة.
ب. لا يجوز التناسق بين الاسم الذي يعرف به الشعب اليهودي واسم الدولة لان جزءاً كبيراً من المواطنين ليسوا يهوداً.
ج. عدم استخدام اسم الحركة الصهيونية لان جزءاً من اليهود مواطني الدولة لا ينتمون الى الحركة.
إن "دولة إسرائيل" هي اصطلاح سياسي، بينما "أرض إسرائيل" هي اصطلاح جغرافي.
6-العائلات اليهودية هي الأشكناز • سيفارد • الميزراهيون • يمنيون
بني إسرائيل • فالاشاه • ساماريتانيون
اليهود "الأشكناز" هم اليهود الذين ترجع أصولهم إلى أوروبا الشرقية، أما اليهود السفارد فينحدرون من اليهود الذين أخرجوا من إسبانيا والبرتغال في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ثم استقر بهم المقام في منطقة حوض البحر المتوسط والبلقان وبعض المناطق الأخرى. أما اليهود "المزراحيون" فهم اليهود الشرقيون بالمعنى الحرفي أو يهود الشرق الأوسط.
"أشكناز" هو اسم يذكر في توراة وكان يستخدم عند الأدباء اليهود إشارة إلى ألمانيا, وعلى الأخص المنطقة الواقعة على نهر الراين. لذلك أطلق على يهود ألمانيا اسم أشكنازيين. وجرى التوسع في استعمالها لاحقا للإشارة الى يهود أوروبا الشرقية والوسطى والغربية ما عدا يهود البلقان الذين كانوا من "السفاراديين".
يتميز اليهود "الأشكناز" بالتكلم بلغة "ييديش" التي تطورت من لهجة ألمانية قديمة تأثرت بلغة العبرية واللغات السلافية. وقد تقلص عدد الناطقين بلغة "ييديش" بعد الحرب العامية الثانية حيث يتكلم أغلبية اليهود الأشكناز اليوم بالعبرية (خاصة في إسرائيل) أو بالإنكليزية (في الولايات المتحدة).
ويعتبر "الأشكناز" هم غالبية اليهود المعاصرين وينحدرون من سلالات تركية-تترية تحولت إلى اليهودية في القرن الثامن بعد الميلاد.