فى عيد العمال.. الفن غذاء فى معركة الحياة
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
- دينا قابيل
| المصدر :
www.shorouknews.com
- دينا قابيل
للفنان دييجو ريفيرا » الصناعة فى ديترويت « جانب من جدارية
فى شهر مايو ووسط احتفالات عيد العمال، لا يمكن نسيان إحدى الأعمال العالمية التى حفرت اسمها فى التاريخ الإنسانى كاملا. ينتمى هذا العمل لفن الجداريات الصرحية التى يوظفها الفنان لخدمة الشعب.
صاحبها هو المكسيكى دييجو ريفيرا (1886ــ 1957) رائد الجداريات المعاصرة الذى كان يرى أن اللوحات ينبغى أن تكون على الجدران العامة وليست حبيسة قاعات العرض. فى هذه الجدارية وعنوانها «الصناعة فى دترويت» يحتفى الفنان بالعامل، فى كل صوره وفى مراحل عمله المختلفة، ويبرز عملية التصنيع والتكنولوجيا التى تشكل الثقافة الأساسية لمدينة صناعية بشمال أمريكا ديترويت.
يتكون العمل من مشهد رئيسى تسيطر عليه حركة العمال فى لحظة من لحظات التصنيع، وكأنهم فى حوار مع الماكينات، كما لو كان الفنان قد التقط بكاميرا سحرية دأبهم وحركتهم المنغمسة فى العمل. بينما يظهر هنرى فورد مؤسس شركة فورد موتورز فى إحدى اللوحات الفرعية هامشيا ولا يلحظه أحد، وكأن لا دور له فى عملية الصناعة. وإلى جانب المشهد الرئيسى تتعدد اللوحات والمشاهد المنفصلة والمتصلة فى آن للعمال فى الأقسام المختلفة داخل الصناعة: عمال التصنيع، وعمال التجميع، والعاملون فى الأقسام العلمية، والمهندسون والمحاسبون والموظفون، وأصحاب الأصابع التى تخط على الآلة الكاتبة، إلخ. وفى قلب اللوحة يظهر خط حديدى يتلوى هنا وهناك ليخلق وحدة بين هذه المشاهد جميعا، وكأنه خط الإنتاج الذى يوحد الطبقة العاملة, ولم يكن دييجو ريفيرا مجرد فنانا تقدميا، وإنما هو أيضا مناضل شيوعى جسد عبر فنه ثورة المكسيك عام 1910.
كما انضم للحركة الأممية وكان صديقا لتروتسكى. ويُعرف ريفيرا كذلك بقصة حبه الأسطورية مع الفنانة فريدا كالهو والتى تناولتها الأدبيات والسينما المعاصرة مرارا.
ويرجع تاريخ اللوحة إلى 1932 حين كلفه بعملها إيدسل فورد رئيس شركة فورد ــ ابن هنرى فورد الذى تحمل الشركة اسمه ــ وويليام فالنتينو مدير معهد ديترويت للفنون، لوضعها فى حديقة المعهد، وكان طلبهما الوحيد أن تكون معبرة عن تاريخ ديترويت وتطور الصناعة فيها. وبدأ دييجو ريفيرا فى رسوماته الأولية لهذا العمل الصرحى فى يوليو 1932 وانتهى منه فى مارس 1933، وحين عاد بعدها إلى المكسيك استمر فى إنجاز الجداريات على واجهات المبانى والمؤسسات الحكومية معبرا عن الحياة الواقعية للشعب المكسيكى فى مجالات الصناعة والزراعة والثقافة، وكانت له مقولة شهيرة حول علاقة الفن بالثورة: «قيل إن الثورة ليست فى حاجة إلى الفن، وأن الفن هو الذى يحتاج الثورة. وهذا ليس دقيقا. نعم، إن الثورة فى حاجة إلى فن ثورى. فالفن لا يمثل للفنان الثورى ما كان يمثله للفنان الرومانسى. فهو ليس باعثا ولا محفزا، ليس خمرا يسكره، إنما هو الغذاء الذى يعطى القوة للنظام العصبى، للصراع، هو غذاء تماما مثل القمح».