الاقتصاد الفلسطيني: استقرار هش بسبب الاعتماد على المعونات
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
جون دونيسون
| المصدر :
www.bbc.co.uk
يشرف الاتحاد الاوروبي على تدريب الشرطة الفلسطينية ضمن برنامج الدعم الذي يقدمه
دوت صافرات سيارات الشرطة في ضواحي رام الله وعلت فوق صوت جهاز اللاسلكي، بينما كان الضباط الفلسطينيون يحيطون بسيارة ويقومون بعملية اعتقال.
لكن المعتقل صغير السن قال متوسلا "لم أفعل شيئا مخالفا للقانون"، بينما كان رجال الشرطة يقيدونه.
كان ذلك المشهد جزءا من تدريب لرجال الشرطة الفلسطينية يقوم به ضباط من الاتحاد الأوروبي.
وقد بدا هذا المشروع قبل خمس سنوات من قبل الحكومة البريطانية، ثم تولى الاتحاد الأوروبي أمره.
ويقول كريس ماشيل، الذي عمل 30 عاما في الشرطة البريطانية، إن "لدينا ضباط من العديد من الدول الأعضاء هنا يقدمون خبرتهم".
ويضيف "نحقق بعض التقدم، فقد صارت الشرطة الفلسطينية مؤسسة أكثر احترافية".
ويعد هذا المشروع، الذي تبلغ ميزانيته السنوية عشرات الملايين من الدولارات، واحدا من مئات المشاريع الهادفة إلى دعم السلطة الوطنية الفلسطينية.
ويتلقي الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة دعما دوليان بالنظر إلى نصيب الفرد الواحد، أكثر من أي مجموعة أخرى من البشر في العالم.
ووفقا لبحث أجرته مجلة الايكونيميست، فقد بلغ نصيب الفرد من هذا الدعم 675 دولارا في عام 2008. ويساهم الاتحاد الأوروبي بنصيب كبير من هذه الأموال.
ويقول كرستيان بيرغر ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية إن الاتحاد يساهم بحوالي 500 مليون يورو في العام.
ويضيف أن الدول الأعضاء في الاتحاد تساهم بمبلغ مماثل تقريبا.
ويطلق بعض المراقبين على هذا الدعم شراء السلام الاقتصادي.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، نما الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية بأكثر من 9 في المئة خلال 2010.
وقد أدى الغاء بعض نقاط التفتيش الاسرائيلية أو تخفيف حدة عملها في الضفة الغربية إلى تسهيل القيام بأعمال تجارية بالنسبة للفلسطينيين.
ويمكن رؤية بعض مظاهر هذا النمو في رام الله.
فقد شيدت في رام الله عشرات المباني الجديدة، كما افتتحت العديد من المقاهي والمطاعم.
ويعد محل "ياسمين" واحدا من أحدث الأماكن التي تم افتتاحها، ولدى جلوسك في شرفته تجد نفسك وسط زحام فيه الكثير من الشباب الذين تبدو عليهم مظاهر النعمة.
وتقف مجموعة من سيارات الدفع الرباعي خارج المكان، ويتعين عليك دفع حوالي خمسة دولارات ثمنا لكوب كبير من الكابتشينو.
لكن غالبية الفلسطينيين لا تستطيع توفير المال اللازم للقدوم إلى هنا.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نسبة 25 في المئة من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر.
لكن هناك أقلية واضحة في رام الله تملك المال. وفي غالب الأمر يعود الكثير من هذا المال إلى المساعدات الدولية.
ويقول ناصر عبد الكريم استاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية "خلال السنوات الـ15 الأخيرة، جاءت 50 في المئة من ميزانية السلطة الفلسطينية من المعونات الدولية".
وأضاف بامتعاض "لكن هذه معونة والنمو غير دائم".
احتفل الفلسطينيون باتفاق المصالحة بين فتح وحماس
إذن ما الذي يمكن أن يحدث إذا توقف الدعم؟
ويتابع عبد الكريم "لن تدفع المرتبات وسيتوقف الموظفون عن الانفاق، لن يتمكن الناس من دفع الإيجارات ولا سداد قروض البنوك ولا فواتير الكهرباء".
ويضيف "سيلعب تأثير الدومينو دورا بارزا في تعطيل الاقتصاد بالكامل"، في إشارة إلى انتقال الأثر من قطاع لآخر.
ولا يزال هذا السيناريو ممكن الحدوث.
خرج الفلسطينيون إلى الشوارع في مايو/ أيار الجاري للاحتفال باتفاق المصالحة الموقع بين حركتي فتح وحماس في محاولة لانهاء أربع سنوات من الانقسام.
وينظر إلى حركة فتح العلمانية من قبل العديد في الغرب على أنها حركة معتدلة.
لكن الأمر مختلف بالنسبة لحركة حماس الإسلامية التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
وعندما فازت حماس بالانتخابات البرلمانية عام 2006 قام كبار الداعمين بسحب تمويلهم.
وأدى ذلك إلى عدم حصول عشرات آلاف الفلسطينيين على رواتبهم لفترة ستة اشهر.
وقد دعا بعض السياسيين في الكونغرس الأمريكي إلى وقف الدعم الأمريكي وذلك بسبب عودة حماس إلى المشهد السياسي.
لكن ماذا عن الاتحاد الأوروبي، أكبر داعمي السلطة الفلسطينية؟
يقول بيرغر "في هذه المرحلة لا نتحدث عن انضمام حماس إلى حكومة فلسطينية"، مشيرا إلى أن اتفاق المصالحة يهدف إلى انشاء حكومة انتقالية.
ويضيف "بعد ذلك ستكون هناك انتخابات خلال عام، ونحن سنركز على ما يحدث الآن لا ما سيحدث خلال عام".
وبمعنى آخر فإنه يشعر بأنه ليس على الاتحاد الأوروبي اتخاذ قرار الآن.
استقرار هش
ولكن حقيقة أن الكثير من المساعدات الإقتصادية الخارجية للفلسطينيين يعتمد على نجاح المصالحة بين حماس وفتح ربما تكون هي نفسها السبب في فشل تلك المصالحة.
ويقول مسؤلون فلسطينيون وثيقو الصلة بالاتحاد الأوربي إنه سيكون من الخطأ أن يوقف الاتحاد الأوروبي دعمه للفلسطينيين بسبب حماس، فعلى مدى العامين الماضيين دأب العالم على مطالبة الفلسطينيين بأن يتوحدوا، والآن عندما تحققت تلك الوحدة يأتي من يقول لنا إنه لا يستطيع التعامل معنا لإننا أصبحنا جبهة واحدة.
أما المحلل الإقتصادي ناصر عبد الكريم فيقول إن تداعيات وقف التمويل الأوروبي للفلسطينيين ستكون وخيمة، وأن هناك الكثير من الإستثمارات الأوروبية القائمة بالفعل في الأراضي الفلسطينية وبالقدر الذي يصبح معه التوقف عن تمويل تلك الاستثمارات أمرا غير منطقي.
ولكن بصفة عامة فإن كثيرين من الفلسطينيين وخاصة من أصحاب الأعمال في القطاع الخاص والموظفين الذين يعتمدون في معاشهم على المساعدات المالية الأجنبية يدركون ان الاستقرار النسبي الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة لا يزال هشا.