بسم الله الرحمن الرحيم - من بداية بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبداية صدعه بدين الله ، من تلك البداية وأعداء الدين يتربصون بالرسول الكريم . - صور الإيذاء تعددت وأشكالة اختلفت وكان الغرض واحد وهو تثبيطه وصده عن نشر الحق في عصر امتلأ بصور الشرك المتعددة . - فمن عبادة الأصنام لتكون شفعاء لهم عند الله ، لصفات جاهلية مقيتة من وأد للبنات وشرب الخمور والزنا بصوره المخزية والكثير من الصفات الجاهلية السيئة . - بدأ الإسلام غريباً فكان أول من صدق هو الصديق رضي الله عنه من الرجال ومن النساء أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ومن الشباب علي رضي الله عنه ومن الموالي زيد رضي الله عنه . - كان يمثل الاسلام هؤلاء واستمرت الدعوة ، وزاد عدد المسلمين بفضل رب العالمين ، رغم التنكيل ورغم التعذيب بصوره المتعددة بين تعذيب نفسي وتعذيب بدني . ومع ذلك كان العدد في ازدياد ولم يكن في نقصان بفضل الكريم المنان . - وبعد مراحل عديدة لإنتشار الدين العظيم عقد العزم سيد المرسلين وإمام المتقين المبعوث رحمة للعالمين على الهجرة للمدينة المنورة ووقع الإختيار على من صدق في بداية الإخبار الصديق رضي الله عنه . - فبدأت الرحلة بتضحية قدمها علي بن أبي طالب بنومه في فراش المصطفى صلى الله عليه وسلم ، تضحية لايقدمها إلا من تشرب حب الدين ومرورً بحثو التراب على الكفار المترصدين ثم الدخول للغار وكان الصديق المختار يخاف على سيد الأبرار . - نسي نفسه وكان خوفه و حزنه على الرسول عليه الصلاة والسلام فقال له : لاتحزن .. لماذا لايحزن يارسول الله والمشرك لو نظر عند قدميه لوجد الصديقين الرسول والصديق ؟ فكان الجواب بلا تردد : إن الله معنا ، عبارة تغنيك عن كل العبارات فمن كان الله معه وجد كل شيء ومن لم يكن الله معه فقد كل شيء . - واستمرت الرحلة ، وتشرفت المدينة بمقدم النور العظيم ، نور الاسلام ونور العقيدة الصافية ، نور التوحيد . - مرت مراحل عديدة وكل مرحلة يزداد الاسلام قوة وعزة ، ويزداد عدد المسلمين . - ومازالت صور الإيذاء مستمرة ، من عمق الدولة الاسلامية ، فقد ابتليت بفئة المنافقين . - المنافق ياسادة ، من يظهر الإسلام ويبطن الكفر والعصيان . - المنافق ياإخوان ، معك باللسان ، ومعك بطيب الكلام ، معك بجوارحه الظاهره ولكن في داخله مجموعة شيطان . - وأثناء عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق ، نزل الجيش للراحة ، وذهبت أم المؤمنين لتبحث عن عقد لها فقدته ، وعند عودتها كان الجيش الاسلامي قد غادر المكان . - هذه الأم العظيمة ، بعد أن غادر الجيش وعادت بعد ذهابها للبحث عن عقدها لم تجد الجيش ولا الهودج فتلففت في جلبابها وبقيت في مكانها ، فمن يحملون الهودج لم يحسون بغيابها لخفة وزنها . - بقيت تنتظر أن يعودو لها ، ليؤخذوها ، وكان في أواخر الجيش الصحابي الجليل : صفوان بن معطل رضي الله عنه وهو من خيرة الصحابة فلما رآها قال إنا لله وإنا إليه راجعون ظعينة رسول الله . - لم يكلمها ولم يسألها بل أناخ البعير فصعدت وسار بها بلا حديث ولا سؤال فرضي الله عن من كانوا في الأدب والحياء مثال . - حتى إذا أدركوا الجيش فبدأ المنافقون يحيكون المؤامرات وانطلقت الشائعات والأقوال المريبة والإفك المبين . - وعند العودة للمدينة مرضت الصديقة بنت الصديق ولم تكن تعلم ما قيل عنها من أهل النفاق . - فقدت الصديقة اللطف من الرسول صلى الله عليه وسلم فطلبت منه عليه الصلاة والسلام أن ياذن لها أن تُمرض في بيت أبيها فرضي وغادرت لبيت الصديق رضي الله عنه . - زاد الكرب على الرسول صلى الله عليه وسلم واصبح يستشير بعض صحابته في الأمر وانزلق في الفتنة بعض المؤمنين وكان الكرب عظيم والأمر جلل . - لما علمت بالأمر من أم مسطح جلست تبكي حتى كاد البكاء يصدع كبدها رضي الله عنها . - كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينتظر وحي من الله يبرئ الصديقة رضي الله عنها ، لم يكن بيده أمر الوحي وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام . - في احد الأيام صعد النبي صلى الله علىه وسلم المنبر وقال : "أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت عليهم إلا خيراً ويقولون ذلك لرجل؛ والله ما علمت منه إلا خيراً، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي . قال أسيد بن حضير:" يا رسول الله، إن يكونوا من الأوس نكفكهم، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج، فمرنا أمرك، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم". قالت: فقام سعد بن عبادة فقال: كذبت، لعمر الله، لا تضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا. فقال أسيد بن حضير: كذبت لعمر الله، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين، قالت: وتساور الناس، حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيته . - ثم استشار علي بن أبي طالب رضى الله عنه وأسامة بن زيد رضي الله عنه فأما أسامة بن زيد فأثنى خيراً ثم قال: يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيراً، وهذا الكذب والباطل. وأما علي فإنه قال: يا رسول الله، إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية فإنها ستصدقك. فقالت بريرة وهي الجارية والله ما أعلم إلا خيراً، وما كنت أعيب على عائشة شيئا، إلا أني كنت أعجن عجيني، فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فتأتي الشاة فتأكله . قالت عائشة رضي الله عنها : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا عائشة، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقي الله، وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس، فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده. قالت: فوالله إن هو إلا أن قال لي ذلك، فقلص دمعي، حتى ما أحس منه شيئا، وانتظرت أبواي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يتكلما. قالت: وأيم الله لأنا كنت أحقر في نفسي، وأصغر شأنا من أن ينزل الله في قرآنا يقرأ به ويصلى به، ولكني كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب به الله عني؛ لما يعلم من براءتي، أو يخبر خبرا، وأما قرآنا ينزل فيّ، فوالله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك. قالت: فلما لم أرى أبواي يتكلمان، قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالا: والله ما ندري بماذا نجيبه. قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام. قالت: فلما استعجما عليّ، استعبرت فبكيت، ثم قلت: والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أني منه بريئة، لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون، لا تصدقونني، قالت: ثم التمست اسم يعقوب، فما أذكره، فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف:"فصبر جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" قالت: فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجي بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله ما فزعت وما باليت، قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده، ما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ظننت لتخرجن أنفسهما، فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس. قالت: ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس وإنه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول: أبشري يا عائشة، قد أنزل الله عز وجل براءتك. قالت: قلت: الحمد لله . ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة، فضربوا حدهم . فكان هذا خبر الإفك المبين . دروس من حادثة الإفك : - الإتهام الباطل طال عرض النبي صلى الله عليه وسلم وهو من هو خاتم المرسلين وسيد الأولين والآخرين فمن طال عرضه اتهام من الدعاة وأهل الصلاح فلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم عزاء . - الصبر مفتاح لكل فرج والروية والحكمة من الأمور المطلوبة عند حدوث أي مشكلة . - استشارة ذوي العقول والحكمة في حال حصول المشكلة والاستنارة بقولهم ومشورتهم . - عدم نشر أي إتهام لأي مسلم فعرض المسلم حرام فعلى من يبادر في نشر الإشاعات واتهام المؤمنين بالخوف من الله عز وجل . - - خطورة الإشاعة فعلى المؤمن أن يتق الله ولا ينقل الأخبار بمجرد السماع دون التوثق والتأني والسكوت في زمن الفتن وعدم الخوض في أعراض المؤمنين . - المنافقون في كل زمان ومكان يطعنون في هذا الدين العظيم مرة في النبي صلى الله عليه وسلم ومرة في عرضه الشريف ومرة في الكتاب الكريم . - السكوت زمن الفتن مطلب مهم على المؤمن أن يتحلى فيه وهو خير من الخوض في الأعراض . - هذه بعض الدروس من حادثة الإفك التي برأ الله الصديقة منها بقرآن يتلى أناء الليل وأطراف النهار . ومازال أعداء الدين يكررون الحديث بهذا الأفك فكأنهم يكذبون الله عز وجل و تبرأته ، أو يطعنون في كتابه العظيم . - أعداء الدين من يريدون أن يطفئوا النور العظيم برسالة خير المرسلين النبي الأمين - أعداء الدين تعددت لغاتهم وجنسياتهم وبقي شيء واحد اتفقوا عليه في كل زمان وحين وهو محاربة هذا الدين . - وتظل أم المؤمنين أمنا لنا نفديها بارواحنا ودمائنا لانسكت لمن يتطاول عليها بل ندافع عنها بكل مانملك . فيا أيــهــا العالم : أم المؤمنين هي زوجة سيد المرسلين وبنت شيخ الصديقين . ام المؤمنين ، بالعلم اتصفت فكانت عالمة الزمن بعد وفاة النبي العدنان . أم المؤمنين بالحياء توشحت فبعد دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنها في حجرتها ماانزلت عنها ثيابها حياءً من الله وحياءً من الفاروق رغم موته فهل هناك أجمل من صورة الحياء العائشي . أم المؤمنين بالعطاء وصفت ، فقد كانت تنفق كل مالديها فقالت لها الخادمة لم يبقى لدينا شيء للإفطار فقالت لو ذكرتني لأبقيت نسيت نفسها فكانت صورة من صور العطاء العائشي . أم المؤمنين ، هي الصديقة بنت الصديق ، والحبيبة بنت الحبيب ، والطيبة بنت الطيب ، والعالمة بنت العالم . أم المؤمنين ، من كسبت شرف الزواج بأعظم شخصية في التاريخ محمد عليه الصلاة والسلام . أم المؤمنين ، أحب الزوجات للرسول عليه الصلاة والسلام , من بقي أواخر حياته في بيتها تمرضه وتطببه وتعتني به . أم المؤمنين ، من مات الرسول صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها . أم المؤمنين من نزلت فيها آيات من نور هو نور البراءة من فوق سبع سماوات من رب البريات فكانت نور عظيم اضاء في المدينة لتكون هذه الحادثة خير لكم ولم تكن شرا لكم . فعلى من تطاول عليها اللعنة إلى يوم الدين . وقفة : قال تعالى : ( إن الذين جاءو بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم لكل امرئ منهم مااكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) سورة النور آية 11 نور من السنة : عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل ، قال : فأتيته فقلت : يا رسول الله ، أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : من الرجال ؟ قال : أبوها )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .. من الأدب : مقطع من قصيدة على لسان أم المؤمنين رضي الله عنها للشاعر ابي عمران الأندلسي وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ بقلم :عبدالله بن محمد عبدالله بادابود يوم الأربعاء : 6 \ 10\1431 هــ