ومِنْ مَكره ودهائه أنه يسعى إلى إلجائنا لتقديم استقالتنا تلقائيًّا، حتى تبرأ ذمته من الملام، فيما لو فصلنا بِجَرَّةِ قلمه، لأن غرضه هو إقصاء أئمة السنة، وهم بحمد الله كثير، يؤمون أكبر المساجد في العاصمة وضواحيها، وأكثرها واردًا -وذلك مما يزيد من غيظه- فيريد أن يستبدلنا في حالة الامتناع عن تطبيق أمره بإقامة الدرس المذكور، بأئمة آخرين زائغين عن السنة. وحينئذ يصير خطباء الأمة أئمة الضلالة؛ من أرباب وحدة الوجود والاتحاد، وأتباع عبدة القبور والأضرحة والإلحاد!
فطرحنا القضية فيما بيننا، وبحثنا الموضوع، فكان الرأي أن نلتزم الدرس حفاظًا على سلامة عقيدة الأمة، وحفاظًا على المنابر أن يعتليها أهل البدع وأعداء التوحيد والسنة، ونصبر حتى يفتح الله لنا.
فهل هذا الذي تخيَّرناه صواب، وهل يدخل في عموم الأصول التي قرَّرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما هو مذكور في العرض المرفق بهذا الخطاب؟
نشكركم على لزوم السنة، واتباع طريقة السلف الصالح، وإظهار العقيدة الصحيحة، والعمل بتعاليم الإسلام، وإذا ابتليتم بهذا الوزير الذي هو شيخ الطريقة الشاذلية الدرقاوية فعليكم أن تعملوا بما ترونه مناسبًا وكفيلًا في بقائكم في مساجدكم، ولو عملتم بذلك الدرس الذي بين يدي خطبة الجمعة، فإنه -وإن كان بدعة في الدين- لكنكم مُجبرون على فعله، حتى لا تُفْصَلُوا من مساجدكم، فيتولاها خُطباء أئمة الضلال من أرباب وحدة الوجود وعبدة القبور، وليس لكم أن تستقيلوا من مساجدكم لأجل هذه البدعة فاشغلوها بعلم نافع، كتفسير للقرآن، وشرح للحديث، وقراءة في كتب العقائد، وما أشبه ذلك، ولعل ذلك مما يكون سببًا في ظهور السُنة، وقمع البدعة وأهلها، وإبعاد هذه الوزير الصوفي القبوري، وإبداله بخير منه، ولعلكم أن تُنافسوه في العلم بالسعي في حصول المُؤهلات الرفيعة العلمية، وتُطالبوا بإبعاده، وتعيين من هو أرقى منه رتبة، وأرفع منه مُؤهلًا، وأحسن منه قيادة، فابذلوا ما تستطيعون، وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ والله أعلم.