قد يُعتبر مُكرهًا إذا خاف على نفسه من القتل أو النفي أو التعذيب والسجن أو خاف إبعاده عن المسجد وحلول غيره ممن يُفسد العباد والبلاد ويُساعد المشركين والمبتدعين ويُقر البدع ويُنكر السُّنن، ويدخل في الإكراه التهديد بالقتل والتشريد والإيذاء والتحقير، ومن المسائل التي يُعذر إذا أكره فيها الإكراه على الدعاء للسلاطين والرؤساء، وكذلك إقرار بعض الأعمال التي يفرضونها على المجتمعات كالضرائب ونحوها ويدّعون أن فيها مصلحة، وكذلك يدخل الإكراه على الحكم في المسائل التي يدخل فيها الاجتهاد، وإن كان القول الذي أكره عليه مرجوحًا، وكذلك يدخل في الإكراه المصالح المرسلة التي يسير عليها بعض الحكام ويدّعون فيها مصلحة ولو كانت تُخالف النصوص العامة، ولا يصح الإكراه على تغيير العقيدة ولا على الأعمال الظاهرة كترك الصلاة والصيام، وأما دخول الخطيب تحت سلطان الطاغوت فهو إذا كان ذلك الرئيس قد فرض سلطته على البلاد وأرغم الخطباء والعلماء على طاعته وموافقته ولم يجدوا بُدا من الدخول تحت ولايته وقصدوا بذلك تخفيف الفساد وتقليل الشرور فهم معذورون بذلك ولكن لا يوافقونه على تحليل المُحرمات كالزنا والربا والمسكرات والأغاني، بل لهم أن يطلبوا الإعفاء من تحليلها، وإذا خافوا من التصريح بإنكارها على أنفسهم فلهم إنكارها بقلوبهم وذلك أضعف الإيمان. والله أعلم.