بالنسبة للأناشيد فإن الحكم يدور حول محتواها، فإذا كان ذلك الشعر يحتوي على غزل وتشبيب بالنساء وذكر للعورات والشهوات وصفات النساء والخدود والوجوه ونحو ذلك فإنه محرم؛ لما يؤثر في السامعين من الاندفاع إلى الفواحش وارتكاب الجرائم، أو إثارة الشهوات والغرائز الجنسية، وسواء كان نشيدًا يسمع، أو يُكتب وسواء كان نشيده بترنم وتمايل، أو بقراءة عادية، أما إذا كان الشعر يحتوي على المدح والتحية والترحيب وذكر المحاسن بدون كذب ومبالغة في المدح؛ فإنه من المُباح سواء كان الإنشاد بلفظ القراءة، أو التلحين، أو الترنم ولو حصل منه شيء من النشوة والاندفاع والنشاط لسامعه ما لم يكن صوت امرأة عند رجال فإنه مع الترقيق قد يثير الشهوة، أما إن كان الشعر حماسيًا في وصف القادة والسادة والعلماء والعباد والجهاد والوقائع الإسلامية، أو في غربة الدين ومصائب المسلمين وحيل الكفار ومكرهم فإن سماع ذلك مفيد، وهو مما يثير الحماسة ويدفع إلى فعل الخير وسواء إنشاده بلفظ الإلقاء، أو التلحين وسواء كان المُنشد واحدا، أو جماعة.
أما المشاهد الهادفة والتمثيل المفيد فلا مانع من النظر إليها ما لم يكن فيها مبالغة لشيء غير واقع، أو استهانة بأشخاص محترمين؛ وذلك أن تأثير هذه التمثيليات في الحاضر أبلغ من تأثير الخطب والمقالات، ؛ لأنها تصدر الواقع وتوصل معناه إلى النفوس ولا يضر كون الممثل يتسمى بغير اسمه ويذكر كلامًا، أو فعلا لم يكن هو فعله فقد ذكر الله أمثالا في القرآن كثيرة لما في ذلك من التأثير في النفوس فلو مثل إنسان قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا الآية لكان مفيدًا، هذا ما ظهر لي، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.