وهذه هي الإجابة عليه: ـ
معلوم أن الله تعالى فرض الحج على من استطاع إليه سبيلا في العُمر مرة واحدة، والمُختار أنه على الفور لا على التراخي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: بادروا بالحج ـ يعني الفريضة ـ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له وحيث إن الحج في هذه المملكة لا يُكلِّف كثيرًا بحمد الله فإن على من قدر عليه المُبادرة لأداء فريضته، وقد رُوي عن علي رضي الله عنه ـ أنه قال: من قدر على الحج فلم يحج فليمت إن شاء يهوديًا وإن شاء نصرانيًا. وقد يغلب على الظن أن سُكَّان المملكة والمُقيمين فيها من غير أهلها قد أدَّوا بحمد الله وتوفيقه فريضة الحج، وقد تمكَّنوا من تكرار الحج نافلة وكرر ذلك بعضهم مرارًا، وحيث رأت الحكومة ـ أيَّدها الله ـ أن من تكرر منه الحج فلا يُسمح له إلا بعد خمس سنين سواء كان من المُواطنين أو من المُتعاقدين، فنرى طاعة وُلاة الأمر والتقيد لهذه التعميمات لما فيها من المصلحة حتى يُفسح المجال لحُجاج الدول الأخرى نظرًا لكثرتهم وكثرة الطلبات بزيادة الإذن في عدد أكبر حتى يتمكَّنوا من أداء فريضة الحج بعد أن يسَّرها الله وسهَّل الطُرق المُوصلة إلى المشاعر ويسَّر أداء المناسك، وبعد أن ذُلِّلت عقبات التعويق وقُطع دابر قُطَّاع الطريق وأمنت البلاد وقربت المسافات وتقاربت المُدن مع تنائيها، فلو رُخِّص للمُقيمين في الحج كل عام لحصلت المُضايقات وتضرر أولئك الحُجَّاج في أماكن الزحام كالطواف والسعي والصلاة في الحرمين والإقامة في المشاعر كعرفة ومُزدلفة ومنى وعند رمي الجمار ونحو ذلك، فالامتثال للأوامر الحكومية فيه تخفيف على الناس وترك للمُضايقات إلا لمن كان له عُذرٌ كأن يحج مُرافقًا لأحد محارمه من النساء إذا لم تجد محرمًا غيره وهكذا إذا حج أو ذهب إلى مكة في مهمة كالدعوة إلى الله والحراسة والعلاج والتعليم ونحو ذلك، وعلى هذا فلا يجوز الاحتيال في إخراج التصاريح إذا صحبها شيء من الحيل أو كذب صريح أو خبر غير مُطابق، وحيث رأت الحكومة إلزام كل حاج بصُحبة بعض الحملات، فإنه رأي سديد، والغرض من هذا الإلزام تقليل عدد السيَّارات التي يحصل بسببها مُضايقات في المشاعر ونحوها، وكذلك توفير الخدمات للحجاج حيث تقوم تلك الحملات بحمل الحجاج من مكان إلى مكان ضمن تلك المشاعر، فنرى أنه لا يجوز الاحتيال واستعمال الكذب لمن خالف هذه التعليمات، لكن إذا عُرف صدق هذا المُخبر في أنه احتاج إلى تقدم قبل الحملة ليتمكَّن من التمتع أو لغرض من الأغراض المهمة أو تأخر لعذر من الأعذار وأخبر بالحقيقة فإنه يُقبل منه ويُمكَّن من مواصلة السير حتى يلتحق بالحملة التي انتظم فيها، والله أعلم.