لماذا يظلم بعض المسلمين بعضهم ؟
لماذا يقع بعض المسلمين في مخالفات شرعية محرمة ؟
لماذا لا يحترم بعض المسلمين من دونهم في المال والجاه ومن غيرهم من الجنسيات المسلمة ؟
لماذا أرى بعض المسلمين يتعامل بالكذب ؟
ولماذا ينخرط بعض المسلمين في عادات وثقافات الغرب ؟
أرجو من فضيلتكم توضيح الصورة الصحيحة للإسلام؟
وهذه هي الإجابة عليه: ـ
عليك يا أخي أن تحمد الله تعالى على أن هداك لهذا الدين واعتناق الإسلام، فهذه نعمة كبيرة حيث أنقذك الله من الكُفر والشرك، ثم عليك أيضًا أن تصبر على ما تُلاقيه من الأذى في ذات الله تعالى، فقد ابتُلي الصحابة رضي الله عنهم بأنواع كثيرة من الأذى فضُربوا وقُتِل بعضهم وأُلقوا في الشمس ووضعت الصخور على صدورهم، وما زادهم إلا تحملا، وهكذا بعد الهجرة قال الله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ .
وقد حصل ذلك فأوذي المسلمون بعد الهجرة من المشركين ومن اليهود، وأسمعهم الكفار سبابًا وهجاءً وقتالا، قال الله تعالى: وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا فكل من دخل الإسلام جديدًا فإنه قد يُبتلى ويؤذى ويتضرر ويفقد شيئًا مما كان يُحبه، وهذا من الابتلاء، قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ فالحكمة في هذا الابتلاء أن يظهر الصادق من الكاذب، فإذا حصل لك بعض الأذى من المسلمين أو جفوة أو سوء معاملة، فاعلم أن ذلك من الابتلاء الذي يحصل لمن دخل في الإسلام جديدًا أو من تاب من بدعة أو معصية، فإن هو صبر واحتسب فأجره على الله، وإن جزع وسب وأقزع وضجر مما يُلاقية فإن ذلك دليلا على أن الإيمان ما وقر في قلبه، ولذلك قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ومعنى ذلك أنه إذا حصل له الأذى اعتقد أن هذا الأذى الذي حصل من الناس مثل عذاب الله في الآخرة فخاف من عذاب الناس ولم يخف من عذاب الله، فالله تعالى يختبر الناس بما يُسلط عليهم من الابتلاء والامتحان، كما قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ أي تحسب أنك إذا دخلت الإسلام تسلم من الفتنة والاختبار، والله تعالى أخبر أن في هذه الفتنة والأذى والضرر اختبارا لقوة الإيمان أو ضعفه، قال تعالى: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أخبر بأنه فتن الأولين بشيء من الجوع والجهد والأمراض والعاهات وموت الأقارب وخُسران التجارة وسوء المعاملة حتى يظهر من يكون صادقًا في إيمانه فيثبت ويتحمل ومن هو غير صادق، فهم الذين قال الله فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ فننصحك أن لا تكون من الذين يعبدون الله على حرف.
ثم نقول لا شك أن المسلمين يجب عليهم أن يتعاملوا مع إخوانهم بأحسن الأخلاق وأفضلها وأن يكونوا كالجسد الواحد كما مثَّل بذلك النبي- صلى الله عليه وسلم-بقوله: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ولكن إذا فقد المسلم الجديد شيئًا من هذه الأخوة فعليه أن يصبر ولا يجزع وعليه أن يتحمل ويعلم أن هذا من الابتلاء، وعليه أن يتخلَّق بالأخلاق الحميدة التي أتى بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فلا يسرق ولا يكذب ولا يسكر ولا يزني ولا يُفسد في الأرض، وإذا رأى من المسلمين من يفعل شيئًا من ذلك فلا يترك الإسلام ولا يسب المسلمين، وذلك لأن المسلمين ليسوا كلهم متمسِّكين بشرائع الدين، فإنه يقع فيهم فساد ومعاص ومُخالفات، وإذا وقعت المُخالفة من أحدٍ من الأفراد فإنه يُنصح ويُبيَّن له ولا يجوز سب الدين ولا سب المسلمين كلهم، فليس كل المسلمين خالفوا هذه التعليمات النبوية وليس كلهم يُخادعون إخوانهم بأشياء لا يعملون بها، ونحن نقول إن الواجب على المسلمين جميعًا أن يتعلَّموا ما جاء به النبي- صلى الله عليه وسلم- من الأحكام والشرائع ويعملوا بالواجبات والعبادات التي فرضها الله عليهم، وكذلك أيضًا يتعاملون فيما بينهم بالحُب والإخاء والمودة كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم وقد أثبت النبي- صلى الله عليه وسلم- حقوق المسلمين بعضهم على بعض كرد السلام والبُداءة به وتشميت العاطس وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الداعي والصدقة على الفقير وصلة الأقارب والأرحام وبر الوالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر وغض البصر وكف الأذى والحرص على إيصال الخير إلى المسلمين، والبُعد عن الأخلاق السيئة كقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تهاجروا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تجسّسوا ولا تحسّسوا وكقوله: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يكذبه ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه فهذه تعليمات نبي الإسلام لأمته، وإذا وُجد فيهم من يُخالف هذه التعليمات فإن ذلك من نقص الإيمان، فنوصيك بأن تتحمل وتصبر على ما يحصل من بعض السُفهاء من الأذى والضرر، فإن ذلك ابتلاء واختبار، وفي الحديث: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط فمن عرف دين الإسلام اطمأن إليه وثبت عليه وحمد الله الذي أنقذه من الكُفر ومن الشرك وتمسَّك به وصبر على ما يناله إلى أن يجعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ومن كل بلاء عافية، ومن كل عسر يُسرًا.
وعليه أن يتعلم كتاب الله تعالى ويحرص على العمل بما فيه، وعلى علماء الأمة الإسلامية أن يُساعدوه في التعلم والتفقه في الدين فإذا عرف ذلك قامت الحجة على من تعلم، فإن قبل الحق فهو حظه في الدنيا والآخرة، وإن ردَّه خسر الدنيا والآخرة، وننصح المسلم الجديد أن يتمسك بالإسلام أينما كان فقد قامت الحجة وانقطعت المعذرة ولا يضره عدم الاحترام من المسلمين بعضهم لبعض، ولا يضره ما يحصل من الاحتقار الذي يُشاهده من بعض المسلمين، فليس كل المسلمين يلتزمون أحكام الدين، فقد يقع من كثير منهم تخاذل وكذب وإضرار وأذى، ولا يحملهم ذلك ولا يحمل بعضهم على ترك دينهم ولو كان الكُفَّار أحسن معاملة وأرأف وأرحم بعضهم ببعض، فإن هذا لا يستدعي ترك تعاليم الإسلام ولا يقول إن الكفار أحسن من المسلمين لأنهم يتعاونون ويتأزرون ويصدقون في الحديث ويؤدون الأمانة وينصحون لمن استنصحهم، وننصحك أيها المسلم الجديد أن تتثبت وأن تتحمل وألا ترجع إلى بلاد الكُفر بعد أن هداك الله وأخذت جنسية عربية ودخلت في الإسلام، فاثبت على دين الإسلام إلى أن ينصرك الله ويُؤيدك ويفتح عليك كما حصل للمسلمين الأولين، فإن رجعت إلى بلاد الكفر وزهدت في الجنسية العربية وارتددت ومن دخل معك في الإسلام فاعلم أنك لا تضر إلا نفسك، أنك قد كفرت بعد إيمانك وبعد قيام الحجة عليك ويكون ذنبك أكبر من ذنب الكُفَّار الأصليين، وقد قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ فالكفر بعد الإيمان يُحبط الأعمال ويصير صاحبه من المُخلَّدين في النار وإذا ادَّعيت بأنه حدث لك ظُلم ولم تصبر عليه بل رجعت إلى الكُفر فذلك أعظم لذنبك، وإذا كتبت رسالة بعنوان (هذا الذي رأيت عند المسلمين) وذكرت كل شيء فإنك قد كذبت على المسلمين، فليس كل المسلمين يتعاطون الكذب والظلم والإضرار بإخوانهم، وهؤلاء الذين يقولون إن الكذب يجوز للضرورة وأن الضرورات تُبيح المحظورات ليسوا على يقين ولكن قد رخَّص النبي- صلى الله عليه وسلم- في الكذب في الحرب لأن الحرب خُدعة والكذب في الصلح بين المسلمين لأن فيه منفعة، والكذب اليسير بين الزوجين إذا كان فيه تأليف، وأما دعوى أن المسلمين يضرب بعضهم بعضًا فهذا ليس عامًا وإنما يقع ذلك من بعض الأفراد الذين في دينهم ضعف، وإلا فالأصل أن المسلمين يُحب بعضهم بعضًا ويُؤثرون على أنفسهم ويُواسون إخوتهم ويتصدقون بما يجدون كما هو الواقع، ومن يقول إن الإسلام دين الإرهاب فقد كذب، فالإسلام دين المودة والمحبة فيما بينهم لقول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وقوله تعالى: فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ولكنهم يُرهبون الكُفار لقول الله تعالى: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وأما ما يحصل من الشباب الذين يذهبون إلى الإنترنت ليُشاهدوا الخلاعة فليسوا قُدوة، ولا يزال العلماء والصالحون يُحذِّرون من مُشاهدة الخلاعة والمُجون التي تُعرض في شبكة الإنترنت أو بواسطة القنوات الفضائية فيُحذرون منها، وكثير منهم الذين يدعون إلى الله، ولو كان من المسلمين من يفعلون أفعالا لا تُرضي الله ورسوله ولو كان فيهم من تأثروا بالكفار وتشبهوا بهم في اللباس الذي يلبسونه أو تشبهوا بفسقة الكُفَّار ولو كان منهم من فعلوا الفواحش كفاحشة اللواط والزنا، فإن ذلك وجوده في الكُفَّار أفحش وأفظع كما هو بين النصارى واليهود وغيرهم، وننصحك أيها الأخ المسلم أن تتمسك بما عرفته من الدين وألا تنخدع بما تراه من الفسقة والمُفسدين، ونستعد لمُساعدتك بما نقدر عليه، وننصحك بأن تُلازم بعض العلماء كالمشايخ في الحرمين وفي الرياض وفي غيرها من البلاد الإسلامية فسوف تجد عندهم الإكرام والاحترام والقلوب الرقيقة ولا تنخدع بالفسقة والعُصاة فليسوا عبرة ولا هم ممن يُمثلون أهل الإسلام، فبيننا- والحمد لله- علماء أجلاء، وعُبَّاد صالحون وطلبة علم في جميع المراحل كما في الجامعات الإسلامية والمعاهد العلمية والمدارس الخيرية وكلها- بحمد الله- مُتوفرة وفي القائمين عليها تطبيق لتعاليم الإسلام ورحمة ورقَّة وشفقة على المسلمين، والله يتولى الصالحين، والله أعلم.