إذا كان السفر تزيد مدته عن يوم وليلة جاز فيه القصر سواء قربت المسافة أو بعدت كما اختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، فهو يرى أن السفر يُقدر بالزمان لا بالمسافة فعنده أن من قطع مسافة طويلة في زمن قصير لم يترخص، ومن قطع مسافة قصيرة في زمن طويل فله أن يترخص برخص السفر، وضرب
مثلا بقوله: فلو ركب رجلٌ فرسـًا سابقًا وقطع مسافة طويلة ثم رجع في يومه لم يكن مسافرًا، فعلى هذا لو قطع مثلا ألف ميل برًا أو جوًا فوصل إلى سكنه في نفس اليوم فلا يترخص، وكذا لو قطع ستمائة ميل ورجع إلى بلده في نفس اليوم فلا يترخص، وذلك لأن اسم السفر ما لا يُقطع إلا بمشقة وكلفة، ولأنه سُمي سفرًا لأنه يُسفر عن أخلاق الرجال، فإذا زادت المُدة عن يوم وليلة صدق عليه أنه سفر فيجوز فيه القصر، وأما الجمع فلا يجوز إلا إذا جد به السير فهو على الصحيح يختص بالسائر دون النازل فإن النازل في برية أو نحوها يقصر ولا يجمع.