في صفحة (( 185 )) في لفظ " تحياتي لفلان": لـ أبي طالب محمد بن على الخيمي المنعوت بالمهذب المتوفى سنة 642 هجري. رسالة باسم: (( شرح لفظة التحيات)) في صفحة ((50)) جاء فيها ما نصه:
فأما لفظ التحيات مجموعًا فلم أسمع في كتاب من كتب العربية أنه جمع إلا في جلوس الصلوات؛ إذ لا يجوز إطلاق ذلك لغير من له الخلق والأمر وهو الله تعالى؛ لأن الملك بيد الله، وقد نطق بذلك الكتاب العزيز: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ الآية إلى آخرها. والذي طره أهل اللغة إنما يعبرون عن التحية الواحدة، ولم ينتهوا لجمعه دون إفراده إذ كان ذلك من ذخائر الإلهام لقوم آخرين فهموا عن الله تعالى كتابه فنقلوا عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-شريعته 0000 ).
قلت: ذكرت ذلك بعدما شاع تذييل بعض الكتابات بهذا اللفظ وقد سمعت في أحد أشرطة الشيخ: محمد المنجد حفظه الله في كلام نفس هذا المعنى تقريبا، إلا أن أخانا حفظه الله رد علي برسالة يقول فيها الآتي: كلمة تحياتي إلى فلان ليست خطأ والدليل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ثم قال: الموضوع واضح أليس كذلك؟؟ انتهى كلامه
فرأيت أنه قد جانب الصواب في قوله هذا وفي استدلاله كذلك، فأعددت بحثا أسميته (( فصل الكلام فيما جاء في التحيات والسلام )) بين أيديكم راجيًا الاطلاع عليه وبيان الحق والصواب وجزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل؟
فالذي يظهر أن التحية اسم لما يُحَيَّا به الإنسان من قبل إخوانه إذا لقيهم أو هو يحييهم، فعلى هذا فإن السنة استعمال السلام وما معه من الرحمة والبركة والمغفرة والرضا، فهي دعوة من المسلم لإخوته عند المقابلة وفي الكتابات والاتصالات، ومن المعلوم أن لفظ التحية مفردًا أو جمعًا لا يؤدي ما يؤديه لفظ السلام والرحمة والبركة فليس لفظ التحية دعاء ظاهر، وإنما سمي السلام تحية لأنه مما يحيا به المسلم، وهو يرد مثله، ولهذا قال العلماء أن لفظ التحية عبارة عن السلام وما معه، وإن الله تعالى هو السلام، فالمسلم يدعو لأخيه أن تعمه بركة اسم الله تعالى، ولهذا جاء في القرآن مُنَكَّرًَا أكثر من تعريفه، كقوله تعالى: فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ و سَلَامٌ قَوْلًا و سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ و سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ إلخ، فهو دعاء بالسلامة من الآفات والمخاوف، وفي الإمكان مراجعة الشروح الطويلة لإيضاح ذلك، فنرى أن لفظ التحية لا يؤدي الدعاء، سواء كان مفردًا أو مجموعًا، وأنه جمعًا يستعمل في حق الله تعالى كما ورد في الحديث. والله أعلم.