ص (أمته خير الأمم، وأصحابه خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام، وأفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى رضي الله عنهم، لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نقول- والنبي صلى الله عليه وسلم حي: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ولو شئت لسميت الثالث، وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر وهو أحق خلق الله تعالى بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لفضله وسابقته، وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على تقديمه ومبايعته، ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة. ثم من بعده عمر رضي الله عنه لفضله، وعهد أبي بكر إليه، ثم عثمان رضي الله عنه، لتقديم أهل الشورى له، ثم علي رضى الله عنه لفضله، وإجماع أهل عصره عليه. وهؤلاء الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون، الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وقال صلى الله عليه وسلم: الخلافة بعدي ثلاثون سنة فكان آخرها خلافة علي رضى الله عنه.
س 55 (أ) اذكر بعض فضل هذه الأمة (ب) وفضل الصحابة (ج) وما هو ترتيب الصحابة في الفضل مع الدليل. (د) واذكر بعض فضائل الخلفاء وترتيبهم في الخلافة مع الدليل؟: ج 55 (أ) قال الله تعالى
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران: 110]، وتكاثرت الأدلة من السنة في فضل هذه الأمة، كمضاعفة الأجر لها، وهدايتها إلى ما ضل عنه الأمم قبلها، ونحو ذلك، وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم
الحديث. (ب) وأما فضل الصحابة فمشهور، كما سنشير إليه إن شاء الله، وهم خير أصحاب الأنبياء رضي الله عنهم، لما ظهر من جهادهم، وهجرتهم، ومواساتهم، وعملهم الصالح، وعلمهم النافع، وفضلهم السابغ على الأمة. (ج) وأفضلهم الخلفاء الأربعة، وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة عند أهل السنة، والدليل عليه قول ابن عمر
رواه البخاري وزاد الطبراني في الكبير: فيعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينكره. ولابن عساكر كنا نفضل أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال: كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- ونحن متوافرون- نقول: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وأما الرواية المذكورة عن علي في المتن، فرواها أحمد وغيره، عن علي رضي الله عنه قال،
قال الذهبي هذا متواتر عن علي فلعن الله الرافضة ما أجهلهم. وأخرج البخاري عن
. وأما حديث أبي الدرداء فرواه عبد بن حميد وأبو نعيم وغيرهما، من طرق عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد أفضل من أبي بكر إلا أن يكون نبيا وفي لفظ على أحد من المسلمين بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر . (د) وأما فصائلهم رضي الله عنهم فكثيرة جدا. فأما أبو بكر فهو المراد بقوله تعالى:
إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة: 40]، المراد بصاحبه أبو بكر عندما كان معه في الغار، وهو رفيقه عليه الصلاة والسلام في الهجرة، وصهره، وقرينه في الحياة، وبعد الممات، وهو أول من آمن من الرجال، وفيه نزل قوله تعالى:
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [الزمر: 33]، فلهذا لُقِّب بالصديق، لصدقه في الإيمان، ومبادرته بالتصديق. وروى البخاري عن أبي هريرة -وذكر قصة- إلى أن قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم
. وأدلة خلافته كثيرة، منها تقديمه في الصلاة، حيث قال:
لذلك قال الصحابة: رضيناه لدنيانا، كما رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا، وفي الصحيحين عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في آخر حياته
ويكفي إجماع الصحابة على مبايعته، وما كان الله ليجمعهم على ضلالة. وأما عمر فهو (فاروق) هذه الأمة، لأن الله فرق بإسلامه بين الحق والباطل، كما روى ابن عساكر وأبو نعيم عن ابن عباس أنه سأل عمر عن سبب تسميته بالفاروق، فأخبره بقصة إسلامه طويلة، وأنه لما أسلم وهم مختفون قال:
لأنه ظهر الإسلام، وفرق بين الحق والباطل. وقد تكاثرت الأحاديث في فضله وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من المحدثين أي الملهمين، وأن الشيطان إذا رآه في فج سلك فجا غير فجه، وأخبر بكثرة علمه، وقوة دينه، وبشره بالجنة، وأدلة ذلك كلها في الصحيح وما يقرب منه. وأما خلافته فقد أشير إليها في الأحاديث، كما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد تمت البيعة له بعد أن عهد إليه أبو بكر لما رأى من أهليته، فقبله المسلمون، ورضوا بإمامته، وأعز الله به الدين، وفتحت في عهده كنوز كسرى وقيصر واتسعت رقعة الإسلام. ثم بعده عثمان بن عفان وهو ذو النورين سمي بذلك لأنه تزوج بنتي النبي صلى الله عليه وسلم واحدة بعد واحدة أولا ( رقية ) وماتت سنة ثنتين من الهجرة، ثم ( أم كلثوم ) ولما ماتت قال النبي صلى الله عليه وسلم لو كان لنا بنت ثالثة لزوجناها عثمان ولم يتفق هذا لغير عثمان أسلم قديما وهاجر الهجرتين، وجاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، ولما دخل مرة على النبي صلى الله عليه وسلم جلس وسوى ثيابه، وقال:
وهو الذي اشترى بئر رومة وجعلها سقاية للمسلمين، وجهز جيش العسرة فدعى له النبي صلى الله عليه وسلم بالمغفرة، وقال
. وأما خلافته فكانت في أول شهر محرم عام أربع وعشرين، وكان عمر قد جعل الأمر شورى بين ستة وهم بقية العشرة ما عدا أبي عبيدة فقد مات قبل عمر وسعيد بن زيد فاتفق أهل الشورى على عثمان رضي الله عنه، وبايعه المسلمون. ثم بعده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو أفضل من بقي، وقد اتفقوا على خلافته، وصحة إمامته، لكن أهل الشام امتنعوا عن مبايعته حتى يسلّم لهم قتلة عثمان وأما فضائله فكثيرة جدا فقد أسلم وله ثمان سنين، وهو أول من أسلم من الصبيان، وهو زوج فاطمة البتول، ووالد السبطين الحسن والحسين وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كفله وهو صغير. فهؤلاء هم الخلفاء الراشدون الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بسنته وسنتهم، والعض عليها بالنواجذ وهذا الحديث قد تقدم تخريجه أول الكتاب. وأما حديث
فقد رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن سفينة أبي عبد الرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ
قال سفينة فخذ، سنتي أبي بكر وعشر عمر واثنتي عشرة عثمان وست علي هكذا قال سفينة ولكن مجموع خلافتهم لا تكمل الثلاثين، حتى تضم إليها خلافة الحسن بن علي ستة أشهر.