منذ أكثر من مائة يوم بدأت المعارك في ليبيا بين رئيسها معمر القذافي والثائرين عليه. اليوم الصورة أكثر وضوحا، القذافي لا يزال واقفا على قدميه، لكنه يخسر كل يوم، وبات انهاء حكمه شبه مؤكد .. السؤال متى
تطوران مهمان في المعركة، الأول تخلي تقريبا كل حلفاء القذافي الأساسيين عنه، والثاني أن قوات القذافي قد تستسلم، ليس بسبب نقص المال أو الرجال أو السلاح، بل لأن الثوار يحاصرون الإمدادات النفطية، وصار أهل العاصمة يلجأون إلى استخدام الدراجات العادية بسبب تناقص البنزين وارتفاع أثمانه. القذافي قد يسقط بسبب السلاح النفطي والدبلوماسي.
ومنذ أن قال الروس إنهم لم يتخلوا عن القذافي علمنا أنهم تخلوا عنه. وعندما غير الألمان مواقفهم وأرسلوا مبعوثهم إلى عاصمة الثوار، بنغازي، أدركنا أن المعادلة تبدلت.
ويقال إن هناك حلا روسيا مهما، أن يتنازل القذافي عن الحكم من دون أن يغادر ليبيا، بل يذهب إلى مكان آمن في الداخل من اختياره.. في المقابل يختار الليبيون في انتخابات عامة حكمهم البديل. ويبدو أن القذافي لم يرفض الفكرة بعد، وقد يرتضيها الثوار ما دامت البدائل حربا مدمرة، لكنها قد تكون خدعة من العقيد لكسب الوقت في وقت يشتكي فيه الحلفاء من خسائرهم المالية. ووضع القذافي نفسه ليس بأحسن حال، حيث قد يخسر الحرب بسلاح النفط الذي لم يخطر على باله.
من سخرية القدر أن القذافي قد يُهزم بسلاح النفط نفسه الذي كان يهدد به خصومه طوال سنوات حكمه. فهو رغم أنه استطاع تهريب كميات كبيرة من السلاح، وبحوزته أنظمة عسكرية حديثة كان قد تسلمها قبل الثورة، ولا يزال يحتفظ برصيد وافٍ من الذهب والدولارات يمكنه من شراء مواقف سياسية والمزيد من المرتزقة، رغم هذا كله فإنه قد يخسر. ويبدو أن أحد شياطين الاستراتيجية العسكرية قرر إعطاش قوات القذافي باستهداف مصادر ومخازن الوقود. اليوم سعر غالون البنزين في طرابلس خمسين مرة أغلى من مثيله عند الثوار في بنغازي.
وسبق أن خير القذافي منذ البداية أن يخرج مع أبنائه ليعيش في أوغندا أو روسيا، إلا أنه رفض العرض. والعرض الثاني تقسيم البلاد بين ليبيا شرقية وأخرى غربية، والثوار رفضوه بدورهم.
وبعد أن دخل الروس فجأة في وساطة بعيد فشل رئيس جنوب أفريقيا انتعشت الآمال بحل سلمي. فالروس أقرب للعقيد، والعقيد إن كان ينوي التنازل فإنه لن يعطي تنازلاته لجنوب أفريقيا، بل لمن يظن أنه قادر على منحه شيئا مقابلها.