س 71: وسئل -حفظه الله- بعض المدرسين يقبلون الهدية من الطالب إذا قدمها الطالب بنفسه بحجة عدم جرح شعوره، وسواء كانت الهدية متواضعة للغاية أو جيدة، وسواء كان المدرس عند أخذها من الطالب سوف ينفعه أو لا ينفعه؛ بمعنى أنها لا تؤثر عليه بحيث يكون شأنه كشأن الطلاب الآخرين، فما حكم ذلك؟ نرجو بسط القول في الإجابة على هذا السؤال. فأجاب: أرى له عدم القبول؛ فهو أبعد عن الظنون وأسلم للنفس من الحيف والميل، ولو شيئًا يسيرًا، ولو كانت الهدية متواضعة كقلم ودفتر وكراسة ونحوها، أو رفيعة الثمن كساعة أو كتاب أو كسوة. فالأولى ألا يقبل ذلك ولو أمن على نفسه من الحيف والميل مع ذلك الطالب؛ فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وذلك أنه قد يساء به الظن، فمتى تفوق ذلك الطالب أو حظي بجائزة ظن غيره أن ذلك بسبب تلك الهدية، ومتى أعفي عن التأخير والغياب لعذر أو جبر نقص في درجاته اتهم ذلك المدرس بالعفو عنه لأجل الهدية، حتى ولو أخفاها فقد تظهر آثارها، وعليه أن يقنع الطالب الذي جاء بالهدية ويعتذر له عن سبب الرد، حتى لا يجرح شعوره؛ رجاء أن يقبل عذره ويصرف الهدية إلى غيره. ويعفى عن المنفعة اليسيرة كإركابه في السيارة إلى بيته، أو حمل متاعه من السوق، أو تقريب نعله أو ثوبه أو كتابه عند الحاجة إلى ذلك، وكذا استضافته مع غيره وخدمته بما هو معتاد، كتقديمه في الصف، والقيام له من المجلس، وتكريمه بما هو أهله، ومدحه بما لا كذب فيه ولو كان حاضرًا؛ فكل ذلك لا حرج فيه، إلا أن يكون فعل ذلك لغرض يختص بالدراسة فإنه يدخل في النهي، ويمكن أن يعفى عن الهدية المتبادلة إذا كان يهدي إليه سابقًا ويقبل مكافأته عليها؛ عملا بحديث: تهادوا تحابوا، فإن الهدية تسل السخيمة وتذهب وحر الصدر ثم على المدرس ألا يقبل الهدية من والد التلميذ؛ فقد يكون سبب الإهداء استجلاب مودته وشفقته على ابنه، فيكون في ذلك جور وحيف، فعلى المدرس إظهار الترفع والاعتزاز والبعد عمّا يسيء السمعة أو يجلب الشك والريب، والله الموفق.