الثورة فى المعنى اللغوى تعنى الغضب على شخص أو أمر ما وهو إما بغضب بحق وإما غضب بباطل والغضب غالبا يكون رد فعل وليس أمرا مخططا والغضب النادر أو القليل هو الغضب الطويل المكبوت وهو فى الغالب أيضا غضب يجعل اصحابه يخططون للانتقام ونادرا ما يخططون للانتقام وما بعد الانتقام . ثوراتنا العربية الحالية هى ثورات بحق ولكنها ليست سوى رد فعل آنى على الفساد والظلم فلم يخطط أحد لها على أساس أنها ستزيل الأنظمة القائمة وإنما من فكروا فيها كان غرضهم هو أن يغير النظام من فساده ويصلح من نفسه فى معاملته للمواطنين وتوفير سبل العيش الكريم لهم ويظل قائما ولكن الله ألقى فى قلوبهم الرعب من الأعداد الهائلة التى تجمعت ومن إصرارهم على الوقوف ضدهم . ومعظم إن لم تكن كل ثورات العالم كانت غضبة مخطط لها أو غير مخطط لها ولكن العامل المشترك فى الثورات هو أن أحدا لم يخطط لما ستصنعه الثورة عند نجاحها من مشاريع وقوانين وقرارات فى مختلف المجالات ربما هناك بعض الثورات كان لها فكر مسبق كالثورة الشيوعية فى روسيا ولكنها هى الأخرى لم تعد المشاريع والقرارات والقوانين قبل نجاحها وإنما كان عند قادتها فكر معين والعامل المشترك الأخر هو أن معظم الثورات الناجحة تأكل أولادها فالثوار ينقلبون على بعضهم ويقتل بعضهم بعضا جسديا أو معنويا وقد وجدنا فى الثورة الفرنسية القادة ينقلبون على بعضهم ويعلقون بعضهم البعض على اعواد المشانق كما وجدنا فى ثورة يوليو عبد الناصر يسجن أو ينفى أو يستبعد بعض الزملاء من العمل ووجدنا فى الثورة الشيوعية نفس الأمر القادة ينقلبون على بعضهم ويحاربون بعضهم ويقتلون بعضهم . ونلاحظ فى الثورة المصرية الحالية أن الخلافات بدأت بين الثوار وهوتها تزداد يوما بعد يوم وكل جماعة بدأت تكون حزبا أو ترشح شخصا كرئيس غير مرشحى الأخرين وندعو الله ألا يتطور الأمر فنرى الثوار يتقاتلون . السبب فيما يحدث من خلافات هو أن الثورة لم يكن مخطط لها ولما بعدها ومن ثم فلا أحد يتفق على المطلوب تنفيذه كله فى المرحلة الحالية ومن ثم فالخلافات مرشحة للزيادة خاصة فى ظل قيادة لم يخترها الثوار وهى لا تريد هى الأخرى أن تحسم الأمور إما لأنها زاهدة فى الحكم وإما لأنها تنتظر زيادة الخلافات وتطورها لقتال وساعتها تستولى على الحكم وتقبض عليه بيد من حديد لأنها ستجد المبرر للقبضة الحديدية وساعتها سيتقبل الشعب وضع القبضة الحديدية لأنه أرحم من الخلافات والقتال .