بمجرد أن تطأ قدماك واحة الخارجة عاصمة محافظة الوادي الجديد، لن تسمع غير كلمة واحدة "المرض الوحش"، وكل حديث يدور حول مرض السرطان أو الـcancer، فجأة تجد نفسك أمام أكثر من حالة أصابها المرض أو أصاب أحد زويها، ليؤكد الجميع أن انتشاره بين أهالي الوادي كالنار في الهشيم. حاولت "بوابة الأهرام" في زيارتها لواحة الخارجة أن تقف علي إحصائيات رسمية أو أسباب معلنة حول هذا المرض، لكن الحقيقة باءت المحاولة بالفشل، لعدم وجود إحصائات رسمية، رغم مخاطبة أهالي الوادي للجهات المعنية أكثر من مرة. وكان السبيل الوحيد هو الاقتراب أكثر من الأشخاص المهتمين بالبحث وراء أسباب المرض، للوقوف علي تقديرهم الشعبي للمرض. قال مجدي معاذ، مؤسس جمعية أصدقاء مرضى السرطان، إن مشكلة الصرف هي أكبر مشكلة تواجهها المحافظة لعدم وجود محطة تنقية، لأن محطة رفع الصرف الوحيدة تعطلت ولا بديل لها، وعرضنا الموقف علي المحافظ وأكثر من جهة دون أي حلول، وتصل مساحة بحيرة الصرف ما بين 30 و 40 كيلو متر، وهذه البحيرة هي أولي الأسباب المسببة للمرض السرطان بالوادي، إذ يتم تربية الأسماك فيها –البطي، والقراميط- والتي تباع لأهالي الواحة وخارجها وهي غير صالحة، وتم القبض علي صيادين السمك متلبسين بصيد سمك من بحيرة الصرف، لكن أفرج عنهم في النهاية رغم إثبات الطب الشرعي أن الأسماك غير صالحة. وأشار معاذ إلي أن البحيرة القديمة يسيطر عليها مجموعة من البدو وممنوع الاقتراب منها وحولها غابة من الأشجار. وأكد محمود علي مدير وحدة نظم ومعلومات وأحد أعضاء جمعية أصدقاء مرضى السرطان أن هناك ما يقرب من 4 آلاف بقرة تتغذى علي الأشجار النابتة حول بحيرة الصرف الصحي، بما تحمله من أضرار، والذي ينتقل بالتبعية للبنها الذي يورد للوادي وما حوله وإنتاجها ما يقرب من 6 أطنان يوميا. وقال محمود البحيرة شرق واحة الخارجة، وأكد عدد من المهندسين المختصين عدم صلاحية هذه البحيرة، والتي ينتج عنها في النهاية أسماك وأبقار وألبان فاسدة. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية أي شيء يتبع لمحطة الصرف به معادن ثقيلة وليست بكتريا ولها أضرارها. ولفت المهندس محمد عز الدين صالح أن المرض انتشر بشكل غير عادي، بسبب إهمال المسئولين، لأنه كلما ناشدناهم بالاهتمام؛ يقولوا ما هو دليلكم، لأن عدد المصابين صعب إحصائه بطريقة شعبية، إذ إن هناك من يعالج ولا يقول ومن يعالج علي نفقته الشخصية وآخر علي حساب التأمين ومنهم من لم يكتشف مرضه بعد، ولا يوجد مصدر حقيقي نعتمد عليه لتوضيح مدي الكارثة لكن نحن هنا جميعا نعرف بعض لذالك نحن متأكدين مما نقول. وقال عز الدين عن نفسي أعيش مأساة هذه الكارثة، فوالدي أصيب بالسرطان وعانينا كثيرا ولا أريد لأحد آخر أن يحدث له مثلنا، فبسبب عدم وجود وحدة لعلاج السرطان بالوادي أسافر مع والدي إلي أسيوط 250 كيلو مترًا مسافة، للعلاج وأحيانا يقولون لنا تعالوا في وقت لاحق، لذالك نطالب بوحدة علاج كيماوي، ولن تتكلف كثيرا فيوجد بعض الأجهزة بالمستشفي ولدينا كوادر يمكن تدريبهم، وأكثر من دكتور قرر أنه يتبرع لعلاج المرضي بدون مقابل، شرط أن يكون هناك مكان مجهز. وأكد عز الدين أن من ضمن الأسباب التي تسبب المرض أيضا بالواحة، هي مواسير المياه التي أكدت إحدي اللجان أنها من مواسير الإسبستوس وهي ماده محرمة دوليا وكل مواسير مياه الشرب بالوادي منها. وأشار المهندس محمد نصر تم تشكيل لجنة من الثروة السمكية والطب البيطري وجهات معنية أخري لأخذ عينة من بحيرة الصرف ، لكني شعرت أنها جاءت لتعطي شرعية للصيد في البحيرة، وكنت عضوا في اللجنة وأقنعتهم بأخد عينة من أول ومنتصف وآخر البحيرة، لكن في النهاية وجدت أن اللجنة موجهة، فرفضت أن أوقع علي تقريرها منذ عام ونصف العام. والسؤال هنا إلي متي سنظل معتمدين عليها في الصرف، مؤكدا أنه قريبا ستحدث كارثة، لأن منسوبها تعدي المسموح بـ35 سم، وهذه المياه إن فاضت عن البحيرة هتغرق البلد، فلابد من تشغيل بديل، وكان هناك محطة أخري يتم تجهيزها تكلفتها 120 مليونا وبعد صرف 100 مليون توقف العمل بها بسبب الميزانية. ومن جانبه، قال الدكتور محمد السيد وكيل مستشفي الخارجة وأستاذ التخدير: المنظومة الصحية في الوادي ككل مصر ونحن جزء منها، لايوجد نظام طبي جيد وما نطلبه من حكومة الثورة، أن توجد وحدة معالجة للسرطان بالوادي ولتكلفتها ليست كبيرة. وأشار أنه لا توجد إحصائية رسمية للمصابين بالمرض فهناك تعتيم، كما أنه لا توجد مستشفي او وحدة مختصة بمعالجة السرطان بالوادي الجديد لذلك كل المصابين يعالجون خارج المحافظة، وطالبنا كثيرا أن يتم حصر الأعداد، لكن لم يحدث، لذلك محتاجين جهة رسمية تخاطب كل المستشفيات بأسيوط وغيرها لمعرفة الأعداد التي تعالج لديها من السرطان من أهل الوادي، فالوضع زاد بشكل مبالغ فيه، فبالتقديرات الشعبية وليست رسمية، أن من بين كل متوفيين واحد بالسرطان، لكن لن نجد هذا مكتوبًا في المحضر الرسمي للوفاة. ولفت د.السيد أن أسباب السرطان بالوادي عديدة منها، المبيدات المسرطنة التي دخلت البلد في الفترة الأخيرة والصرف الصحي الذى تمتد بحيرته علي 40 كيلو مترًا مربعًا غير معالجة وبها أسماك يتم اصطيادها وبيعها في الوادي وفي خارج الوادي بأسيوط والعبور. وكانت جماعة أصدقاء مرضي السرطان، أصدرت بالتعاون مع حزب الوسط بالوادي الجديد، عددا من البيانات التحذيرية من مخاطر وجود مثل هذه البحيرة بهذه الحالة وما ينتج عنها من أسماك ونباتات تعود بالسلب علي الأبقار وألبانها وكلها محملة بالمعادن الثقيلة.