الصحافة الغربية: محاكمة مبارك رسالة للطغاة العرب.. والإسرائيلية أبدت تعاطفًا

الناقل : فراولة الزملكاوية | الكاتب الأصلى : سعيد قدري | المصدر : gate.ahram.org.eg

محاكمة مبارك

احتلت محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال صدارة الاهتمام من جانب عدد كبير من وسائل الإعلام الأجنبية، وأفردت كثير من الصحف مساحات كبيرة لتغطية الحدث التاريخي وغير المسبوق، مؤكدة أن المحاكمة ستشكل منعطفًا مهمًا في مسيرة الحكم الجديد وأن الشعب المصرى سوف يواصل كتابة الصفحات الأولى من التاريخ العربي الجديد، مؤكدة أن المصريين عاشوا لحظة تاريخية فارقة، ورأت أن هذه المحاكمة تمثل نجاحًا لإرادة الشعب الذى ثار على حسنى مبارك وأسقط نظامه ورموزه الدائرين فى فلكه.
اعتبرت مثلا صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن محاكمة حسنى مبارك حولت مصر، وأغلب منطقة الشرق الأوسط إلى غرفة للمشاهدة تضم الملايين من المشاهدين، بداية من محال عمان والقدس إلى أكواخ اليمن الفقيرة لمتابعة شيء لم يكن أى شخص يصدق أنه قد يحدث.
وأشارت الصحيفة - في تقرير لها – يحمل عنوان "مشهد مبارك يخطف الأنظار في الشرق الأوسط" إلى أن رؤية مبارك المريض والبالغ من العمر 83 عاما ملازما الفراش داخل قفض الاتهام كانت لها ردود فعل مختلفة حيث شعر البعض بشوق للانتقام والتشفى " فيما أحس آخرون بحالة من الشفقة على رجل معتز بنفسه كان في يوم من الأيام يجسد دور حاكم عربى سلطوى، وأضافت أنه بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني اشترك الكثيرون في مشاهدة تلك اللحظة التاريخية مثلما كان الأمر منذ ستة أشهر عندما أطيح بمبارك في ثورة استمرت 18 يومًا ساعدت في إحداث حراك سياسي في المنطقة.
قالت صحيفة (ديلى تليجراف) البريطانية إن مصر دخلت التاريخ العربى عندما ظهر مبارك على نقالة طبية فى قفص الاتهام بالمحكمة استجابة لمطلب الشعب الذي استعبده على مر ثلاثة عقود، وأوضحت الصحيفة في تقرير لها على موقعها الالكترونى بعنوان "حسني مبارك في المحكمة لمواجهة تهمة القتل" أنه سبق للرئيس العراقى السابق صدام حسين دخول قفص الاتهام قبل مبارك إلا أنه للمرة الاولى فى منطقة الشرق الأوسط ، وبالتحديد فى مصر يمثل زعيم عربى أمام المحكمة للمحاسبة والمحاكمة
من جانبها أكدت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية أن المشاهد الحية التى بثت لجلسة محاكمة الرئيس السابق وهو داخل قفص الاتهام ، أثارت ذهول المشاهدين فى منطقة الشرق الأوسط بأسرها، وأشارت إلى أن تلك المشاهد أثارت مشاعر متباينة بين أوساط المتابعين ، فالبعض تولد لديه الأمل فى أن تضحى محاكمة مبارك مثالًا يحتذى لسائر الحكام المستبدين ، الذين تشبثوا بمقاليد الحكم ، لأمد طويل على الرغم من الدعوات التى تنادى بإحداث تغيير ، كما هو الحال فى دول مثل ليبيا وسوريا واليمن.
نظر البعض الآخر بعين الشفقة لرؤية ذلك المشهد لرجل مسن بلغ من العمر 83 عاما لازما سريره الطبى داخل قفص الاتهام ، وأبدوا القلق من أن يبعث ذلك برسالة عكسية إلى سائر الطغاة فى الوطن العربى بأنه فى حال عدولهم عن الاستمرار فى القتال ضد شعوبهم قد يواجهون ذلك المصير الذى يواجهه مبارك الآن.
ولفتت الصحيفة إلى أن وسائل الإعلام طالما شددت على الأبعاد التاريخية لتلك المحاكمة التى تعتبر المرة الأولى التى يحاكم فيها حاكم عربى على أيدى شعبه دون تدخل خارجى.

في صحيفة "الاندبندنت" كتب الصحفى روبرت فيسك، تحت عنوان "الرجل القوي المنيع، أقدم طاغية ونجليه يواجهون غضب أمة روعوها". وقال "كانت هذه اللحظة، لحظة أثبتت فيها البلاد أن ثورتها ليست حقيقية فحسب، بل إن ضحاياها حقيقيون."
أضاف فيسك: إنه فقط عندما يكون ديكتاتوري عربي في حاجة ماسة إلى رشفة آمنة من مياه باردة لصيف عربي، "جاء الدور على المصريين الأربعاء، لتسمم البئر الذي سيشرب منه." وأضاف أنه "كان يمكننا أن نرى خفقان وجه مبارك، وهشاشته فيما كانت أصابعه تلعب في أنفه تارة، وفمه تارة أخرى، وتحاول منع الأضواء من الاقتراب كثيراً منه." ثم ظهر صوته يقول بعينين متغطرستين "أنا هنا"، وألحقها بصوت قوي تقشعر له الأبدان: "كل هذه الاتهامات أنكرها جميعاً."
"الجارديان" عنونت متابعتها لمحاكمة مبارك كالتالي: "مبارك في قفص الاتهام: البدء بمحاكمة تاريخية للرئيس المصري السابق." وقالت إن ملايين الناس حولوا تليفزيوناتهم صوب القنوات التي تعرض محاكمة مبارك وهو يواجه تهماً وسط إرباك يخيم في أجواء قاعة المحاكمة في القاهرة واستمرار العنف خارجها، وأضافت أن آخر مرة زار فيها مبارك أكاديمية الشرطة كان اسمه يعلو بوابتها، وهي واحدة من عدة مئات من المؤسسات التي كانت تحمل اسمه قبل الثورة، هو الذي كان بطل حرب، وتحول لرئيس قبل أن يحول مصر إلى مزرعته الخاصة.
اعتبرت صحيفة (زود دويتشه سايتونج) الألمانية إن محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك حدث تاريخي، حيث سيحاكم لأول مرة أحد الحكام "المستبدين" العرب في بلده، وأضافت أن محاكمة مبارك ستعطى مثالًا فريدًا لكثير من الحكام المستبدين، حيث كان مثوله أمام المحكمة أمرًا مثًيرًا للدهشة ووصفته بأنه موقف يتسم بالشجاعة، ورأت أن مبارك ظهر بمظهر الخاطئ التائب، وهو أمر لم يكن يتوقعه بالتأكيد معارضوه ولا مؤيدوه.
من جانبها اعتبرت صحيفة (دير شبيجل) الألمانية أن مبارك ظهر فى المحكمة، ولا تبدو عليه علامات الندم، مشيرة الى الهدوء الذى كان يعم أرجاء القاعة . وأضافت أن نجله جمال الذى كان سببًا رئيسيًا فى سقوط والده ، نفى كل التهم المنسوبة إليه .
في أنقره التي أصبحت بعد 25 يناير قبلة الثوار لاستلهام النموذج التركي الإسلامي في الحكم فقد أبدت صحيفة (حريت) التركية عدم الارتياح من صورة إدخال مبارك قفصًا حديديًا، وأكدت المصادر أن المحاكمة ، ستلعب دورًا حاسمًا ، بالنسبة لتحرك الشعب المصري خلال المرحلة المقبلة
صحيفة (الميساجيرو) الايطالية وصفت، أولى جلسات المحاكمة التاريخية وصفا دقيقا، وذكرت أن " مصر بدت غير مصدقة ، عندما تم رصد أول محاكمة لفرعون فى التاريخ ".
أما صحيفة (لاستامبا) الإيطالية، فقد وصفت المحاكمة بأنها أمر "غير قابل للتصديق"، ورأت الصحيفة أن محاكمة الرئيس السابق هى الأولى من نوعها إذا ما قورنت بمحاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، أو المحاكمات التي تجري حاليا بحق الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، مؤكدة أن محاكمة مبارك فريدة من نوعها .
أما الصحافة الإسرائيلية فقد كان لها رأى آخر، حيث أكدت صحيفة "يديعوت آحرنوت" أن المشاهد الحية التى بثت من وقائع جلسة محاكمة مبارك وهو خلف القضبان يحاكمه شعبه فى قضايا قتل مواطنين من أبناء شعبه ،أسرت أنظارالمتابعين كافة فى منطقة الشرق الأوسط لتصبح حدثا محوريا فى تاريخ الثورات العربية التى شهدها العام الحالى، وأشارت إلى أن وقائع المحاكمة كانت لها أصداء كبيرة فى الدول العربية التى لايزال يناضل مواطنوها من أجل إحداث التغيير، وينشدون الحرية .
معالجة الإعلام الإسرائيلي لمحاكمة مبارك عكست قدراً كبيرًا من التعاطف معه وعدم ارتياح لدي المسئولين الاسرائيليين بشأن مستقبل العلاقات مع القاهرة خصوصا بعد بروز نجم التيارات الاسلامية التي تتبني موقفا واحدا من مسألة العلاقة مع تل أبيب ، وظهر ذلك واضحًا في المعالجة الصحفية لجريدة "جيروزليم بوست" التي وصفت محاكمة مبارك "بالخطأ الفادح" حيث كتبت الصحيفة الإسرائيلية تحت عنوان "إعدام مبارك سيكون خطأ فادحاً" تقول:إن إعدام حسني مبارك سيكون خطأ قاتلاً، معتبرة أن تلك الخطوة من شأنها عرقلة عملية التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط.