دعا محللون بالبورصة الشركات والهيئات الحكومية إلى الحصول على التمويل اللازم لها لإتمام مشروعاتها من خلال سوق السندات أو ما أطلقوا عليه "سوق الديون"، خصوصا مع تراجع معدلات الإقتراض من البنوك بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، ومنذ الأزمة المالية العالمية خوفا من تعرضها لأزمات مالية وتعثر جديد. وقالوا، إن شركات مثل الشركات العقارية والحديد والأسمنت والمصانع وغيرها، وهى الشركات التى تحتاج دائما للتمويل البنكى لاستكمال مشروعاتها، لن يكون أمامها إلا اللجوء لسوق السندات لتمويل مشروعاتها بدلا من تعرضها للتوقف بسبب احجام البنوك عن التمويل حاليا خوفا من تعرض هذه الشركات للتعثر. وقال محسن عادل خبير سوق المال، إن حجم سوق ديون الشرق الأوسط لا يزال صغيراً مقارنة بمناطق أخرى تعتبر من الدول الناشئة، لكن هناك نمواً فى هذا القطاع فى مصر على وجه الخصوص، كونها تعتزم تنشيط سوق سندات بالعملة المحلية فى الفترة المقبلة. وأضاف عادل، أن وجود هذه السوق النشط فى مصر من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابى على المنطقة، حيث نمت سوق ديون الأسواق الناشئة بشكل ملحوظ، وبلغت تريليونات الدولارات حول العالم، إلا أن حصة منطقة الشرق الأوسط من هذه الديون صغيرة نسبياً وتقدر بحوالى 10-12% من إجمالى السوق المالى، نظراً لاعتماد الشركات فى المنطقة على القروض البنكية المشتركة. وأنه مع قلة موارد التمويل فى المنطقة، أصبحت سوق الديون الطريقة الوحيدة التى يمكن للشركات اتباعها للحصول على التمويل، وجاء الطلب على سوق السندات فى مرحلة لاحقة من دورة التطور الاقتصادى وتطور الأسواق المالية، إذ يتم عادة دعم المراحل الأولى من تطوير الاقتصاد بالاعتماد على طرق التمويل الذاتى المتاح، ومن ثم يستعان بالتمويل البنكى. وأشار، إلى أن الشرق الأوسط ليس استثناءً فى هذا الخصوص، وارتفع إجمالى إصدارات الديون الخليجية ارتفاعاً كبيراً منذ العام 2004، وذلك بسبب زيادة شعبية السندات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وانفتاح السوق على الشركات المصدرة لهذه السندات، وكما هو معلوم، شهدت إصدارات السندات من قبل شركات محلية مصرية إقبالاً مشجعاً. وأوضح، أنه فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومات فى دول المنطقة لمواصلة سياساتها الرامية لتنويع موارد الاقتصاد للتعاطى مع النمو المطرد فى عدد السكان، والذى ترافق مع تأثر الشركات بإحجام البنوك العالمية عن الإقراض، كما كان الوضع قبل الأزمة المالية، ستلجأ تلك الحكومات للاستعانة بأسواق السندات للحصول على التمويل اللازم ولسداد القروض الحالية، وتغطية نفقات المشاريع الإنمائية المستقبلية. أما محمود جبريل العضو المنتدب لشركة أموال لإدارة صناديق الاستثمار، فقال أعتقد أن اقتصادات الأسواق الناشئة أصبحت أقوى مما مضى، وباتت تشهد إقبالاً كبيراً من قبل المستثمرين الراغبين فى جنى عوائد أعلى من تلك المتاحة فى الدول المتقدمة، هذا وقت مهم بالنسبة لقطاع ديون الأسواق الناشئة، ونتوقع أن تسجل بعض دول المنطقة دخولها لأول مرة إلى هذا السوق على المدى القريب والمتوسط. إلا أن التحدى الأبرز الذى يواجه المنطقة يتمثل فى التسعير الواقعى المدروس وهيكلة الصفقات، وفى القدرة على تحسين العلاقة مع المستثمرين وتزويدهم بالمعلومات التى يرغبون فى الحصول عليها، ويتعين على مصدرى السندات اعتماد آلية تساعدهم على تحسين السعر والهيكلة على المدى البعيد. وأضاف جبريل، أن الأحداث التى شهدناها خلال الأشهر القليلة الماضية تعتبر عاملاً هاماً عندما يفكر المستثمرون فى التسعير، إلا أننا لم نشهد حركة كبيرة فى سحب الأموال المحققة من الموجودات المقدرة بالعملة الأجنبية، إلى خارج البلاد سواء بالنسبة لديون الشركات أو الديون السيادية، بالإضافة، إلى أن الاستثمار فى ديون الأسواق الناشئة يشكل فرصة استثمارية قوية، مدعومة بالنمو الإيجابى الذى يعززه حجم الاستهلاك والاستثمارات.