بعد دعوة التنحي: مصداقية أميركا على المحك السوري
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
عبد الله زيزان
| المصدر :
www.middle-east-online.com
ثمة تساؤل لا يجد جوابا مقنعا: ما هو تبرير الحزم الأميركي في التعامل مع 'العميلة' مصر مقابل التراخي في التعامل مع 'الممانعة' سوريا؟
ميدل ايست أونلاين
بقلم: م. عبد الله زيزان
فقدت أميركا ومعها الغرب أيضاً الكثير من مصداقيتهم في عيون العديد من السوريين خلال الثورة وذلك من خلال شعور عامة الشعب بتباطؤٍ وعدم جديةٍ من حكوماتهم في بداية الثورة لوقف القمع وإراقة الدماء من جانب النظام السوري ورفع الغطاء عن هذا النظام... حيث كان نموذج التعامل الأميركي في الحالة المصرية ماثلاً أمام الشعب السوري والذي كان له دور فاعل في مسار الأحداث هناك... فمصر التي كانت محور الاعتدال العربي و"عميلة" أميركا في المنطقة -كما يروق للنظام السوري الترويج له- واجهت تفاعلاً أميركياً قوياً، فكان من الأولى في ظن البعض موقفاً أميركياً أشد حزماً تجاه نظام يدعي "الممانعة والمقاومة"...
إن الشعور السلبي الذي حمله الشعب السوري تجاه الغرب وصل أوجه حين سرت شائعات متواترة بين الأوساط الشعبية مفادها أن أميركا والغرب قد أوفدوا مستشاريهم الأمنيين لصالح النظام السوري لمساعدة النظام في قمع الاحتجاجات وإعادة الاستقرار، ويثبت البعض تلك الشائعات من خلال وثائق وأدلة متوفرة عند جهات معينة ستُظهرها عند الحاجة...
وليس الغاية هنا إثبات أو نفي تلك الشائعات، حيث أن مجرد الاعتقاد بها يدل على مدى خيبة الأمل التي يحملها السوريون تجاه المواقف الدولية المتخاذلة في بداية أحداث الثورة، لكن خيبة الأمل هذه لم تضعف من جذوة الثورة أو تقلل من وهجها، بل على العكس من ذلك، فشعور السوريين بأن ثورتهم هذه ثورة يتيمة تخلى عنها القريب والبعيد دفعهم إلى مزيد من الإصرار معتمدين في ثورتهم على أنفسهم دون التعويل على المواقف الخارجية... وهو ما كانت تحرص الإدارة الأميركية على نفيه من خلال تترسها بمواقفها الهزيلة والتي كانت تطالب حينها النظام بتعجيل الإصلاح والحوار مع الآخرين...
الآن وبعد أن اقتنعت أميركا والغرب بأن الأوضاع في سوريا قد وصلت لنقطة اللاعودة، وأن الثوار في سوريا لن يعودوا إلى بيوتهم إلا بتحقيق هدفهم الأوحد بإسقاط النظام، وأن أي محاولة لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الثورة هو ضرب من المستحيل، بل قد يزيد الوضع اضطراباً قد يوصل سوريا والمنطقة إلى مزيد من الغموض، حينها فقط بدأت أميركا بقيادة العالم لسحب الشرعية عن النظام، لنجد المواقف الدولية قد تسارعت للاصطفاف مع الدعوات الأميركية بزيادة الضغوط على النظام السوري، والبدء بالتفكير الجدي بالضغط على النظام سياسياً واقتصادياً...
إن مصداقية أميركا الآن أمام الشعب السوري على المحك... فالأنظار مصوبة نحوها، والجميع يترقب مدى جديتها في تنفيذ وعودها... والزمن هنا عامل حاسم في المسألة السورية، فأي تلكؤ أو تردد في السعي لإسقاط النظام سيفهم على أنه تواطؤ أميركي، وسيعمق الشعور السلبي تجاهها...
فالإدارة الأميركية تملك لو أرادت أدوات وآليات عديدة تستطيع من خلالها التضييق على النظام، بدأً من تجفيف منابع التمويل للنظام سواء بوقف التعامل مع النفط السوري أو من خلال تجميد أرصدة أزلام النظام في الخارج، وصولاً إلى الضغط على إيران لمنع تزويد سوريا بالمال والعتاد... وهنا نذكر أن رفض الشعب السوري للتدخل العسكري المباشر لا يتناقض أبداً مع فرض حظر جوي بحري على سورية لمنع استخدام الطائرات والسفن في عمليات الجيش السوري ضد المدن السورية من جهة، ولمنع وصول أي مساعدات إيرانية أو غيرها لهذا النظام من جهة أخرى...
ختاماً نقول أن على أميركا والغرب أن يعلموا أن الثورة السورية ماضية ولن تتراجع، وعليهم أن يعلموا أيضاً أن الشعب ماضٍ في ثورته سواء وقف الغرب معه أو لم يقف، ففشل النظام في إطفاء جذوة الثورة بعد استخدامه لكامل طاقته وكل وحشيته ضد شعبه بعد كل المنحة الزمنية التي أعطاها الغرب له دليل على عظمة هذا الشعب الذي اتخذ قراره في التغيير السلمي في سوريا ولن يتخلى عنه مهما وقف العالم ضده.
م. عبد الله زيزان