المسكنات تعالج مشكلة تخلق أخرى "الإفراط في تناول العقاقير المسكنة للصداع يؤدي إلى تدهور حالة المريض"، هذا ما خلصت إليه دراسةتناولها تقرير صحفي لوكالة الصحافة الأمريكية (أ. ب.) بواشنطن، حيث أكدت أن تناول المسكنات بانتظام يحول الصداع من عَرَضي إلى مزمن، فبعد متابعة حالة 8200 مصاب بالصداع العرضي قاموا بتناول المسكنات لمدة عام، تحول الصداع إلى مزمن عند 205 فرد منهم. وقد قامت الكاتبة نوران نيرجارد المراسل العلمي لوكالة الصحافة الأمريكية بعرض الدراسة على عدد من المتخصصين، حيث أجمعوا على أن علاج الصداع بطريقة مناسبة أمر هام، إضافة إلى أنه من المحتمل مع الاستعمال المفرط للمسكنات أن تسوء حالة المريض، مثل حالة المريضة "رينا سيربون" التي استعرضها التقرير كنموذج لتردي الصحة عند الإفراط في تناول الجرعات. وصور التقرير حالة المريضة بأنها "كانت حربا متصاعدة تدريجيا في اتجاهين، سيربون، 41 عاما، من مونتكليير، بولاية نيوجيرسي، تقول: "منذ فترة، وكان قرص مسكن واحد يخفف من ألم الصداع لدي، وبعدها بدأت أعاني من صداع شبه يومي، كنت أتعاطي فيورنيل (Fiorinal) بشكل يومي فقط لأستطيع العمل". حدود المسكنات وأورد التقرير أن الصداع الذي يصاب به المريض يكون على شكل خفقان في جانب واحد من الرأس، وتتراوح مدته من بضع ساعات إلى 3 أيام، إلى جانب عدد من الأعراض الأخرى مثل الدوار والحساسية للضوء والذي يعد أمرًا اعتياديا عند المرضى، ويشعر البعض بقدوم الصداع مع رؤية نقطة مزعجة من الضوء. وأورد التقرير آراء عدد من الخبراء حول مقياس الإفراط في تناول العقاقير المسكنة، حيث أكدوا على أن الاعتماد على المسكنات القوية لأكثر من عدة أيام في الأسبوع ينبئ بالخطر. ويقول الدكتور ستيفن سلبرستين من جامعة توماس جيفرسون، والمتحدث الرسمي باسم الأكاديمية الأمريكية لدراسات علم الأعصاب: إن "معظم الناس خارج التخصص لا يدركون حقيقة هذا المفهوم"، مضيفا: "أعتقد أنه من الشائع بين المرضى الذين يتعرضون لصداع متكرر، تعاطي المزيد ثم المزيد من الحبوب المسكنة، وحين إذن يهوون إلى المزيد من الألم". ويتابع الدكتور "أحيانا يؤدي الصداع المتكرر إلى أن يصبح المخ أكثر حساسية تدريجيا، وبذلك تسوء حالة متعاطي المسكنات أكثر، وحين يصابون بهذا الصداع 15 يوما أو أكثر في الشهر، وهذا ما نطلق عليه لفظ مزمن، أو "متحول" (transformed migraine). ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد المصابين بهذه الحالة، إلا أن اختصاصي الصداع الدكتور ريتشارد ليبتون من كلية ألبرت أينشتين للطب يقول: إن التوقعات تشير إلى تزايد كبير في أعدادهم. ويقول ليبتون الذي يرأس مركز مونتفيور للصداع في نيويورك، إنه بعد دارسة أثر بعض أنواع العقاقير المرتبط بالوصول إلى هذه الحالة السيئة - إنه لاحظ أن المرضى الذين تناولوا جلستين من الوصفات الطبيبة، وأدوية تشتمل على مخدرات، مثل بيركوست (Percocet)، أو ملح حامض البربيتوراتس (barbiturates) مثل فيورينال (Fiorinal)، كانوا الأكثر احتمالا لتردي حالاتهم، وفقا لما كتبه ليبتون وزملاؤه في جريدة "صداع"، وهو ما يؤكد زيادة الخطر مع تصاعد الجرعات. على الجانب الآخر، هناك عدد من الأدوية التي لم يثبت أثرها على الصداع منها دواء إستامينوفين (acetaminophen ) وحتى مضادات الالتهاب المسماة (NSAIDS)، مضادات الالتهاب أظهرت قدرا من الوقاية. ويعترف ليبتون بأن بعض المرضى سيحتاجون لمخدرات أقوى أو عقارات تحتوي على البربيتوراتس إذا ما هاجمهم الصداع بقوة، مشيرا إلى أنه في "الحقيقة يتم تناولهم بصورة مفرطة" عند وصول الصداع، ناصحا المرضى الذين يضطرون إلى اللجوء إلى هذا النوع من العقاقير أن يتناولها بجرعات منخفضة أسبوعيا. وتناول التقرير عددا من النصائح للمرضى: "اسأل عن العقاقير الواقية من الصداع، الاختيارات تتراوح بين مخفضات ضغط الدم التي تسمى بيتابلوكرس (beta-blockers) وحتى عقاقير علاج الصرع ومضادات الاكتئاب، لكل منها جانب مؤثر إلى حد يجعلنا نأخذها في الحسبان، بعض المرضى يجربون استخدام حقن بوتوكس (Botox) ليهدئوا من النشاط العصبي الزائد". "أوقف الاستخدام المفرط للعقاقير الطبية، وتهيأ للانسحاب من الألم، الطبيب ربما يمكنه أن ينصحك بعلاجات قصيرة المدى كي تساعدك"