يعتبر الحبل السري مصدرا غنيا للخلايا الجذعية المصنعة للدم Hematopoietic stem cells ، وهي السليفة لكل ما يحتويه الدم ، بدءا من الخلايا الدموية البيض white blood cells المقاومة للعدوى ، والخلايا الحمر red blood cells الحاملة للأوكسجين ، إلى الصفائح الدموية platelets التي تسهل عملية تخثر الدم بعد حدوث إصابة أو جرح ما .
وتكفي الخلايا الجذعية الموجودة في مشيمة واحدة لإعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي عند طفل مصاب بابيضاض الدم leukemia ( وهو مرض يتميز بانقسام خلايا الدم البيض بصورة غير سوية مما يوجب قتلها بالمعالجة الكيمياوية ) ، وتكفي لعلاج شخص بالغ في حال تنميتها في ظروف خاصة . وعند الرجوع للماضي كان على الأطباء البحث عن مانح ليؤمنوا نقي (نخاع) العظم bone marrow الذي يحتوي أيضا على خلايا جذعية منتجة للخلايا الدموية والمناعية . ولكن لسوء الحظ كان الكثيرون يموتون خلال فترة البحث الطويلة عن مانح يطابق النوع النسيجي للمريض . أو بسبب المضاعفات الناتجة عن عدم تطابق النقي الممنوح تطابقا جيدا ؛ أما دم الحبل السري القابل للحفظ لفترات طويلة ، فهو اكثر احتمالا للتطابق الجيد واقل احتمالا لأحداث المضاعفات لان الخلايا الجذعية في دم الحبل السري تختلف مناعيا عن تلك الموجودة في نقي العظم عند البالغين ، وكذلك تتميز بأنها اكثر تحملا وعلى الرغم من أن العلاج بهذه الطريقة لا يشمل علاج جميع الأمراض . ولكن العلماء يتأملون بإمكانية تطوير هذه الطريقة العلاجية لتشمل علاج أمراض أخرى في المستقبل القريب ، ولكون هذه الطريقة قد حققت نجاحات كبيرة ، فأن العلماء ينظرون إليها نظرة مشرقة في سبيل تحقيق مكاسب طبية كبيرة . ومن أهم الأمراض التي يسعى العلماء الآن لتحقيق نجاحات فيها ، وقد تم فعلا النجاح في قسم منها : أمراض الدم: ابيضاض الدم leukemia باختلاف أنواعه الحادة والمزمنة ، وفقر الدم بأنواعه المختلفة ( فقر الدم المنجلي Sickle cell anemia ، فقر الدم الفرانكفوني ، فقر الدم الغير مستجيب للعلاج ، الخ ... ) . 2 - أمراض النخاع الشوكي . 3- مرض هوجكن Hodgkin's disease. 4- أنواع متعددة من السرطان ( سرطان الثدي ، سرطان الدم ، سرطان الكلى ، الخ ... ) . 5- أمراض جهاز المناعة ( نقص خلايا T ، نقص خلايا B ، إعادة تشكيل الجهاز المناعي للرضع المولودين ولديهم عوز مناعي مشترك sever combined immunodeficiency ، الخ ... ) . متلازمة هرلر Hurler's syndrome ، التي تسبب تنكسا عصبيا مستفحلا يؤدي في النهاية إلى الوفاة . وفي هذه الحال يستفاد من الخلايا الجذعية ليس فقد لتكوين خلايا الدم الحمراء والبيضاء ، بل أيضا في تكوين خلايا داعمة للدماغ بعد التعرف على المميزات الواضحة لاغتراس دم الحبل السري ، قامت عدة مراكز طبية ومستشفيات وبعض الجامعات بتأسيس بنوك لحفظ دم الحبل السري ، تمكن الأم الراغبة في منح دم الحبل السري الخاص بوليدها ليستعمل من قبل الغرباء المحتاجين إليه . وقد أنشأت الكثير من هذه البنوك وانتشرت في أنحاء مختلفة من العالم ، منها الولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا وإيطاليا وتايوان وسنغافورة وبريطانيا واستراليا . تاريخ تطور نقل دم الحبل السري : ظهر أول دليل على إمكان الاستفادة الطبية من دم الحبل السري عام 1972 ، و تم ذلك عن طريق إعطاء مصاب بابيضاض الدم عمره 16 سنة دم الحبل السري بالتسريب الوريدي infusion . وبعد مرور أسبوع واحد وجد أن دم المريض يحتوي على خلايا حمر منشؤها الخلايا الجذعية للمانح . * في عام 1980 بدأ التفكير والمقارنة بين خلايا الحبل السري ونقي العظم المنقول ، ولم يتم التأكد من ذلك إلا في عام 1989 عبر التوضيح أن دم الحبل السري يحتوي على نفس كمية الخلايا الجذعية الموجودة في نقي العظم . * وفي العام نفسه تمت أول عملية نقل خلايا جذعية من حبل سري إلى طفل مصاب بمرض وراثي ( الأنيميا الفانكوني Fanconi anima ) عن طريق استعمال دم الحبل السري لأخته الوليدة . * في عام 1991 تمت أول عملية لنقل دم الحبل السري لطفل مصاب بابيضاض الدم المزمن ( اللوكيميا ) . وكلا العمليتين نجحتا ، وأدت إلى ولادة آفاق جديدة في عملية نقل دم الحبل السري واستبداله بعملية نقل نقي العظم . عام 1997 توصل العلماء إلى دليل أن اغتراس دم الحبل السري – حتى بين مانح ومتلق غير قريبين – هو أكثر أمانا من اغتراس نقي العظم .
ما هو دور بنك الحبل السري : الجمع : بعد أن يخرج الوليد إلى الحياة ، لا يبقى على الأم إلا دفعة أخرى بعد عناء المخاض ، ليستطيع الطبيب إخراج الحبل السري umbilical cord " الذي كان يمد الطفل بالغذاء خلال فترة الحمل طوال الأشهر التسعة " . وبعد ذلك يقوم الطبيب بقطع الحبل السري . * يقوم أولا بأخذ الحبل السري المقطوع ( 4- 8 إنشات ) ، ومن ثم تنظيفه بمحلول مطهر . * تغرس بعد ذلك إبرة تنتهي بكيس بلاستيكي ( مثل الكيس الذي يتبرع فيه بالدم ) ، لجمع الدم من الحبل السري المقطوع ، وتترك لتملئ الكيس البلاستيكي عن طريق الجاذبية حتى يتوقف انتقال الدم . بعد ذلك تثبت المعلومات المطلوبة على الكيس ، بعد أن يتم إغلاقه بأحكام . وتضع معظم بنوك دم الحبل السري بطاقة تعريفية لكل عينة ، وبذلك تستطع تأمين صلة بالمانح تمتد لعدة سنوات . * تتم هذه العملية خلال 2- 4 دقيقة . كذلك تسحب أنبوبتين من دم الأم .
مشيمة وحبل سري جاهزان لجمع الدم منهما
إحدى المختصات تجري عملية سحب لدم الحبل السري الخزن : بعد أن تمت عملية نقل الدم إلى بنك دم الحبل السري ، تجرى الفحوصات اللازمة عليه للتأكد من خلوه من الفيروسات والاعتلالات الجينية . يتم كذلك التأكد من صحة المولود للتأكد من خلوه من الأمراض الجينية والجرثومية . كما يتم التأكد من التنميط النسيجي tissue typing ، وتستغرق عملية مطابقة دم الحبل السري ثلاثة إلى أربعة أيام فقط . يتم بعد ذلك حفظ الدم في ثلاجات خاصة في ظروف ودرجات حرارة خاصة ( قد تصل إلى 196 درجة مئوية تحت لصفر ، وفي النتروجين السائل ) ، وتتم عملية التجميد هذه خلال 24 ساعة فقط من أخذ الدم .
صورتان توضحان عملية حفظ الأكياس البلاستيكية التي تحتوي على دم الحبل السري . وتوضح الصورتان الثلاجة المستخدمة في التجميد ويظهر ذلك درجات الحرارة المنخفضة بعد أن يتم خزنه والتأكد من صحة المولود ، والتأكد من أن الدم صالح صحيا ، وان هناك إمكانية لاستعماله ، يتم استخدامه في حالة طلبة من قبل شخص محتاج إليه حيث يخرج الدم من الثلاجات ويعامل معاملة خاصة ، لاستخراج المادة المطلوبة للقيام بعملية زراعتها في جسم المريض ، وربما تجرى عليه عمليات خاصة لتكثير وتنمية الخلايا الجذعية ( لكون هذه لخلايا محدودة العدد في دم الحبل السري ) . أما عن آلية عمل هذه البنوك ، فهناك بنوك تقوم بشراء هذا الدم للاستفادة منه في بيعه إلى أشخاص هم بحاجة إليه ، أو إجراء التجارب العلمية عليه . أما النوع الثاني فيقوم بأخذ مبلغ معين من الوالدين الذين يودون جمع هذا الدم ، والاستفادة منه مستقبلا في علاج وليدهم لو أصيب بأمراض في المستقبل . ويمكن حفظ هذا الدم اكثر من 20 سنة ( حيث أثبتت هذه الخلايا قدرتها على مقاومة ظروف التجميد لسنين طويلة ) . ويقدر أن حاجة الوليد إلى خلايا جذعية من حبله السري مستقبلا يتفاوت من 1/10000 إلى 1/200000 . وهذا مما يفتح المجال في التبرع بهذا الدم إلى مرضى آخرين بحاجة ماسة إلى هذا الدم لعلاجهم .
صورة توضح عينة من دم الحبل السري المجمد محفوظة في أحد بنوك دم الحبل السري استعمالات أخرى لدم الحبل السري : نجح العلماء في استخدام الخلايا الجذعية في دم الحبل السري بتحويلها إلى خلايا مخ لدى الفئران . وهذا الإنجاز يبشر بفتح آفاق جديدة لاستخدامات أخرى لدم الحبل السري . حيث قام العلماء باستخلاص الخلايا المولدة من دماء الحبل السري . وإضافة حامض الريتينوك Retinoic acid وهرمون النمو لتحويلها إلى خلايا عصبية غير ناضجة . ثم حقنها في أوردة الفئران التي تعاني من جلطات دماغية . ونجحت هذه الطريقة في علاج الحيوانات بطريقة مذهلة . وتم الحصول على أفضل النتائج في حالة استخدام هذه الطريقة خلال اليوم الأول من حدوث الجلطة . وقد تمكنت الفئران التي حقنت من الحركة بصورة افضل ، وبعد شهر لوحظ تحسن بمعدل 80% . ولوحظ أن الخلايا التي حقنت حلت محل الخلايا المدمرة ، ليس هذا فقط بل عززت في ما يبدو من عملية علاج التلف في الدماغ . كما يقوم العلماء على استثمار هذه الخلايا الجذعية في عمليات إنتاج خلايا الكبد والعظام والغضاريف وعضلات القلب . كما تم الاستفادة من الخلايا الجذعية الموجودة في الحبل السري في علاج طفلة كانت تعاني من ورم أرومة العصبي Neuroblastoma. وقد أثبت دم الحبل السري نجاحه ، وقد يغني في المستقبل عن المصادر الأخرى للخلايا الجذعية ليحل دم الحبل السري محلها ، لكونه لا يشكل خطرا على الأم أو الطفل ، ويختلف مناعيا ، وسهولة الحصول عليه ، بالإضافة إلى سهولة التعامل معه وتكثيره و وإمكانية حفظه لفترات طويلة ، وقلة الأخطار من استعماله ، وقلة القيود الأخلاقية على استخدام هذا النوع من الخلايا ودمتم سالمين :chirol_wkiss2: