من أنا ؟؟ لم أعدْ أعرفُني غارتِ العينانِ في كهوفِ عُزلتِها استوطنَ الحزنُ في الأحداقْ و بَنَتْ طيورُ البعدِ أعشاشَها فوقَ أهدابي و أصبحتْ حكايتُنا هالةً سوداءَ تستبيحُ حنايا وجهٍ كانَ بالأمسِ مبتسماً، و عبثَتْ برونقِهِ جحافلُ الآهاتْ و اعتقلتْ سرِيةُ الأشواقِ دمعتَهُ لتسجنَها داخلَ الأجفان ليجتاحَها الشحوبِ ... و يغتالَ نورَها طغيانُ السواد حزمتُ حقائبَ النسيان و مضيتُ في مسيرةِ التيهِ السرابية و خلعتُ آخرَ ثوبٍ من كساءِ الذكريات لتنكرَني الشوارعُ كالغريب و تمطرَني سماءُ الحبِ في مدينتِنا ... بوابلٍ من علاماتِ الاستفهام تتجاهلَ الريحُ أوراقَ عمريَ المتساقطة لتستقرَ على أرصفةِ الحنينِ متوحدةً مع حكاياتِ المكان حتى زهورُ حديقةِ العشاقِ لم تكتشفْني و عطورُها لم تجدْ أنفاسي لأتقاسمَ رغيفَ الوحدةِ مع القمر لم يعدْ شيءٌ في الوجودِ يذكرُني حتى الشجر... و حتى قطراتُ المطر و نسيتُ كلَ أحزاني و آلامي نسيتُ أوجاعَ الغيابِ و أناتِ العذاب و حتى الهالةَ السوداء حتى ظلي تاهتْ خطواتُهُ و لم يعدْ قادراً على مطاردَتي لكنْ مهلاً !!!! ما هذا الظلُ الذي يلازمُني إذاَ !؟؟؟ و ما ذلكَ العطرُ الذي يبسطُ نفوذَهُ في أعماقي و يفرضُ سطوتَهُ على أجوائي و ما ذاكَ الصوتُ الذي يستبدُ بروحي و يعصفُ بوجداني و لماذا يستعمرُ وجهكِ مخيلَتي ؟؟ كيفَ ما زلتُ أذكركِ ؟؟!! كيفَ و قدْ نسيتُ حتى نفسي و أحرقتُ دفاترَ ذكرياتي و دفنتُ صورتَكِ و مشاعري في تربةِ النسيان ؟؟ كيف ؟؟؟ و أعود و قد نكست رايات الهروب و يستسلم النسيان للنسيان لأغرق في دوامة الذكرى و يلفحني الحنين و يزداد في قلبي اليقين بأنني في غمرة النسيان نسيت أنك في دمي و نسيت أن أنساك