السؤال
ما صحة هذه القصة:
1- وقف طفل صغير في طريق من طرقات المدينة كان جموع الناس الذين خرجوا لاستقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم بعد عودتهم من إحدى الغزوات, أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الطفل سبع تمرات فانطلق فرحا بها كان لتلك التمرات قصة ....
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابه بالاستعداد لغزو الروم كان الناس في ضيق شديد, فحرارة الشمس تلفح الوجوه وسخونة الرمال تكوي الأقدام والجدب يعم البلاد, ورغم ذلك فقد امتثلوا لأمر رسول الله عليه الصلاة والسلام واستعدوا للجهاد ....خرج رسول الله عليه الصلاة والسلام على رأس الجيش وولى على المدينة واحدا من الصحابة, وأمر عليا بن أبي طالب رضي الله عنه كي يرعى أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ..وصل رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى تبوك فأتاه أهل أيلة وجرباء وأذرح فدفعوا الجزية وصالحهم رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم انصرف عائدا إلى المدينة بعد أن قضى بتبوك بضع عشرة ليلة...
حدثت في تلك الغزوة أحداث كثيرة كلها مليئة بالدروس والعبر ومنها: معجزة التمرات السبع التي كانت من نصيب ذلك الطفل الصغير ....كان أحد الصحابة الذين خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب لقضاء حاجة وقد تأخر بعض الوقت, عندما رجع رأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تعشى هو ومن عنده من الصحابة فعندما بادره رسول الله عليه الصلاة والسلام بالسؤال فقال له: أين كنت ؟
فأجابه ذلك الصحابي الجليل فأخبره أين كان ولماذا تأخر. ثم جاء بعد ذلك اثنان آخران من الصحابة لم يتناولا أيضا طعام العشاء فكانوا ثلاثة يشعرون بالجوع الشديد يريدون طعاما.
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند زوجته أم سلمة طلب منها طعاما يقدمه لأصحابه فلم يجد عندها شيئا فنادى رسول الله عليه الصلاة والسلام بلالا رضي الله عنه وقال له : هل من شيء ؟ هل عندك شيء؟؟ جاء بلال بالجرب أي الأجربة أخذ ينفضها لعله يجد فيها شيئا من التمر ولكن دون جدوى فلم يسقط منها سوى سبع تمرات فوضعها بلال في إناء من آنية الطعام وقدمها لرسول الله عليه الصلاة والسلام فهل تكفي لإطعام الرجال الثلاثة ؟ لا بل إنها لا تكفي واحدا منهم كي يأكل حتى يشبع ....
وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على التمرات السبع ...سمى الله ثم قال لأصحابه الثلاثة : كلوا باسم الله . فامتثلوا لأمره صلى الله عليه الصلاة والسلام مد كل منهم يده وبدأ يأكل فلو حسبنا هذه التمرات فكان لكل منهم أن يمد يده مرتين كي يأكل تمرتين وتبقى واحدة!! ولكن ما حدث كان غير ذلك ! فكل منهم أخذ يأكل ويأكل كلما أكل تمرة أخذ غيرها ويضع النوى إلى جانب الإناء ظل الثلاثة يأكلون حتى شبعوا جميعا, أرادوا أن يعرفوا عدد التمرات التي أكلوها فأحصوا ما معهم من النوى فأدركوا أن كلا منهم أكل خمسين تمرة!! ثم نظروا الى التمرات السبع فوجدوها كما هي لم ينقص منها شيء!
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأخذ التمرات السبع وحفظها في جرابه فلو أخذ كل منهم تمرة واحدة لبقي ثلاثة لم يأخذ أي منهم تمرة! فهذا الذي كان العجيب في الأمر أنه عندما يأتي رجال بعد كثير فإنهم يبدأون بأكل تلك التمرات حتى يشبعوا ونرى أنه لم ينقص شيء منها تبقى كما هي سبع تمرات !! سبحان الله احتار الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا يفعل في تلك التمرات المباركات هل يظل يطعم منها لأصحابه وهم الذين قد خرجوا في سبيل الله ؟
لا . بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أنني أستحي من ربي عز وجل لأكلت
من هذه التمرات حتى نرد المدينة عن آخرنا))...ماذا كان مصير تلك التمرات ؟؟؟ حينما رجع رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى المدينة طلع غلام صغير فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم التمرات السبع فأخذهن وانطلق يأكلهن.
2- ومما يذكر أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلا من أصحابه ولم يكن عند ذلك الرجل شيء فبعث النبي صلى الله عليه وسلم درعه مع اثنين من الصحابة ورهنها بثلاثين صاعا من شعير فأهداها لذلك الرجل ..ظل يأكل منها هو وزوجته نصف سنة ثم قدروها بالمكيال فوجدوا أنها لم تنقص شيئا فلما ذكروا ذلك لرسول الله عليه الصلاة والسلام أخبرهم أنهم لو لم يقدروها بالمكيال لأكلوا منها بقية عمرهم...هذا ما أعجبني في هذه القصة التمرات السبع أتمنى أيضا أن تنال إعجابكم وتعود
عليكم بالفائدة واستخلاص العبر والدروس ....تحياتي لكم..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما القصة الأولى، فرواها الواقدي: حدثني ابن أبي سبرة، عن موسى بن سعيد، عن عرباض بن سارية قال: كنت ألزم باب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، فرأيتنا ليلة ونحن بتبوك وذهبنا لحاجةٍ، فرجعنا إلى منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تعشى ومن عنده من أضيافه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يدخل في قبته ومعه زوجته أم سلمة بنت أبي أمية، فلما طلعت عليه قال: أين كنت منذ الليلة ؟ فأخبرته، فطلع جعال بن سراقة وعبد الله بن مغفل المزني، فكنا ثلاثة، كلنا جائع، إنما نعيش بباب النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فطلب شيئاً نأكله فلم يجده، فخرج إلينا فنادى بلالاً: يا بلال، هل من عشاء لهؤلاء النفر ؟ قال: لا والذي بعثك بالحق، لقد نفضنا جربنا وحمتنا. قال: انظر، عسى أن تجد شيئاً فأخذ الجرب ينفضها جراباً جراباً، فتقع التمرة والتمرتان، حتى رأيت بين يديه سبع تمرات، ثم دعا بصحفةٍ فوضع فيها التمر، ثم وضع يده على التمرات وسمى الله وقال: كلوا بسم الله. فأكلنا فأحصيت أربعة وخمسين تمرة أكلتها، أعدها ونواها في يدي الأخرى، وصاحباي يصنعان ما أصنع، وشبعنا وأكل كل واحدٍ منا خمسين تمرة، ورفعنا أيدينا فإذا التمرات السبع كما هي، فقال: يا بلال، ارفعها في جرابك، فإنه لا يأكل منها أحد إلا نهل شبعاً. قال: فبينا نحن حول قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يتهجد من الليل، فقام تلك الليلة يصلي، فلما طلع الفجر ركع ركعتي الفجر، وأذن بلال وأقام فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، ثم انصرف إلى فناء قبته، فجلس وجلسنا حوله فقرأ من ' المؤمنين ' عشراً، فقال: هل لكم في الغداء ؟ قال عرباض: فجعلت أقول في نفسي: أي غداء ؟ فدعا بلال بالتمر، فوضع يده عليه في الصفحة ثم قال: كلوا بسم الله. فأكلنا - والذي بعثه بالحق - حتى شبعنا وإنا لعشرة، ثم رفعوا أيديهم منها شبعاً وإذا التمرات كما هي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أني أستحيي من ربي لأكلنا من هذا التمر حتى نرد المدينة عن آخرنا. وطلع غليم من أهل البلد، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم التمرات بيده فدفعها إليه ؛ فولى الغلام يلوكهن. وإسناده واه جدا؛ الواقدي متروك مع سعة علمه. وابن أبي سبرة هو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم العامري: رموه بالوضع، كما في التقريب.
ومن طريق الواقدي رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق وإليه عزاه ابن كثير في البداية والنهاية، وذكره ابن برهان في السيرة الحلبية .
وعزاه السيوطي للواقدي وأبي نعيم وابن عساكر في الخصائص الكبرى، وتبعه الصالحي في سبل الهدى والرشاد.
وأما القصة الثانية فرواها الحاكم في المستدرك، وعنه البيهقي في الدلائل عن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في التزويج فأنكحه امرأة فالتمس شيئا فلم يجده، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع وأبا أيوب بدرعه فرهناه عند رجل من اليهود بثلاثين صاعا من شعير، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي، فطعمنا منه نصف سنة، ثم كلناه فوجدناه كما أدخلناه، قال نوفل: فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لو لم تكله لأكلت منه ما عشت.
وللحاكم والبيهقي عزاه ابن كثير في البداية والنهاية، والسيوطي في الخصائص، والصالحي في سبل الهدى والرشاد. وإسناده ضعيف، كما بينه الألباني في السلسلة الصحيحة(2625).
وقد علمت من ذلك ضعف القصتين، ولكن يغني عنها ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ.
والله أعلم.