ريم جهاد
أضيف بتاريخ: 2011/12/16
يدق عيد الحب على أبوابنا كل عام.. تتورد وجوه الشوارع، تتلألأ بورود وهدايا حمراء.. قد تبدولك جميلة، لكنها لا تفعل شيئاً سوى إبراز المزيد من القبح خلفها، أمامها وإلى جانبها، فقد أصبحنا شعبا لا يعرف أيا من معاني الحب!
شعب يفتقد كل ثقافة الحب، مَن منا اليوم يثق في الآخر؟ ومن اليوم يقدم خدمة إلا إذا كانت لديه مصلحة من ورائها؟ مَن منا يتعامل بحسن نية وصفاء نفس.. وما يخدش على دماغه! لأنه يكتشف أن جميع من حوله لا يتعاملون بحسن نية وصفاء نفس، وإنما دوماً هناك دوافع ونوايا خفية وتكتيكات محسوبة!
غابت البساطة والعطاء وحب الناس كما هم، واليوم الجميع يترك ذكريات كره لدى الجميع، أنا وأنت وهم وكلنا! مَن منا اليوم عند دخول أي مكان يمسك الباب للشخص الداخل خلفه، بدلاً من ترك الباب "يخبط في خلقته"؟! ومَن مِن العاملين بالسوبر ماركت يخدمك دون أن يشعرك بالذل والمهانة؟ وكم فتاة اليوم لا تعمل ألف حساب قبل نزول الشارع؟ ومَن منا اليوم لا يحاول إخفاء بعض الحقيقة أوكل الحقيقة عن الآخرين؟ حتى وإن كان أمراً طبيعياً.. بالمقاييس الطبيعية.. لكن مقاييسنا جميعاً اختلت!
ومَن منا اليوم لا يرى على الأقل (على الأقل) شجاراً واحداً يومياً في الشارع أومكان العمل أوالدراسة؟ ويسمع صراخا وسبا وإهانة، وعندما تكتشف أصل الأمر، تجد أنه أبسط من هذا بكثير!
أصبح لا يطيق أحدنا الآخر، نفد صبرنا وتبخرت قوى حبنا وانعدم تقبلنا للآخر.. أي آخر، حتى وإن كان جارك!
في صباح عيد من الأعياد نزلت لأصلي مع الجيران وأهل شارعنا، عندما انتيهنا التفتُ للسيدة التي كانت تصلي بجانبي، أهم بالابتسام والمعايدة، لكنها لم تنظر إلا أمامها ولملمت السجادة وذهبت دون كلام أوسلام! نظرت حولي فوجدت الأخت تعيّد على الأخت والابنة تعيّد على الأم، لكن ظلت جميع العلاقات الخارجية مبتورة ومحظورة، وما من امرأة تعيّد على آخرى لا تعرفها.
تربينا أن صلاة العيد هي اجتماع نتبادل فيه الخير والفرحة قبل أن يكون دعاء نقوله أوركعتين نصليهم بدافع الواجب والعُرف، ربانا الأهل دائماً أن الدين سلوك ونية ومشاعر وطريقة تعامل، قبل أن يكون واجابات مقدسة علينا القيام بها، أن الابتسام والكلمة الطيبة والمساعدة والزيارة وتطييب الخاطر والهدوء والتروي وكظم الغيظ وقول الحق والاجتماع على الخير، كلها قيم تأتي في أولويات التعامل الاجتماعي، وأن تاركها والغافل عنها غافل عن الكثير في هذه الدنيا.
لكننا لا نطبق هذا أبداً، نحن نعيش في حالة من الخوف والتوجس الدائم لكل البشر من حولنا، إن وجدت شخصاً يقدم لك خدمة دون أي مقابل، ودون أي داع، فإنك تخاف منه وتقول إنه بالتأكيد هناك غرض خفيّ في نيته!
إن قمت بالركوب مع سائق في أي مواصلة وكان هادئاً ومحترماً تصبح هذه نادرة من نوادرك، التي تذكرها لكل من تعرف.. وإن كنت جالساً وحدك في مكان عام وأتى شخص ودود يجلس معك فقط على سبيل الدردشة العادية جداً، تظن أنه مختل عقلياً.. رغم أن الاختلال فينا!
وفي عيد الحب نحن لا نذكر أيا من هذا، ولا ندرك إلا معنى واحدا للحب.. ولن أكذب عليك إن قلت لك أن حتى هذا النوع من الحب فقد الكثير من رقيه وجماله وعذوبته.. ماتقوليش بوكيهات ورد وعلب شوكولاتة وابتسامة في عيون حبيبتك!
هناك حب أرقى وأجمل يجمع الناس في قوة وترابط.. نحن غافلون عنه.. ونحتاجه بشدة..
♥·٠•● Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ اضف تعليق Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ ●•♥·٠