قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "وخلق الحياء، الذي هو من أفضل الأخلاق وأجلِّها، وأعظمها قدرًا، وأكثرها نفعًا، بل هو خاصة الإنسانية، فمن لا حياء فيه؛ ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء.
ولولا هذا الخلق؛ لم يُقْرَ الضيف، ولم يُوفَ بالوعد، ولم تؤدَّ أمانة، ولم تُقْضَ لأحدٍ حاجة، ولا تحرَّى الرَّجل الجميل فآثره، والقبيح فاجتنبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع من فاحشة.
وكثير من الناس لولا الحياء الذي فيه؛ لم يؤدَّ شيئًا من الأمور المفترضة عليه، ولم يرعَ لمخلوق حقًا، ولم يصل رحمًا، ولا برّ له والدًا. فإن الباعث على هذه الأفعال:
· إمَّا ديني، وهو رجاء عاقبتها الحميدة.
· وإمَّا دينوي علوي، وهو حياء فاعلها من الخلق. وقد تبين أنه لولا الحياء، إما من الخالق أو من الخلائق لم يفعلها صاحبها.
ثم قال -رحمه الله-: إنَّ للإنسانآمرين وزاجرين:
1- آمرٌ وزاجرٌ من جهة الحياء، فإذا أطاعه امتنع من فعل كل ما يشتهي.
2- وله آمرٌ وزاجرٌ من جهة الهوى والطبيعة، فمن لم يطع آمر الحياء وزاجره؛ أطاع آمر الشهوة والهوى ولابد."
المرجع: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-
إعداد مجموعة من المختصين بإشراف:
صالح بن عبد الله بن حميد
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن ملّوح
الجزء: 6 ص: 1802