أمراض القلوب كأمراض البدن
إن أمراض القلوب كأمراض البدن؛ فمرض البدن خلاف صحته وصلاحه، وهو فساد يكون فيه، وبسببه يفسد إدراكه، وحركته الطبيعية، فإدراكه إما أن يذهب كالعمى والصمم، وإما أن يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه، كما يدرك الحلو مرًا، وكما يُخيَّل إليه أشياء لا حقيقة لها في الخارج.
وأما فساد حركته الطبيعية؛ فمثل أن تضعف قوته عن الهضم، أو مثل أن يبغض الأغذية التي يحتاج إليها، ويحب الأشياء التي تضرُّه، ويحصل له من الآلام بحسب ذلك، ولكن مع ذلك المرض لم يمت ولم يهلك.
وكذلك مرض القلب هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوُّره وإرادته؛ فتصوُّره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق، أو يراه على خلاف ما هو عليه.
وإرادته بحيث يبغض الحق النافع، ويحب الباطل الضار، فلهذا يُفَسَّر المرض تارة بالشك والريب، كما فسَّر مجاهد وقتادة قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [البقرة: 10]، أي شك، وتارة يفسِّره بشهوة الزنا، كما فسَّر به قوله تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32].
فأمراض القلوب تكون –إذًا- بالشبهات، وتكون بالشهوات وعلاجها بإتباع السيئات الحسنات.
المرجع: الوصية الصغرى لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية -رحمه الله-
شرح وتحقيق الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد -حفظه الله-