|
إمرأة من جهنم
الناقل :
elmasry
| العمر :42
| الكاتب الأصلى :
مؤيد جمعه إسماعيل الريماوي
| المصدر :
www.grenc.com
مؤيد جمعه إسماعيل الريماوي |
|
كان يجلس على المقعد في الحديقة
كعادته يراقب الطيور التي تتصارع
على ما يلقيه الناس من فتات الخبز
كانت الحديقة فارغة من البشر
جاءت بفستانها القصير وسيقانها البيضاء
تعكس شمس الصباح الخجول من شهر ديسمبر
رغم برودة الجو كانت ترتدي لباساً صيفيا خفيفا
تركت جميع المقاعد الفارغة وجلست بجانبه
استغرب كثيرا والتزم الصمت
إلى أن بدأت هي بالحديث
وقالت:- أتعلم لم أنا هنا؟
فأجاب وما شأني أنا بك
فقالت:- أتعلم هذا المقعد الذي تجلس عليه كل صباح
وما شأن المقعد...أجاب باستغراب
هذا قبر زوجي مدفون هنا لا يعلمه أحد
وكيف ذلك يا سيدتي أجاب سائلا
لم تكن سوى قبلة واحدة
قبلة؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قائل باستغراب
نظر إلى شفتيها كانتا تلمعان
لون أحمر جميل وعطر يفوح
ليصل إلى آخر مكان في الحديقة
تبادلا النظرات طويلا ليعيد السؤال
وكيف مات من قبلة يا سيدتي ؟
فعاجلته وقبلته على شفتيه
فلم تنه القبلة فإذا به مغشي عليه
تركته على المقعد وهربت مسرعة
..................
تركته على المقعد وهربت مسرعة
استيقظ ظهرا على صوت قطته
كانت تشد معطفه الخمري البالي
وعلى أصوات صياح الأطفال في الحديقة
جلس قليلا ليستذكر ما حصل هذا الصباح
أهو حلم؟؟؟؟أم هو حقيقة؟؟؟؟
تلك المرأة الساحرة الجمال الغامضة
وما سر قبلتها التي أفقدته وعيه
أفكار تتزاحم في رأسه لا تجد مكان
حمل قطته الصغيرة وبخطوات بطيئة
مترنحا سار إلى بوابة الحديقة
إلى أن وصل كوخه الصغير
في آخر المدينة بشق الأنفس
دخل واستلقى على تخته الخشبي الصغير
كلما أغمض عيناه كان يصحو
على صوت شباكه الخشبي المخلوع
والرياح التي كانت قوية لتجعله يتراقص
يمنتا ويسرة
ذهب إلى الحمام ليغسل وجهه بالماء
نظر إلى المرآة....كانت بقايا أحمر الشفاه
على شفتيه
مسحها بيده واشتمها قليلا
برائحة الفراولة
لم يتوقف عن شمها حتى أنه
لم يغسل يديه
بل ربطها بمنديل حتى يبقى أثرها ورائحتها
ذهب إلى المطبخ ليعد بعض الطعام
لم يجد هناك سوى بقايا بعض الشطائر
تقاسمها وقطته الصغيرة لولو
وبينما هما كذالك
إذا بالباب يقرع....
..................
إذا بالباب يقرع....
بخطوات متثاقلة توجه إلى الباب
وصاح من بالباب....فلم يسمع أي إجابة
خرج ليرى إذا ما كان هناك شخص ما
و كان الظلام قد أرخى سدوله على المكان
فلم يرى أي أحد بالجوار...فقال في نفسه لعله صوت الريح
و أطرق عائدا للداخل فإذا به يتعثر
متمسكا ببابه الخشبي لم يسقط أرضا
وإذا به كيس أسود من القماش ناعم الملمس
حمله داخلا به إلى بيته وأغلق الباب بهدوء
في زاوية الغرفة فنجان صغير
بضع قطرات من الزيت وضعها في سراجه القديم المهترء
أخرج بعض أعواد الثقاب من جيبه وأضاءه
ليكسر العتمة التي غط بها المكان
هدوء مطبق كسره صفير الرياح الباردة تتسلل
من شباكه الخشبي المخلوع من بين الشقوق
يتراقص النور يمينا ويسارا مع الريح
التي كادت مرات عديدة أن تطبق عليه
جلس بجانبه لعله يجد فيه بعض الحرارة
تدفئ جسده المرهق
أخذ يحدق في الكيس القماشي
تناوله بيده ...فك العقدة المربوطة عليه
رائحة شهية كانت تفوح من الكيس
خبز ساخن...أقراص من الجبن والنقانق
بضع حبات من الخيار وبعض الفواكه
وسخان كبير من الشاي الساخن
وعبوة صغيرة من الزيت
نظر باستغراب هذا كل ما احتاج إليه
ولكن نفس الفاكهة التي أحبها
الجبن والنقانق والخيار
لا أحد يعلم أني أحبها جدا وكيف وصلت إلى هنا
آه...كم اشتقت إليها...لم أذقها منذ خمسة سنين
أخرج كل ما في الكيس وألقى بالكيس أرضا
وجلس ليأكل الطعام بشهية مفتوحة وبشغف
على غير عادتها لولو بعيدة عن الطعام
استغرب لحال قطته الصغيرة التي ظلت بقرب الكيس
تشتم رائحته وتمسك به بمخالبها
أوجس خيفة في نفسه ومد يده إلى داخل الكيس
ما هذا يا إلهي...!!
..................
ما هذا يا إلهي...!!
دمعت عيناه وبدا على وجهه الحزن العميق
تغير لونه وبدا عليه الشحوب
هذه قلادة طفلتي نور
منذ عشرة أعوام يا حبيبتي سرقك الموت مني
كيف وصلت إلى هنا؟؟؟ وما الذي يجري؟؟؟
أحداث كثيرة تستحق الوقوف للحظات
ترك الطعام ولم يأكل رغم جوعه الشديد
جلس يحدق في القلادة طويلا
يستذكر طفلته الحبيبة نور
ليصحوا من سكرته على أصوات الرعد
وحبات المطر تدق جدران كوخه القديم
تتسلل بعض منها إلى داخل البيت
أخذ يبعد فراشه عن قطرات الماء
وضع إناء هنا وهناك وأبعد ملابسه
وضع جسده المنهك على الفراش
وكان قد اشتد عليه البرد كثيرا
نوبة من السعال الحاد
أخذ يبحث عن الدواء بين الأغراض
لم يجد سوى علبة فارغة
اشتد حزنه وألمه كثيرا
لحظات عصيبة على أنغام المطر
صوت بعيد يقترب
أصوت من الموسيقى تزداد تباعا
تتوقف سيارة أمام المنزل
ينزل شخص ويدق الباب
يخرج صابر يستند إلى الحائط كل خطوة
ويفتح الباب...شاب وسيم يلبس معطفا أسود
ملامح شاب غني...أطرق قائلا
أعتقد أني أضعت الطريق
فهل تساعدني يا سيدي بالوصول إلى صيدلية قريبة من المكان
نعم يا بني قال صابر وذهب ليبدل ملابسه فإذا به قد وقع ولم يتحرك
أهرع الشاب مسرعا إليه....وضع يده ليجس نبضه...
..................
نعم يا بني قال صابر وذهب ليبدل ملابسه
فإذا به قد وقع ولم يتحرك
أهرع الشاب مسرعا إليه....
وضع يده ليجس نبضه...
فوجد أن صابر مغشيا عليه وحرارته عالية جدا
حمله على يديه وكان صابر خفيفا جدا بجسده الهزيل
مسرعا إلى سيارته أغلق الباب بقدمه وهرع إلى السيارة
بسرعة جنونية تتمايل السيارة على الطريق الرطبة بالمطر
قال في نفسه للحظات لماذا أفعل هذا أصلا
فأنا لا أعرف هذا الرجل وما قصته
ضباب كثيف يغطي الطرقات والمطر ينزل بغزارة
للحظات كاد أن يفقد التوازن خلف المقود
وصل وسط المدينة بشق الأنفس
سيدة عجوز تخرج من الدكان
صرخ من السيارة يا سيدتي
أين مستشفى المدينة هل هو قريب من هنا
نعم هو قريب أجابت العجوز
سر بخط مستقيم على هضبة صغيرة
تبعد مسافة كيلو متر من هنا
لم تتم العجوز كلماتها حتى انطلق بسرعة
لم يمضي وقت طويل حتى توقفت السارة
سحقا لهذا الحظ صرخ الشاب
حمل صابر على ظهره وخرج من السيارة
أخذ يركض ويركض والطقس يشتد ضراوتا
أنهكه التعب كثيرا فوقف للحظات يلتقط أنفاسه
أضواء تقترب هناك من بعيد
فرح كثيرا ووقف في وسط الشارع وصاح هنا هنا
لم ينتبه له السائق بسبب الضباب
فما خرج من السيارة حتى كان الاثنين على الأرض
..................
لم ينتبه له السائق بسبب الضباب
فما خرج من السيارة حتى كان الاثنين على الأرض
توقف السائق و أخذ يتفقدهم بحذر
لم يستطع الشاب النهوض من جديد كانت ساقه قد كسرت
أما صابر فقد كان يتنفس بصعوبة بالغة
أدخلهم إلى السيارة مسرعا إلى المستشفى القريب
توقف أمام المشفى ودخل مهرولا لطلب المساعدة
وأدخل الاثنين إلى المستشفى
كان وضع صابر خطير جدا وأدخل العناية المكثفة
أما الشاب الوسيم فقد كانت إصابته طفيفة
تعافى بسرعة ومر أسبوعين على حال صابر
وهو في غيبوبة بين الحياة والموت
كان الشاب يزوره كل يوم ليطمئن على حاله
حتى أنه في أحد الأيام سأله الطبيب
إن والدك بحالة صعبة جدا وهو بحاجة لوجودكم جميعا
أجاب الشاب:- والدي؟؟؟
لا أنا لا أعرف هذا الرجل إنما عرفته بالصدفة
أجاب الطبيب: وهل تعلم عن أهله شيء ؟
فأجاب الشاب سأذهب وأسأل عنه جيرانه
عاد الشاب إلى أطراف المدينة بسيارته
وأخذ يسأل الجيران عن صابر
أغلب الجيران قالوا أنهم لا يعرفونه
والبقية لا يعرفون سوى معلومات بسيطة عنه
أخذ الشاب يتردد يوميا إلى بيت صابر
ليرى إن كان هناك أحد من أقاربه يأتي لزيارته
مل كثيرا وقرر أن تكون هذه الزيارة الأخيرة
عندما وصل إلى البيت كانت هناك امرأة عجوز
بان عليها أنها طاعنة في السن
اقترب منها أحمد قائلا : جدتي هل تعرفين صاحب هذا البيت
قالت بصوت ضعيف أتقصد صابر ؟
نعم هو صابر
أجابت العجوز لصابر قصة طويلة وصعبة
و ماهي قصة صابر يا جدتي سأل أحمد
بدأت العجوز المكتسحة بالسواد تسرد قصة صابر
جلس بقربها أحمد على أحد الصخور بالقرب من المنزل
فاستهلت حديثها قائلة
لقد كان صابر أغنى أغنياء المدينة
..................
بدأت العجوز المكتسحة بالسواد تسرد قصة صابر
جلس بقربها أحمد على أحد الصخور بالقرب من المنزل
فاستهلت حديثها قائلة
لقد كان صابر أغنى أغنياء المدينة
وكان له زوجة ساحرة الجمال
لم يرزق منها سوى طفلة اسمها نور
كانت زوجته جشعة جداً وكانت تشتري أجمل وأغلى الثياب
سيارة جديدة في مطلع كل سنة والكثير من الحلي والجوهر
فكانت عندما تخرج من المنزل ترى كل جسمها يلمع
لا يكاد يخلو جزء منه من قطعة من الذهب أو الألماس
كان لديها عشرات الخدم و الكثير الكثير من الفلل
في كل مكان من هذه البقاع إلى أبعد مدى تستطيع أن تراه عينيك
أترى ذالك القصر الفخم هناك على قمة الهضبة ؟؟
نعم أهو ذالك الرخامي الأنيق؟؟
لا يوجد مكان في المدينة لا يرى منه
هذا قصر صابر وكل ما حوله من حدائق وبساتين كان ملكه
أما ماذا حدث لصابر فهي قصة طويلة سأحدثك عنها
على أن تعدني أن تأتي كل يوم قبل بزوغ خيوط الصباح
فإذا تأخرت يوما عن ذاك الموعد فلن تجدني أبداً
نعم يا جدتي أعدك أن أفعل ذلك
و لكن من أنت وماذا تفعلين هنا
لا تسألني أي شيء بعد هذه اللحظة
فإن كنت لا تطيق فهذا فراقنا
بدا على أحمد الخوف من هذه العجوز
فإلى الآن لم يتعرف إلى ملامحها
كان وجهها معتم مغطى بالكامل
لا ترى منه سوى العينين
لا لا أنا آسف لن أسألك أي شيء منذ هذه اللحظة
أسرع أحمد قائلاً
هيا الآن اذهب إلى صابر ولا تنسى موعدنا
ركب أحمد سيارته نظر للوهلة الأخيرة إلى مرآة السيارة
لم تكن العجوز هناك
نزل وعاد إلى نفس المكان فلم يجد أي أثر لها
ازداد الأمر غرابة وازداد كذلك خوف أحمد
ما قصة هذا الرجل وما دخلي أنا في كل هذا
عاد إلى سيارته وانطلق إلى المستشفى
كان صابر هناك ممدداً كما هو على سريره
الأكسجين على فمه والكثير من الحقن في يديه
خرجة الممرضة من حجرته فهرع إليها سائلا
كيف هو الآن؟؟؟
الوضع يزداد سوءا يا سيدي
أجابت الممرضة وهي تسير مسرعة خارجا
عاد إلى الشباك الزجاجي ليتأمل صابر
بعض التجاعيد هنا وهناك في وجهه
حتى أن نظرة الحزن لم تتغير حتى وهو غائب عن الوعي
وجهه أصفر شاحب وبعض الشعر الأبيض في ذقنه
نظر إلى يد صابر ما هذا؟؟؟
لقد كان صابر ضاما يده
ما هذا الذي يمسكه صابر حتى وهو غائب عن الوعي؟؟؟
تسلل إلى الغرفة ليرى ماذا يخبئ صابر في يده
..................
ما هذا الذي يمسكه صابر حتى وهو غائب عن الوعي؟؟؟
تسلل إلى الغرفة ليرى ماذا يخبئ صابر في يده
بخفة دخل إلى الغرفة واقترب من صابر
أراد أن يحرك يده كي يرى ما هنالك
كانت يد صابر متصلبة ومتمسكة بقلادة ذهبية
قلادة...ما هذه القلادة وما سرها
حتى يتعلق بها صابر لهذه الدرجة
ضم أحمد يد صابر ثانية على القلادة
وتركه خارجا بهدوء من الغرفة
جلس أحمد منتظرا أمام الشباك الزجاجي
ملل كبير من الانتظار...يترنح أحمد من شدة التعب
غلبه النعاس فإذا به يستلقي على المقعد
غط في نوم عميق ساعات طويلة
هدوء كان كافياً لنقله لعالم الأحلام
لا تنسى موعدنا يا أحمد...صوت ينادي
أي موعد ومن أنت؟؟؟
استيقظ أحمد ومازال الصوت عالقا في رأسه
نظر إلى الساعة...آه الثالثة مازال الوقت مبكرا
حاول أن يعود إلى النوم من جديد
تقلب يمينا ويسارا لكنه لم يستطع
نظر إلى صابر....مازال مستلقيا كما هو هناك
غسل وجهه وتوجه خارجا إلى سيارته
على الأدراج أخذ يبحث عن مفاتيحه
فتش كل جيوبه..عاد إلى مكان نومه
لم يجد شيئا...يا الله ما أسوء حظي
خرج إلى سيارته فوجد المفتاح في باب السيارة
وقف أحمد لوهلة مصدوما
أيعقل أني نسيته في السيارة؟؟؟ مستحيل ولكن
لم أعد أبالي ما يجري فكأني في كابوس أود أن أستيقظ منه
ركب سيارته وانطلق إلى أن وصل بيت صابر
كانت العجوز هناك مكانها على الصخرة
بنفس الهيئة والجلسة...رغم الجو البارد
ها قد وصلت يا جدتي أرجوك أن تبدأي بسرد الحكاية
فأنا لم أعد أطيق أكثر من ذلك
يجب أن تصبر فقصتنا طويلة يا ولدي
أتذكر زوجة صابر؟؟؟
الفاتنة الجشعة نعم أذكرها
كانت مغترتا جدا بجمالها والثروة الفاحشة التي يملكها زوجها
كانت لديها خادمة صغيرة لكنها كانت تضاهيها جمالاً
فكانت تعاملها بقسوة...حتى أنها تنظف لها الأحذية
وكانت تلقي القمامة على صدرها ووجهها
كان صابر يشفق جدا على هذه الخادمة الصغيرة
وكانت زوجته تلاحظ ذلك وتكن لها الغيرة والحقد الأسود
كيف يحب هذه الخادمة التي لاتساوي فردة من حذائي
حتى أنه في أحد الأيام صادفها وهي تلقي القمامة عليها
فجن جنونه وصرخ في وجهها وخرج من البيت وأخذها معه
فاشترى لها ملابس جميلة وأحذية حتى فاقت زوجته جمالاً
وفي ليلة من الليالي حيث كان صابر مسافر إلى العمل
دخلت خلسة إلى غرفتها وهي نائمة وأشعلت أحد سجائرها
وألقتها في الغرفة......
..................
دخلت خلسة إلى غرفتها و هي نائمة وأشعلت أحد سجائرها
وألقتها في الغرفة......
لحظات قليلة وبدأت الغرفة بالاشتعال
وتمتد ألسنة اللهب لتصل إلى سريرها
كانت مستغرقة في النوم تستريح من تعب النهار المضني
نباح الكلب في الحديقة أوقظها لتصدم بالمشهد
كانت النيران قد أتت على نصف محتويات الغرفة وبدأت بسريرها
على غير وعي قفزت من الشباك إلى الخارج
هرع سكان القصر بالاتصال بالإطفائية
دقائق معدودة وكانت هناك
لكن النيران كانت قد قضت على محتويات الغرفة
وجودها هناك على الأرض غائبة عن الوعي
أخذوها إلى المستشفى وكانت في حالة حرجة
عندما عاد صابر جن جنونه
لماذا غرفة هذه الفتاة بالذات من كل القصر
ذهب إلى المستشفى لكن زوجته أصرت بالذهاب معه
أخذ لها العديد من الأغراض والملابس
كانت زوجته تشيط بالغيظ
طقطقت جزمتها في ممر المستشفى تسمع من مكان بعيد
جلسوا ينتظرون أن يخرج الأطباء من الغرفة
أسرع صابر إلى الطبيب ومستبقا إياه إلى باب الغرفة
كيف حالها ؟
قال الطبيب هي بخير لكن من الاختناق والصدمة غابت عن الوعي
ولا يوجد سوى كسر في يدها
هي الآن قد استيقظت ولكن يجب أن تأخذ قسطاً من الراحة
أخذوها إلى البيت و أعفاها صابر من العمل شهرا كامل
لكن وأثناء تواجد صابر في العمل كانت زوجته تجبرها على القيام بأشق الأعمال
حتى أنها في أحد الأيام وأثناء وجودها في الحمام
رفعت درجة الحرارة إلى أقصى درجة فحرقة كل وجهها وجسدها
لكن صابر لم يرقه هذا الوضع وهذا الظلم الذي تعيشه مع زوجته
فأعطاها بيتا من بيوته الكثيرة كي تعيش هناك وتبعد عن هذا الظلم
لكن زوجته لم تستلم وذات يوم من الأيام
بعثت رجالا إلى بيت الخادمة ليغتصبوها
اقتحم رجلين ضخمين ملثمين المنزل
قاما بربطها وتمزيق ملابسها
كانت فاتنة الجمال رغم الحروق في جسدها
لم يتركوا عل جسدها قطعة تسترها من الملابس
لينتهكوا عرضها بكل وحشيه
تسعة شهور بعد ذالك عاد صابر إلى المنزل
كانت الخادمة قد حملت وكانت تزداد جمالا كل يوم
اتهمته زوجته بخيانته لها مع تلك الخادمة وأنه لم يكن مسافر
و أن الطفل هو ابنه ويجب أن يتخلص منه و إلا فلن تترك له شيء
فقد كانت تملك كل شيء من عقار وأموال و أملاك
لم يكن عند صابر خيار وذهب إلى بيت الخادمة
..................
لم يكن عند صابر خيار وذهب إلى بيت الخادمة
فطلب منها أن تحمل كل ما تستطيع حمله من متاعها
قال صابر قد تكون هذه المرة الأخيرة التي يمكنك رؤيتي فيها
فاطلبي ما تشائين قبل وصولنا
بدأ يدخل الخوف قلبها ولماذا يا سيدي سألت ؟
هو قدرك يا بنتي هو قدرك
بان الحزن في صوت صابر
كان قد أحس بأن زوجته أرسلت من يراقبه
طوال الطريق كان ينظر هنا وهناك
وعرف أنه لا مفر أمامه
نزلا إلى بيت بعيد جدا و مهجور في قرية قريبة
يجب أن أريحك من هذا العذاب
قد فرض علي هذا الأمر وما بيدي حيلة
يا سيدي أنا أحسست بقربك دوما بالأمان
لم تظلمني يوما وكنت تحنو علي
وإن كان هذا الأمر يجعلك سعيدا ها أنا بين يديك
كان ينظر صابر إلى عينيها التي تفيض بالدمع
حتى سالت دموعه
وضع السكين على صدرها ولم تنطق بكلمه
كانت تنظر إلى عينيه فقط
حتى إذا ما أراد أن يطعنها بالسكين
كانت تسيل دماؤها من تحتها
بكاء طفل صغير كسر الصمت
ذهل صابر وقال لها انظري إلى رحمة الله
فو الله ما أقتلك لو كان في ذلك موتي
أخذ علبة صغيرة جمع فيها بعض الدماء
وقال لها لا تخرجي الآن حتى تغيب الشمس
وهذا ما يكفيك فإن غابت شمس هذا اليوم
فلا أريد أن أراك في المدينة
غمس سكينه في دمها وخرج مسرعاً
وعندما وصل إلى البيت دخل إلى زوجته
ألقى لها السكين وعلبة الدماء
وقال لها بصوت غاضب
أهذا ما تريدين؟؟؟؟ لقد قتلتها و أشفيت غليلك
أرتاح قلبك الآن ؟؟؟
وهل هناك من ضحية جديدة لغرورك
تبسمت قائلة لا يازوجي العزيز
أنت فقط دفعت ثمن خيانتك لي معها
أغلق الباب وخرج مسرعا من القصر في تلك الليلة
وكانت الخادمة قد رحلت هي وطفلها من المدينة
شقشقت خيوط الصباح فقالت العجوز
علي أن أودعك الآن فاذهب إلى صابر
..................
شقشقت خيوط الصباح فقالت العجوز
علي أن أودعك الآن فاذهب إلى صابر
وقف أحمد وبدا يتجه نحو السيارات عندما وصل إليها
التفت ليودع العجوز فلم يجد لها أثراً
ركب السيارة وعاد إلى إلى المدينة
وقت طويل وأنا بعيد عن المنزل قال أحمد
علي أن أعود إلى زوجتي فأنا حقا بحاجة إلى الراحة
متجها إلى منزله فقد السيطرة عدت مرات
كان يسرح في خياله في قصة صابر وخفاياها
والأهم لماذا لايترك صابر ويهتم بنفسه وزوجته
في الطريق نزل إلى البقالة واشترى بعض اللحم والخضار والفاكهة
وعندما وصل إلى البيت كانت زوجته بانتظاره
ما هذا يا أحمد كل هذا الوقت تتركني وحيدة
الخوف والوحدة تقتلني
آسف حبيبتي حينما أخبرك ستعذرينني
مررت بوقت صعب وأنا الآن بحاجة إلى الراحة
و إلى الطعام من يديك الجميلتين عزيزتي
ارتح قليلا ريثما أحضر الطعام
نعم يا عزيزتي ولكن أريد وجبة إضافية كي آخذها معي
إلى أين؟؟
سأخبرك ولكن اتركيني ارتاح قليلا
وضع أحمد جسده المنهك على تخته
آه كم اشتقت إليك أيها السرير الناعم
لقد كسر المقعد الخشبي عظامي
لحظات حتى غط أحمد في النوم
حتى استيقظ على صوت زوجته
حبيبي هيا انهض إلى الطعام
غسل وجهه....أمسك بيدها
قبلها على شفتيها قبلة حميمة
اشتقت جدا إليك وإلى أنفاسك التي تحييني حبيبتي
وأنا أيضا يا أحمد اشتقت جدا إليك
هيا أعدت لك الطعام الذي تحبه
وستخبرني ما جرى بعد الطعام
لقمة ونظرة...لقمة ونظرة كان أحمد يتناول طعامه
آه حبيبتي كم اشتقت لعينيك الجميلتين
لم يترك أحمد من الطعام شيئا
طعامك لا يعلى عليه حبيبتي
قبل يدها بحرارة وأخذ ينظر إلى عينيها
تعالي حبيبتي
خرجا إلى الحديقة وجلسا هناك على الأرجوحة
أخذ يخبرها بقصة صابر وكيف تعرف عليه
وقصة العجوز والأحداث التي مر بها
لا تتركني حبيبي وخذني معك فقد شوقتني لرؤية صابر
وأنا لا أطيق بعدك أكثر
ولكن حبيبتي الأمر شاق عليك جدا
لا حبيبي وأنا معك لا يهمني شيئ
سأنام الليلة هنا حبيبتي من أجلك وسآخذك في مرة لاحقة
دخلا غرفة النوم وانتظر إلى أن غطت في النوم وتسلل إلى الخارج
الشاعر والأديب الفلسطيني
مؤيد جمعه إسماعيل الريماوي
|
|