لا يوجد عجز جنسي حقيقي وإنما هو فشل نفسي مؤقت في هذه الحالة
د. عمرو أبو خليل
أكتب إليكم وكلي أمل في الله ثم فيكم أن أجد عندكم الجواب الشافي، أنا شاب كان عندي الانتصاب قبل "الدخلة" طبيعيا جدا جدا، ثم فوجئت ليلة الزفاف بعدم وجود ذلك الانتصاب، وإن وجد فإنه ليس بالقدر الكافي لحدوث عملية الإيلاج تمامًا، فأصبت بنوع من الصدمة؛ فما الذي حدث؟ دارت في ذهني أفكار عدة، وكان أقواها وأكثرها تفسيرًا لما حدث هو وقوع عملية "ربط" لي؛ لكي أمنع من إتيان زوجتي، وذلك لعدة أسباب منها:
١- أنا أعمل طبيبا وأدرك تماما وبعد استشارة زملائي أﻧﻬا ليست حالة مرضية، فكيف أي زيادة في النشاط الجنسي هذا وأنا عندي Hypersexiuality.
٢ - قبل "الدخلة" كان الانتصاب طبيعيا جدا، وكنت سريع الاستثارة، وللعلم فقد تمت الدخلة في بلد زوجتي، وكثيرًا ما كنت أسمع انتشار هذه الأشياء في هذا البلد.
٣- كان لي أخ يصغرني بـ٦ سنوات، وقد تعرض لحالة غريبة من التشنجات واعتقدت أﻧﻬا حالة صرع؛ فكل الأعراض متطابقة عليها، ومن ثم عرضته على استشاري مخ وأعصاب، وسبحان الله زادت الحالة مع تعاطي الدواء، ويا لعظمة الخالق ومعجزة القرآن؛ فقد شفي أخي بإذن الله عن طريق القرآن عندما سخّر الله لنا شيخا فاضلا -رحمة الله عليه- قام بعلاجه بواسطة القرآن فقط، ولم يتقاض أي أجر.
٤- قد هداني الله إلى شيخ وقام بقراءة الرقية على ٧ ورقات سدر، وفي المرة الأولى لم يتم انتصاب وبالطبع لم يتم جماع، لكن والحمد لله بعد حوالي ٣ أيام قرأ الرقية مرة أخرى فتم انتصاب مكنني من الجماع بصعوبة بعد جهد، وإن كانت زوجتي لم تصل لمتعتها في الجماع.
وسؤالي الآن هو هل يجب إبطال العمل حتى أشفى تماما؟ وهل يجب إخراج الجني الموكل بالعمل حتى أشفى؟ أم أن الرقية وحدها كافية بإذن الله؟ وما شروط من يقوم ﺑﻬا؟ وهل من الممكن أن تعود حالة الربط مرة أخرى بعد حدوث الجماع؟ وهل الرقية الشرعية تتطلب قراءﺗﻬا عدة مرات؟ وهل يصل العلاج بالقرآن إلى أشهر؟
علما بأن الرسول تعرض للسحر ولم يشف تماما إلا بعد أن أرسل إليه المولى عز وجل ملكين قرآ عليه المعوذتين، وأخبراه عن مكان السحر والذي قام به.
أنا الآن في السعودية وزوجتي في مصر، ولا أدري كيف أعرف أنني ما زلت أعاني من حالة الربط هذه أم لا، حيث قرأت بعض الكتب الإسلامية عن السحر، وهناك بعض أعراضه وعلاماته أجدها ما زالت عندي.
وجزاكم الله كل الخير لما تقدموه من حلول راجيًا المولى عز وجل أن يجعل ثواب ذلك في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
الصديق العزيز.. مشكلتك تؤكد على ضرورة تدريس الطب النفسي كأحد الفروع الرئيسية لطلبة الطب وليس كفرع هامشي.. بحيث تصبح المعلومات الأساسية للطب النفسي متاحة، لكن من تخرّج في كلية الطب فعمل ممارسًا عامًا أو تخصص بعد ذلك في فرع آخر، بحيث لا يفقد طبيب وزملاؤه الأطباء التشخيص في حالة أو فشل شهر العسل Honey moon foilne بسيطة مثلما حدث لك في ليلة زفافك وهو ما نسميه وهي حالة شائعة لدينا، وتحدث للشباب ليلة زفافهم وخلال شهر العسل، ويشعرون بالإحباط ويتصورون في أنفسهم العجز الجنسي، ويتوترون، ويقلقون وهم لا يدركون أن الأمر بسيط، وأنه ناتج عن الإرهاق النفسي والبدني قبل ليلة الزفاف، وهو الذي قد يكون بسبب كثرة الأعباء النفسية والبدنية التي يتحملها من يُقبل على الزواج في هذه الأيام، أو قد يكون بسبب بسيط هو القلق من الفشل في ليلة الزفاف نتيجة لأفكار وتصورات خاطئة عن هذه الليلة.
في كل الأحوال يحتاج الأمر إلى فهم هذه الحالة وتطمين العريس بأن الأمور على ما يرام وأنه لا يوجد عجز جنسي حقيقي، وإنما هو فشل نفسي مؤقت نتيجة للتوتر والقلق، والذي يزداد مع تكرار المحاولات ليدخل العريس في دائرة لا يخرج منها إلا بفهمه للأمر أولا، وتوقفه عن المحاولة وعودته لحياته الطبيعية ثانيا، وعندها ﺗﻬدأ أعصابه ويصبح قادرا على الممارسة الطبيعية العادية. وهذا ما حدث معك؛ فمع مرور الأيام وقراءة الرقية هدأت أعصابك واستطعت جماع زوجتك ليس لوجود عمل قد أبطلته الرقية، ولكن للطمأنينة التي بعثتها الرقية في نفسك. وعدم وصول زوجتك للذروة في هذه المرة أمر طبيعي يحدث مع الزوجات ربما لعدة أسابيع في بداية الزواج؛ حيث تكون منشغلة بأمور أخرى وقلقة لهذا الحدث الجديد في حياﺗﻬا، ومع استمرار العلاقة الزوجية الطبيعية تبدأ الزوجة في التكيف وإدراك الأمور، وتحصل على متعتها بالصورة المناسبة والصحيحة.
ولأنه لم تكن هناك حالة ربط أو سحر من الأساس فإنك وبعد جماعك مع زوجتك ستنجح في المرات القادمة -بإذن الله- بشرط أن تزيل احتمالات الفشل من رأسك تمامًا، فلست بمسحور أو مربوط، ولكن كنت متوترًا أو قلِقا بعض الشيء مما تصفه، فأنت في حالة صحية جيدة، ولا يوجد أي سبب عضوي لعجزك الجنسي.
وما تصفه من وجود أعراض للسحر عليك أستطيع تشبيهه بأنه مثل حالتك وأنت طالب في كلية الطب، أو Medical steedent syndrome وكلما درست مرضًا وجدت أعراضه عندك فيما كنا نسميه مثلا فرقة طالب الطب، فما يدعونه في كتب السحر من أعراض للسحر هي أعراض عامة لا بد أن يوجد مثلها عند أي شخص.
لا يوجد ما يسمّى علاجا بالقرآن، ولكن يوجد دعاء واستعانة بالله ورقية شرعية، وهي ليست علاجًا؛ لأن الرسول الكريم طلب العلاج، ولو كان القرآن علاجا لكان الرسول الكريم أولى الناس للتداوي به، ولكنه القائل: "تداووا عباد الله فإن لكل داء دواء".
وهو الذي طلب الحجّام -وهو الطبيب آنذاك- لعلاجه مما ألمّ به؛ فالحجامة هي الطب العربي في زمن الرسول، وقد استعان ﺑﻬا؛ لأﻧﻬا هي المتاحة في هذا الوقت، ولم يطلب منا الرسول أن نرفض باقي صور العلاج ونكتفي بالحجامة، فالحجامة صورة من صور العلاج تفشل في أمور وتنجح في أمور، وهي ليست بديلا في كل صور الطب -حديثة وقديمة- كما يدعي البعض اليوم.
ولو كان الرسول بين ظهرانينا اليوم ما كان يسعه إلا أن يطلب وسائل الطب الحديث، ويثني على ما كان منها ناجحًا ويدعو إليه. يقول أحدهم في وصف السيدة عائشة: ما تعجبت من علمك بالأنساب؛ فأنت بنت أبي بكر، وما عجبت لعملك بالدين؛ فأنت زوج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن عجبت لعلمك بالطب؛ فردت السيدة عائشة عليه: إن الرسول في عامه الأخير قد مرض كثيرًا، وتوافد عليه الأطباء من كل البلاد فتعلمت منهم، أي أن الرسول الكريم لم يتطبب فقط، ولكنه طلب الطب من كل البلاد طلبًا للشفاء.
فالدعاء والاستعانة بالله لم يمنعاه من طلب الأسباب، فطلب الأطباء لعلاجه من أوجاعه، فكانت الرقية الشرعية دعاء أن يصيب الدواء الداء فيشفى المريض. وقبل ذلك وبعده يكون التشخيص الصحيح والعلم الحقيقي هو سلاح الطبيب في مواجهة الأمراض، وهو يدرك أن الشفاء في النهاية بيد الله سبحانه وتعالى.