توفر اللثة أنسجة تعمل على تثبيت الأسنان والأوعية الدموية التي تقوم بتغذيتها. ولذا، فيترتب عند حدوث أي مشكلة في اللثة، مشاكل جمة على صحة الأسنان وثباتها في الفك. أمراض اللثة هي أمراض خطرة تهاجم النسيج المحيط بالأسنان والعظام التي تدعمها أيضا، مما يفسر كونها السبب الأول لفقدان الأسنان بشكل عام. وبشكل مبسط ذكرت الدكتورة حنين بو خضور، اختصاصية طب الأسنان وجراحة اللثة والمديرة الطبية لفرع مركز بيان لطب الأسنان في العقيلة، ان أشيع سبب لمشاكل اللثة هو الالتهابات البكتيرية الفموية. وقالت: «بالرغم من وجود عوامل كثيرة تؤذي اللثة، مثل الوراثة، التدخين، داء السكري، سوء التغذية ، اضطرابات هرمونية وتغيرات فترة الحمل والعوامل النفسية، بيد ان الالتهابات البكتيرية هي أشيع سبب لمرضها. وغالبا ما تنتج عن ترك الأسنان من دون تنظيف، فتترسب بقايا الطعام الجير لتشكل بيئة مناسبة جدا لتكاثر ونمو البكتيريا في مستعمرات لا ترى بالعين المجردة، وتفرز سمومها على اللثة. وتؤذي هذه السموم اللثة بشكل كبير بما يجعلها تلتهب وتنزف. ومع الوقت واهمال العلاج، فستتغلغل العدوى وتصل للأوعية الدموية ثم عظام الفك، ليسبب تآكلها وانحسارها واختلال ثبات الأسنان ومشاكل صحية.
نوعان لأمراض اللثة
الأول يصيب النسيج الناعم للثة ويسمى Gingivitis
الثاني يصيب نسيج اللثة والعظام ويسمى Periodontitis وينتج عند إهمال علاج اللثة من أمراضها لمدة طويلة.
أعراض إصابة اللثة
أشارت الدكتورة حنين الى ان ظهور الأعراض على اللثة يحدث بعد تمكن وتفاقم المشاكل، فعادة ما لا تظهر أعراض تشير الى بدء المرض. لذا يجب توخي الحذر من العلامات التالية:
ــ احمرار اللثة بشكل غير طبيعي
ــ تورم اللثة
ــ النزف
ــ انحسار اللثة
ــ ظهور مسافات كبيرة تبعد بين الأسنان
ــ انبعاث رائحة نفس كريهة
ــ الإحساس بالألم أو الحكة بين الأسنان أو الإحساس بالألم عند لمس اللثة
مضاعفات إهمال العلاج
ــ تخلخل الأسنان وفقدانها
ــ الإحساس بمذاق كريه وانبعاث بخار الفم وعدم اختفائهما حتى مع تنظيف الأسنان
ــ قد يحمل اللعاب الأنتان الى الجهاز الهضمي مما يسبب أعراضا هضمية.
ــ تكون كيس من الخراج (القيح) في اللثة وحول السن.
ــ إصابة المريض بأمراض القلب والأوعية الدموية من جراء انتقال انتانات اللثة خلال مجرى الدم
العلاج
يعتمد اختيار طريقة العلاج على مدى انتشار مرض اللثة المصابة وحدة مضاعفاتها، فقد يستعان بالعلاج الجراحي أو العلاج غير الجراحي. بيد ان الأهم هو البدء بروتين تنظيف الطبيب للأسنان على فترات متقاربة، بازالة وكحت أي بلاك وجير من على الأسنان. كما يفضل ان يقوم بصنفرة الأسنان لتنظيف سطحها بشكل عميق. والهدف هنا هو منع تطور المرض ووقاية اللثة من الترسبات البكتيرية.
ولكن في بعض الأحيان، قد يتطور المرض ويصل الى حد الاضرار بالبنية التحتية للسن وتكون جيوب خراجـية، وهنا لابد من التدخل الجراحي. واشهر عملية تتضمن قطع اللثة التي على جانبي السن وتنظيف جذوره وازالة وتنظيف الخراج، وقد يحتاج الأمر أحيانا لاعادة تشكيل العظم. وبعد ذلك تتم خياطة اللثة الى موضعها الأصلي لتحيط بالسن.
تأثير أمراض اللثة
شددت الدكتورة حنين على أهمية عدم التهاون في علاج أمراض اللثة، وقالت: « أنبه مرضاي دائما على ضرورة العناية باللثة، ففي السنوات الأخيرة ظهرت أبحاث تشير الى دور التهابات اللثة في حدوث وتطور عدد من الأمراض الخطيرة كأمراض القلب والجلطات والسرطان والولادة المبكرة. فنتيجة لارتباط مرض اللثة بصحة القلب، أعلنت الجمعية الأمريكية لأمراض القلب في ارشاداتها بضرورة تحويل أطباء الأسنان لاي مريض يعاني من أمراض اللثة الى طبيب القلب لتقييم صحته. كما تم الربط بين مرض اللثة ومرض السكري، ليلحظ بأن علاج مرض داء السكري يسهم في علاج اللثة، فيما يسهم علاج اللثة في علاج داء السكري. وقد أثبتت الدراسات، دور أمراض اللثة في رفع نسبة سكر الدم بما يعيق مريض السكري من التحكم بمرضه».
على الحامل الاهتمام أكثر
وأضافت الدكتورة: «ترتفع نسبة هرمونات الجسم خلال فترة الحمل ويرافق ذلك ارتفاع في خطر أذية البكتيريا المتواجدة في الفم وعلى اللثة. وبما أن اللثة مليئة بالأوعية الدموية، فهذا يعني أن السموم التي تفرزها البكتيريا المتكاثرة في الفم ستنتقل الى الجنين، وهو ما يعتقد بأنه السبب الرئيسي لانخفاض حجم الجنين. فقد اثبت علمياً، أن الأم التي تلد طفلها مبكرا أو ناقص الوزن لابد من أن تكون تعاني من أحد أمراض اللثة».
الوقاية
- العناية بنظافة الأسنان عن طريق تفريشها مرتين في اليوم بواسطة فرشاة ناعمة
- استخدام الخيط لتنظيف الأسنان مرة يوميا على الأقل
- مراعاة تغيير فرشاة الأسنان كل شهرين أو عندما يتغير شكل شعيراتها.
- الحرص على تفريش اللسان يوميا.
- تفادي جفاف الفم، بشرب الماء عند الاحساس بالعطش أو استخدام غسول الفم المرطب.
أهمية تنظيف اللسان
وحول أهمية تنظيف اللسان، عللت الدكتورة: « لو تأملنا اللسان في نهاية اليوم، فسنجد عليه طبقة بيضاء تكونت نتيجة التصاق بقايا الطعام على الشعيرات الدقيقة الموجودة على سطحه. وتعتبر هذه من ابرز أسباب انبعاث رائحة النفس الكريه الصادر من الفم (بخر الفم). وبتنظيف اللسان بالفرشاة في نهاية كل تفريش للأسنان يضمن اختفاء مشكلة الرائحة الكريهة».
عملية زراعة الأسنان
تم اكتشاف فكرة زراعة الأسنان بالصدفة، عندما قام أحد العلماء بزراعة مسمار من مادة التيتانيوم بعظام أرانب التجارب العلمية، ليجد بعد مرور الوقت صعوبة واستحالة في ازالتها. وبعد اجراء البحوث العلمية، وجد ان المسامير المصنوعة من مادة التيتانيوم تتفاعل مع العظام وتتحد معها بما يحول دون فصلهما. ولذا قام الدكتور برانمارك منذ الخمسينات باستخدام مادة التيتانيوم في زراعة الأسنان بشكل ناجح كبديل دائم لمن فقد أسنانه.
مدى نجاحها
أشارت الدكتورة الى ارتفاع نسبة نجاح عملية زراعة الأسنان الى %98، اذا تمت من قبل دكتور متخصص. وأضافت: «لا بد من اتخاذ خطوات هذا الاجراء بشكل سليم حتى لا تحدث مضاعفات مستقبلية. ومن أهم الخطوات، علاج أي مشكلة تعاني منها اللثة قبل اجراء عملية الزراعة. وبالرغم من ثبات زراعة الأسنان في الفم، فانه من الواجب ان يهتم الشخص بتنظيفها بشكل عادي كالأسنان الأخرى، حتى لا تتراكم البكتيريا وتسبب مشاكل في اللثة».
اعتقادات خاطئة
1- الخطأ: استخدام الفرشاة الخشنة أو المتوسطة أفضل من استخدام الفرشاة الناعمة
الصحيح: يفضل استخدام فرشاة ذات شعيرات ناعمة. فالفرشاة الخشنة أو المتوسطة قد تؤذي وتجرح اللثة وبما يؤدي الى انحسارها على المدى البعيد.
2- الخطأ: يمكن استخدام معجون الأسنان لعلاج مرض اللثة
الصحيح: لا يعتبر معجون الأسنان علاجا لالتهابات اللثة، فوظيفة معجون الأسنان الأساسية هي تنظيف الأسنان من العوالق والحفاظ عليها من التسوس.
3- الخطأ: يجب التوقف عن تنظيف الأسنان عند نزف اللثة:
الصحيح: لا بد من الاستمرار في تنظيف الأسنان عندما تظهر الدماء، لازالة الرواسب والبلاك وما يرافقها من أوساخ مؤذية ومهيجة للثة. أما بالنسبة للنزف فسيختفي مع الوقت.
4- الخطأ: لا بد من اختيار معجون خاص وعال بنسبة الفلورايد
الصحيح: يفي أي معجون من المعاجين بالغرض، فجميعها المتوافرة في الصيدليات والجمعيات تحتوي على نسبة جيدة من مادة الفلورايد.
5- الخطأ: استخدام الفرشاة والمعجون وغسول الفم كاف لمنع التسوس، لذا فلا حاجة لزيارة الطبيب.
الصحيح: لا يلغي روتين الحفاظ على نظافة الفم من أهمية الزيارة الدورية للطبيب، لتنظيف الأسنان كل 6 اشهر. فهنالك عوامل وراثية وأخرى جسدية ترفع من قابلية اصابة الشخص بأمراض الفم.
6- الخطأ: التنظيف الدوري بأدوات طبيب الأسنان يسبب انخفاضا في صلابة السن، لأنها تخدش أو تزيل طبقة من مينا السن.
الصحيح: طبيب الأسنان لا يضر أو يزيل أيا من طبقة الأسنان، بل هو يزيل البلاك والكلس المترسب على السن فقط.
جراحات اللثة التجميلية
تلعب جراحات اللثة التجميلية دورا كبيرا في رسم الابتسامة المثالية والمتناسقة على الوجه، ومن المشكلات التي يمكن معالجتها:
1ــ اللثة البارزة: تعالج برفع اللثة للشكل الصحيح واعطائها شكلا أكثر تسطحا مع بروز تضاريس شكل السن.
2ــ اللثة المنحسرة: لا بد من علاج مسبب انحسار اللثة، لتستعيد صحتها وتبدأ بالنمو والتمدد مرة أخرى.
3ــ اللثة الداكنة أو السوداء اللون: عن طريق توريدها أو تبييضها، وهو اجراء يشبه صنفرة اللثة ليعيد لها لونها الوردي الجميل.
لا تنس الخيوط.. إن كنت تهتم بصحتك
بالرغم من صرف كثير من المال على عمليات تبييض وتجميل الأسنان، ولكن الاحصائيات تدل على أن القليل فقط يشتري خيط الأسنان، أو يستثمر دقائق يوميا باستخدامه. وللعلم، فمشكلة استخدام الخيط في تنظيف الفراغات بين الأسنان وبينهما واللثة، ليست جمالية و حسب، بل صحية، فعندما تدخل جرثومة اللثة الى مجرى الدم، فيمكن ان تصل الى أعضاء الجسم لتسبب التهابها بشكل مزمن. وبحسب ما أشار اليه البروفيسور مارجوري جيف كوت، عميد كلية طب الأسنان في بنسلفانيا: «يمكن ان تسبب التهابات الأوعية الدموية المزمنة حدوث الضرر للجدران بما يجعلها أكثر قابلية لتراكم الدهون (الكوليسترول) عليها، فيما تسبب زيادة نسبة الكريات الدم البيضاء في رفع خطر تكون الجلطات».
كيف يستخدم الخيط؟
اذا كنت لا تعرف الطريقة الأمثل لاستخدام خيط الأسنان، فنذكر جزءا من نصائح الجمعية الأميركية لطب الأسنان بهذا الخصوص: خذي حوالى 18 انشا من الخيط، ولفيها حول اصبعك الوسطى، ثم امسكي بالخيط بقوة ليمتد بين أصابعك وابهامك. ادخلي الخيط بين الأسنان الى ان يصل الى مستوى اللثة، ثم مرريه بين الأسنان باستخدام طريقة الدعك، أو الحك الناعم العمودي (من أسفل الى اعلى والعكس). عندما يصل الخيط الى حد اللثة، فاثني الخيط وانزليه قليلا الى تحت المستوى، ومن ثم ارفعيه للأعلى. قومي بلف الخيط على الاصبع مع كل دعك، وحتى تستخدمي جزءا جديدا، ونظيفا من الخيط في كل مرة.
إلى المصابين بصمامات القلب
تظهر العلاقة بين أمراض اللثة والالتهابات الثانوية بوضوح عند المصابين بعيوب في صمامات القلب التاجية. وهو ما يعلل نصح الأطباء بضرورة تناول مرضى صمامات القلب مضادات الالتهاب قبل خضوعهم لتنظيف أسنانهم عند الطبيب، وذلك لمنع البكتيريا التي تنتشر في الفم أثناء التنظيف من الوصول الى صمامات القلب عبر مجرى الدم، والتسبب بإصابتها بالتهاب. وبالاضافة الى ذلك، تعتبر الالتهابات عموما بغض النظر عن مصدرها عامل خطر رئيسي في تطور أمراض القلب وصماماتها، وهو ما يعلل تنبيه الأطباء لمرضى الاعتلالات القلبية الى ضرورة علاج جميع الالتهابات باكرا.
مسببات
خلصت الدراسات الى حصر مسببات بدء التهاب اللثة في التالي:
ــ التغير في مستويات الهرمونات (نتيجة: الحمل ، البلوغ، دورة المرأة الشهرية، سن اليأس (انقطاع الطمث)، تناول حبوب منع الحمل أو عقاقير هرمونية).
ــ تناول بعض الأدوية مثل المضادات الالتهابية وعلاج ارتفاع ضغط الدم ومضادات الحساسية، لكونها تقلل من كمية اللعاب الذي يعمل على غسل وتطهير الفم من البكتيريا.
ــ العقاقير المثبطة للمناعة مثل تلك المستخدم لمعالجة السرطانات.
ــ اعتلالات اللثة التي يرافقها انخفاض في الخلايا البيضاء الدفاعية عن الميكروبات.
ــ المصابون بمرض السكري هم أكثر عرضة، نتيجة انخفاض قدرة جهازهم المناعي ولجفاف الفم لديهم.
ــ خلل في وظائف الغدد الصماء بما يؤدي الى نقص اللعاب، أو اختلال في مكوناته.
سوء التغذية
من الممكن أن يسبب سوء التغذية وانخفاض العناصر الغذائية في الجسم بدء أمراض اللثة والأسنان، ومن أهمها:
ــ نقص فيتامين «ج»: اذ يدخل هذا الفيتامين في تكوين البنية الأساسية للأنسجة والأربطة، وفي حال النقص الشديد، يصبح نسيج اللثة ضعيفا ويختل ثبات الأسنان.
ــ نقص فيتامين «أ»: لما لهذا الفيتامين من دور في دعم طبيعة ووظيفة نسيج اللثة.
ــ نقص مجموعة فيتامينات «ب»: فلحمض النيكوتينيك (من أنواع فيتامين ب) تأثير على الأسنان والثة، ويسبب نقصه نزفاً لثوياً والتهابات اللثة العميقة.
ــ انخفاض فيتامين «د»: فمن المعروف ان الكالسيوم الذي تعتمد عليه الأسنان لتشكيل قوتها وصلابتها، لا يستفيد منه الجسم ان لم تتوافر في الجسم نسبة طبيعية من فيتامين دال، بالاضافة الى ذلك، فتحتاج اللثة لفيتامين دال للحفاظ على كفاءة الجهاز المناعي، وصحة نسيج اللثة والوقاية من الالتهابات.
-ارتفاع نسبة السكر في الفم والدم: وينتج ذلك عن فرط ما يتناوله المرء من سكريات، أو لاعتلال غدة البنكرياس المفرزة للأنسولين، أو مقاومة الأنسولين بسبب داء السكري. لهذه الحالات تأثيرها السلبي في اللثة والأسنان والفم عموما.
(القبس)