يجب أن تعلن كل القوى السياسية المصرية موقفًا صريحًا ضد أي تصعيد يؤدي إلى صدام، وعلى الجميع أن يلتزم النهج السلمي في التعبير عن الرأي، مهما كانت الخلافات السياسية.
مصر لا تحتمل أي صدام؛ لأن الجميع سيدفع ثمنه، وبدلاً من أن نتقدم -مع كل الصعوبات- سنجد أنفسنا نتراجع خطوات، ونعود إلى نقطة الصفر.
نشعر أن هناك حالة من التربص وسعيًا واضحًا من أطراف عديدة داخليًّا وخارجيًّا لتفجير الوضع الداخلي، ووقف عملية بناء النظام السياسي على أسس من الشفافية والنزاهة والعدالة.
أخطر القضايا التي قد تتسبب في إرباك المشهد السياسي، الإجراءات التي اتخذتها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي لم تواجه الشكوك المثارة حولها بطريقة تحقق الثقة في نزاهتها وحيدتها.
هذه اللجنة هي من زادت من تعقيد المشهد الذي نراه الآن، خاصة في ظل المادة 28 التي كان الهدف منها تحصين منصب الرئيس من الطعون، فتحولت إلى تحصين قرارات اللجنة حتى وإن بدت تعسفيَّة ومثيرة للشك.
من أبرز المواقف المرتكبة للجنة العليا للانتخابات تعاملها مع ترشيح الشيخ حازم أبو إسماعيل، بدت للجنة وكأنها أمام موضوع سري، ولم تعالجه بوضوح وشفافية تقنع الرأي العام، وتنهي الجدل الدائر، وتسكت الجموع التي ما زالت تشعر أن استبعاد حازم تم بقرار سياسي.
وقد تأخرت اللجنة بشكل رسمي في نشر ما لديها من وثائق تؤكد أن والدة الشيخ حازم حصلت على الجنسية الأمريكية، واكتفت طويلاً بتسريبات وتصريحات مجهلة في معظمها، وإن كانت قد سعت إلى لقاء بعض الدعاة والعلماء والسياسيين لإطلاعهم على وثائقها غير المعلنة للرأي العام.
هذه المعالجة السيئة في التعامل مع قضية رأي عام يتابعها المصريون في الداخل والخارج، تفتح الباب أمام الشك في العملية الانتخابية برمتها، وهذا الأداء غير الكفء يساهم في تأجيج المناخ العام، ويزيد من حجم التشكيك في نزاهة الانتخابات الرئاسية التي ينتظرها المصريون.
والأمر نفسه تكرر مع المهندس خيرت الشاطر، وإن كان بطريقة أخرى.
ربما هناك من يجهِّز الساحة لتفجيرها فوق رءوس الجميع. وليس بالضرورة أن يبدأ الصدام طرف من الأطراف الداخلية المشتبكة في الأزمة الجارية، قد يدخل طرف خارجي من أعداء مصر لاستثمار هذا التصعيد السياسي، وإشعال الموقف بأي وسيلة ممكنة.
علينا أن نعلم أن أعداءنا لن يقبلوا بكل سهولة أن تخرج مصر من أزمتها وتقيم نظامها السياسي الجديد، وهذه القوى المعادية ستبذل قصارى جهدها لتعويق عملية نقل السلطة إلى الرئيس المنتخب. علينا أن نضغط لتحقيق المطالب، لكن دون أن نعطل الانتخابات، ودون أن يورطنا أحد في صدام نخسر بسببه كل شيء.
لقد استطعنا من خلال المليونيات السلميَّة أن نضغط، وأن نصحِّح الكثير من المواقف، ونجبر السلطة المؤقتة على التراجع.
حدث هذا في مليونية 29 يوليو، ثم مليونية 18 نوفمبر، ثم مليونية الجمعة السابقة 13 إبريل التي أطاحت بعمر سليمان.
علينا أن ننظم حركتنا بشكل سلمي، وأن نعلن موقفًا قويًّا في مواجهة أي تحرك عنيف يهدم كل شيء.
ولتحذر من الإعلام المتأمرك الذي بدأ يدق طبول الحرب؛ ليوقف المسار الانتخابي الذي اقترب من النهاية، متجاوزين بحكمة كل ما حدث من ممارسات غير مرضية.
أمامنا جولات وجولات، وإذا خسرنا في قضية هنا أو هناك، فليس معنى هذا أن قضيتنا انتهت. الطريق طويل، ومصر أمامها سنوات حتى نشعر بثمرة الثورة.
التمكين من الله، واستخدامنا ليس شطارة منا حتى لو أخذنا بالأسباب، فربما لم تكن قلوبنا تستحق التأييد الرباني الذي نرجوه.
المهم كيف نستفيد من أخطائنا ونوحد صفوفنا ونأخذ بالأسباب، ثم نعرض أنفسنا على الله، ندعوه كي يستخدمنا، عساه يرى فينا خيرًا فيقبلنا لنصرة دينه.
المصدر: جريدة الفتح المصرية، العدد (26)، 20 إبريل 2012م.