الحـب من طـرف واحـد أشـبـه بإنسـان يـمـسـك بـسـمـاعـة التليفـون و ينـزل كـلام و رغي من غـير ما يطـلب أي نمـرة ، أو يطـلب نمرة مشغـولـة أو غـير مشغـولـة و لكـنهـا تضـرب جرسا مستـمـرا بـلا أي رد بسلامـة إللي خلفـوه .
ولكـن صديـقـتي صاحبـة المـشـكلـة ، اعـتبرت كلامي هـذا منتـهـى الكلام الفـارغ ذلك أنهـا تـؤمـن بالقـول المأثـور : الحب مـن غـير أمـل أسـمى معـاني الغـرام . .. ذلك أنهـا تهـيـم حـبـا بـفـنـان مشـهـور .. رغـم إنهـا في سـن ناضـجـة ، فـلا هي بـيـبـي ، و لا هي مـراهـقـة ، و هي تـحجـم عـن الإتـصال بـه حـتى لا يصـدمهـا بصــد أو إهـمـال ، فهـو في خيـالهـا لطـيـف جـدا ، و لذلك فهي تفـضـل أن تحيـا على الأمـل مـكـتـفـيـة بـتـطـيـق نـظـريـة : رأيـت خيـالـه في المنـام مـا احـلاه يـا وعـدي .
ولأنهـا تـحـيـا في أمـل و خيـال فهـي تـحـيـا مـع صـورة سـبـق أن أرسـلهـا إليهـا كـمـعـجـبـة ، وهي سعـيـدة جـدا بهـذه الصـورة التي يـبـتـسـم فـيهـا ابتسـامـة بـتـنـقـط سكـر ، ( ده كلامهـا ) ، مـع إني شايـف إن ابتسامتـه بـتـنقـط زفـت .
ومـع هـذه الإبـتـسـامـة أصـبـح في خـيالهـا لطـيفـا ، لطـيفـا جدا كمان ، فهـي تسـتـطـيـع أن تحدثـه بهـواهـا وهـو يـبـتـسـم دون صـد أو إهـمـال أو قـلـة ذوق أو قـلـة أدب ، و هي تستـطـيـع أن تعـاتبـه فـيظـل باسمـا ، وقـد ينتهـي عـتابهـا بأن تـثـور على نـفـسهـا وعليـه فـتـضـربـه بالشـلـوت أو بالقـلـم دون أن يرد القـلـم على خدهـا قـلميـن ولا الشـلوت شـلـوتـين بل يظـل محـتـفـظا بابتسامـتـه السكــر وهـو زي العـبيط ، وهي في لحـظـات الضيـق تـسـتـطـيـع أن تصـرخ فـيـه : إنت فاكـر نـفـسـك ميـن ؟ ... ثـم ترميـه من سابـع دور فيهـوي إلى أرض الشـارع باسمـا برضـه ، و دون الحاجـة لإسـتـدعاء الإسـعـاف له أو الحانوتي .
ولأنهـا عاشـت مـع هـذه الإبـتـسـامة فهـي تـتـصـور أن هـذه حـقـيـقـتـه وواقعـه ، رجـل يـبـتـسـم على طـول في كـل الأحـوال و الظـروف لا يكـشـر و لا يغـضـب و لا يفـقـد أعـصـابـه ، و لا يـنـطـق بكـلمـه واحـدة جارحـة أو لفـظ سخـيـف حـتـى لو سكـعـوه على قـفـاه .......... ســـوبر جنتـلمـان .
و قـلت لصـديقـتي العـاشقــة المـلتاعـة لـو أن حبوبهـا الفـنان المعـروف يبتسـم كده على طـول في واقـع حياتـه ، فمـن المـؤكـد أن هـذه مصـيـبـة ، إذ مـعـنـى ذلك أن فكـه قـد تـصـلـب على هـذه الإبتسـامـة و أصـبح في حاجـة إلى طبيب ليعـالج هذا الفـك المـشـلـول الذي تـجـمـد عـلى ابتسـامـة دائمــة .. لا تـغـيب أبدا حـتـى لو خـلـع لـه إنسـان أذنـه بكـماشــة ورماهـا للقـطـة ، إذ سـيـظـل باسمـا والقـطـة تجـري بودنـه .
وبكـت العـاشـقـة الخيـاليـة .. و اتـهـمـتـنـي بالقـسـوة و تـشـويه أحلامهـا . و أكـدت لها إنني أقـدر كـل التقـديـر لأحـلامهـا الجميلـة ، فالإنـسـان من عاداته أن يحـلـم من وقـت لآخـر ويقـول : يا ريت زمـاني مـا يـصـحـنـيـش .. ولـكن واقـع الحيـاة يـقـوم دائمـا بالدور السـخـيـف الذي يـقـوم بـه المنبـه عـندمـا يرن جرسـه فجـأة و النـوم عـسـل و الفـراش دافئ و الدنيـا فـي عـز البـرد ، فالإنـسـان غـالبـا في هـذه الحـالـة يـمـد يده ليـوقـف رنـيـن الجرس لاعـنـا سـنـسـفـيـل أبو خاش أم المنبـه ، رغـم أن هـذا المنبـه يحاول حمـايتـه من خصـم يوم من مرتبـه ..
وقـلت لهـا : أعتـقـد إني أقـوم معـك الآن بدور المنبه السخيف لأحميك من خصــم سنـوات حـلوة من عـمـرك سـتـضـيـع في حب هذا البني آدم . و احـتـجـت لأني قـلـت عنـه البني آدم
- متأسـف .. مـلاك .
- اكثـر ...
- كمـــان ؟
- مـؤكـد هـو كـده .
- ما شـاء الله
- تـعرفـه ؟
- طبعـا ...
- إيـه رأيـك فيـه ؟
- بنـي آدم كأي رجـل ، لـه واقـع أي رجـل بـوجـع دماغـه ، ووجـع بطـنـه ، ووجـع مفـاصـلـه ، ووجـع محـفـظـتـه أحيانـا .. و هـو عندك في الصـورة لابس بـدلـه على طـول ، مـفـتـوح العـيـنـيـن على طـول ، مـسـبـسـب الـشـعـر على طـول ، ولكـن هذا الرجـل في الحـقـيـقـة ينام في فـراشـه كـأي رجـل هـده التـعـب منـكـوش الشعــر كالمجـانيـن ، مـفـتـوح الفــم أحـيانـا في وصـلـة شـخـيـر مـنـقـطـعـة النـظـيـر .... وهـذا الرجـل ... ولـم تتـركني اكمـل فـقاطـعــتـي قائـلـة : كـفـايـة ... ثـم تركـتـني وذهبت .
وهـذه العـاشـقـة ككـل المتعـلقات بالنجوم و المـشاهيـر واهـمـة ، و لا علاج لوهـمهـا إلا أن تجرب الحـقـيـقـة و تتـزوج من الرجـل المشهـور الذي احبتـه .. حـتـى تلطـم الخـديـن .. فمـن المؤكد أن هذا الرجـل المشهـور سـوف يتساوى بعـد الزواج بأي زوج مغـمـور ، ذلك الذي تـطـلق عليـه زوجـتـه بين صـديـقـاتهـا اسـم ( الكـُبـــة ) و الآخـر تـطـلـق عـليـه زوجتـه اسـم ( الهـبـاب ) أو العـكـس و من الكـبـة للهـباب يـا قـلبي لا تـحـزن .
فالزواج فيـه شفاء من كل حب ...
ولو قـدر لروميـو و جولييت أن يتـزوجـا ، فإنني أعـتـقـد أن الحـوار الذي كان سيجـري في عـيـد زواجهـمـا الخامس هـو مـا يـلـي :
جـوليـا : مـالك ... سـاكت ليـه ؟
روميـو : أبـدا .. إشربي : في صـحـة عـيـد جوازنا الخـامس ..
جـوليا : في صـحـة الـذكـرى السنـويـة الخـامسـة لحبـنـا .
روميـو : حبنـا بخـير يـا جوليـا ..
جوليـا : ما تـضـحـكـش على نـفـسـك .. يـا خسارة كـنت أفضـل أن يـتـحـدث التاريـخ عـن حـبـنـا
روميـو : كـنـا نـنـتـحـــر ؟
جوليـا : والله كان أحـسـن من العـيـشـة الهـباب دي .
روميـو : انت زهـقـتـي مني للدرجـة دي ؟
جوليـا : افهـمـني .. أنـا حـزينـة عـلى حـبـنـا .. لن يروي التاريخ قـصـتـه للناس ..
روميـو : إيـه المـانـع ؟
جوليـا : إتـجـوزنـا خـلاص
روميـو : و افـرضـي ...
جوليـا : التاريـخ لا يـحـتـفـظ إلا بـقـصـص الحـب الـتي تـنـتـهـي بالـفـراق و الدمـوع و الدفـن في القـرافـة .
روميـو : لكـن الزواج أنـقـذنـا من القـرافـة .
جوليـا : كان من الأفـضـل أن نـنـتـحـر حـتى يـحـتـفـظ التاريـخ بحـبـنـا ساخنـا .
روميـو : والزواج أيضـا مـمكـن أن يـحـتـفـظ بحـبـنـا .
جوليـا : مـع الـفـارق طـبعـا .
روميـو : أي فـارق؟
جوليـا : التاريـخ فـرن يحـتـفـظ بالعـواطـف سـاخـنـة .. والزواج ثـلاجـة يـحـفـظ الحـب بـطـريـقـة التـبـريـد .. ساقـع يـا روميـو
روميـو : إيـه يـا وليـة شغـل المـطـابـخ ده ؟ حـبـنا سـاقـع ..؟ مـسـتـحـيـل أصـدق .
جوليـا : بذمـتـك انت بـتـحـبـنـي زي أيـام ما كـنـت بـتـتـشـعــبـط عـلى بـلـكـونتـي ؟ يـا سلااام .. فـين الأيـام دي ؟
روميـو : ما كـبرنا يـا جوليـا على لعـب العـيال ده .. لكن ده ما يمـنعـش ان حـبنـا كبر معـانـا ..
جوليـا : فـعـلا حـبنـا كـبر في السـن و طـلع له شـعـر ابيـض و أسـنانـه بـتـقـع و حـركـتـه قـلـّت و بقـى هـبـاب .
روميـو : سـرحـتي في إيـه ؟
جوليـا : في أيـام زمان .. يا ترى نـقــدر نـرجـعـهـا ؟
روميـو : كـل شيء مـمكـن ..
جوليـا : باين عليـك بـتـخـرف ..
روميو : إيـه المانـع ؟
جوليـا : بصـراحـة ؟؟ ناقـصـنـا الشـوق لبعـض .
روميـو : طب مـا تـشـتـاقي لي هـو حـد حايـشـك ؟
جوليـا : خـمـس سـنـيـن في خـلـقـة بعـض ليل نهـار و تـقـول لي اشـتـاقي لي ؟ كل سنـة وانت طيب روميـو : و انتي طيبـة ...
( ثم صمت طويييييل )
جوليـا : مـش فاهـمـة إيـه إللي جـرى لك .. بـقـيـت تـقـعـد مخـروس و حـاطـط جـزمـة في بـقـك
روميـو : هـقـول إيـه بـس ... هموم الدنيـا كتيـر ..
جوليـا : طيب قـول لي كـلمـة حـلـوة في عـيـد جـوازنـا .. فـيـن الكـلام اللي كـنت بـتـقـولـه عـن عـيـوني و سحـر عـيـوني
روميـو : أبقـى كـداب لو قـلتـه دلوقـتي وانت لـسـة حـطــه قـطـرة وقـاعـدة تـبـربشي زي العـمـشـة و بـقـيـتي حولـه و حـالتك بالبـلا الأزرق
جوليـا : ما حـدش خـيب عـنيـا غـيرك .. كـنت باسهـر في الـفــرانـده عـلشـان أقـابــلك .. وبـعـد مـا اتجـوزنـا باسهـر طـول الليـل بســبب شـخـيرك ... يـا راجـل حـرام عـليك هـو انت مركـب شـكـمان مـخـروم في مـنـخـيرك ؟
روميـو : انت بـقـيـتي مـملـة و مزعـجـة .. أنـا عامـل ذوق اكمـن النهارده عـيـد جوازنـا إنمـا الظـاهـر الذوق مش هـيـنـفـع مـع أهـلك ...
جوليـا : إتـلـم يـا روميـو و خـلي الليلـة تـعـدي عـلى خـيـر ..
روميـو : يـا شـيـخـة بـلا قـرف .. يـلا غـوري من خـلقــتـي وروحي رضـعـي الـواد فيكـتـور بـيـعــيـط .. يـلا مـا تـقـلـبـيـش دماغي
جوليـا : يـامّـه .. أخـاف وأكـش مـن ده الـوش .
روميـو : كـلمـة واحــدة تاني و هـسـيـب لك البيت و أمـشـي
جوليـا : أنـا اللي سايبـه البيت ورايحـة لأمي .
روميـو : في ستـيـن داهـيـة ... حاجـة تـقـرف .
جوليـا : ما قـرف إلا عـيـشـتـك إللي كـلهـا نكـد في نكـد .. يلعـن أبو اليوم إللي شـفـت سحـنـة أهـلك فـيـه
( زعـيـق و خـبـط و رزع و ضـرب و الذي مـنـه ... الجيران يتدخـلـون - و جوليـا تجري على بيت أمهـا ) حـد عـنـده مـنـظـــر آخـر في تـصـوره غـيـر ده ؟ ؟؟؟؟