بتـــــاريخ : 9/5/2008 10:30:29 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 977 0


    المصالح الاستراتيجية الإيرانية في دعم القضية الفلسطينية

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : خباب الحمد | المصدر : www.islamway.com

    كلمات مفتاحية  :
    مصالح استراتجية ايران قضية فلسطين

    محاولة للفهم!

    كتب . خباب بن مروان الحمد
    Khabab1403@hotmail.com

    أسجِّل في بداية المقال أنَّ دولة كبيرة كـ(إيران) تستحق مراكز دراسات إسلامية متعددة، و(خزانات تفكير) لدراسة سياساتها، والتشكيلة الداخليَّة فيها دولة ورئيساً وشعباً، وضرورة إدراك طريقة تعاملها مع العالم الخارجي وقضايا العالم الإسلامي أو دول المركز كما يعبِّر عن ذلك الاستراتيجيون، ومن الضروري دراسة مبدأ (تصدير الثورة) الذي يدين به الإيرانيون، وهو وإن لم ينجح بشكل ظاهر إلاَّ أنَّهم يحاولون مع الزمن والأيام أن يكون له مجال وانتشار أوسع، وخصوصاً مع ضعف قادة الدول السنيَّة، وصعود الحالة الإيرانيَّة في العالم الإسلامي!!

    في هذا المقال لست بصدد المقارنة بين أمريكا وإيران، أو بين إيران والأنظمة الحاكمة للدول العربية والإسلامية، بل مقصد الحديث عن الأبعاد والخلفيات الاستراتيجية ودراسة الأسباب التي تدعو إيران لدعم القضية الفلسطينية فهذا مقصود الحديث في هذه الورقة.

    • المصالح الإيرانية في فلسطين في ضوء الأوضاع الحالية:

    في هذا الوجود المخضوب بألاعيب السياسة، تبدو إيران حريصة على المصالح الفلسطينية والمقدسات الإسلاميَّة فيها، ولقد كان من بين الشعارات الأخاذة لنظام الثورة الإيرانيَّة بعد أن طوَّحت بنظام الشاه، وأخذت على عاتقها مبدأ تصدير الثورة، وتزامنوا مع مبدأهم ذاك برفع شعار " اليوم إيران وغداً فلسطين" وهو الشعار الذي دغدغ مشاعر وعواطف المسلمين، يوم أن رأوا الأمَّة المسلمة قد هزمت في حروب سابقة، لكنَّ جمعاً من المراقبين كانوا يعلمون أنَّ إيران تسعى لكسب نفوذ لها في منطقة الشام وبالذات في فلسطين، باعتبارها منطقة ذات حق عادل، ومحتلة من قبل بني صهيون، ولهذا فإنَّهم يركزون في خطاباتهم وكثير من ندواتهم ومؤتمراتهم بضرورة استرداد القدس والأقصى وفلسطين، والدندنة على كراهية ما يسمَّى بـ (إسرائيل)! 

    وفي الحقيقة فإنَّ سعي أي دولة لدعم القضايا العادلة، أو الحقوق القانونيَّة الصحيحة، أمر لا غبار عليه ولا غضاضة فيه، فكيف الحال إذا كان الوضع متمثلاً بدولة ذات ثقل سياسي كإيران ولها عقيدتها التي تنطلق منها وأجندتها الخاصة بها، ثمَّ تقوم بنصرة قضية فلسطين كواجب ديني يدعو ساستها لكي يحرروها من براثن اليهود، ولكن أن يكون هذا مدخلا لتسويق الأفكار والمبادئ، فمن خلال هذه الزاوية ينبغي أن يكون لكل طرف يعتقد عقيدة ، أن يكون على خبرة وعناية فائقة بمآرب القوم، ذلك أنَّ المؤمن كيِّس فطن، كما أنَّه ليس بالخب وليس الخب يخدعه.

    يمكننا لكي نحلل الحدث جيداً أن نقرأ بأعيننا كيف يقوم الإيرانيون ساستهم وملاليهم بإلقاء خطابات ذات مغزى ومضمون (استعماري استعلائي) لأهميَّة تقديم الدعم لفلسطين، وأنَّ الدعم لفلسطين ينبغي أن يؤتي أكله لنشر وتصدير(الثورة الإيرانية الشيعية)، وأنَّ قيامهم بدعم الفلسطينيين إضافة لكراهيتهم لدولة يهود فهو كذلك نصرة لمصلحتهم الخاصة، ولتحقيق مكاسب سياسيَّة يرون أنَّها ستخدمهم في المستقبل ، وأنَّ هذا الدعم ليس فقط لأجل خدمة إنسانية يقومون بها أو حنواً ورفقاً بالفلسطينين السنة المظلومين المقهورين، فإن كان هذا يظهره بعضهم فإنَّه لا يخفى على قسم كبير منهم أنَّ ذلك لأجل تصدير الثورة، ويشهد على ذلك ما صرَّح به "محمد باقر خرازي" أمين عام حزب الله الإيراني (الراعي الرئيس لباقي التنظيمات المماثلة في المنطقة ) لصحيفة " عصر إيران" وقد أعادت نشره وكالة أنباء " أخبار الشيعة " الإيرانية، حيث قال هذا القيادي الإيراني البارز متسائلا :"ما الفائدة التي جنيناها أو سوف نجنيها من دعم الحركات الفلسطينية . فإذا أردنا دعم الفلسطينيين يجب أن نكون متيقنين أن فلسطين ستكون سائرة على مذهب أهل البيت ( يعني شيعة ) وإذا لم تكن على مذهب أهل البيت إذن ما الفرق بين إسرائيل وفلسطين . وإلى متى تكون سفرة الشعب الإيراني ممدودةً للغرباء فيما الشعب الإيراني يتأوه جوعاً؟"

    وكذلك نجد أنَّ الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد" يحاول أن يبرهن على أنَّه لا يوجد أحد يهتم بالقضية الفلسطينية غير إيران كما يزعم بقوله: لا يوجد أحد غيرنا يدعم القضية الفلسطينية!!

    ومنذ أن استولت الثورة الخمينية على نظام الشاه وأسقطته عام 1979م، دندنت إيران الخمينيَّة على ضرورة الاهتمام بالقضية الفلسطينيَّة، وصرَّح الخميني في بعض مجالسه لبعض الزائرين فقال:(كل سياستنا لا قيمة لها إذا لم يكن لنا يد في القضية الفلسطينيَّة)!!

    • مغزى الدعم الإيراني... أبعاد بلا حدود!

    هناك من يحمد إيران ليل نهار لأنَّها كانت وراء دعم الفلسطينين، للمقاومة(العادلة)، أو الحكومة الفلسطينية، ويظنَّ أنَّهم يدعمون القضية الفلسطينيَّة لأجل النصرة الإسلامية، بيد أنَّ المسألة لها أبعاد من الأهمية بمكان أن يدركها كل من تهمه القضية الفلسطينية، ومن المعلوم أنَّه ليس كل من دعمك بمال أو رأي، أنَّه يحبك أو يؤيدك، بل هناك من تكون لهم دوافع وخلفيات ومساحات واسعة يستطيعون من خلالها تحقيق مكاسب سياسية واجتماعيَّة، فهل كانت دولة أمريكا ساعداً مهماً في كسر شوكة الدب الأحمر الروسي محبَّة للفصائل الأفغانية المقاومة للاحتلال السوفيتي، أم انَّها كانت تستخدم تلك النصرة لتحقيق مكاسبها الشخصيَّة التي أدركها الجميع، وكذلك الحال مع إيران الدولة العقائديَّة التي أخذت على عاتقها نصرة العقيدة الشيعية وتصدير الثورة الإيرانيَّة الخمينيَّة، وذلك لكي يقولوا للعالم الإسلامي: هل هناك دولة عربية تدعم فلسطين كما تدعمها إيران؟! كما صرَّح بذلك: أحمدي نجاد في حديث له في تلفزيون العراقية.

    ومن خلال استعراض طريقة تعامل كثير من المسلمين مع الأحداث ، أخذ كثير منهم تلك التحولات السياسية والاستراتيجية بمبدأ إحسان الظن، وطيبة القلب الزائدة، مع أنَّ الملاحظ والمتابع للمآرب الإيرانيَّة في دعم القضيَّة الفلسطينيَّة لن يجدها تخرج عن هذه الأسباب التالية:
    1) سبب ديني: فهم بلا ريب ينظرون لليهود على أنَّهم كفرة محتلون لفلسطين، وأنَّ واجبهم الديني يقوم على تحرير فلسطين من الاحتلال اليهودي، مع أنَّ خلف الكواليس تمازجات إيرانيَّة يهوديَّة تقوم على المصالح التي يستفيد منها كلا الطرفين، ولكن كمبدأ فإنَّ إيران تتمنَّى أن يطرد اليهود من فلسطين، ليحلو لهم الحال لتصدير" الثورة الإيرانية الشيعية" ومحاولة إشعار الناس أنَّه لا أحد يهتم بالقضية الفلسطينية كدولة كما تهتم بها إيران، ولأجل زرع نواة للتشيع في فلسطين،لانخداع الناس بخطاباتها ودعمها ومهرجاناتها نصرة للقدس والقضية الفلسطينية، ولهذا تعقد لها الندوات والمؤتمرات العالمية لنصرة القدس، والإيرانيون يقومون كما هو معروف في آخر جمعة من شهر رمضان بالقيام بمؤتمر عالمي عن القدس وما إلى ذلك، فقد ينخدع بعض المسلمين من أهل السنة بمثل هذه التوجهات الإيرانيَّة ظانين أنَّ إيران تمثِّل الإسلام الحقيقي، مع أنَّ الذي ينبغي أن يكون حاضراً في الذهن أنَّ المشروع الإيراني كما هو معروف عنه مشروع توسعي استعماري يريد غزو العالم العربي والإسلامي بعقيدته ودعمه وماله، ليكون له موطئ قدم ينشر من خلاله عقيدته التي يؤمن بها ويبشر بها.
    ومن ضمن الأمور التي يسعون لها أنَّهم يؤمنون بعقيدة عودة المهدي الذي دخل إلأى سرداب في سامراء يوم أنَّ كان طفلاً وأنَّه سيكبر ويخرج من ثقب من السرداب، ويكون نصيراً وظهيراً للشيعة على عدوهم ويحكم مهديهم العالم، وتكون لهم السيطرة التامة على الأرض وليقاتلوا اليهود لتخليص العالم من شرهم وليكون العالم تحت سيطرتهم، وللشيعة عقيدة مفرطة بالغلو والتطرف حيث إنَّ من عقائدهم أنَّ المهدي سيقوم بقتل النواصب من أهل السنَّة، وأنَّ الله سيحيي عائشة رضي الله عنها ليقوم المهدي بتطبيق حد الزنا عليها والعياذ بالله !
    2) سبب سياسي استراتيجي: وذلك بتحقيق مكاسب سياسية ولفت نظر المقاومة أنَّ الدولة التي يمكن أن تحتضنهم وترعاهم هي إيران، كما يطمح الإيرانيون أن تكون هذه الفصائل ورقة تستطيع أن تلعب بها وتخيف بها تلك التيارات الأخرى الموجودة في المنطقة من اللوبي الصهيوني، ولتكون هذه المقاومة فزَّاعة تستطيع أن تحقق إيران من خلالها مكاسب سياسية وحقيقية، فهي تريد أن تفرض نفسها وبقوة تجاه العدو الأمريكي لها، فهناك مشروع إيراني صفوي فارسي توسعي امتدادي أخطبوطي تجاه المشروع الأمريكي الاستعماري، ودولة إيران تحاول قدر الإمكان أن تلعب مع دولة اليهود الصهاينة بالعصا والجزرة، فهي لا تعترف بها دولة في فلسطين، ومع هذا قد تتعاون مع اليهود سراً لأسباب اقتصادية وبراغماتية كبيع الفستق الإيراني لدولة اليهود وما إلى ذلك، وكذلك ما حصل من فضيحة (إيران غيت) حيث كانت تتلقَّى إيران من الولايات المتحدة الأمريكية إبَّان حربها مع العراق بعض الأسلحة المتطورة والصواريخ بعيدة المدى، وكانت هذه مأسأة يتمنَّى الإيرانيون أن يتناساها العالم الإسلامي، ولا ننسى ما اعترف به رئيس إيران في عهد الخميني(أبو الحسن بني صدر) على قناة الجزيرة بتلقيه دعماً عسكرياً من (إسرائيل) وبعلم الإمام الخميني!
    وحقيقة الأمر أنَّ كلا الفريقين(الإيرانيين/ الصهاينة) يخشى بعضهم من الآخر، فالكل يحاول قدر الإمكان أن يؤثر في إضعاف ، ولهذا تحاول الدولة الإيرانية مد جسورها لتتواصل مع بعض حركات المقاومة في فلسطين لمحاولة تحقيق نوع من إرعاب اليهود، ولكي لا يقوم الكيان الصهيوني بضرب دولة إيران مما يؤثر على تنميتها الاقتصادية والعسكرية ويرجع بالبلاد إلى أيام الضعف.
    3) سبب دعائي: إيران لا تعمل داخل العالم كله إلاَّ لأجل مصلحتها، فتركيزها على قضية محورية إسلامية كفلسطين، يجعل الشعب الإيراني يتعاطف معها، وكذلك يجعل الشعوب الإسلامية الضعيفة تتعاطف معها، فيما غالب الحكام العرب نادراً ما يتحدَّثون عن دعم القضية الفلسطينية من ناحية إيجابيَّة، بل قصارى حديثهم حول وقف المقاومة والتطبيع الكامل مع إسرائيل والاعتراف بها كدولة لها وجودها في العالم العربي، ولهذا فخير وسيلة تتمركز من خلالها شعوب العالم الإسلامي حين يرون ملالي إيران وحكامها ومسؤوليها يقولون عن أمريكا بأنَّها:(الشيطان الأكبر) وينددون بالمجازر الصهيونية التي تجري بفلسطين، ولكنَّ الحقيقة أنَّ إيران منذ 30 سنة لم تطلق صاروخاً واحداً ضد دولة ما يسمى بـ:(إسرائيل) وأنَّ هذه العبارات ما هي إلا تهييج للعواطف وتسويغ لمواقفها بأنَّها كانت دولة لها قصب السبق في الإدانة والاستنكار، مع بعض الدعم الذي يقدمونه لبعض حركات المقاومة، كما أنَّ من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أنَّ الإيرانيين الشيعة يريدون أن يروجوا لدعاية أنَّ إيران تعمل لأجل نصرة المسلمين في فلسطين، ولتحسين صورتها القاتمة في العراق وما تقوم به من عمليات قمع وإرهاب لوجستي وآيديولوجي شديد تجاه العراقيين من أهل السنة عموما وتجمعات الفلسطينين خصوصا من خلال شبكاتها وأذرعها العسكرية المدعومة منها كقوات بدر، وقوات مقتدى الصدر.

    • حتميَّة اليقظة السنيَّة من الإمدادات الإيرانية للقضية الفلسطينية:

    لقد وقع بعض أهل السنة والجماعة بالفعل في فخ نصبه لهم الساسة الإيرانيون (الشيعة) في قم وطهران لكي يشركوهم معهم بالقول بضرورة التخندق خلف إيران كداعم إسلامي للقضية الفلسطينية، والحديث فيما بعد عن وسائل التقريب بين السنة والشيعة، ومن الاقتناع بعقيدة الشيعة الجعفرية الاثنا عشرية التي يدين بها الساسة الإيرانيين الروافض، ومن ثمَّ الترويج للعقيدة الشيعية الرافضية في فلسطين.

    بيد أنَّ من المفترض أن يكون أهل السنة على وعي كامل بالدوافع الاستراتيجية والخلفيات التي يقوم بها أولئك الإيرانيون لدعم القضية الفلسطينية.

    ولقد وجدنا هتافات وعبارات تشيد بأولئك الساسة الإيرانيين، يكاد بعضهم أن يوصلها لمرتبة الخلافة الراشدة، بل لقد قالها بعض قيادات الحركات الإسلاميَّة حين قامت دولة إيران، فأوصى أتباعه بوجوب الهجرة إلى إيران كعاصمة لاسترداد الخلافة الإسلاميَّة الموعودة، وهم في حقيقة الأمر لم يعرفوا ما العقيدة الرافضية الشيعية التي يتبناها القوم، أو يظنون أنَّ خلافنا كأهل السنة والجماعة مع الشيعة الرافضة إنما هو خلاف في مسائل فرعيَّة وليست مسائل من قضايا الأصول والاعتقاد.

    • حقيقة عقائد الشيعة تجاه فلسطين:

    إنَّ من المهم للغاية أن يدرك أهل السنة حقيقة نظر الشيعة الروافض لفلسطين، فعقيدتهم تقوم وتقضي على خلاف ما يعتقده أهل السنة والجماعة تجاه القدس وفلسطين، فالشيعة لا يقدرون المسجد الأقصى كما يقدره أهل السنة، فقد جاء في كتبهم كما في بحار الأنوار للمجلسي (22/90) عن أبي عبد الله قال: سألت عن المساجد التي لها الفضل فقال: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، قلت: والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ قال: ذاك في السماء، إليه أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال: "مسجد الكوفة أفضل منه"!.

    وجاء في الخصال/ الشيخ الصدوق: ص137 "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله، ومسجد الكوفة ".

    وروى شيخهم الكليني في كتابه الكافي، بإسناده عن خالد القلانسي أنه قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: صلاة في مسجد الكوفة بألف صلاة. الوسائل ج3/ص547.

    فعلى أهل السنَّة أن تكون لديهم صحوة فكريَّة وحذر كامل من نظرة الرافضة الشيعة لقضية فلسطين والمسجد الأقصى، وأن يعلموا أنَّ الرافضة والشيعة يمتلكون عقيدة خفية وخطيرة بل هي من أصول دينهم الكبرى، وهي عقيدة (التقية) وحقيقتها عندهم أن تبدي للنواصب(يعني: أهل السنة) غير ما تخفيه في نفسك، وأن تستعمل هذه العقيدة في جميع الحالات اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وفكريا بما يحفظ عليهم أمنهم القومي ومصالحهم الخاصة، ولا يتضررون من وراء ذلك شيئاً، ولهذا فلو لاحظ الملاحظ لوجد أنَّ إيران تشتغل بالسر والخفاء أكثر مما تعمل في العلن والظهور، وأنَّ عقيدتها التي هي عندهم(تسعة أعشار دينهم) وأنَّ( من لا تقية له لا دين له) كما في كتبهم، فهذه العقيدة الضالة ساهمت مساهمة كبيرة في خدمة مصالحهم بشكل جعل الكثير من أهل السنَّة يظنونهم على ما هم عليه في الحديث الظاهري، ولكنَّ الدهاء الإيراني والذكاء الفارسي جعل كثيراً من الناس ينخدعون بهم وهم لا يدركون حقيقة عقيدتهم، حتَّى إذا ما وجدوا الفرصة مناسبة انقضوا على من كانوا يراوغونهم بشدة وجعلوا العالم يركع تحتهم كما تحاول أمريكا الآن أن تفعل بدول العالم، فلن يخبئ الإيرانيون الشيعة ومراكزهم وثكناتهم الفكرية والعسكرية ولن يدخروا أي قوة للسيطرة على العالم الإسلامي إن تمكنوا من ذلك بقوتهم وبطشهم المعروف، كما تفعل أذرعتهم العسكرية الآن في دولة العراق المسلم الجريح تجاه أهل السنة!!

    • اصطفاف الفلسطينيين ... إلى أين؟

    قد يقول قائل: إذا كان الأمريكان وراء دعم دولة الصهاينة، ووضع المسلمين من أهل السنة مفرق مشتت، والعدو الأساس في المعركة هم اليهود والحلفاء من النصارى ومن والاهم فهل نعادي إيران في هذه المدة الزمنية العسيرة؟ وهل نرفض دعهمم السياسي أو المادي والعسكري كذلك ـ إن وجد ـ نصرة لقضايانا العادلة!

    وقبل الإجابة عن ذلك فلا يعني ما في المقال أن يعقد أهل السنة جبهة عداء وصراع مع إيران، فليست المصلحة ولا الحكمة تقول بذلك ، بل ذلك هو ما يقصده الأمريكان بإثارة الخلافات والشجارات الطائفية وصناعتها بين الدول السنيَّة مع إيران، فالمستفيد الأوحد أو الأكبر من ذلك هم الأمريكان ودولة اليهود، هذا أولا!

    وثانيا: ليس هناك ما يمنع في الشريعة الإسلامية ولا القوانين الوضعية أن يكون هناك هدنة أو شبه تحالف بين دولتين لهما خصوصيتهما الدينية أو الفكرية والسياسية كذلك، ولكنَّ المهم وهو مربط الفرس وموضع الشاهد ألاَّ يكون هذا البعد الاستراتيجي مكسباُ فيما بعد لدولة إيران، فلنا أن نستفيد من إيران إن عرضت ذلك علينا، شرط أن يكون لدينا علم بمقاصد دعمها وروافد فكرتها من خلال الإمدادات المعنوية للقضية الفلسطينية، وأرجو بالذات أن يكون لدى جميع الفصائل الجهادية المقاومة في فلسطين(حماس ـ حركة الجهاد ـ ألوية الناصر صلاح الدين ـ مجاهدو بيت المقدس ـ كتائب شهداء الأقصى) هذا الانتباه الذي نتمنَّى أن لا يخفى عنهم في يوم من الأيام، فلإيران ذكاء سياسي حاد، ودهاء فكري يدعوهم لكي يتعاملوا مع الدول العربية بطريقة العصا والجزرة، بكسب أكثر الأرباح، وجني أدنى الخسائر العائدة عليهم، فهي دولة تخطط ولها مراكزها الفكرية والاستراتيجية التي تخدم ساستها، وحتى إن اختلفوا وكان فيهم محافظين ومتراخين، فللكل سياسات تقصد خدمة دولتهم ومبادئهم، بطريقة يضمنوا فيها حقهم في الاستيلاء والسيطرة وتصفية الحسابات بلغة أزعم أنَّها أحياناً تحير المحللين السياسيين، والمراقبين للخطوات الإيرانية!

    • هل في المقال دعوة لشق الصف أو إثارة لفتنة؟!

    ليس المراد من هذا المقال صناعة الفتن مع جماعة ملالي إيران وساستهم، لكن الضروري أن تعرف الخطط الخمينية الاستراتيجية التي يخططها قادة إيران ويرسمون من خلالها أجندة يسعون بها لكي يسيطروا على العالم الإسلامي، فمن لم يعرف تلك الخطط فليذهب وليقرأها

    ثمَّ إنَّ دولة إيران لم تكن رافداً من روافد الوحدة وصناعة التلاحم ـ مع شديد الأسف ـ تلك الوحدة التي يزعمونها،، بل كان لإيران قصب السبق في التنكيل بعلماء ودعاة أهل السنة والجماعة في دولتهم، ومن يتابع شؤون وأخبار إخواننا من أهل السنة في إيران فسيجدهم أقل الناس مكانة ورتبة وأكثرهم فقراً وضعفاً، مع العلم بأنَّ أهل السنة في إيران حسب الأحصاءات شبه الرسمية الإيرانية تتراوح أعدادهم بين 14 إلى 19 مليون نسمة، ويشكِّلون نسبه تتراوح بين 20ـ28% من سكان إيران، ومع هذا فالإيرانيون لا يسمحون بالترخيص لفتح مسجد واحد لأهل السنة في طهران التي يقطنها أكثر من مليون سني، حيث أنَّ المسلمين من أهل السنة يقيمون صلاتهم يوم الجمعة في المدرسة الباكستانية، والسفارة السعودية، وقبالة هذا الاضطهاد لأهل السنة تسمح إيران ببناء الكنائس والمعابد اليهودية ولا يضيرهم ذلك، والملاحظ أن أمريكا التي تتشدق بالدفاع عن الحريات الدينية لم تدافع عن حرية أهل السنة في إيران، وهذا ممَّا يثير الاستغراب في العلاقة بين الدولتين، والأصل أن تستغلَّ أمريكا هذه النقطة ضد إيران مثلما تستغلها أمريكا في السعودية حيث تطالب أمريكا بحرية وحقوق أكبر للشيعة في السعودية!!

    وحين كنت أكتب هذا المقال تصفَّحت بعض المواقع الأخبارية لمعرفة ما يدور في عالمنا الإسلامي، فوقعت عيني على هذا الخبر الذي نستشعر من خلاله مدى مأساة إخواننا أهل السنة في إيران، فقد  صرَّحت بعض وكالات الأنباء أنَّه في يوم الجمعة الموافق لتاريخ 20/3/1429هـ ـ 28 /3/2008م، حيث كشفت كشفت مصادر خاصة لـموقع"الإسلام اليوم" في إيران أنه تم اليوم منع شعائر صلاة الجمعة لأهل السنة في مدينة كرج التابعة للعاصمة الإيرانية طهران .وأشارت المصادر إلى أن هذا المنع يأتي بعد أيام من هدم مسجد لأهل السنة في مدينة ساوة التابعة لمحافظة المركزي. وفي حادث ثالث، قالت المصادر إنه تم توقيف بناء مسجد لأهل السنة في مدينة قصرشيرين التابعة لمحافظة كرمانشاه.

    كما أنَّ الإيرانيين لعمق محبَّتهم للأمة المسلمة الثائرة على من قتل عمر بن الخطاب يقومون برعاية ضريح كبير للمجرم أبي لؤلؤة المجوسي! الذي قتل الصحابي الجليل عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه وحمايته وطواف الشيعة حوله، فهل هذه الممارسات تكون رصيداً من أرصدة الوحدة أم داعية للتمزق والتشرذم.

    أليس الإيرانيون وأذرعتهم العسكرية في العراق (قوات بدر ـ وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر) كان لهم قصب السبق بالضرب بيد من حديد على أهل السنة ويشعلونها حرباً ضروساً مشتعلة على أهل السنة حتى طالت أيديهم قتل أكثر من 100 ألف مسلم سني عربي مضطهد في العراق، وطرد مئات الآلاف خوفاً منهم قبل أن يكون الخوف من المحتل الأمريكي.

    أليس شيخهم وإمامهم السيستاني أبلغ مجلس الحكم الانتقالي أنَّه لن يصدر فتوى في بداية مرحلة احتلال العراق بإعلان الجهاد ضد القوات الأمريكية، وأنَّه لن يطلب من مواطنيه الانضمام إلى صفوف المقاومة المسلحة ضد المحتلين الأمريكان وغيرهم، مع أنَّه في المقابل أصدر السيستاني فتوى يجيز فيها ما وصفه بالجهاد في سبيل الله للإيرانيين إذا شنَّت الولايات المتحدة الأمريكية هجوماً على إيران، فأين الوحدة الإسلاميَّة أليست العراق كإيران كلاهما من دول العالم الإسلامي، فلماذا يحرم على المقاومين في العراق أن يقاتلوا الأمريكان ويتساعدون مع الأمريكان لكي تتساقط مدن الجنوب في العراق واحدة بعد الأخرى لعدم قيام الشيعة بالتصدي للقوات الأمريكية بل استقبالهم بالورود والأزهار المرحبة بهم، وفي المقابل بالحث على الجهاد في سبيل الله فيما لو احتلت إيران؟!!

    وليسألوا أحمدي نجاد ما سر هذه الزيارات التي يقوم بها للعراق وبحماية أمريكية لمدة يومين، وهو الذي كان يقول عن أمريكا الشيطان الأكبر، فمن سمح لنجاد أن يدخل العراق بمثل هذه الطريقة، ويدور بينه وبين قادة أمريكان صفقات سريَّة تحدثت عنها وسائل الإعلام بأسرار خطيرة وصفقات مريبة جرت في زيارة ناجد للعراق تحت الحماية الأمريكية، ولو قلنا في المقابل هل يسمح الأمريكان أو نوري المالكي بدخول أسامة بن لادن إلى العراق بمثل هذه الحماية التي وضعت لأحمدي نجاد، فهل سيكون حال ابن لادن بمثل هذه الحماية التي توفرت لمن يخطب بنا في كراهية الشيطان الأكبر!!

    وليستفهم دعاة الوحدة من الإيرانيين لماذا كانت إيران من كبار الأعوان لدولة أمريكا على إسقاط دولة ونظام حركة طالبان الإسلامية، أليست دولة أفغانستان دولة مسلمة، وأليست حركة طالبان مسلمة، فكيف يأتي من يزعم أنَّه من دعاة الوحدة محمد علي الأبطحي نائب الرئيس الايراني للشئون القانونية، ويقول في ختام أعمال مؤتمر عقد بإمارة أبو ظبي مساء الثلاثاء 13ـ1ـ2004م ويقول مفتخرا ومنتشيا: " لولا إيران لما سقطت كابول وبغداد " وإنَّ إيران قدمت الكثير من العون لأمريكا ضد حربها في أفغانستان وفي بغداد"!! لكنَّه يعقب قائلاً ::"أنَّه بعد أفغانستان حصلنا على مكافأة وأصبحنا ضمن محور الشر، وبعد العراق نتعرض لهجمة إعلامية أمريكية شرسة"

    والغرابة كيف يقول الأبطحي هذا الحديث، وكأنَّه لا يدرك كيف أنَّ أمريكا انقلبت عليهم وقلبت لهم ظهر المجن، بقدرة الله عز وجل ، وذلك نكالا لهم وجزاء وفاقاً لخيانتهم لله ورسوله وللأمة المسلمة وطعن لها من الخلف، فأين الوحدة الإسلامية وأين الدعوات للتقريب بين السنة والشيعة كما يقولون، إلاَّ أنَّ الحقيقة الغائبة عن الأبطحي أنَّ السحر الأمريكي انقلب على الساحر الإيراني، وأنَّ كما جاء في المثل:من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، وهذا عقاب من الله تعالى لكل من يخون أمَّته ودينه ولهذا لم ترض أمريكا عن إيران بل بقيت عدواً لها، ورحم الله الشيخ مصطفى السباعي حين كتب في كتابه: هكذا علمتني الحياة صــ340 [ من لوَّث يده بدم الأخيار،أزال الله عزه بأيدي الأشرار].

    لقد صرح هاشم رفسنجاني بعد سقوط حركة طالبان بقوله " القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت في دحرها ولو لم نساعد قواتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني ويجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيراني الشعبي ما استطاعت أن تسقط طالبان "، وحتى وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول قال على هامش مؤتمر روما حول القضية الأفغانية ( لولا إيران لكان مصير هذا المؤتمر الفشل ولكن المواقف الإيرانية هي التي أنجحت المؤتمر) أليست هذه خيانة للأمة وعدم اتحاد معها فكيف يطلب منَّا دعاة الوحدة للتوحد مع دولة تكفر صحابة رسول الله وتشرك بالله وتتعاون مع أعداء الله ضد أبناء الإسلام؟!

    وليسأل هؤلاء الذين يخاصمون عن إيران إنصافاً لها ـ كما يزعمون ـ ما سر هذه التدخلات الكثيرة في الدول السنية التي يحاول من خلالها الإيرانيون أو أتباعهم من الشيعة المتشيعين من أهل تلك البلاد وكيف صاروا يحاولون السيطرة على الثكنات الفكرية والجامعات والمصانع الكبيرة، ويقومون من خلالها بنشر عقائد الشيعة وتكفير الصحابة ونشر الشرك بالله تعالى واتهام عائشة رضي الله عنها بأنها زانية، فليسأل هؤلاء أنفسهم أو يسألوا الإيرانيين عمَّا يفعلونه في دول العرب السنية.

    ثمَّ ما السبب الذي يدعو الطوائف الشيعية والأذرع العسكرية الإيرانية في العراق لكي ترتكب مجازر دموية في حق اللاجئين الفلسطينيين، حيث هاجر منهم عشرات الآلاف، وقتل منهم المئات، وعذبوا بأنواع مخيفة من التعذيب بالدريل وعود الثقاب بالعين ، وغير ذلك من وسائل التعذيب التي لا تليق بحيوان فضلاً عن إنسان، فأين كلمة إيران داعية الوحدة والحوار لهؤلاء الإيرانيين، أليس ذلك تواطئ واضح من قبل هذه الدولة مع أذرعتها العسكرية المسيطرة على الوضع العراقي، وليسأل من لا يعرف كيف حال إخواننا الفلسطينين في العراق وهم يهيمون على وجوههم حائرين كالغنم الهائمة على وجهها في الليلة الشاتية المطيرة الباردة!

    وإذا كان يزعم الإيرانيون الشيعة ضرورة الوحدة الإسلاميَّة، فلماذا يخالفون منهج آل البيت والصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ ويؤرخون تواريخهم بالتاريخ الفارسي بدلاً عن التأريخ الهجري،ويجعلون اللغة الفارسية هي اللغة الرئيسة حتى للعلوم الشرعية، فهل يكون ذلك انتماءً صادقا لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم أو لغة القرآن الكريم؟

    وما سرّ إصرار إيران على عدم الوحدة الإسلاميَّة كما تزعم وهي لا تريد أن تعترف بالجزر الثلاث المحيطة بدول الإمارات العربية المتحدة(طنب الصغرى وطنب الكبرى ، وأبو موسى) والتي تحتلها إيران منذ عصر الشاه وإلى الآن، بل لقد صرَّح البرلمانيون العراقيون الذين يعلنون ولاءهم لإيران بعدم شرعية تلك الجزر لدولة الإمارات، مع أنَّ أكثر من 27 دولة عربية أجمعت على أحقية دولة الإمارات بهذه الجزر، فإيران تحاول أن تضمَّ هذه الجزر تحت عباءتها وتستولي عليها، دون أن يكون هناك معارض يعارض ذلك!

    نعم نحن لا نرضى أن تضرب إيران من قَبَلِ أمريكا، ولا أن تتدخل أمريكا بالمصالح الإيرانية، أو أن تمنعها من تطوير الصواريخ والقنبلة الذرية أو النووية، بل نرى ذلك ظلماً بيناً وخطراً داهماً، وكذلك لا نرضى أن تضرب إيران من القواعد العسكرية في الدول السنيَّة، ولا أن تكون عوناً لها في ذلك، بل هذه موالاة للأمريكان على الضعفاء والمساكين والجهلة من عموم الشعب الإيراني، ولكنَّنا لا نسمح كذلك أن تقوم حكومة ودولة إيران بالتدخل في شؤون دولنا الخاصة، لنشر ما تريده من قيم وعقائد مخالفة للعقيدة الإسلامية، أو لتقديم المال لكي تجر بذلك عقول الناس إليها، ثمَّ بعد ذلك تطعنهم في خاصرتهم!

    هكذا فليفهمنا الذين يدندنون بضرورة الوحدة مع إيران، والذين يكررون حديثهم بالقوة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، ونزاهة الإيرانيين مقابل حكَّام العرب، والحقيقة أنَّ حكَّام العرب قد انكشفت خيانتهم للأمَّة الإسلاميَّة بما لا شك فيه، ولكن أن يكون ذلك مدحاً لإيران التي  كانت كغيرها من الدول العربية حليفاً استراتيجياً كبيراً لأمريكا في حربها على المسلمين السنة في إيران والعراق وكانت هذه الحرب من أكبر مقاصدها حماية الأمن القومي لدولة ما يسمَّى بـ:(إسرائيل)، وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية حين قال:(إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعادونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم) كما جاء في كتابه النفيس منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية(3/378).

    نكتب هذا الكلام كرؤية استباقيَّة فيما لو قدَّر الله تعالى نوع من الانتصار الإيراني وتوغلها أو تغولها في العالم العربي والإسلامي لكي يعلم الجميع من هي إيران؟ وهل يهمها مصلحة الدول العربية أم مصلحتها فحسب؟ ولكي يعلموا تلك المقاصد والأسباب التي تدعو إيران لكي تواصل دعمها للقضية الفلسطينية، وإنَّ غداً لناظره قريب.

    • وأخيرا:

    على من طالع هذا المقال ألاَّ يرمي تهمه جزافاً أو يلقيها على لسانه متحدثاً بها، بأنَّ كل من يحذر من التوجهات الإيرانية في العالم الإسلامي، فهو صف وخانة أمريكا ، منطلقاً من مبدأ بوش اللعين: من ليس معنا فهو ضدنا، فهذه ثنائية غير مقبولة في عالم اليوم المتشابكة مصالحه والمختلطة أموره، فهذه رؤية أحادية عقيمة، لا تقنع أصحاب العقول!

    ثمَّ إنَّ ذكر الحق في مكان والتكلم عن الباطل وفضحه، لا يعني أن يكون صاحبه مدافعاً عن مواقف الدول العربية السنية المتخاذلة في نصرة دينها وشعوبها فضلاً عن الدفاع عن أراضي الإسلام المحتلة كفلسطين، أذكر هذا لأنَّ هناك أناساً أكاديميين أو كتاباً وصحفيين ما أسرعهم بقول القالة، ونشر الإشاعة بأنَّ من كتب ليحذر من المد الإيراني فإنَّهم سيضعونه في خانة وقفص الاتهام الأمريكي، أو أنَّه يدافع عن تصرفات حكام العرب المنتسبون لأهل السنة!!

    وختاماً: فإنني أقولها بصراحة بأنني أنظر نظرة إعجاب لما تقوم به إيران بغض النظر مع الاختلاف الشديد معها، حيث إنها تصنع شعباً وأمة يؤيدون مبادئها، وتتفنن في كيفية نشر مثلها وقيمها الفكرية والآيدلوجية بذكاء ودهاء ، وتعمل من تحت الستار بحسب مصلحتها وما يخدم فكرتها، ونحن العرب منبطحون نائمون، لا همَّ لنا إلا بالتحذير من المثلث الشيعي أو الهلال الفارسي الصفوي، وفي المقابل نساهم في صناعة الصليب الغربي والنجمة السداسية اليهودية، ونتواطؤ مع عدونا الغربي، ولا نقوم بإصلاح أوضاعنا الداخلية دينية كانت أو سياسية أو اقتصاديَّة، أو التطوير من قدراتنا العسكرية، فعجباً لأمَّة تدرك أنَّ هناك من يخطط لها للسيطرة على منافعها أمريكياً أو إيرانياً وهي راتعة في غيها سادرة في لهوها بل وترقص مع عدوها بسيوفها العربية الذهبية على أنَّات الثكالى وآهات اليتامى، فكيف لها أن تستعيد مجدها إن كان قادتها بهذا الشكل من الإغراق في اللهو والفساد!!

    كلمات مفتاحية  :
    مصالح استراتجية ايران قضية فلسطين

    تعليقات الزوار ()