بتـــــاريخ : 5/22/2014 4:36:16 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2341 0


    التديُّن المغشوش

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : محمد عبد الشافي القوصي | المصدر : egyig.com

    كلمات مفتاحية  :
    مقالات اسلامية التدين المغشوش

    http://www.eltareeq.com/tareeq2010/EditorImage/Issue%2064/882010-e9606%5B1%5D.jpg


    "يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَار"؟!

    "إنجيل متَّى: 12/34"

    (حكايـــــة):

    "ذهب أحد السلفيين يعزِّي جاره، وسأله: ماذا كانت عِلَّة المرحوم؟ قال: وَرِمَتْ قدميْه. قال: قلْ قدماه. قال: فارتفع الورمُ إلى ركبتاه، قال: قلْ ركبتيْه، فقال: دعني يا هذا، فما موت أبي بأشد عليَّ من نحوكَ هذا"!

    لقد فهم (دعاة السلفية) الدِّين فهماً خاطئاً فسقطوا في هاوية (التديُّن المغشوش)!

    ففريق منهم تركوا وظائفهم، أوْ رفضوها من الأصل، ظناً منهم أنَّ الزهد هو ترك الدنيا، مع أن عمارة الأرض من المقاصد الشرعية الأساسية، لقوله تعالى "هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا".. [هود:61]. أيْ طلب منكم أنْ تعمروها.

    فالزهد لا يعني أنْ نترك عمارة الأرض، إنما الزهد أن نعمل للدنيا بحيث لا تشغلنا عن الآخرة، أن نمشي في مناكب الأرض ونحن نرنو إلى السماء، أن نعيش في هذه الدنيا بقلوب الآخرة، أن تعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، وأن تعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .. وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم.

    (الزهد) أنْ تملك الدنيا ولا تملكك، أنْ تسخِّر الدنيا ولا تسخِّرك، أنْ تصبح الدنيا في يدك وليست في قلبك .

    مثلما كان الحال مع أبي بكر، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وسعد بن معاذ، وأبي أيوب الأنصاري، وغيرهم من الصحابة الأجلاء!

    فريق آخر؛ اهتموا بالنوافل أكثر من اهتمامهم بالفرائض، فأحدهم يحجّ الحجَّة التاسعة، أوْ يعتمر في السنة أكثر من مرة، بينما عليه ديون لعباد الله لا يقضيها، أو يظلم من يتعامل معهم ويأكل حقوقهم!

    فكان من الأولى أن يعطي للناس حقوقهم، بدلاً من الحج والعمرة عشرات المرات!

    فهل كان يظن هذا الأعرابي الغبي؛ أنَّ عمرته أوْ حجه يسقط ما عليه من ديْن؟!

    أمَا سمع هذا المسكين الحديث الشريف، القائل: "يُغفر للشهيد كل ذنبٍ إلاَّ الديْن"!

    والله؛ لوْ أنَّ هؤلاء المغفّلين؛ أنفقوا هذه الأموال في رصف الطرق وشق المصارف، وكفالة اليتامى ورعاية المشرَّدين، وإطعام الجياع في إفريقيا وغيرها .. لكان خيراً لهم، وأشدّ تثبيتا.

    * * *

    فريق آخر؛ ظنوا أنهم علماء، ووسوس لهم الشيطان بأنهم أئمة؛ فصعدوا المنابر، وراحوا يصرخون بحناجرهم المبحوحة، قائلين: اللهمَّ دمِّر الأوربيين والأمريكان، ويتِّم أطفالهم، ورمِّل نساءهم، واجعل بلادهم وديارهم غنيمةً لـ"السلفيين" و"التكفيريين"!

    إنَّ هؤلاء الأعراب؛ لا يصلحون سوى أنْ يكونوا سبَّاكين، أوْ سماسرة، وتجار مواشي .. إذْ بلغوا من الغش والخداع والجهل والضحالة مبلغاً، يفوق الوصف!

    ومن دلائل هذه الضحالة، والجهل بمقاصد الشريعة وعدم الرسوخ في الدِّين: الميل دائماً إلى التضييق والتشديد، والإسراف في القول بالتحريم، وتوسيع دائرة المحرمات، مع تحذير القرآن والسنَّة من ذلك، وحسبنا قوله تعالى: "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ. إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ". النحل 116.

    وإذا نظروا إلى مسألة فيها رأيان، أحدهما ميسِّر، والآخر مشدِّد، فهم دائماً مع التشديد، ومع التضييق، لا مع الرخص، وذلك لجهلهم بالوجهة الأخرى، التي تحمل الترخيص والتيسير.

    كنهيهم أن يشرب المرء واقفاً، مع أن أنه ثابت في السنَّة المطهرة، فقد شرب الرسول وأصحابه وقوفاً.

    وكذلك؛ تحريم الكولونيا، وتحريم لبس البدلة، وتقصير الثوب كما يفعل السلفيون، وغير ذلك.

    لقد أنكر القرآن، بلْ شدَّد النكير في تحريم الطيبات والزينة التي أخرج الله لعباده، فقال تعالى في القرآن المكي:"يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا. إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ " الأعراف:31- 32".

    وفي القرآن المدني يقول"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلا طَيِّبًا. واتقوا الله الذين أنتم به مؤمنون" المائدة: 87-88".

    وهاتان الآيتان الكريمتان تبينان حقيقة منهج الإسلام في التمتع بالطيبات، ومقاومة الغلو الذي وُجد في بعض الأديان.

    * * *

    وقد أدى هذا الغش في فهم الإسلام، وعدم وضوح الرؤية لأصول شريعته، ومقاصد رسالته إلى التباس كثير من المفاهيم الإسلامية واضطرابها في أذهان الشباب أو فهمهما على غير وجهها.

    ومنها: مفاهيم مهمة يلزم تحديدها وتوضيحها لِما يترتب عليها من آثار بالغة الخطورة في الحكم على الآخرين وتقويمهم، وتكييف العلاقة بهم، وذلك مثل: مفاهيم الإيمان والإسلام، والكفر والشرك، والنفاق والجاهلية ونحوها.

    إنَّ القوم لمْ يتذوقوا اللغة ولم يدركوا أسرارها، خلطوا في هذه المفاهيم بين الحقيقة والمجاز، فاختلطت عليهم الأمور، والتبستْ عليهم السبل، واضطربت الموازين. فهم لم يفرقوا بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان، وبين الإسلام الكامل ومجرد الإسلام!

    كما لم يميزوا بين الكفر الأكبر المخرِج عن الملَّة وكفر المعصية، ولا بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر، ولا بين نفاق العقيدة ونفاق العمل! ومن ثمَّ جعلوا جاهلية الخلق والسلوك كجاهلية العقيدة سواءً بسواء.

    * * *

    من هنـــــا.. إذا سمعتَ خطيباً من خطباء السلفية؛ فأنتَ تسمع فكراً مغشوشاً!

    وإذا سمعتَ فتوى لأحد فقهاء السلفية؛ فأنتَ تتلقَّى فتاوى مغشوشة!

    وإذا قرأتَ مقالاً أوْ كتاباً لأحد السلفيين؛ فأنتَ تقرأ ثقافة مغشوشة!

    وإذا ناظرتَ سلفياً؛ فاعلم أنك أمام شبح مغشوش مغشوش يا ولدي!

    الحق أقـــــول:

    لا دين إلاَّ الإسلام، ولا يكون الإسلام إسلاماً صحيحاً إلاَّ بالفهم الصحيح له .. إنه الإسلام المتوازن، إسلام القرآن والسنَّة، إسلام الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين!

    محمد عبد الشافي القوصي

    مدير تحرير الأهرام أبيدوا

    الاثنين الموافق:

    كلمات مفتاحية  :
    مقالات اسلامية التدين المغشوش

    تعليقات الزوار ()